شون ديدي يحاول كسب ود المحكمة دون الإدلاء بشهادته
تاريخ النشر: 25th, June 2025 GMT
خاص
رغم امتناعه عن الإدلاء بشهادته في قاعة المحكمة الفيدرالية، وجد مغني الراب الأميركي شون “ديدي” كومبس طريقة ذكية للظهور أمام هيئة المحكمة دون تعريض نفسه للاستجواب.
ففي جلسة المحاكمة التي يواجه فيها تهماً خطيرة تتعلق بالاتجار بالبشر والدعارة، قرر فريق الدفاع عدم استدعاء أي شهود، بمن فيهم ديدي نفسه.
المغني أكد للقاضي أن هذا القرار جاء بعد مشورة قانونية دقيقة، لكن رغم ذلك، اختار أن يخاطب القاضي بعبارة مقتضبة قال فيها: “كنت أريد أن أشكرك، أنت تقوم بعمل ممتاز”، ما أثار ابتسامة القاضي وأثار انتباه الحضور في القاعة.
عدد من الخبراء القانونيين رأوا أن هذا التعليق لم يكن عفويًا، بل كان خطوة مدروسة بعناية، المحامي روس غودمان أشار إلى أن ديدي حرص على الظهور بصورة الشخص المحترم والمتابع بدقة، دون أن يضع نفسه في موقف صعب على منصة الشهود.
وفي السياق نفسه، اعتبر المحامي جيمي إي رايت أن هذه اللفتة، وإن بدت بسيطة، كانت بمثابة رسالة غير مباشرة إلى هيئة المحلفين، تؤكد حضور ديدي ومتابعته الدقيقة لمسار المحاكمة، في محاولة للتأثير على الانطباعات دون كسر قواعد المحكمة.
وكان القاضي أرون سوبرامانيان قد وجّه تحذيرًا سابقًا لديدي بعد أن لوّح بإشارة نحو هيئة المحلفين، ما يُعد خرقًا للإجراءات القضائية، ويبدو أن التعليق الأخير كان محاولة من ديدي لتلطيف الأجواء وتصحيح الصورة أمام المحكمة.
يُذكر أن ديدي يواجه خمس تهم في ثلاث لوائح اتهام فدرالية، تشمل الاتجار بالجنس، والتآمر، ونقل أشخاص بغرض الدعارة، وقد نفى جميع التهم، مؤكدًا براءته من كل ما نُسب إليه، بما في ذلك الدعاوى المدنية المرفوعة ضده.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: المحكمة الفيدرالية شون ديدي
إقرأ أيضاً:
الإنسان بين الذكاء الكلي والوحشية البدائية
يهرول العالم اليوم نحو عتبة غير مسبوقة في تاريخ المعرفة؛ عتبة يسمّيها علماء الحوسبة «الذكاء الاصطناعي العام» وهي اللحظة التي ستتجاوز فيها الآلة قدرات الإنسان في التفكير والتحليل وصنع القرار. ويعد العلماء في المختبرات، وفي مراكز الأبحاث الكبرى، لزمن مختلف تماما عن هذه اللحظة التي نعيشها ونعتقد أننا بلغنا فيها ذروة المعرفة حيث تدار الاقتصادات والطب والتعليم وحتى الإبداع الفني، بذكاء لا ينام ولا يخطئ وفق ما نقرأ ونسمع من علماء المستقبليات التقنية.
لكن، في هذه اللحظة نفسها، وعلى الكوكب ذاته، ما زالت هناك أيادٍ تُمسك بالسيف نفسه وبالفكر نفسه الذي كان يدفع مقاتلي القرون الوسطى للقتل والإبادة وكأن التاريخ لم يتحرك قيد أنملة وكأنما الفكر لم يتطور أبدا.
وتكشف الأسماء التي تمنح لهذه المجازر أكثر بكثير مما تخفي، وإلا ماذا يمكن أن نفهم من تسمية نتنياهو عملية اجتياح غزة باسم «عربات جدعون»، أو يصف قتاله بأنه ضد «العماليق».. لا يكتفي هذا الفعل باستدعاء رموز الحرب «المقدسة» في النصوص القديمة، بل يضفي عليها طابع الوحشية والانتقام التاريخي، وكأن الزمن دائرة مغلقة تعيد إنتاج أحقادها عبر القرون.
يظهر هذا الأمر التناقض العميق الذي يعيشه القرن الحادي والعشرين: على طرف، مشروع إنساني يسعى إلى محاكاة الذكاء، وتحويله إلى منظومة كونية قادرة على حلّ أعقد المعضلات، وعلى الطرف الآخر، مشروع مضاد، يسعى إلى تكريس الغريزة الأولى، تلك التي كانت تدفع الإنسان الأول لقتل غريمه كي يستحوذ على كهفه أو طعامه.
لن يستطيع الذكاء الاصطناعي العام المنتظر أن يلغي هذا التناقض بشكل تلقائي، مع الأسف الشديد، فالآلة - مهما بلغت من دقة الحساب وقدرة التعلم - تبقى مرآة لصانعها، تتغذى على قيمه وخطابه ومخزون ذاكرته، وما لم يتغير «المحتوى الإنساني» نفسه، ستظل التكنولوجيا مجرد أداة تعيد إنتاج تناقضاتنا بأشكال أكثر كفاءة وأوسع نطاقًا.
المعضلة إذن ليست في سؤال هل ستتفوق الآلة على الإنسان؟ بل في سؤال آخر يبدو أكثر إلحاحًا: أيّ إنسان ستتفوق عليه؟ الإنسان الذي يزرع ويبتكر ويؤسس للمعرفة، أم الإنسان الذي يقتل ويبرّر قتله بنص قديم أو أسطورة؟
وإذا كانت إسرائيل التي تدعي أنها واحة ديمقراطية وقلعة التكنولوجيا في الشرق الأوسط واقعة في قلب هذه التناقضات وما يصاحبها من هرطقة فكرية، فإن العالم العربي المتضرر من هذا المشهد بكل معاناته مدعوّ أكثر من غيره إلى قراءة المشهد بعين مزدوجة: عين ترى في الذكاء الاصطناعي فرصة لإعادة بناء القوة العلمية والمعرفية، وعين أخرى لا تغفل عن أن التاريخ - بكل وحشيته ورموزه القديمة - ما زال يتحرك على مقربة من بيوتنا وذاكرتنا.. ما يعني أننا لسنا مجرد متفرجين على صراع بين عقل إلكتروني وسيف صدئ، بل طرف أصيل في معركة تحديد المفهوم: هل يتقدم الإنسان بذكائه، أم يعود بذاكرته إلى كهوف الماضي.