تتعدد الآراء حول العمر الأنسب لبدء تعليم الأطفال القراءة، إلا أن العديد من الخبراء يشددون على أن السنوات الأولى من عمر الطفل يجب أن تركز على اللعب وتطوير المهارات الشفوية، لا على القراءة المبكرة. وتشير الأبحاث إلى أن البلدان التي تؤخر تعليم القراءة مثل فنلندا والدانمارك حتى سن 6 أو 7 سنوات، وتمنح الأولوية للعب والاكتشاف، تظهر معدلات أعلى في إجادة القراءة، مع معدلات أقل في صعوبات التعلم.

القراءة في سن الثالثة

بحسب سوزان نيومان، أستاذة تعليم الطفولة ومحو الأمية في جامعة نيويورك، فإنه رغم إمكانية تعليم الطفل الحروف في عمر 2.5 إلى 3 سنوات، إلا أن هذا لا يعد مناسبا من الناحية النمائية. في هذا العمر، يتعلم الأطفال بشكل أفضل عبر التفاعل اللفظي مع الكبار الذين يتحدثون إليهم ويغنون ويقرؤون لهم. وتؤكد نيومان على أهمية الأناشيد وقوافي الأطفال، التي تُعد أدوات قوية في ترسيخ اللغة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ماذا تفعل حين يقرر طفلك التوقف عن رياضته المفضلة؟list 2 of 2التربية الفكاهية.. دليل الآباء للتخلي عن الغضب مع الحفاظ على الجديةend of list

كما تشير الدراسات إلى أن المهارات الشفوية، مثل المفردات الغنية والتفاعل اللغوي، تعد مؤشرات أقوى على الاستعداد المدرسي في الصف الرابع مقارنة بالقراءة المبكرة. فالأطفال الذين يتعلمون الحروف في سن مبكرة قد يُظهرون جاهزية مدرسية أولية، لكن سرعان ما يلحق بهم أقرانهم.

ما العمر "المناسب" لتعلم القراءة؟

ترى ماريان وولف، مديرة مركز عسر القراءة والتعلم المتنوع والعدالة الاجتماعية في جامعة UCLA، أن سن 5 إلى 7 هو الوقت المثالي لتعليم الأطفال القراءة، إذ يكون الدماغ قد وصل إلى مرحلة من التطور العصبي تُعرف بـ"التمغنط" (Myelination)، والتي تتيح الربط بين مناطق الدماغ المختلفة المسؤولة عن اللغة والتفكير.

وتضيف وولف أن محاولة تعليم القراءة قبل سن الخامسة قد يؤدي إلى نتائج عكسية، مثل نفور الطفل من القراءة. فالضغط على الطفل لتعلُّم فك الحروف في عمر مبكر قد يحرمه من لحظات اللعب والاكتشاف، وهي تجارب أساسية لنموه العقلي واللغوي.

إعلان

وتؤكد: "الانتظار لا يضر، لكن الضغط قد يسبب الأذى".

وتقارن وولف بين التجربة الأميركية التي تميل إلى الإسراع، وبين الأنظمة التعليمية الأوروبية التي تمنح الأطفال وقتهم الكافي للنضج.

خبراء: محاولة تعليم القراءة قبل سن الخامسة قد يؤدي إلى نتائج عكسية (بيكسلز) التعليم المبكر ممكن بشرط التوازن

في المقابل، ترى تيريزا روبرتس، أستاذة سابقة في تنمية الطفولة بجامعة ولاية ساكرامنتو، أن تعليم أصوات الحروف للأطفال في سن الثالثة يمكن أن يكون فعالا إذا تم بطريقة مرحة وغير قسرية. وتشير أبحاثها إلى أن الأطفال بعمر 3 و4 سنوات يمكن أن يشاركوا بفعالية في دروس صوتيات قصيرة (15 دقيقة يوميا) دون التأثير على وقت اللعب أو بناء المفردات.

كيف نُعد الطفل للقراءة دون تعجل؟

يرى الخبراء أن محو الأمية المبكر لا يعني بالضرورة تعليم القراءة، بل تهيئة الطفل لغويا من خلال:

قراءة الكتب له منذ الولادة، خاصة الكتب القماشية أو الكرتونية.

التحدث معه باستمرار واستخدام مفردات غنية.

غناء الأغاني التعليمية مثل أغنية الحروف.

تعريفه بالألوان والأشكال والحروف بطريقة تفاعلية (مثل الحروف المغناطيسية على الثلاجة).

