ريهام العادلي تكتب: ثورة 30 يونيو .. انتفاضة شعب أنقذت الوطن
تاريخ النشر: 22nd, June 2025 GMT
في تاريخ الأمم، تأتي بعض اللحظات التي تُعيد كتابة المصير، وتحدد الاتجاهات، وتشكل ملامح المستقبل، وكانت ثورة 30 يونيو 2013 واحدة من أعظم هذه اللحظات في تاريخ مصر الحديث، حين انتفض ملايين المصريين في مشهد غير مسبوق، مدفوعين بشعور وطني عميق بأن الوطن في خطر، وأن الدولة مهددة بالانهيار، وأنه لا بديل عن الخروج من أجل إنقاذ مصر من قبضة جماعة لم تنتمِي يومًا إلى الوطن، ولا آمنت بالدولة المدنية الحديثة.
لم تكن 30 يونيو مجرد مظاهرات أو احتجاجات، بل كانت ثورة شعبية كاملة الأركان، عبّر فيها المصريون عن رفضهم القاطع لحكم جماعة الإخوان المسلمين، التي استغلت وصولها إلى السلطة لتحقيق مصالحها الضيقة وأجندتها الخاصة، بعيدًا عن إرادة الشعب وأسس الدولة. مارسوا الإقصاء، وعبثوا بمؤسسات الدولة، وضربوا وحدة الصف الوطني، وكان مشروعهم السياسي والاجتماعي قائمًا على التفرقة لا الوحدة، وعلى التمكين لا الشراكة.
في عامٍ واحد فقط من حكم جماعة الإخوان الإرهابية ، بدأ المصريون يشعرون أن شيئًا ما يتكسر في الدولة. .. المؤسسات تُهمّش، والقرارات تصدر بلا رؤية، والهوية المصرية تتعرض للطمس لصالح أيديولوجيا دينية مغلقة، تتنافى مع تاريخ مصر التعددي والمتسامح. لم تعد هناك مساحة للرأي الآخر، وبدأت ملامح الدولة المصرية – التي عُرفت عبر قرون بقوة مؤسساتها وتوازن سلطاتها – تبهت وتختفي تدريجيًا.
في ظل هذا المشهد، لم يعد الصمت خيارًا، فخرجت الدعوات الشعبية من كل مكان، ولبّى الشعب النداء، فكانت 30 يونيو يوم الغضب الشعبي العظيم، الذي لم تُحرّكه الأحزاب ولا النخب، بل حرّكه وجدان الناس، وإحساسهم الغريزي بأن مصر تُختطف أمام أعينهم.
لعب الشباب المصري دور البطولة في هذه الثورة، لم يكتفوا بالرفض عبر مواقع التواصل أو اللقاءات الخاصة، بل نزلوا إلى الميادين، وشاركوا في حملة جمع التوقيعات، ونظموا صفوفهم بحس وطني مسؤول. لم يتحركوا من أجل مصالح ضيقة، بل من أجل الدفاع عن هوية وطن، وعن دولة تستوعب الجميع وتضمن مستقبلاً آمناً.
الشباب كانوا نبض الشارع، طاقته، وإرادته، في كل ميدان وساحة، حملوا أعلام مصر، ورفعوا لافتات ترفض التفرقة وتُطالب بالوحدة الوطنية، وعبروا عن وعي سياسي عميق بأن ما يجري ليس خلافًا سياسيًا تقليديًا، بل معركة وجود تتعلق بمصير الدولة.
لم تتأخر المرأة المصرية عن الحضور القوي والمؤثر. كانت في الصفوف الأولى، تهتف، وتشارك، وتدعم، وتقاوم ، الأم خرجت مع أبنائها، والفتاة نزلت إلى الميدان مع زميلاتها، والسيدة الكبيرة شاركت بما تستطيع من طاقة ، لقد كانت المرأة صوت الضمير الوطني الذي يرفض القهر، ويطالب بالكرامة، ويقف في وجه من أرادوا تهميشها وإقصاءها من المجال العام.
كانت مشاركة المرأة رسالة قوية بأن مصر ليست دولة قابلة للوصاية، ولا مجتمعًا يقبل الانتقاص من نصفه الفاعل ، لقد دفعت النساء في 30 يونيو بدمائهن وأصواتهن من أجل مستقبل يُحترم فيه الحق، وتُصان فيه الكرامة، وتُحمى فيه الدولة.
حتى الأطفال، الذين ربما لم يدركوا عمق الصراع السياسي، شعروا بأن هناك خطرًا ما. نزلوا مع أسرهم إلى الميادين، رافعين أعلام مصر، مرددين الهتافات، ومتفاعلين مع مشاعر أهلهم ، لقد كانوا شهودًا أبرياء على لحظة وطنية فارقة، ستظل محفورة في ذاكرتهم، وسيحكون عنها لأجيال قادمة بأنهم كانوا جزءًا من لحظة إنقاذ مصر.
في ظل هذا المشهد الغاضب، ووسط الحشود التي ملأت الميادين، جاء دور الرجل الذي آمن بإرادة الشعب ووضع أمن البلاد واستقرارها فوق كل اعتبار ..الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع آنذاك، الذي تعامل مع الأزمة بحكمة وهدوء، وقرأ نبض الناس بدقة، واتخذ قرارًا تاريخيًا بالانحياز إلى الجماهير، وليس إلى سلطة كانت على وشك أن تُدخل البلاد في نفق مظلم.
