الجزر المحتلة ومشاريع الهيمنة: اختبار الصدق في زمن الشعارات
تاريخ النشر: 23rd, June 2025 GMT
#سواليف
#الجزر_المحتلة و #مشاريع_الهيمنة: اختبار الصدق في زمن الشعارات
بقلم: الأستاذ الدكتور محمد تركي بني سلامة
في زمن تتكاثر فيه الشعارات الرنانة عن “المقاومة” و”الصمود” و”الممانعة”، وتُرفع فيه رايات الدفاع عن الأمة وقضاياها، تبقى الأسئلة الكبرى معلّقة على جدران الصمت الانتقائي والمواقف مزدوجة المعايير.
أحد هذه الأسئلة، وربما أكثرها وضوحًا وإحراجًا، يتعلق بجزر الإمارات العربية المتحدة الثلاث المحتلة من قبل إيران: أبو موسى، طنب الكبرى، وطنب الصغرى.
مقالات ذات صلة مسؤول أممي من غزة: ما يجري مذبحة تُنفذ ببطء.. والمجاعة تستخدم كسلاح 2025/06/23الجغرافيا لا تنسى
تعود جذور النزاع حول هذه الجزر إلى عام 1971، عندما انسحبت القوات البريطانية من الخليج العربي، فسارعت إيران، بقيادة الشاه آنذاك، إلى احتلال الجزر الثلاث عشية إعلان استقلال دولة الإمارات. ومنذ ذلك الحين، تمارس طهران سيادتها المفروضة على هذه الأراضي، رافضة أي حل تفاوضي أو تحكيم دولي، في تجاهل صارخ لمبادئ حسن الجوار وميثاق الأمم المتحدة.
تُصر دولة الإمارات على أن هذه الجزر جزء لا يتجزأ من أراضيها، وتطالب باستعادتها عبر السبل السلمية، بينما يُصر جيرانها في الشمال على التعامل مع الجغرافيا وكأنها ملكية خاصة، وليست حقًا تاريخيًا لشعب ودولة ذات سيادة.
يتصدّر الخطاب الإيراني في المنطقة شعارات المقاومة والدفاع عن المستضعفين، ويرفع رايات الدفاع عن القضايا العربية، من فلسطين إلى اليمن. ولكن، إذا كانت طهران صادقة في هذا التوجه، فلماذا لا تبدأ أولًا بتصحيح ما بين يديها؟ لماذا لا تبادر بانسحاب واضح وصريح من الجزر الإماراتية كبادرة حسن نية تجاه العرب والمسلمين؟
إن هذا الاحتلال الصامت لا ينسجم بأي حال مع خطاب دعم حقوق الشعوب، ولا مع دعوات احترام السيادة، التي كثيرًا ما تُكرَّر في المنابر والمحافل الدولية.
العراق ولبنان واليمن… متى تتركون الشعوب تُقرر؟
يتكرر المشهد ذاته في بلدان عربية أخرى، حيث تتداخل السياسات الإيرانية في القرار السيادي لدول مثل العراق، ولبنان، واليمن. وليس من باب المبالغة القول إن هذه التدخلات تعمّق الأزمات وتطيل أمد الصراعات. فكيف يمكن الحديث عن دعم الاستقرار، بينما تُسند المليشيات وتُغذى الانقسامات الطائفية وتُدار الدول بالوكالة؟
الازدواجية لا تقف عند حدود التدخل السياسي، بل تمتد إلى الداخل الإيراني ذاته. ففي الوقت الذي تتمتع فيه قوميات كالأكراد في العراق بالحكم الذاتي، يُحرم العرب الأحواز – وهم أصحاب أرض وتاريخ وهوية – من أبسط حقوقهم الثقافية والسياسية. تُفرض عليهم القيود في التعليم والإعلام، وتُقمع لغتهم وتُختزل هويتهم، وكأن حقوق الإنسان تُمنح بالتجزئة، وفق الجغرافيا والانتماء.
ليست إيران وحدها التي تحاول إعادة رسم خرائط النفوذ، فهناك أيضًا مشاريع إقليمية أخرى من دول كتركيا، تُروَّج تحت مسميات عثمانية جديدة، ومشاريع اقتصادية صاعدة من قِبل الصين، تمرّر عبر “طريق الحرير” ولكن بأثمان سياسية لاحقًا.
كلها، رغم اختلاف أدواتها، تشترك في محاولة إخضاع القرار العربي وإضعاف الدولة الوطنية، تحت شعارات التنمية أو الأخوة أو المقاومة.
لقد آن الأوان لأن تخرج الأمة العربية من دائرة التبعية لمشاريع غير عربية، ترتدي عباءات مذهبية أو قومية أو اقتصادية. وآن أوان التصدي الصريح لكل أشكال الهيمنة، أكانت إيرانية أم تركية أم غيرها، وإعادة بناء خطاب عربي مستقل، قائم على السيادة الوطنية والمصالح المشتركة لا على الانخراط في حروب بالوكالة أو خنادق الآخرين.
احتلال الجزر الإماراتية الثلاث ليس مسألة إماراتية فقط، بل هو قضية عربية بامتياز، واختبار حقيقي لصدق الشعارات.
فمن أراد أن يكون صادقًا في مقاومته، فليبدأ بإزالة احتلاله، ومن أراد أن يدافع عن كرامة الأمة، فليتركها تقرر مصيرها دون وصاية.
فالكرامة لا تتجزأ، والسيادة لا تُقسم، وحقوق الشعوب لا تُمنح مشروطة بولاءات ومصالح خارجية.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف مشاريع الهيمنة
إقرأ أيضاً:
تراجع قياسي في شعاب الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا خلال 2024
أظهر بحث للمعهد الأسترالي لعلوم البحار صدر اليوم “الأربعاء”، أن الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا عانى من أكبر تراجع في الغطاء المرجاني في اثنتين من مناطقه الثلاث خلال العام الماضي، وذلك بعد ابيضاض واسع النطاق للشعاب كان من بين الأسوأ على الإطلاق.
وقال المعهد إن الحاجز المرجاني العظيم شهد أكبر تراجع سنوي في الغطاء المرجاني في منطقتيه الشمالية والجنوبية منذ بدء مراقبته قبل 39 عاما، إذ انخفض الغطاء المرجاني بما يتراوح بين الربع والثلث بعد نمو قوي على مدى عدة سنوات.
من جهته قال مايك إيمزلي رئيس برنامج الرصد طويل الأجل في المعهد، نشهد الآن تقلبا متزايدا في مستويات الغطاء المرجاني الصلب، لافتا إلى أن هذه الظاهرة تكشفت على مدى 15 عاما الماضية وتشير إلى ضغوط على النظام البيئي.
ويمتد الحاجز المرجاني العظيم، وهو أكبر نظام بيئي حي في العالم، على مسافة 2400 كيلومتر قبالة ساحل ولاية كوينزلاند بشمال أستراليا.
ومنذ عام 2016، شهد الحاجز المرجاني العظيم خمسة فصول صيف عانى فيها من الابيضاض واسع النطاق للشعاب المرجانية، وهي ظاهرة تتحول فيها أجزاء كبيرة من الشعاب إلى اللون الأبيض بسبب الإجهاد الحراري مما يعرضها لخطر الموت.
وقال التقرير إن ما حدث خلال عام 2024 كان له أكبر أثر مسجل على الشعاب المرجانية على الإطلاق، إذ حدث ابيضاض يتراوح بين مرتفع إلى شديد بالمناطق الثلاث.