السماح له باللعب الحر، الذي يطوّر بدوره مهارات جسدية مهمة للقراءة والكتابة، مثل التوازن واستخدام اليدين.

وتؤكد ستايسي بنج، مؤلفة كتاب "أبجدية الطفل" (The Whole Child Alphabet)، أن النمو الجسدي جزء أساسي من الاستعداد للقراءة، لكنه غالبًا ما يُغفل في رياض الأطفال لصالح التعليم المباشر.

لا داعي للعجلة

قد يُبدي بعض الأطفال اهتماما بالحروف أو محاولة نسخها، وهذا طبيعي، لكن لا يجب أن يشعر الآباء بأن عليهم دفع الطفل لتعلم القراءة في سن مبكرة. وبدلا من ذلك، يُنصح بالتركيز على المحادثات الطويلة، القراءة اليومية، زيارة الأماكن المختلفة والتحدث عن العالم من حولهم.

تقول سوزان نيومان: "بدلا من تعليم الطفل القراءة قبل أوانه، لماذا لا نقرأ له ونغرس فيه حب القراءة؟ الأمر لا يتعلق فقط بما يتعلمه، بل بكيفية قضاء الوقت معه".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات تعلیم القراءة

إقرأ أيضاً:

تطبيق رقمي يجمع بين التعليم والترفيه لغرس الوعي الثقافي لدى الأطفال

مع التطور التكنولوجي المتسارع الذي نشهده، لم يعد الاهتمام بغرس الثقافة لدى الطفل نوعا من الرفاهية، بل يعد أساسا لخلق مجتمع قادر على التمسك بجذوره الثقافية والحضارية منطلقا في وجه التحديات المستقبلية، ومتسقا مع التغيرات بما لا يمس هويته وأصالته، ومن هنا تأتي أهمية تعزيز كل ما يساهم في تشكيل الوعي الثقافي للأطفال بوسائل تواكب عصر التكنولوجيا والتحول الرقمي.

ومن هذا المنطلق، أطلقت وزارة الثقافة والهيئة العامة لقصور الثقافة تطبيق توت الإلكتروني، كمنصة رقمية تعليمية وترفيهية تهدف إلى ترسيخ قيم ودعم المهارات وتوفير مناخ ثقافي مناسب للأطفال في عمر ما قبل المدرسة وحتى 18 عاما، ضمن بيئة آمنة يمكن للطفل التفاعل معها، حيث تمثل الثقافة محورا أساسيا في بناء شخصية واعية مستنيرة تساهم في تنمية المجتمعات وبناء الأوطان، ولا سيما إذا كان هناك حرص على زرعها وتنميتها منذ الطفولة، حيث يكتسب الطفل بكل سهولة ما يحيط به من قيم ومبادئ ومعرفة، تؤتي ثمارها في المراحل المتقدمة على هيئة إنسان فطن واسع الأفق، وتنعكس على اهتماماته وسلوكه وقدراته.

وحول الهدف الرئيسي الذي انطلقت منه فكرة التطبيق، قال دميان مرقص مدير قصر ثقافة بيلا في كفر الشيخ ومطور تطبيق توت الإلكتروني، إن التطبيق يعد بمثابة هدية من وزارة الثقافة والهيئة العامة لقصور الثقافة لكل طفل مصري، حيث يتوفر التطبيق بشكل مجاني لتوصيل المحتوى المميز الذي تنتجه الوزارة والهيئة وتحويلها للشكل الرقمي الذي يفضله الأطفال في عصر الرقمنة، ولضمان اطلاع الأطفال على محتوى ثقافي هادف وفي بيئة آمنة، موضحا أن التطبيق يضم أهم سلاسل القصص التي تصدرها هيئة قصور الثقافة للأطفال، والتي يتم الاستعانة فيها بكتاب ومؤلفين ورسامين متخصصين، ويتم تعزيزه بشكل دوري بمطبوعات وإصدارات إضافية.

وفيما يتعلق بالتنوع الثقافي لمحتوى القصص بالتطبيق، أكد مرقص، في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، أن الوزارة والهيئة حرصتا على إثراء المحتوى الثقافي في القصص المقدمة والاهتمام بأن يكون لذلك المحتوى دور مهم في ربط الطفل بالهوية الثقافية المصرية، إضافة إلى ذلك، يتم تنفيذ أنشطة في بعض المناسبات كشهر رمضان الكريم، والاحتفاء به من خلال إضافة فوزاير توت الرمضانية تحت اسم (سلي صيامك مع توت)، تشمل 30 فزورة عن أماكن سياحية وشخصيات عامة، وخصصت الهيئة جائزة يومية لاثنين من الفائزين بالمسابقة التي لاقت إقبالا رائعا ومشاركة كبيرة.

