تحول البحر الأبيض المتوسط، إلى مقبرة جماعية للمهاجرين، الفارين من الفقر والاضطهاد في العديد من البلدان، باتجاه أوروبا، وفي الوقت ذاته نشطت منذ سنوات العديد من المنظمات المستقلة في محاولة إنقاذ من يمكن إنقاذه من البشر، وسط تخل رسمي أوروبي عن هذه المهمة.

وتواجه هذه المنظمات العديد من التحديات، أبرزها التمويل، وكان آخرها إعلان قال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول الخميس إن وقف الدعم المالي لمنظمات الإنقاذ المدنية في البحر المتوسط قرار صائب.



وأضاف في مؤتمر صحفي مع نظيره الكندي "لا تزال ألمانيا ملتزمة تجاه الإنسانية وستظل دائما لكنني لا أعتقد أن وظيفة وزارة الخارجية هي استخدام الأموال لهذا النوع من الإنقاذ البحري".

منظمات إنقاذ في المتوسط

تنشط في منطقة المتوسط العديد من المنظمات العاملة في مجال الإنقاذ وإغاثة المهاجرين عبر البحر، ومنها أطباء بلا حدود، والتي أطلقت عملياتها عام 2015 في المتوسط، وتقدم الرعاية الطبية على متن سفن الإنقاذ، وتدير سفينة جيو بارينتس، فضلا عن إنشاء مراكز طبية داخل معسكرات احتجاز المهاجرين ببعض الدول الأوروبية.

كذلك تعمل منظمة "سي ووتش"، وهي ألمانية غير ربحية، منذ عام 2015، مع تصاعد موجهات الهجرة إلى أوروبا، ولديها العديد من السفن، أبرزها سفينة "سي ووتش 5".



وتعمل منظمة إس أو إس ميديتراني، كذلك منذ عام 2015، في أعمال الإنقاذ ورصد قوارب المهاجرين، والتحرك السريع في حال وورد نداءات استغاثة، من قوارب معرضة للغرق، وتعمل بالشراكة مع أطباء بلا حدود، ولديها سفينة إنقاذ رئيسية تحمل اسم "أوشن فايكنغ"، ومنطقة نشاطها للإنقاذ بين ليبيا وإيطاليا.

ومن بين المنظمات العاملة، منظمة أوبن آرمز، وهي إسبانية غير ربحية، ويتركز عملها، على إنقاذ المهاجرين، بين شمال أفريقيا والسواحل الإيطالية الإسبانية، ووثقت الكثير من المشاهد خلال السنوات الماضية، لغرق قوارب المهاجرين المتهالكة.

من أين تحصل على التمويل؟

تعتمد غالبية هذه المنظمات على حملات التبرعات المحلية، من الأشخاص الداعمين لحقوق الإنساني، فضلا عن مساهمات من منظمات خيرية ومجتمع مدني، وبعض البلديات الأوروبية، والأحزاب السياسية الراغبة في دعم نشاطها، ولا تساهم الحكومة الأوروبية بتمويلها، بل على العكس تواجه عراقيل وبيروقراطية وعقبات قانونية من قبل الحكومات.

إنقاذ للأرواح في البحر

على الرغم من قلة الإمكانيات، إلا أن هذه المنظمات نجحت على مدار السنوات الماضية، في إنقاذ الكثير من الأرواح في عرض البحر، في مقابل فقدان الآلاف لأرواحهم.

وبحسب بيانات صادرة عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فمنذ عام 2014 وحتى منتصف العام الجاري، لقي أكثر من 29 ألف مهاجر حتفه أو فقد داخل البحر.

وكان عام 2023، الأكثر كارثية للمهاجرين عبر البحر، حيث سجل فيه وحده 3138 وفاة أو اختفاء، ما جعله العام الأقسى منذ عام 2017.

وقدرت المنظمات العاملة في الإنقاذ بالبحر المتوسط، أنها ساهمت في إنقاذ ما بين 15-20 بالمئة من إجمالي الناجين في السنوات الأخيرة، في حين قالت منظمة سي ووتش، إنها أنقذت أكثر من 40 ألف شخص منذ تأسيسها، وأطباء بلا حدود أنقذت أكثر من 90 ألف شخص منذ 2015 حتى 2023.

