في خضم التصعيد المتسارع بين الولايات المتحدة وإيران، تتعدد الروايات وتتباين الحقائق، لكن ما يبدو واضحًا أن المشهد أكثر تعقيدًا مما يظهر على السطح. فبين تصريحات نارية وأخرى تثير الشكوك حول وجود تفاهمات خفية، يبقى المواطن العادي والمحلل السياسي في حيرة بين التهديد والتمثيل.

البيت الأبيض يتابع.. وترامب يتجاهل

وفقًا لما نقلته وكالة "رويترز" عن مسؤول أمريكي، فإن البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأمريكية كانا على دراية كاملة بالهجمات التي استهدفت قواعد عسكرية أمريكية في المنطقة.

هذا التصريح الذي نقلته "القاهرة الإخبارية" جاء في وقت أثار فيه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، جدلاً واسعًا بتجاهله للهجوم الإيراني على القاعدة.

وبدلًا من التطرق إلى هذه الهجمات، ركّز ترامب حديثه على نتائج القصف الأمريكي الذي استهدف منشآت نووية إيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان. وقال بلهجة واثقة: "المواقع التي ضربناها في إيران دُمرت بالكامل، والجميع يعلم ذلك، وحدها وسائل الإعلام الكاذبة من تدعي عكس ذلك، حتى هم يعترفون بأنها دُمرت تمامًا!".

اللواء نصر سالم.. المشهد تمثيلي بتفاهم مسبق

في مداخلة لافتة، قال اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق وخبير الاستراتيجية العسكرية، إن الضربة الإيرانية التي استهدفت قاعدة العديد القطرية ليست سوى "تمثيلية متفق عليها". وأضاف أن هناك تفاهمًا مسبقًا بين إيران والولايات المتحدة وقطر، تم من خلال قنوات اتصال رسمية وغير مباشرة، بحيث أبلغت إيران الجانبين بتوقيت الضربة ومكانها لتفادي الخسائر.

وأشار سالم إلى أن الصواريخ الإيرانية التي استهدفت القاعدة تصدت لها الدفاعات الجوية القطرية، فيما سقط صاروخ وحيد قرب القاعدة من دون أن يسفر عن أي ضرر يُذكر. واعتبر أن ما جرى لا يتعدى كونه "حفظًا لماء الوجه" أمام الداخل الإيراني الغاضب.

هل التصعيد مجرد مقدمة للتفاوض؟

واختتم اللواء سالم تحليله بالإشارة إلى أن هذه الأحداث، رغم طابعها العسكري، لا يُتوقع أن تتطور إلى مواجهة واسعة. بل على العكس، يرى أن كل هذه المناوشات قد تكون مقدمة للعودة إلى طاولة المفاوضات، خصوصًا إذا لم ترد الولايات المتحدة على الهجمات الإيرانية حتى صباح اليوم التالي.

بين الضربات والرسائل المشفّرة

ما بين صواريخ تُطلق وتصريحات تتطاير، تبقى الحقيقة ضائعة بين الحسابات السياسية والتكتيك العسكري. هل نحن أمام تصعيد حقيقي، أم مجرد عرض مسرحي لإعادة رسم خطوط التفاوض؟ الأيام القادمة فقط هي من ستحمل الإجابة.

طباعة شارك الولايات المتحدة إيران ترامب القاهرة البيت الأبيض

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الولايات المتحدة إيران ترامب القاهرة البيت الأبيض

إقرأ أيضاً:

خبير نووي يكشف لـعربي21 سر استهداف مشروع إيران.. هل هناك خطر على الخليج؟ (شاهد)

في ظل التصعيد المتسارع بالمنطقة، تتصدر إيران واجهة التوترات، بعد سلسلة ضربات استهدفت منشآتها النووية، وتهدد برنامجها النووي، بحسب خبراء يرون أن المنشآت الحساسة ما تزال بعيدة عن متناول الغارات التقليدية.

لكن خلف هذه التحركات، تبرز أهداف أعمق من المشروع النووي نفسه، فالصراع الحقيقي، كما يرى متخصصون، يتمدد إلى قلب النظام الإيراني، ويمر عبر مصالح واشنطن في الخليج، ونفوذ الصين المتصاعد في المنطقة.

وفي لقاء خاص مع "عربي21"، قال نائب رئيس هيئة المحطات النووية المصرية الأسبق، الدكتور علي عبد النبي، إن الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على مواقع داخل إيران تتجاوز مجرد استهداف البرنامج النووي، وتكشف عن أجندة سياسية أمريكية أوسع تهدف إلى إسقاط النظام الإيراني الحالي وإعادة تشكيل التوازنات في المنطقة لصالح الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي، ولتحجيم النفوذ الصيني المتصاعد.

