قال ياسين الحمد، المحلل والخبير السياسي، إن ليبيا تشهد منذ مطلع مايو 2025 تصاعداً خطيراً في وتيرة الاضطرابات الأمنية والسياسية، حيث تحولت العاصمة طرابلس إلى ساحة صراع مفتوح بين الميليشيات المسلحة بعد اغتيال عبدالغني الككلي أحد أبرز قادة جهاز دعم الاستقرار الذي كان يمثل دعامة أمنية لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، مضيفا أن هذا الحدث المفصلي أعاد رسم خريطة توازن القوى في غرب ليبيا وأشعل موجة احتجاجات شعبية عارمة تطالب بإسقاط حكومة الوحدة الوطنية، التي اتهمها المحتجون بالتقصير والتواطؤ في تفجير الأزمة الأمنية.

قوات الأمن والجيش في ليبيا توقف قافلة الصمود عند مدخل سرتنداء عاجل من البعثة الأممية في ليبيا بضرورة احترام هدنة طرابلس

اشتعال الوضع في طرابلس.. واحتجاجات شعبية ضد حكومة الدبيبة

وأضاف الحمد، أن الوضع الأمني تفاقم بشكل غير مسبوق بعد الاشتباكات الدامية التي شهدتها طرابلس، حيث سقط عشرات القتلى واضطرت الجامعات والمطارات إلى إغلاق أبوابها، بينما سيطرت ميليشيات متنافسة على مواقع استراتيجية في العاصمة، موضحا أن هذه التطورات كشفت عن هشاشة البنية الأمنية في غرب ليبيا، حيث تتنازع الميليشيات الموالية للدبيبة مثل لواء 444 ولواء 111 السيطرة مع بقايا قوات جهاز دعم الاستقرار التي تقلص نفوذها بعد مقتل قائدها، مؤكدا أن هذا الانفلات الأمني لا يهدد ليبيا فحسب بل قد يحولها إلى قاعدة خطرة تهدد أمن المتوسط بأكمله، خاصة مع تصاعد نشاط شبكات تهريب الأسلحة نحو الساحل الإفريقي وتهدد مصالح دول القارة العجوز.

تفكك الحكومة واستقالات متتالية

وتابع الحمد أن هذه الأحداث أدت إلى خروج آلاف المتظاهرين إلى شوارع طرابلس في مشهد لم تشهده العاصمة الليبية منذ سنوات، حاملين شعارات رافضة لحكومة الدبيبة التي تجاوزت مدتها القانونية، ومطالبين بإجراء انتخابات فورية، مضيفا أنه بلغ السخط الشعبي ذروته مع استقالة 7 وزراء من الحكومة، بينهم شخصيات بارزة مثل نائب رئيس الوزراء رمضان أبو جناح، ووزير الاقتصاد محمد الحويج، الذين انحازوا علناً لصالح المتظاهرين، في الوقت الذي أعلن فيه المجلس الأعلى للدولة سحب الشرعية من حكومة الدبيبة، واصفاً إياها بـ"الساقطة سياسياً وقانونياً وشعبياً"، قائلا: "أبو بكر مروان أحد قادة الحراك الشعبي، لخص مطالب المحتجين بقوله: "نحن ضد التخريب.. نطالب بدولة قانون لا تبنى بالدماء".

أوروبا في مأزق.. هل حان وقت التخلص من ورقة الدبيبة؟

وأكمل الحمد أنه في خضم هذه الأزمة، تواجه الدول الأوروبية معضلة سياسية حادة، فمن ناحية، تعتبر حكومة الدبيبة حليفاً تقليدياً لأوروبا في ملفات مثل الهجرة والاستقرار الإقليمي المعتمد على دعم أجندات الغرب في ليبيا، ومن ناحية أخرى، فإن استمرار الدبيبة في السلطة أصبح مصدراً لعدم الاستقرار ما يهدد المصالح الأوروبية على المدى الطويل.

