#سواليف

#الجزر_المحتلة و #مشاريع_الهيمنة: اختبار الصدق في زمن الشعارات
بقلم: الأستاذ الدكتور محمد تركي بني سلامة

في زمن تتكاثر فيه الشعارات الرنانة عن “المقاومة” و”الصمود” و”الممانعة”، وتُرفع فيه رايات الدفاع عن الأمة وقضاياها، تبقى الأسئلة الكبرى معلّقة على جدران الصمت الانتقائي والمواقف مزدوجة المعايير.

أحد هذه الأسئلة، وربما أكثرها وضوحًا وإحراجًا، يتعلق بجزر الإمارات العربية المتحدة الثلاث المحتلة من قبل إيران: أبو موسى، طنب الكبرى، وطنب الصغرى.

مقالات ذات صلة مسؤول أممي من غزة: ما يجري مذبحة تُنفذ ببطء.. والمجاعة تستخدم كسلاح 2025/06/23

الجغرافيا لا تنسى

تعود جذور النزاع حول هذه الجزر إلى عام 1971، عندما انسحبت القوات البريطانية من الخليج العربي، فسارعت إيران، بقيادة الشاه آنذاك، إلى احتلال الجزر الثلاث عشية إعلان استقلال دولة الإمارات. ومنذ ذلك الحين، تمارس طهران سيادتها المفروضة على هذه الأراضي، رافضة أي حل تفاوضي أو تحكيم دولي، في تجاهل صارخ لمبادئ حسن الجوار وميثاق الأمم المتحدة.

تُصر دولة الإمارات على أن هذه الجزر جزء لا يتجزأ من أراضيها، وتطالب باستعادتها عبر السبل السلمية، بينما يُصر جيرانها في الشمال على التعامل مع الجغرافيا وكأنها ملكية خاصة، وليست حقًا تاريخيًا لشعب ودولة ذات سيادة.

يتصدّر الخطاب الإيراني في المنطقة شعارات المقاومة والدفاع عن المستضعفين، ويرفع رايات الدفاع عن القضايا العربية، من فلسطين إلى اليمن. ولكن، إذا كانت طهران صادقة في هذا التوجه، فلماذا لا تبدأ أولًا بتصحيح ما بين يديها؟ لماذا لا تبادر بانسحاب واضح وصريح من الجزر الإماراتية كبادرة حسن نية تجاه العرب والمسلمين؟

إن هذا الاحتلال الصامت لا ينسجم بأي حال مع خطاب دعم حقوق الشعوب، ولا مع دعوات احترام السيادة، التي كثيرًا ما تُكرَّر في المنابر والمحافل الدولية.

العراق ولبنان واليمن… متى تتركون الشعوب تُقرر؟

يتكرر المشهد ذاته في بلدان عربية أخرى، حيث تتداخل السياسات الإيرانية في القرار السيادي لدول مثل العراق، ولبنان، واليمن. وليس من باب المبالغة القول إن هذه التدخلات تعمّق الأزمات وتطيل أمد الصراعات. فكيف يمكن الحديث عن دعم الاستقرار، بينما تُسند المليشيات وتُغذى الانقسامات الطائفية وتُدار الدول بالوكالة؟

الازدواجية لا تقف عند حدود التدخل السياسي، بل تمتد إلى الداخل الإيراني ذاته. ففي الوقت الذي تتمتع فيه قوميات كالأكراد في العراق بالحكم الذاتي، يُحرم العرب الأحواز – وهم أصحاب أرض وتاريخ وهوية – من أبسط حقوقهم الثقافية والسياسية. تُفرض عليهم القيود في التعليم والإعلام، وتُقمع لغتهم وتُختزل هويتهم، وكأن حقوق الإنسان تُمنح بالتجزئة، وفق الجغرافيا والانتماء.

ليست إيران وحدها التي تحاول إعادة رسم خرائط النفوذ، فهناك أيضًا مشاريع إقليمية أخرى من دول كتركيا، تُروَّج تحت مسميات عثمانية جديدة، ومشاريع اقتصادية صاعدة من قِبل الصين، تمرّر عبر “طريق الحرير” ولكن بأثمان سياسية لاحقًا.

كلها، رغم اختلاف أدواتها، تشترك في محاولة إخضاع القرار العربي وإضعاف الدولة الوطنية، تحت شعارات التنمية أو الأخوة أو المقاومة.