ونظرا لأن التطبيق الإلكتروني يهدف بشكل أساسي إلى الاستخدام الهادف لأدوات التكنولوجيا، أوضح مطور التطبيق أنه يتضمن أدوات تفاعلية عدة، منها تحويل الكتب إلى صوتية إلى جانب المقروءة بناء على رغبة القراء، وذلك لمساعدة ذوي الهمم من المكفوفين، وليصبح للكتاب نسختان إحداهما مكتوبة والأخرى منطوقة بطريقة احترافية، إلى جانب الحرص على تقنية سهولة الاستخدام ليتمكن الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة من استخدام التطبيق دون الحاجة إلى الإجراءات التقليدية بالتطبيقات الأخرى، كخطوات تسجيل الدخول والتأكيد عبر البريد الإلكتروني، وهي خطوات يصعب على الأطفال في هذا السن القيام بها بمفردهم، وباستخدام تلك التقنية يستطيع الطفل بمجرد الدخول على التطبيق استخدامه بشكل مباشر واختيار القصة من غلافها والتصفح بمجرد لمس الشاشة، أو سماع القصص الصوتية بمجرد اختيارها.

وأشار إلى أن هناك حرصا دائما على مواكبة كل ما هو جديد في مجال التكنولوجيا واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لجذب انتباه الأطفال بعيدا عن منصات التواصل الاجتماعي التي تمثل خطرا على الثقافة في حال استخدامها بشكل خاطئ، ولذلك يتم التجهيز للأجازة الصيفية للأطفال من خلال تنفيذ ألعاب تعليمية إلكترونية يستفيد منها الطفل خلال وقت اللعب، إلى جانب دراسة مقترح أن يقوم طفل أو مجموعة من الأطفال بكتابة قصتهم الخاصة، وتقديمها ليتم مراجعتها لغويا وإرشادهم للتحسينات للخروج بعمل لائق يمثل وزارة الثقافة.

وحول الخطوات المتبعة للترويج للتطبيق للوصول لعدد أكبر من الأطفال، أوضح مرقص أنه يتم المشاركة في الفعاليات الثقافية المهمة كمعرض القاهرة الدولي للكتاب، وطباعة رمز الاستجابة السريعة QR code على إصدارات الهيئة، ليتمكن الأطفال من الدخول إلى التطبيق مباشرة، إضافة إلى طباعته على اللوحات والملصقات والمطبوعات التي كان يتم توزيعها بالمعرض، واستغلال أداة CEO أو الأرشفة على محركات البحث وتحسينها حتى يظهر الموقع في أول النتائج بمجرد البحث باسمه، كما يحظى التطبيق باهتمام كبير على صفحات الهيئة العامة لقصور الثقافة على وسائل التواصل الاجتماعي.

اقرأ أيضاًجامعة جنوب الوادي تناقش إطلاق تطبيق رقمي لتسهيل حجز العناية المركزة والحضانات

جامعة المنيا تتجه نحو التميز الأكاديمي وتطبيق التحول الرقمي

تطبيق رقمي للاستفادة من مبادرة سيارات المصريين بالخارج.. «اعرف خطوات التقديم»

مقالات مشابهة

  • تعزيز حماية الأطفال وسرعة التعامل مع البلاغات بدمياط
  • خبراء يحذرون: لقاح كورونا قد يسبب "التهابا قاتلا" في الدماغ
  • ماذا تفعل حين يقرر طفلك التوقف عن رياضته المفضلة؟
  • “تعليم جدة” يُطلق مبادرة “من أجل مستقبلهم” لتعزيز الوعي بالتسجيل في رياض الأطفال
  • تطبيق رقمي يجمع بين التعليم والترفيه لغرس الوعي الثقافي لدى الأطفال
  • اتفاقية شراكة لتجديد دعم مشروع مكتبة “الطفل المتنقلة”
  • أسباب وأعراض تؤكد إصابة الطفل بالتوحد
  • محاولة أسد افتراس طفل أمام أعين والديه
  • من الأسرة إلى المدرسة… كيف يحصن القانون المصري الطفل ضد الخطر؟