تحركات ألمانية سرية.. ومؤتمر برلين يعود إلى الواجهة

واستطرد الحمد: "كشفت مصادر دبلوماسية عن قيام المبعوث الألماني الخاص كريستيان باك بزيارة سرية إلى طرابلس في يونيو 2025، حيث بحث مع مسؤولين ليبيين وأطراف دولية إمكانية عقد مؤتمر برلين 3 كمسار دولي جديد لإيجاد بديل للدبيبة يحظى بقبول شعبي ويحافظ في الوقت نفسه على المصالح الأوروبية".

وأكد الحمد أن مؤتمر برلين الأول في يناير 2020 والثاني في يونيو 2021 شكل محاولتين دوليتين طموحتين لحل الأزمة الليبية، إلا أنهما فشلا في تحقيق الأهداف المرجوة منهما رغم الزخم الإعلامي والدبلوماسي الذي رافق كلا المؤتمرين، إلا أن الواقع على الأرض ظل يشهد تصاعداً في العنف وتعمقاً للانقسامات ما يطرح تساؤلات جوهرية حول جدوى هذه المسارات الدولية في معالجة جذور الأزمة الليبية المعقدة.

وأشار إلى أن المؤتمر الأول لم يتناول الأسباب الأساسية للحرب الأهلية في ليبيا، حيث ركز على نتائج الحرب دون المعالجة الجذرية، ما جعل المواجهات المسلحة تستمر رغم الاتفاقيات، فقد تجاهل المؤتمر القضايا الهيكلية مثل توزيع الثروة والسلطة والانقسامات الجهوية العميقة، لافتا إلى أنه جاء المؤتمر الثاني دون خطط واضحة ولم يقدم آليات عملية لتجاوز العقبات مثل الخلاف على القاعدة الدستورية وطريقة اختيار المرشحين وتهيئة الأجواء الأمنية، وبقيت هذه القضايا عالقة دون حلول عملية وانتهى الأمر بالإبقاء على الدبيبة وحكومته حتى يومنا هذا.

ولفت إلى أن الإعلان عن عقد مؤتمر برلين الثالث ليس بجديد وتم مناقشته في عام 2022 لكن سرعان ما تلاشت الخطط لتنفيذ هذا المؤتمر والسبب هو أن الدبيبة نجح في التوافق مع الغرب وتنفيذ أجنداتهم في ليبيا من استغلال للغاز والنفط الليبي وتوطين المهاجرين غير الشرعيين داخل الأراضي الليبية، إلا أنه ومع مرور الوقت أصبح ورقة محروقة يجب التخلص منها والبحث عن بديل دون مراعاة مطالب الشعب الليبي.

كما لفت إلى أن مؤتمر برلين 3 لن يختلف عما سبقه من المؤتمرات والجلسات الحوارية حول ليبيا ولا يوجد أي ضمانات لتنفيذ مخرجات المؤتمر بسبب تمسك الأطراف بمواقعها.

طباعة شارك العاصمة طرابلس الميليشيات المسلحة لحكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة ليبيا حكومة الوحدة الوطنية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: العاصمة طرابلس الميليشيات المسلحة لحكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة ليبيا حكومة الوحدة الوطنية حکومة الوحدة الوطنیة حکومة الدبیبة مؤتمر برلین فی لیبیا إلى أن

إقرأ أيضاً:

حزب الجبهة الوطنية يطرح رؤى استثمارية وسياحية عبر ممثليه في مؤتمر المصريين بالخارج

​التقى أيمن علام، أمين أمانة شؤون المصريين بالخارج بحزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء، بالسفير نبيل حبشي، نائب وزير الخارجية لشؤون المصريين بالخارج، لمناقشة القضايا التي تهم المصريين في الخارج. جاء ذلك خلال مشاركته في مؤتمر "من كل مكان... مصر العنوان" بالقاهرة، الذي استضاف العديد من الشخصيات البارزة في الخارجية المصرية وممثلي الجاليات المصرية حول العالم.

​وعلى هامش المؤتمر، التقى علام بالمهندسة ميرفت خليل، رئيس اتحاد المصريين بالخارج في بريطانيا، وناقش معها التحديات والمشكلات التي يواجهها المصريون المقيمون في المملكة المتحدة، حيث وعدت خليل بالعمل على حلها. كما التقى بخالد بدير، رئيس اتحاد المصريين في لبنان، واستعرض معه أحوال الجالية المصرية هناك.

