إدانة روسية متوقعة للقصف الأمريكي وقلق أمريكي متصاعد إزاء الرد الإيراني المنتظر
تاريخ النشر: 22nd, June 2025 GMT
يونيو 22, 2025آخر تحديث: يونيو 22, 2025
د. أيمن أبو الشعر
انتظار الرد الإيراني أكثر توجساً من الحدث نفسه، فكل الاحتمالات مفتوحة رغم استبعاد إغلاق مضيق هرمز ومهاجمة القواعد الأمريكية في الخليج
-مفارقات هامة
لم يكن القصف الأمريكي على المنشآت النووية الإيرانية مفاجئا، فقد كان واضحا حتى قبل أن توجه واشنطن هذه الضربة أن الوضع المتأزم في إسرائيل يستدعي التدخل الأمريكي المتحمس أكثر من إسرائيل ضد إيران.
ورغم أن ترامب نفسه أوحى – قبل القصف- بأنه لا يزال يفكر في المساهمة إلا أن ذلك كان تكتيكا لتحقيق عنصر المفاجأة لا أكثر، والمفارقة الأولى هنا أن طهران كانت تدرك ذلك من خلال خبرتها بالموقف الأمريكي عموما ومدى حماس ترامب لإسرائيل خصوصا، فهو الذي انسحب من الاتفاقية النووية مع إيران دون أي دلائل ملموسة على خرقها للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
هذا الإدراك يقود إلى المفارقة الثانية، وهي إعلانات الرئيس ترامب بأنه دمَّر البرنامج النووي الإيراني بقصفه مفاعلات نطنز وأصفهان وبشكل خاص فوردو التي تقبع محصنة في عمق الأرض، والتي لا تملك إسرائيل قنابل خارقة لتدميرها، ولهذا قامت القوات الجوية الأمريكية بالتنسيق والتعاون مع إسرائيل بهذه المهمة، ويشار إلى أن الطائرات الأمريكية رمت أكثر من ثلاثين طنا من القنابل على هذه المنشأة المحصنة، ومع ذلك تكمن المفارقة الرئيسية بين التصريحات الأمريكية والتصريحات الإيرانية، ففي حين اعتبر الرئيس ترامب أنه قضى تماما على البرنامج النووي الإيراني ترى طهران أن الضربة الأمريكية قوية بالفعل، ولكنها أولا لم تحدث أضرارا لا يمكن إصلاحها حسب التصريحات الإيرانية، وثانيا أن المسؤولين في إيران حسب التلفزيون الإيراني قاموا مسبقا بنقل المواد النووية المشعة بحيث لا يشكل هذا القصف خطرا إشعاعيا على السكان وعلى المنطقة برمتها، والأمر الثالث هو أن هيئة الإذاعة والتلفزيون نوهت بثقة بأن واشنطن مخطئة في تقديراتها بأن إيران فقدت التكنولوجيا النووية والأجهزة اللازمة لمتابعة برنامجها النووي السلمي.
-الجانب المقلق والمرهق
هذا الوضع الاستثنائي أنتج مشاعر استثنائية وحالة ترقب بالغة الخطورة، فقد أعلن ترامب أن الوقت الآن هو وقت السلام، بمعنى أنه قضى على قوة إيران وبالتالي يمكن التفاوض معها على سلام أشبه بالاستسلام ما يذكرني بعبارة محورية في مسرحيتي “الأرنب الذئبي” حين يُحاصَر بطل المسرحية من كل جانب، فيقرر الهجوم شبه الانتحاري قائلا “إن التفاوض بين أنياب الخصم هو أحد أشكال الاستسلام لرغباته”، وبالفعل نرى بوضوح حتى الآن على الأقل أن إيران حتى قبل الضربة أعلنت على لسان المرشد الأعلى خامنئي أن أي تدخل عسكري من الأمريكيين سيسبب بلا شك أضرارا يصعب إصلاحها ولكن الشعب الإيراني لا يستسلم، كما أعلن وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي أن إيران لن تتفاوض قبل أن يقف العدوان من جهة، وأنها لن تتنازل عن حقها المشروع من جهة ثانية – يقصد التخصيب-، ناهيك عن التهديدات من الحوثي والذي أظهر سابقا أن قواته قادرة بالفعل على تحقيق إصابات ومعيقات جدية لإسرائيل والولايات المتحدة على حد سواء، وقد أعلنت صنعاء بوضوح أن “على واشنطن تحمل التبعات”.
