من الألم إلى الأمل.. مصر تخطو بثبات نحو القضاء على ختان الإناث
تاريخ النشر: 20th, June 2025 GMT
تعرضت ما لايقل عن 200 مليون فتاة وسيدة حول العالم لتشويه أعضائهن في إطار ممارسة ضارة تعرف ب"ختان الإناث"، والتي لاتزال منتشرة في نحو 30 دولة في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا.
وتعد هذه الممارسة واحدة من أخطر أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، كونها تنتهك الحقوق الجسدية والنفسية للفتيات دون أي مبرر طبي، وتمارس غالبا تحت مظلة العادات الاجتماعية والتقاليد المغلوطة.
ورغم التقدم المحرز في الحد من هذه الظاهرة، لايزال ختان الإناث يمثل تحديا حقيقيا في العديد من المجتمعات، من بينها مصر، والتي تبذل جهودا مكثفة لمواجهة تلك الجريمة، التي تعد انتهاكا صريحا لكرامة الفتاة وحقها في جسد سليم، حيث تم إنشاء اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث في مايو 2019، برئاسة مشتركة بين المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة، لتكون الجهة التنسيقية العليا بين الوزارات والمؤسسات الرسمية والمجتمع المدني والمنظمات الدولية.
وتعمل اللجنة على عدة محاور أبرزها؛ التنسيق بين المؤسسات الصحية والتعليمية والدينية والمجتمع المدني، وإطلاق حملات توعية موجهة إلى الأسر والمجتمعات المحلية، ودعم الناجيات قانونيا ونفسيا، وتفعيل آليات الإبلاغ والاستجابة الفورية، وتقديم برامج تدريبية للأطباء والعاملين في القطاع الطبي للتوعية بمخاطر التطبيب وتجريمه.
"معدلات ختان الإناث"
وتشير نتائج مسح صحة الأسرة المصرية إلى أن ختان الإناث ما زال قائما، رغم تراجعه بين الفئات العمرية الأصغر؛ حيث خضعت نحو 14 فتاة من كل 100 فتاة في الفئة العمرية من صفر إلى 19 عاما لهذه الممارسة، وترتفع النسبة إلى 86 سيدة من كل 100 سيدة متزوجة في سن 15 حتى 49 سنة، وفقا لمسح صحة الأسرة المصرية (EFHS 2021).
وتسجل معدلات الانتشار انخفاضا واضحا في الفئات العمرية الأصغر، حيث تراجعت نسبة الختان في الفئة من 15 إلى 17 عاما من 61٪ عام 2014 إلى36.8٪ عام 2021، كما انخفضت بين الفتيات من 13 إلى 14 عاما من 50.3٪ إلى 27.5٪ خلال نفس الفترة، كذلك تراجعت نية الأمهات في ختان بناتهن من 35٪ إلى 13٪، وتراجعت نسبة البنات المتوقع ختانهن من 56٪ إلى 27٪،طبقا لبيانات المسح الصحي السكاني.
"تطبيب ختان الإناث"
وتمثل ظاهرة تطبيب ختان الإناث -أي إجراء الختان على يد مقدمي الخدمات الصحية- تحديا إضافيا، حيث تشير الإحصاءات إلى أن 83٪ من الفتيات اللاتي خضعن للختان في مصر أجريت لهن العملية على يد طبيب أو ممرض، ما يجعل مصر من أعلى الدول التي يتم فيها "تطبيب" هذه الممارسة غير الطبية بالمطلق.
فختان الإناث لا يدرس في كليات الطب، ولا يدرج ضمن أي مرجع طبي، كما أنه يتعارض مع المعايير المهنية والإنسانية لمزاولة مهنة الطب، ويُعدّ مخالفة صريحة للقانون.
"عادة أفريقية"
ختان الإناث عادة لم تشر إليها الأديان فهي عادة لها جذور أفريقية وليست دينية، فهناك 30 دولة في أفريقيا والشرق الأوسط وبعض بلدان شرق آسيا تمارس عادة ختان الإناث، شعوب هذه الدول لا تجمعها ديانة واحدة، فقد يكونوا مسلمين أو مسيحيين أو لديهم ديانات أو عبادات أخرى، كثير من البلاد العربية والإسلامية في كافة أنحاء العالم لا تمارس عادة ختان الإناث.
الأبعاد الدينية
وتؤكد الأدلة التاريخية والفقهية أن هذه الممارسة ليست مذكورة في القرآن الكريم أو السنة النبوية الصحيحة، ولم يثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم ختن بناته، كما أن العهدين القديم والجديد من الكتاب المقدس يخلوان من أي إشارة إلى ختان الإناث، ما ينفي عنها الصبغة الدينية ويؤكد أنها ممارسة اجتماعية خاطئة ضاربة في موروثات قديمة.
وأكدت دار الإفتاء المصرية في فتوى صادرة بتاريخ 30 مايو 2018 أن ختان الإناث محظور دينيًا، ولا يمت للإسلام بصلة، وأنه انتهاك لحرمة الجسد، كذلك تعارض الكنيسة المصرية هذا الفعل وترى أن الطهارة فضيلة تُكتسب من خلال التربية والاختيار الحر لا عبر جرح جسد الفتاة.