أكد نائب رئيس هيئة المحطات النووية الأسبق، أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت منشآت نووية داخل إيران لم تؤثر بشكل حقيقي على برنامج طهران النووي، وأوضح أن تلك المواقع لا تمثل مراكز تصنيع قنبلة نووية فعلية، بل تقتصر على منشآت تخصيب ومعالجة.

وأوضح عبد النبي أن المواقع التي يتم استهدافها، مثل نطنز وفوردو، تقع معظم أجزائها تحت الأرض، بينما تتركز الضربات الإسرائيلية على البنية التحتية فوق سطح الأرض، مما يجعلها غير فعالة من الناحية الفنية، وقد تؤخر المشروع النووي الإيراني فقط ولا تفقده، مشيرا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي تفتقر إلى القنابل الخارقة للتحصينات القادرة على تدمير المنشآت المدفونة بعمق.


وصف الخبير النووي الضربات الإسرائيلية بأنها ذات طابع نفسي واقتصادي بالدرجة الأولى، حيث تستهدف رفع كلفة المشروع الإيراني وإرباكه معنويًا، وقال إن طهران أنفقت مليارات الدولارات على هذه المنشآت، وأن تدميرها يوجه رسالة سياسية للنظام أكثر من كونه عملًا عسكريًا استراتيجيًا.

وشدد عبد النبي على أن منع إيران من امتلاك القنبلة النووية لا يمكن تحقيقه عبر ضربات تكتيكية من الاحتلال الإسرائيلي فقط، بل يتطلب قدرات عسكرية خاصة لا تملكها سوى الولايات المتحدة، ما يرجح أن ما يجري هو جزء من استراتيجية ضغط وليس عملية عسكرية شاملة.

View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)

إيران قادرة على إنتاج القنبلة النووية تقنيًا
وقال الدكتور علي عبد النبي إن تصنيع قنبلة نووية لا يمثل تحديًا كبيرًا من الناحية التقنية في ظل توفر المواد الأساسية، وعلى رأسها اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة تتجاوز 90 بالمئة، ولفت إلى أن إيران تمتلك هذه المادة، مما يجعلها قادرة نظريًا على صناعة القنبلة.

وأوضح أن لدى إيران البنية التحتية العلمية والكوادر الهندسية والخبرة الكافية التي تمكنها من الانتقال إلى مرحلة التسلح النووي إذا اتخذت القيادة السياسية هذا القرار. وأكد أن البرنامج الإيراني لا يفتقر إلى المعرفة بل إلى القرار النهائي فقط.

وأشار عبد النبي إلى أن الهدف الإيراني من امتلاك القنبلة النووية – إن حدث – سيكون تحقيق الردع وليس استخدامها الفعلي، وشبه الموقف الإيراني بمواقف دول كالهند وباكستان وكوريا الشمالية، وروسيا وأمريكا التي اعتمدت على السلاح النووي كوسيلة ردع سياسي وعسكري، مؤكدا أنه في حالة امتلاك إيران لقنبلة نووية لتوقفت الحرب مباشرة بسبب خوف الاحتلال الإسرائيلي من استخدامها وهو ما يحدث بين أمريكا وروسيا على سبيل المثال.

وأكد أن امتلاك إيران للسلاح النووي سيؤدي إلى تحوّل جذري في موازين القوى بالمنطقة، موضحًا أن الاحتلال الإسرائيلي ستضطر لإعادة حساباتها، وستتجنب أي صدام مباشر مع إيران في ظل وجود توازن رعب نووي، كما حدث بين أمريكا والاتحاد السوفيتي سابقًا.

View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)

كارثة محتملة: الخليج مهدد بتلوث إشعاعي
حذر الدكتور علي عبد النبي من خطورة استهداف المفاعلات النووية الإيرانية، مؤكدًا أن أي قصف يؤدي إلى تسرب إشعاعي سيمثل كارثة بيئية تهدد دول الخليج العربي أكثر من أي جهة أخرى في المنطقة.

وأوضح أن موقع المفاعلات الإيرانية، واتجاهات الرياح السائدة في المنطقة، قد يتسبب في نقل الغبار الإشعاعي إلى دول الخليج، بما فيها الإمارات والسعودية والكويت والبحرين، خلال ساعات قليلة من وقوع الانفجار.

ودعا عبد النبي دول الخليج إلى التحرك سياسيًا ودبلوماسيًا للضغط على القوى الكبرى لتفادي سيناريو كارثي، مشابه لما حدث في تشيرنوبل عام 1986 أو فوكوشيما في 2011، مشيرًا إلى أن الكوارث النووية لا تعترف بالحدود الجغرافية.


