بريزرين.. جوهرة البلقان وسحر التاريخ والطبيعة الخلابة
تاريخ النشر: 19th, June 2025 GMT
تُعد مدينة بريزرين، الواقعة في جنوب غربي كوسوفو، واحدة من أبرز الشواهد الحية على الحضور العثماني العريق في منطقة البلقان. ويُطلق عليها لقب "جوهرة البلقان"، نظرا لما تزخر به من معالم تاريخية آسرة، وجمال طبيعي أخاذ، وعبق ثقافي ينبض بالحياة.
وترتبط تسمية المدينة بجذور عثمانية، إذ يُعتقد أن اسم "بُر زرين" مأخوذ من التركية العثمانية ويعني "الذهب الصافي"، في إشارة رمزية لمكانة بريزرين كجوهرة متألقة بين مدن البلقان، تجمع بين عبق التاريخ وروح الحاضر.
ولا تزال شوارعها القديمة، ومساجدها المزخرفة، وجسورها الحجرية، تحكي فصولا من تاريخ مشترك، يعكس التداخل الحضاري والثقافي بين الشرق والغرب، في مدينة تعد بمثابة متحف مفتوح للحضارة العثمانية في قلب أوروبا.
تتربع مدينة بريزرين عند سفوح جبال شار، حيث تتعانق البيوت الحجرية المبنية على الطراز الألباني والتركي والبوشناقي (مسلمي البوسنة) مع المساجد والخانات والجسور التي تعود إلى الحقبة العثمانية، لترسم معا لوحة معمارية تأسر الأنظار وتأخذ الزائر في رحلة بين تفاصيل التاريخ وسحر الطبيعة.
ومن أبرز معالم المدينة مسجد سنان باشا، الذي شُيد في القرن الـ17، ويُعتبر من روائع العمارة العثمانية في البلقان، بفضل قببه المزخرفة وجدرانه الموشاة بخطوط عربية أنيقة، تعكس فنون الخط العربي والزخرفة الإسلامية في أبهى صورها.
ولا يكتمل التجوال في بريزرين دون المرور بالجسر الحجري التاريخي "طاش كوبري"، الذي يعود إلى القرن الـ16، ويُعد واحدا من أشهر رموز المدينة. ويحرص الزوار على الوقوف عنده والتسابق لالتقاط الصور أمامه.
وتكتمل الصورة من أعلى تلال بريزرين، حيث تطل القلعة القديمة شامخة فوقها، مانحة الزائر مشهدا بانوراميا خلابا يمتد حتى جبال شار المهيب.
إعلان
ثقافات متنوعة
لا تُعرف بريزرين بأنها مدينة معمارية ذات طراز تاريخي فحسب، بل تمثل أيضا بوتقة تنصهر فيها الثقافات واللغات والتقاليد، إذ تحتضن بين أحيائها أعراقا متعددة من الألبان والأتراك والبوشناق وغيرهم، في لوحة فسيفسائية من التعدد الثقافي والانسجام الاجتماعي الذي يميز المدينة عن سواها في منطقة البلقان.
ويمتد هذا التنوع ليشمل تفاصيل الحياة اليومية، حيث تنبض شوارع بريزرين الضيقة بالحيوية، وتمتلئ بالمقاهي التقليدية والمطاعم الشعبية التي تقدم تشكيلة واسعة من الأطباق المحلية. ويجد الزائر نفسه أمام قائمة غنية بالنكهات، تبدأ بفطائر اللحم الشهيرة، مرورا بأطباق المشاوي المتنوعة، ولا تنتهي عند الحلويات الشرقية التي تشتهر بها المدينة.
ويشعر كاميران عبه جي أوغلو، وهو سائح تركي قدم من العاصمة المقدونية سكوبيا لزيارة بريزرين، بأن هذه الأماكن ما زالت تحتفظ بعبق الماضي، وكأن الزمن لم يمضِ، فيقول: "هذه الأماكن لا تزال تنبض بالثقافة التركية، وما زال هناك الكثير من الناس هنا يتحدثون التركية".
واستعاد عبه جي أوغلو ذكريات زيارته السابقة إلى كوسوفو في تسعينيات القرن الماضي ضمن وفد رسمي مع الرئيس التركي الراحل "تورغوت أوزال"، مشيدا بجهود وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) في ترميم وصيانة المعالم العثمانية، وعلى رأسها ضريح السلطان مراد في كوسوفو.
ومن جهة أخرى، قالت رتيبة تاديفي، القادمة من سراييفو عاصمة البوسنة: "أردت زيارة بريزرين منذ فترة طويلة، فهنا جذور عائلتي التي هاجرت إلى سراييفو قبل عقود. اليوم عدت لاستكشاف هذه المدينة الجميلة التي تشبه سراييفو في تفاصيلها وأجوائها".
وأشارت تاديفي إلى أن زيارتها "جاءت بعد بدء تطبيق سياسة السفر بالبطاقة الشخصية بين البوسنة وكوسوفو"، وهو ما سهل حركة المواطنين بين البلدين.
واعتبرت أن بريزرين تمثل مزيجا فريدا من عبق التاريخ وجمال الطبيعة، مشيرة إلى أن "المعالم العثمانية توجَد وسط الطبيعة الخلابة، وتحتضن المدينة ذكريات الأجداد وأحلام الأحفاد".
وختمت رتيبة تاديفي حديثها قائلة: "بريزرين ليست مجرد مدينة عابرة، بل وجهة تلامس الوجدان، وتجذب القلوب، وتُعيد إحياء قصة حضارة لا تزال تكتب فصولها في البلقان".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الهلال يصنع التاريخ في كأس العالم للأندية
خاص
دخل نادي الهلال سجلات التاريخ من أوسع أبوابه، بعدما نجح في انتزاع تعادل ثمين 1-1 أمام ريال مدريد الإسباني، في افتتاح مشوار الفريقين ببطولة كأس العالم للأندية، على ملعب “هارد روك” بمدينة ميامي الأمريكية.
ورغم الغيابات المؤثرة في صفوف الفريقين، قدم الهلال مباراة كبيرة، حيث غاب كيليان مبابي عن ريال مدريد بسبب الحمى، بينما افتقد الهلال خدمات هدافه ألكسندر ميتروفيتش للإصابة. ورغم ذلك، أظهر الزعيم شخصية قوية في أول اختبار عالمي تحت قيادته الفنية الجديدة.
تقدّم الريال أولاً بهدف عن طريق غونزالو غارسيا في الدقيقة 34، قبل أن يعادل روبين نيفيز النتيجة من ركلة جزاء حصل عليها ليوناردو في الدقيقة 45، لينتهي الشوط الأول بالتعادل الإيجابي. وفي اللحظات الأخيرة من المباراة، تصدى الحارس المغربي ياسين بونو ببراعة لركلة جزاء من فيدريكو فالفيردي، ليحفظ للهلال نقطة تاريخية.
إنجاز تاريخي غير مسبوق
بهذا التعادل، أصبح الهلال أول فريق آسيوي وعربي يتفادى الخسارة أمام فريق أوروبي في تاريخ كأس العالم للأندية.
وهو أول نادٍ من آسيا أو أفريقيا يتعادل رسميًا مع ريال مدريد في أي بطولة.
كما أنه أول فريق يحصد نقطة أمام فريق أوروبي في البطولة العالمية.
وسيلتقي الهلال في مباراته القادمة مع ريد بول سالزبورغ فجر الإثنين، في مواجهة حاسمة للتأهل إلى دور الـ16، بينما يخوض ريال مدريد مواجهته الثانية أمام باتشوكا المكسيكي يوم الأحد.