​وأكد أمين شؤون المصريين بالخارج بحزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء أنه سيعمل على التواصل مع ممثلي الجاليات لدعم القطاع السياحي في جنوب سيناء وجذب الاستثمارات في مجالاتها المتنوعة، لا سيما الزراعة والسياحة البيئية والعلاجية.

​وزير الخارجية ينقل تحيات الرئيس ويؤكد دور المصريين بالخارج

​وفي كلمته الافتتاحية، نقل الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية، تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جميع أبناء الوطن في الخارج. وأكد أن المؤتمر يعد منبرًا هامًا للتواصل والحوار، ويهدف إلى بحث سبل دعم الدولة للمصريين في الخارج وتسهيل شؤونهم، بالإضافة إلى استعراض مساهماتهم في مسيرة التنمية.
​وأوضح عبد العاطي أن شعار المؤتمر هذا العام "من أم الدنيا ... لكل الدنيا" يعكس الانتشار الواسع للمصريين حول العالم، وحرص الدولة على تقديم كافة أوجه الرعاية والدعم لهم. وأشار إلى أن أبناء مصر في الخارج هم جزء أصيل من الشعب المصري، ولهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، مؤكدًا أنهم سفراء لوطنهم وصوته وصورته الحضارية في العالم.
​وأضاف الوزير أن النسخة الخامسة من المؤتمر ستشهد إطلاق مبادرات لتعزيز التعاون مع المصريين بالخارج ودعم الروابط الثقافية بالوطن، ليكونوا شركاء فاعلين في تحقيق أهداف "التنمية المستدامة والشاملة" من خلال علمهم وخبراتهم واستثماراتهم. ودعا جميع المصريين بالخارج إلى الاطلاع على برنامج عمل الحكومة واقتراح مجالات ومبادرات للمساهمة فيها.
​فرص الاستثمار في مصر
​وشارك وزير الخارجية في الجلسة الأولى للمؤتمر تحت عنوان "فرص وآفاق الاستثمار في مصر"، التي تناولت التسهيلات والمحفزات الاستثمارية التي تقدمها الدولة، والمشاريع القومية الكبرى، والتوسع في بناء المدن الجديدة. كما استعرضت الجلسة أهم المنتجات المصرفية المتاحة للمصريين بالخارج، مثل الشهادات الدولارية وصناديق الاستثمار.
​واستعرض الدكتور بدر عبد العاطي نتائج مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي الأخير، الذي نجح في جذب استثمارات أوروبية متنوعة إلى مصر، خاصة في قطاعات البنية التحتية المستدامة، والطاقة النظيفة، والأمن الغذائي.

طباعة شارك جنوب سيناء المصريين بالخارج فرص دعم السياحة الاستثمار سيناء

مقالات مشابهة

  • مصدر سوري: مؤتمر الحسكة يُظهر عدم جدية وحدات حماية الشعب في المفاوضات
  • «أبوظبي للمعارض» يستضيف مؤتمر جوائز التنين الدولية لعام 2025
  • مصر أكتوبر: مؤتمر المصريين بالخارج منصة تعزز التعاون بين الجاليات وصناع القرار
  • حمص.. انطلاق أعمال مؤتمر الوادي للأطباء السوريين في الوطن والمهجر
  • الأنبا توما يترأس مؤتمر الشباب الصيفي لشباب الإيبارشيّة
  • ملعب سيتا دي ميدا بميلانو سيكون الأحد مسرحا لمعرفة بطل ليبيا
  • فوز باحثة عمانية بجائزة "أفضل ورقة نظرية" في مؤتمر دولي
  •  ليبيا وتركيا تؤكدان تعزيز الشراكة الاستراتيجية ودعم مسارات الاستقرار والتنمية
  • حزب الجبهة الوطنية يطرح رؤى استثمارية وسياحية عبر ممثليه في مؤتمر المصريين بالخارج
  • النحيب: جلسة الميزانية ستُعقد رغم محاولات العرقلة من حكومة الدبيبة