كما شدد على أن المفاعل النووي لا يمكن استهدافه دون مخاطرة عالية، موضحًا أن إصابة أي من أنظمته الحرجة أو خزانات الوقود قد تؤدي إلى انفجار حراري هائل، يعقبه تلوث إشعاعي يمتد مئات الكيلومترات

إسقاط النظام الإيراني هدف حقيقي

أوضح عبد النبي أن الضربات المتكررة ضد المواقع الإيرانية ليست فقط لمنع التقدم النووي، بل تستهدف إضعاف النظام السياسي الحاكم في طهران، عبر توجيه ضربات اقتصادية ومعنوية متكررة تساهم في تفكيك الحاضنة الشعبية والاقتصاد الإيراني.

وأضاف أن الولايات المتحدة تتبنى استراتيجية واضحة منذ سنوات تهدف إلى إسقاط النظام الإيراني الحالي، الذي تعتبره "عدوًا استراتيجيًا"، وفتح الطريق أمام نظام جديد يتعاون مع الغرب ويكبح جماح النفوذ الصيني والروسي في المنطقة.

ورأى عبد النبي أن المخطط يتضمن إعادة إيران إلى "الحضن الأمريكي"، من خلال دعم شخصيات معارضة مثل ابن الشاه، وتوظيف الأزمات الداخلية من احتجاجات شعبية وعقوبات اقتصادية لتفكيك سلطة المرشد والمؤسسات العسكرية التابعة له.

وأكد أن المشروع النووي الإيراني لم يكن ليواجه هذا الضغط لو كان النظام في طهران حليفًا لأمريكا، مدللًا على ذلك بأن دولًا مثل الهند وباكستان وكوريا الشمالية تمتلك السلاح النووي، ولم تواجه نفس المصير بسبب طبيعة علاقاتها السياسية.

View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)

الصراع في جوهره مع الصين

قال عبد النبي إن الصراع الأمريكي ضد إيران لا يمكن فصله عن التنافس العالمي مع الصين، مشيرًا إلى أن بكين تعتمد بشكل رئيسي على واردات الطاقة من الشرق الأوسط، وتعد إيران أحد الشركاء الاستراتيجيين في هذا الإطار.

وأوضح أن الولايات المتحدة تسعى للسيطرة على كامل إمدادات الطاقة المتجهة نحو الصين، عبر فرض نفوذها على دول الخليج العربي وتحجيم التعاون الإيراني–الصيني، واعتبر أن إسقاط النظام الإيراني هو جزء من خطة احتواء الصين.


وأضاف أن أحد أهداف واشنطن يتمثل في عرقلة مشروع "الحزام والطريق" الصيني، الذي يمر عبر إيران ووسط آسيا، وذلك من خلال زعزعة الاستقرار في هذه المناطق وتقديم مشاريع بديلة مثل ممر التجارة عبر الهند المدعوم من أمريكا.

وشدد على أن ما يحدث في إيران من ضغوط وعقوبات وهجمات هو مجرد تفصيل في معركة جيوسياسية أكبر، هدفها كبح النمو الصيني ومنع بكين من الوصول إلى موارد الطاقة بأسعار مستقرة ومسارات آمنة عبر الشراكة مع طهران.

View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)

ماذا لو ردّت إيران واستهدفت مفاعل ديمونا الإسرائيلي؟
تحدث عبد النبي عن السيناريو الأخطر في الصراع الإيراني-الإسرائيلي، وهو إمكانية رد إيران على الهجمات الإسرائيلية عبر استهداف مفاعل ديمونا النووي في النقب، والذي يُعد المركز الأساسي للبرنامج النووي الإسرائيلي غير المعلن.

وأكد أن في حال إصابة مفاعل ديمونا والوصول إلى كارثة من الدرجة السابعة، مشابهة لحوادث نووية كبرى، فأن أولى المناطق المتضررة ستكون داخل الأراضي المحتلة، خصوصًا منطقة النقب، بالإضافة إلى احتمالات تسرب إشعاعي يصل إلى الأردن.

مقالات مشابهة

  • قطر تدين هجوم إيران على قاعدة العديد الأمريكية
  • قاعدة العديد بقطر.. صورة أقمار صناعية تُظهرها شبه خالية قبل هجوم إيران
  • أول تعليق إيراني رسمي على الهجمات التي استهدفت قواعد أمريكية في قطر
  • خبير نووي يكشف لـعربي21 سر استهداف مشروع إيران.. هل هناك خطر على الخليج؟ (شاهد)
  • ما هي المنشآت النووية الثلاث التي استهدفتها الولايات المتحدة في إيران؟
  • رويترز: مصدر إيراني يكشف نقل اليورانيوم من فوردو قبل الهجوم الأميركي
  • أستاذ علوم سياسية: إيران تريد أن تتفاوض مع الولايات المتحدة
  • أستاذ علوم سياسية يكشف السيناريوهات المتوقعة لحرب إيران وإسرائيل «فيديو»
  • إيران ترفض الاستسلام.. أستاذ علوم سياسية يكشف سيناريوهات حرب طهران وتل أبيب