الجزيرة:
2025-08-09@05:33:31 GMT

هل تقود إسرائيل نفسها إلى فخ العراق؟

تاريخ النشر: 19th, June 2025 GMT

هل تقود إسرائيل نفسها إلى فخ العراق؟

قرار تل أبيب بشنّ حرب جديدة ضد إيران في الثالث عشر من يونيو/ حزيران كارثة وشيكة. فلن يستفيد أحد منها، بما في ذلك الحكومة الإسرائيلية، وسيقاسي الكثيرون. فقد أودى تبادل إطلاق النار بالفعل بحياة ما لا يقل عن 224 شخصًا في إيران، و19 في إسرائيل.

من المؤسف أن دروس المغامرات العسكرية الفاشلة السابقة في المنطقة قد تم تجاهلها تمامًا.

لقد وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذه الحرب بأنها "استباقية"، وتهدف – كما قال- إلى منع طهران من تطوير سلاح نووي خاص بها. وبهذا، يكرر الخطأ الإستراتيجي ذاته الذي وقع فيه السياسيان اللذان شنّا آخر هجوم "استباقي" مزعوم في المنطقة: الرئيس الأميركي جورج بوش، ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير.

فمع تحليق المقاتلات الإسرائيلية وصواريخها في أجواء الشرق الأوسط لتنفيذ ضرباتها القاتلة ضد مواقع عسكرية إيرانية وقادة عسكريين، أصبح العالم في لحظة أكثر خطورة. وكما حدث مع الغزو الأميركي- البريطاني للعراق، فإن هذا الهجوم غير المبرر سيؤدي حتمًا إلى مزيد من عدم الاستقرار في منطقة تعاني أصلًا من التوتر.

ادّعى نتنياهو أن الهجمات تهدف إلى تدمير قدرات إيران النووية، وقد استهدفت القوات الإسرائيلية حتى الآن ثلاث منشآت نووية: نطنز، وأصفهان، وفوردو، مما تسبب في أضرار متفاوتة. ومع ذلك، من غير المرجح أن توقف هذه الضربات فعليًا برنامج إيران النووي، ويدرك رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه الحقيقة.

فلقد صُمّم موقع نطنز عمدًا ليكون في عمق الأرض، مما يجعله مقاومًا لأي قصف إلا من أقوى القنابل الخارقة للتحصينات. ولا تملك تل أبيب القدرة على تدميره بشكل دائم، لأنها لا تمتلك قنابل "اختراق التحصينات الهائلة" أو قنابل "الانفجار الهوائي الهائل" التي تنتجها الولايات المتحدة.

وقد امتنعت واشنطن عن تزويد إسرائيل بهذه الأسلحة، حتى خلال إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي كانت على علاقة وثيقة بالمسؤولين الإسرائيليين وسعت لحمايتهم من العقوبات بسبب جرائم الحرب في قطاع غزة. ومؤخرًا، أشارت إدارة ترامب مجددًا إلى أنها لن تزود تل أبيب بهذه الأسلحة.

إعلان

ومن ردود الفعل الرسمية الأميركية بعد الهجوم، لا يبدو واضحًا تمامًا إلى أي مدى كانت واشنطن على علم مسبق بالعملية. فقد أعلنت وزارة الخارجية الأميركية في البداية أن الهجوم كان عملية إسرائيلية "أحادية الجانب"، قبل أن يصرح ترامب بأنه كان "على علم تام".

ويبقى مدى تورط الولايات المتحدة – وموافقتها- في هذا الهجوم مسألة غامضة، لكنّه أنهى على الفور أي آمال بأن تسفر الدبلوماسية المكثفة بين واشنطن وطهران في الأسابيع الأخيرة عن اتفاق جديد، وهو ما يشكل مكسبًا قصير الأمد لنتنياهو.

بيدَ أن أي عمل إضافي ضد إيران يبدو مشروطًا بجرّ الولايات المتحدة إلى الصراع. وهذه مقامرة خطيرة من قبل تل أبيب، نظرًا لوجود عدد كبير من المنتقدين للتدخلات الأميركية بين كبار مستشاري ترامب. بل إن الرئيس الأميركي نفسه سعى لجعل الانسحاب من التدخلات الخارجية حجر زاوية في إرثه السياسي.