"القانون المصري"
الموقف القانوني المصري من ختان الإناث أصبح أكثر حسمًا بعد التعديلات الأخيرة على قانون العقوبات، حيث يعد ختان الإناث جناية تحال إلى محكمة الجنايات، وتتراوح العقوبات من السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمس سنوات، وتصل إلى عشرين سنة في حال وفاة الضحية. كما يعاقب الفريق الطبي بالسجن المشدد والحرمان من مزاولة المهنة لفترات تتراوح بين ثلاث إلى خمس سنوات، ويغلق مقر العمل الذي أجريت فيه العملية سواء كان مستشفى أو عيادة.
ويعاقب القانون أيضا كل من طلب أو روّج أو شجع على إجراء ختان الأنثى، ولو لم تقع الجريمة، فيما تنص المادة 116 مكرر من قانون الطفل على تشديد العقوبة إذا ارتكبت الجريمة من بالغ بحق طفلة، خاصة إن كان الجاني من الوالدين أو من له سلطة عليها.
"آليات الإبلاغ "
الإبلاغ عن هذه الجرائم حق مكفول لكل فرد، ويمكن القيام به من خلال خط نجدة الطفل 16000، أو عبر واتساب المجلس القومي للطفولة والأمومة على الرقم 01102121600، أو من خلال مكتب شكاوى المرأة على الخط الساخن 15115، إلى جانب لجان حماية الطفل في كل محافظة.
ختان الإناث ليس ممارسة دينية أو طبية، بل انتهاك خطير وموروث ضار تسعى الدولة المصرية بالتعاون مع المؤسسات الوطنية والدينية والمجتمع المدني إلى اجتثاثه من جذوره، وبفضل جهود اللجنة الوطنية، بدأت مؤشرات التراجع تظهر بوضوح، لكن الطريق ما زال طويلا ويتطلب تضافر جميع الجهود لحماية كل فتاة مصرية من هذا الانتهاك الجسيم.
وكانت اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث قد عقدت أمس اجتماعها العاشر بحضور المستشارة أمل عمار رئيسة المجلس القومي للمرأة، والدكتورة سحر السنباطي رئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة، والدكتورة مايا مرسى وزيرة التضامن الاجتماعي، وممثلي الأزهر الشريف والكنيسة والوزارات المعنية.
ويشهد شهر يونيو اليوم الوطني لمناهضة ختان الإناث، لتجديد العهد على مواصلة مسيرة العمل الوطني من أجل تمكين المرأة المصرية وصون حقوقها، وعلى رأسها الحق في الحماية من جميع أشكال العنف، وبخاصة جريمة ختان الإناث.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ختان الاناث مصر العادات والتقاليد المجلس القومی هذه الممارسة ختان الإناث
إقرأ أيضاً:
البنك الدولي: المملكة تواصل النمو بثبات بدعم من رؤية 2030
الرياض
أشاد البنك الدولي في تقريره الأخير بالأداء الاقتصادي القوي للمملكة، مشيرًا إلى أن الإصلاحات الهيكلية الطموحة ضمن رؤية 2030 تواصل دفع عجلة النمو وتحقيق نتائج ملموسة على مختلف الأصعدة.
وبحسب التقرير، يتوقع أن يسجل الاقتصاد السعودي نموًا بنسبة 2.8% في عام 2025، على أن يرتفع إلى 4.6% خلال عامي 2026 و2027، في دلالة على تحسن الأداء الاقتصادي واستمرار الزخم في القطاعات غير النفطية.
كما توقع البنك الدولي أن يبلغ متوسط نمو الاقتصاد غير النفطي 3.6% حتى عام 2027، وهو ما يعكس نجاح خطط التنويع الاقتصادي وجهود الحكومة في تقوية القاعدة الإنتاجية خارج قطاع الطاقة.
وأشار التقرير إلى أن معدلات البطالة في المملكة تواصل الانخفاض، حيث وصلت إلى 3.5% فقط، ما يعكس فعالية سياسات التوظيف التي تبنتها الدولة خلال الأعوام الماضية، وخاصة في تمكين الشباب وتمهيد الطريق أمام الكوادر الوطنية في مختلف القطاعات.
وفيما يتعلق بالتضخم، أكد البنك الدولي أن المملكة نجحت في إبقاء معدلات التضخم عند مستويات منخفضة، رغم التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي والضغوط السعرية الناتجة عن الأزمات الجيوسياسية وتقلبات الأسواق.
وفي إشارة إلى السياسة المالية للمملكة، أوضح التقرير أن الإنفاق الحكومي أثبت فعاليته في دعم الاقتصاد الكلي، وساهم في استقرار السوق المحلي خلال فترات التقلبات العالمية، لافتًا إلى أن المملكة أظهرت مرونة لافتة في مواجهة تقلبات أسواق الطاقة.
كما أشار إلى أن المشاريع الكبرى التي تشهدها المملكة، مثل نيوم، ذا لاين، والقدية، تمثل قوة دافعة للنمو الاقتصادي، وتعزز من مكانتها كمحرك رئيسي للنمو في منطقة الخليج، ومركز جذب للاستثمار الإقليمي والدولي.
وبشكل عام، عبر البنك الدولي عن تفاؤله بمستقبل الاقتصاد السعودي، مؤكدًا أن السياسات المتبعة والإصلاحات المتواصلة تُسهم في تعزيز الاستقرار المالي والنمو المستدام، وتضع المملكة على مسار قوي لتحقيق أهداف رؤية 2030 وتحويلها إلى واقع ملموس.