بيت القصيد في التكتيك الأمريكي أن تتخلى إيران عن برنامجها النووي عموما فترامب ونتنياهو يعتبرانه غير سلمي لو أكدت لهما جميع دول العام أن إيران لا تسعى للحصول على سلاح نووي، ورغم كلمة الرئيس ترامب التي اعتبر القصف حالة انتصار شامل ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الذي اعتبر المساهمة الأمريكية حدثا تاريخيا سيغير كامل المنطقة من خلال مبدأ السلام بعد إظهار القوة، إلى أن الولايات المتحدة باتت في حالة ترقب بالغ القلق، فقد سبق أن حذرت إيران من مغبة التدخل الأمريكي وأنها سترد بحسم، وقلق واشنطن الآن يتصاعد، فالمجهول أخطر نفسيا حتى من الحدث نفسه، متى سيكون الرد الإيراني وكيف سيكون، هل ستهاجم إيران القواعد الأمريكية في الخليج، أو تستهدف بعض السفن وحاملات الطائرات الأمريكية ، الأرجح أن ذلك مستبعد، وربما يستبعد كذلك إغلاق مضيق هرمز لأن تأثيره سيكون عالميا مما يستدعي الاستنفار ضد إيران في الوقت الذي أدانت معظم دول العالم القصف الأمريكي على إيران.
الموقف الروسي سابقا ولاحقا
كانت موسكو قد أعلنت بوضوح إدانتها للقصف الإسرائيلي على إيران معتبرة أنه عدوان غير مقبول حتى أن الرئيس الروسي اقترح أن تلعب موسكو دور الوسيط لوقف تبادل القصف، ورغم أن روسيا شريك استراتيجي لإيران إلى أن المعاهدة بهذا الصدد لا تشير إلى انخراط روسيا في الحرب إن تم الاعتداء على إيران، لكنها ملزمة بعدم تقديم الخدمات والتسهيلات للمعتدي، الجانب الآخر أن روسيا هي التي تزود إيران بالمواد النووية وهي التي تسترد الوقود المستنفد من إيران، وهي التي بنت مفاعلاتها النووية، وبالتالي فإنها بقصف هذه المفاعلات ستكون خاسرة اقتصاديا على الأقل، كما أنها أكدت مرارا أنها لم تلاحظ أية نشاطات غير سلمية لدى إيران، وقامت باتصالات مكوكية مع طهران وتل أبيب وواشنطن تمكنت عمليا الحصول على ضمان أمن خبرائها في محطة بوشهر بعد أن أعلت انها لن تسحبهم، وأنهم سيتابعون العمل محذرة من احتمال حدوث كارثة حقيقية إن تم قصف المنشآت النووية، هذا ما كان فهل سيتغير الموقف الروسي إزاء المستجدات الخطيرة ؟
لا أعتقد أن الموقف الروسي سيتغير ولا بد لنا أيضا كمراقبين من أن نكون موضوعيين، إذ من غير المنطقي -وخاصة لبلد يدعو دائما للحلول السلمية- أن تغامر روسيا بالدخول في حرب مع الولايات المتحدة، فهذا ما سعت الدولتان العظميان لتجنبه بكل الوسائل حتى أيام الحرب الباردة خاصة أن المعطيات الواقعية تؤكد أن الجميع خاسر ولا وجود لمنتصر في مواجهة يمكن أن تدمر البشرية، كما أن موسكو نفسها في حالة ترقب قلق فكيفية وحجم الرد الإيراني تشكل حالة انتظار بالغة الرهافة، إذ قد تجعل أية محاولة للوساطة أو التهدئة أمرا لم يعد قابلا للتحقق، وربما يترك الرد الإيراني فرصة معقولة لأن تلعب موسكو دور الوسيط، فهي الأكثر قدرة حاليا على لعب مثل هذا الدور، لذا أميل إلى الاعتقاد بأن موسكو ستدين بشدة القصف الأمريكي على المنشآت النووية الإيرانية، وقد يصدر بيان بهذا الصدد خلال ساعات أو دقائق بعد نشر هذه المادة، وأرجح كذلك أن تدعو موسكو الأطراف إلى التهدئة ووقف التصعيد وحل جميع المسائل سلميا بما في ذلك وقف تبادل القصف بين إيران وإسرائيل وربما التأكيد على استعدادها للعب دور الوسيط .