وتؤثر أفعال إسرائيل سلبًا بالفعل على مصالح ترامب الأخرى، من خلال دفع أسعار النفط العالمية إلى الارتفاع، وتعقيد علاقاته مع دول الخليج التي ستتكبد الكثير في حال تعطّلت حركة الشحن عبر مضيق هرمز.

فإذا بدت إسرائيل وكأنها تحقق نصرًا، فسيسارع ترامب إلى نسبه لنفسه، بلا شك. أما إذا بدا أن إستراتيجية نتنياهو تعتمد بشكل متزايد على محاولة جرّ واشنطن إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط، فقد ينقلب ترامب عليه.

وكما هو الوضع الحالي، فإنه ما لم تلجأ إسرائيل إلى خرق القواعد الدولية، وتستخدم سلاحًا نوويًا، فإن تحقيق أي مكاسب إستراتيجية إضافية في إيران سيظل مرهونًا بتدخل أميركي.

أما الهدف الثاني المعلن لنتنياهو- وهو إسقاط النظام الإيراني- فيبدو بعيد المنال.

فقد قُتل عدد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين في هجمات محددة، كما دعت تل أبيب الشعب الإيراني إلى الانتفاض ضد حكومته. غير أن هذا العدوان الأحادي من جانب إسرائيل من المرجح أن يثير سخطًا واسعًا تجاه تل أبيب بين الإيرانيين، أكثر من أي نقمة تجاه حكومتهم، بصرف النظر عن طبيعة النظام ومدى ديمقراطيته.

بل إن الادعاء الإيراني بأن القنبلة النووية تُشكّل رادعًا ضروريًا في مواجهة العدوان الإسرائيلي سيبدو الآن أكثر منطقية لأولئك الذين كانوا يشككون في ذلك داخل إيران. وفي البلدان الإقليمية الأخرى التي كانت علاقاتها بطهران قد بدأت تتراجع، تهدد أفعال نتنياهو الآن بإعادة إحياء تلك التحالفات.

لكن حتى لو نجحت إسرائيل في زعزعة استقرار طهران، فإن ذلك لن يُفضي إلى سلام في المنطقة. وهذه هي العبرة التي كان ينبغي استخلاصها من سقوط صدام حسين في العراق. فقد أدى انهيار الدولة العراقية لاحقًا إلى تصاعد كبير في التطرف، وانتهى الأمر بظهور تنظيم الدولة الإسلامية، الذي أرعب أجزاء واسعة من المنطقة خلال العقد الثاني من الألفية.

ولا تملك إسرائيل أدنى فرصة لترتيب انتقال سلس للسلطة إلى نظام أكثر مرونة في طهران. كما أن احتلال إيران لتحقيق هذا الهدف أمر مستبعد تمامًا، لا سيما أن الدولتين لا تتشاركان حدودًا. كما أن دعم الولايات المتحدة لمثل هذا المسعى يصعب تصوره في ظل إدارة ترامب، لأنه سيزيد، بلا شك، من مخاطر استهداف الولايات المتحدة بهجمات انتقامية.

إعلان

بعبارة أخرى، قد تُحقق هجمات نتنياهو مكاسب تكتيكية قصيرة المدى لإسرائيل، مثل تأخير طموحات إيران النووية، أو تعطيل مفاوضاتها مع واشنطن، لكنها تعد بكارثة إستراتيجية طويلة المدى.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة تل أبیب

إقرأ أيضاً:

التحول الصامت في كهرباء العراق.. الطاقة الشمسية تقود انتفاضة الألواح

7 أغسطس، 2025

بغداد/المسلة: يسير العراق في مسار تناقضي يُشبه السير على حبل مشدود؛ فالدولة التي تقف على بحيرة نفط وتحتل موقعًا متقدمًا في منظمة “أوبك” تجد نفسها عاجزة عن تزويد مواطنيها بالكهرباء بصورة مستقرة، حيث تراجعت بنية الطاقة بفعل سوء الحوكمة، وتبخر الاستثمارات، وتراكم الإخفاقات الإدارية.