لقد آن الأوان لأن تخرج الأمة العربية من دائرة التبعية لمشاريع غير عربية، ترتدي عباءات مذهبية أو قومية أو اقتصادية. وآن أوان التصدي الصريح لكل أشكال الهيمنة، أكانت إيرانية أم تركية أم غيرها، وإعادة بناء خطاب عربي مستقل، قائم على السيادة الوطنية والمصالح المشتركة لا على الانخراط في حروب بالوكالة أو خنادق الآخرين.

احتلال الجزر الإماراتية الثلاث ليس مسألة إماراتية فقط، بل هو قضية عربية بامتياز، واختبار حقيقي لصدق الشعارات.
فمن أراد أن يكون صادقًا في مقاومته، فليبدأ بإزالة احتلاله، ومن أراد أن يدافع عن كرامة الأمة، فليتركها تقرر مصيرها دون وصاية.

فالكرامة لا تتجزأ، والسيادة لا تُقسم، وحقوق الشعوب لا تُمنح مشروطة بولاءات ومصالح خارجية.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف مشاريع الهيمنة

إقرأ أيضاً:

برلماني: استخدام القوة ضد إيران تجاوز خطير للقانون الدولي.. ومصر ترفض العبث بمصير الشعوب

قال النائب هشام حسين، أمين سر لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب، إن الضربات الأمريكية التي استهدفت منشآت إيرانية حساسة، تمثل سابقة خطيرة تتجاوز قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وتهدد بإشعال المنطقة بأسرها في توقيت بالغ الحساسية.

البرلمان الإيراني يوافق على إغلاق مضيق هرمز والقرار الأخير بيد الجهات الأمنيةبعد موافقة البرلمان.. قرار غلق مضيق هرمز بيد مجلس الأمن الإيرانيالبرلمان الإيراني يوافق على غلق مضيق هرمزاتحاد العمال يشتكي النائب أشرف أبو العلا لرئيس البرلمان

وأضاف “حسين” أن استهداف مواقع نووية، أياً كانت المبررات، يعيد العالم إلى أجواء الحرب الباردة، ويفتح بابًا للتسلح والانقسام بدلًا من الحوار وبناء الثقة، معتبرًا أن هذا التحرك أحادي الجانب يُقوّض فرص التهدئة، ويُقابل برفض قاطع من الدول التي تحترم القانون الدولي ومبدأ سيادة الدول.

وأوضح أن موقف مصر في مثل هذه اللحظات، يُجسّد سياسة ثابتة قائمة على ضبط النفس ورفض منطق المغامرات العسكرية، مع الالتزام بالحوار كخيار أوحد لتفكيك الأزمات الدولية المزمنة، مشيدًا ببيانات الخارجية المصرية التي عبّرت بوضوح عن رفض التصعيد، ودعت إلى تجنّب التبعات الكارثية لمثل هذه العمليات العسكرية.

وأشار النائب إلى أن البرلمانات الحرة تتحمّل اليوم مسؤولية مضاعفة الضغط من أجل تحكيم العقل، والقيام بدورها الرقابي والتشريعي لمنع تكرار سيناريوهات الحروب المفتوحة التي لا يدفع ثمنها سوى الأبرياء من الشعوب.

وختم “حسين” تصريحه، بالتأكيد أن مصر، بموقعها وثقلها، تُدرك تمامًا حجم المخاطر التي تواجه المنطقة، وتتحرك بوعي ومسؤولية؛ من أجل تجنيبها الانهيار، والحفاظ على السلام كقيمة إنسانية وأخلاقية لا يجب التفريط فيها.

طباعة شارك هشام حسين النائب هشام حسين النواب مجلس النواب الضربات الأمريكية

مقالات مشابهة

  • تونس تندد بالعدوان الأمريكي الصهيوني على إيران.. شرعية دولية لتبرير الإبادة
  • دولة عربية تجهز ملاجئ بعد الضربة الأمريكية على إيران
  • برلماني: استخدام القوة ضد إيران تجاوز خطير للقانون الدولي.. ومصر ترفض العبث بمصير الشعوب
  • عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازدهروا في دمشق
  • الوعي: التصعيد الأمريكي في إيران تطور خطير وتهديد مباشر لاستقرار المنطقة
  • ما هي المنشآت النووية الثلاث التي استهدفتها الولايات المتحدة في إيران؟
  • محمد بن راشد: تعلمت من أبي بساطة العيش والتسامح وحب الصدق والعدل
  • إيران تؤكد استعدادها للنظر في الحلول الدبلوماسية حال وقف عدوان إسرائيل ومحاسبتها
  • تظاهرات عربية وعالمية تندد بالهجمات الإسرائيلية على إيران