الرئيس السيسي، بإرادة قوية وشجاعة نادرة، أعلن عن خارطة طريق واضحة، أعادت للدولة هيبتها، ومهّدت لمرحلة جديدة من البناء والاستقرار، قوامها احترام القانون، ودعم مؤسسات الدولة، واستعادة الثقة بين الشعب وقيادته. لم يكن ذلك سهلًا، لكنه آمن منذ اللحظة الأولى بأن مصر تستحق التضحية، وأن الشعب لا يمكن أن يُخذل مرتين.
لم تكن ثورة 30 يونيو لتنجح لولا الموقف الوطني للجيش المصري العظيم، الذي وقف بجانب شعبه، ورفض أن يكون أداة في يد السلطة المرفوضة شعبيًا ، لقد تجسّد الولاء الحقيقي في التزام المؤسسة العسكرية بدورها الوطني، كمؤسسة ضامنة للاستقرار، لا منحازة لفصيل أو تيار.
كما قامت الشرطة المصرية بدورها كاملاً في حفظ الاستقرار الداخلي، وكذلك حماية المتظاهرين وتأمين المنشآت ومنع الفوضى، برغم التحديات الأمنية الكبيرة. وظهر التنسيق بين الجيش والشرطة كعنوان لوحدة مؤسسات الدولة في لحظة حاسمة، كان الهدف فيها هو الحفاظ على الوطن، لا السلطة.
بعد إسقاط حكم الإخوان، بدأت مصر مرحلة جديدة من التحديات والإنجازات ، استُعيدت مؤسسات الدولة، وأُعيد بناء الاقتصاد، وشُيّدت مشروعات قومية كبرى، وشهدت البلاد حالة من الاستقرار السياسي والأمني لم تعرفها منذ سنوات. وتم إطلاق حزمة من الإصلاحات التي مست جميع مناحي الحياة، مع اهتمام خاص بدور الشباب والمرأة، ودعم الفئات الأكثر احتياجًا.
الرئيس السيسي، الذي حمل أمانة الوطن في لحظة تاريخية صعبة، قاد هذه المرحلة بإرادة لا تلين، ورؤية واضحة، جعلت من 30 يونيو ليس فقط يوم الثورة، بل بداية الجمهورية الجديدة، جمهورية العدالة، والمواطنة، والتنمية.
ثورة 30 يونيو ستظل صفحة ناصعة في كتاب الوطنية المصرية ، كانت إرادة شعبية خالصة، خرج فيها المصريون بكل أطيافهم ليقولوا “لا” لحكم لا يُشبههم، وليؤكدوا أن مصر أكبر من أي جماعة أو تيار، وأن الشعب هو صاحب القرار الأخير دائمًا.
إنها ثورة وعي، وثورة كرامة، وثورة بقاء… وستظل خالدة في الوجدان الوطني، لأنها ببساطة أنقذت وطنًا، وأعادت إليه روحه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ثورة 30 يونيو 30 يونيو تاريخ مصر الحديث ثورة 30 یونیو أن مصر من أجل
إقرأ أيضاً:
خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
كشف الدكتور محمد العزبي، خبير العلاقات الدولية، تفاصيل جديدة حول ما وصفه بـ"الصفقة الجارية لإعادة الرئيس السوري السابق بشار الأسد إلى المشهد"، مؤكدًا أن جزءًا من بنودها يتضمن تسليم الأسد لدولة أخرى لإجراء محاكمة شكلية تمهيدًا لتبرئته من تهم جرائم الحرب.
وأشار العزبي خلال مشاركته في برنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، إلى أن هذا الطرح "غير مسبوق وخطير للغاية"، متسائلًا: "وفق أي قانون سيتم محاكمته؟ السوري أم الدولي؟ وكيف يتم إعداد سيناريو يعيد شخصًا متهمًا بقتل شعبه إلى واجهة المشهد؟".
وأوضح أن هذه البنود كانت محل رفض وسخرية في البداية، حيث اتُهم هو وآخرون بـ"الجنون وترويج الأوهام"، قبل أن تظهر تقارير دولية – بينها تقرير لوكالة رويترز وأخرى لهيئة الإذاعة البريطانية BBC – تؤكد صحة ما نشره، وتكشف عن تحركات فعلية تمهّد لهذه الصفقة.
وأكد العزبي أن ما تم نشره في الإعلام الدولي يتوافق مع ما تم كشفه مسبقًا عبر البرنامج، مشيرًا إلى أن هذه التسريبات أحدثت حالة هلع داخل صفوف هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني، ما أدى إلى حملة اعتقالات واسعة في مناطق نفوذ التنظيم.
وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورًا غير متوقع، يتمثل في فتح عدد من السجون في حمص وحلب وإطلاق سراح مجموعات معينة، ضمن سيناريو يعزّز مخطط تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ متعددة.
وكشف العزبي أن الجولاني وافق ضمن الصفقة على التخلي عن المناطق الغنية بالنفط والغاز لصالح إسرائيل، مستشهدًا بتقرير بثته القناة الإسرائيلية 12، ظهر خلاله مسؤولون إسرائيليون يتحدثون صراحة عن "ضرورة بقاء مناطق معينة تحت السيطرة الإسرائيلية".
وأشار إلى أن الجولاني لم يصدر أي تصريح يعترض فيه على هذه التصريحات، رغم ظهوره مؤخرًا في مقاطع وصفت بأنها "استعراضية وغير واقعية".
وأكد العزبي أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تقف ضد سيناريو التقسيم، وقد نجحت بالفعل في تمرير قرار أممي يمنع تفكيك الدولة السورية ويطالب بانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي التي يسيطر عليها.
وفي ختام حديثه، انتقد العزبي الأبواق الإعلامية التابعة للإخوان وتنظيم داعش، معتبرًا هجومهم الحاد على مصر وعلى كل من يكشف الحقائق "محاولة بائسة للتغطية على حجم الترتيبات التي تجري في الخفاء".