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: الرد الإیرانی أن إیران
إقرأ أيضاً:
الصين تعرب عن قلقها البالغ إزاء الخطة الإسرائيلية لاحتلال مدينة غزة
عرضت قناة القاهرة الإخبارية خبرا عاجلا يفيد بأن الصين أعربت عن قلقها البالغ إزاء الخطة الإسرائيلية لاحتلال مدينة غزة.
وقالت الخارجية الصينية، إن غزة للفلسطينيين وجزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية.
وقالت مراسلة قناة القاهرة الإخبارية من القدس المحتلة، دانا أبو شمسية، إن نحو عشر ساعات من الاجتماع المتواصل للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية في إسرائيل "الكابينت" انتهت بتوافق على خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، رغم الخلافات الكبيرة التي ظهرت بينه وبين رئيس الأركان.
وأوضحت أن البيان الصادر عقب الاجتماع أكد موافقة أغلبية الوزراء على خطة حسم المعركة ضد حركة حماس، من خلال سيطرة الجيش الإسرائيلي على مدينة غزة، مع ضمان تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين خارج مناطق القتال، خصوصًا وسط القطاع.
وأضافت أبو شمسية أن الكابينت تبنى بأغلبية الأصوات النقاط الخمس التي عرضها نتنياهو، وتشمل احتلال مدينة غزة، ونزع سلاح حماس، واستعادة جميع المحتجزين سواء أحياء أو جثامين، ونزع السلاح من كامل قطاع غزة، وفرض السيطرة الأمنية الإسرائيلية على القطاع، وإقامة حكم مدني بديل لا يتبع لا حماس ولا السلطة الفلسطينية. وأشارت إلى أن نتنياهو كان قد صرح سابقًا بعدم وجود نية لفرض إدارة مدنية إسرائيلية مباشرة على غزة، وإنما الاكتفاء بسيطرة أمنية، ما يعني وجود حضور عسكري إسرائيلي على الأرض.
وأكدت مراسلة القاهرة الإخبارية أن رئيس الأركان الإسرائيلي قدم خطة بديلة خلال الاجتماع، لكنها لم تلقَ قبولًا، إذ اعتبر الوزراء أنها لا تحقق أهداف الحرب، وعلى رأسها حسم حركة حماس وإعادة المحتجزين. ولفتت إلى أن رئيس الأركان اقترح إلغاء بند إعادة المحتجزين من الخطة لتجنب المخاطر على حياتهم، محذرًا من تآكل قدرة الجيش على الحسم، وصعوبة إيجاد حلول للأزمة الإنسانية في غزة، لكن طرحه قوبل برفض شديد من وزراء اليمين، خاصة إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، إضافة إلى نتنياهو نفسه.
وأوضحت أبو شمسية أن الاجتماع شهد أيضًا جدلًا حول إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، بين مؤيد ومعارض، قبل أن يُحسم الأمر بالموافقة على الخطة التي سُمّيت "احتلال غزة" في إشارة إلى مدينة غزة فقط، وليس القطاع بأكمله، على الأقل في هذه المرحلة. وأضافت أن ذلك يعني عدم شمول الاحتلال للمخيمات حاليًا، في ظل استمرار الخلافات حول المسار السياسي والعسكري للحرب.