ويتفاقم هذا التناقض مع حلول كل صيف، إذ تتجاوز ذروة الطلب على الكهرباء ضعف القدرة الإنتاجية المتاحة، مما يدفع المواطنين للبحث عن حلول ذاتية؛ فبينما تتأرجح الشبكة الوطنية بين الأعطال والانقطاعات، تبدأ الشمس – الخصم الحارق – بالتحول إلى حليف محتمل عبر تقنيات الألواح الشمسية.

ويبدو أن الطاقة الشمسية لم تعد ترفًا بيئيًا أو خيارًا نخبويًا، بل ضرورة وجودية لشرائح واسعة من العراقيين. فالمزارع عبد الله العلي، الذي كان يدفع قرابة مليون دينار شهريًا لفواتير الكهرباء، استطاع تخفيضها إلى أقل من عُشر هذا الرقم بعد تركيب الألواح، مشيرًا إلى استقرار الخدمة ومردودها المجدي.

وفي المناطق الريفية، تنمو هذه التجربة كحل واقعي لتشغيل أنظمة الري وتلبية الاحتياجات اليومية، بعيدًا عن تعقيدات الشبكة الوطنية.

وتتحول الشمس إلى رأسمال متاح للجميع، لكن بثمن ابتدائي مرتفع. فمتوسط تكلفة النظام الشمسي يتراوح بين 5 و10 ملايين دينار، وهو مبلغ يفوق القدرة الشرائية للكثيرين، وإن كان يُعوَّض خلال ثلاث سنوات وفق حسابات المستخدمين. وهنا تظهر الحاجة إلى دعم مؤسسي، حيث بدأت الحكومة بتوفير قروض منخفضة الفائدة، في محاولة لدمج هذا التوجه في سياسات الطاقة المستدامة.

ويُلفت خبراء الطاقة إلى أهمية دمج هذه الأنظمة ضمن البنية الكهربائية الوطنية، إذ إن الاعتماد الكامل على أنظمة منفصلة قد يعمق أزمة “الجزُر الكهربائية” ويؤجل الحل الجذري. ومع ذلك، فإن هذه الخطوة تمثل فتحًا شعبيًا في مسار الاعتماد على الذات وتخفيف انبعاثات الكربون، وربما تشكل النواة الأولى لما يمكن أن يكون مستقبل الطاقة في العراق.

وقال المواطن علي العبدلي: “ما نحتاجه ليس فقط كهرباء باردة، بل دولة تدفئنا بثقة واستقرار… الطاقة الشمسية أعطتنا شيئًا من الكرامة التي سُلبت حين انقطعت الكهرباء عشرين عامًا”.

ورأى الخبير في السياسات البيئية سعد الخفاجي أن ما يحدث في العراق هو انتقال قسري نحو الطاقة المتجددة بسبب عجز النظام التقليدي، داعيًا إلى “تأميم الطاقة الشمسية” ضمن تخطيط وطني، كي لا تتحول إلى سوق فوضوي آخر يراكم الانقسام بين من يملك ومن لا يملك.

 

 

 

 

اطرح سؤالك على ChatGPT

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • ترامب يضاعف مكافأة القبض على رئيس فنزويلا إلى 50 مليون دولار.. وكراكاس ترد بغضب
  • صحيفة روسية: واشنطن تدفع نيودلهي دون قصد نحو التقارب مع موسكو وبكين
  • يوم تاريخي في واشنطن.. قمة سلام تنهي عقوداً من الصراع بين أرمينيا وأذربيجان
  • تقرير أميركي: ترامب صرخ في وجه نتنياهو بشأن الجوع في غزة.. ومكتب الأخير ينفي
  • واشنطن تضرب بقوة .. عقوبات ضد 18 كياناً بتهمة تمكين إيران من كسر الحصار المالي
  • التحول الصامت في كهرباء العراق.. الطاقة الشمسية تقود انتفاضة الألواح
  • ترامب: «إذا حاولت إيران استعادة قدرتها النووية فأمريكا ستعود»
  • نتنياهو يتوسط لخفض التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا.. محاولة لفك عزلة إسرائيل
  • ترامب يعاقب الهند.. رسوم جمركية بـ25% بسبب النفط الروسي
  • مظاهرة في واشنطن ضد تحيز الإعلام الأمريكي لصالح تل أبيب