اتهامات لأوروبا

تتهم المنظمات الإغاثية الحكومات الأوروبية خاصة المطلة على ساحل المتوسط، مثل إيطاليا ومالطا بالتقاعس المتعمد عن إنقاذ المهاجرين وتأخير الاستجابة لنداءات الاستغاثة، وتركهم لمواجهة الموت غرقا.

كما تتعرض طواقم الإنقاذ في البحار، للملاحقات القضائية واحتجاز السفن، والتوقيف، وصدرت العديد من القرارات من حكومات أوروبية وخاصة إيطاليا، ضد هذه المنظمات، في مسعى لمنع الهجرة من دول العالم إلى أوروبا عبر البحر.



ولجأت دول أوروبية إلى عقد اتفاقيات مع بعض الدول العربية المطلة على المتوسط، من أجل دعم قوات خفر سواحلها، للتشديد على حركة الهجرة، وصدرت العديد من التقارير تتهم هذه الدول، بممارسة انتهاكات بحق المهاجرين لمنعهم من الوصول إلى أوروبا، وسط غض طرف من الحكومات الأوروبية بسبب مصلحتها في ذلك.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية أوروبا المهاجرين قوارب أوروبا مهاجرين غرق قوارب المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه المنظمات العدید من منذ عام

إقرأ أيضاً:

منظمات دولية للجزيرة نت: اغتيال طاقم غزة لإسكات آخر شهود الحقيقة

لندن- أثار استهداف طاقم الجزيرة في قطاع غزة غضب المنظمات الصحفية والحقوقية والدولية، خاصة بعد إقرار جيش الاحتلال الإسرائيلي بتعمُّده استهداف الصحفي أنس الشريف الذي تلقى تهديدات كثيرة وتحريضا مباشرا سابقا.

ورغم التحقيقات المستقلة التي أكدت مهنية أنس الشريف، لم تشفع أي من نداءات ومطالبات المنظمات الأممية والحقوقية له أو للشعب الفلسطيني في غزة ولم تنقذهم من التجويع والقتل.

واستهدف أنس رفقة طاقم قناة الجزيرة، بينهم زميله محمد قريقع ومصورون، في غارة جوية إسرائيلية استهدفت خيمتهم خارج مستشفى الشفاء في غزة، وهو ما أدانته أوساط إعلامية طالبت بحماية حرية الصحافة ووقف استهداف الصحفيين في مناطق النزاع.

مجازر متعمدة

ورغم وصية أنس الشريف باستمرار التغطية، مثّل تشييعه وزملائه اليوم وقفة تاريخية للتعبير عن الانتهاكات التي تتعرض لها الصحافة والصحفيون وحرية التغطية وكل المواثيق الدولية التي وقفت عاجزة عن حمايتهم.

ونددت منظمات دولية وصحفية -تواصلت معها الجزيرة نت- بالجريمة، وطرحت الأخيرة سؤالا على تلك المؤسسات، حول ما إذا كان هناك رد فعل حقيقي أقوى من التنديد.

وعبَّر الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين "آي إف جيه" (IFJ)، أنطوني بلغار، عن "تعازيه العميقة لأسر وزملاء 5 صحفيين من الجزيرة قتلوا أمس"، واصفا العملية بأنها "مجزرة جديدة وجريمة حرب ارتكبتها القوات الإسرائيلية".

وقال بلغار للجزيرة نت "هؤلاء الصحفيون استُهدفوا عمدا، هذا أمر مروع. أشعر بالصدمة والغضب الشديد من هذه الحكومة القاتلة، ومن الدول التي تسمح باستمرار هذه المجازر دون تحرك ملموس"، ودعا الجمعية العامة للأمم المتحدة لاتخاذ موقف حازم، خاصة أن الولايات المتحدة تعرقل أي تحرك في مجلس الأمن.

وشدد قائلا "منذ 2018، ونحن ندعو لاعتماد اتفاقية أممية تحمي الصحفيين وموظفي الإعلام، وهذا المقترح جاهز الآن وينبغي على الأمم المتحدة التحرك فورا".

إعلان

وأكد بلغار أن مقتل الصحفيين "يأتي بعد أشهر من حملة تشويه ممنهجة ضد الصحفيين في غزة، حيث تم اتهامهم زورا بالإرهاب"، مشيرا إلى أن استهداف فريق الجزيرة "جريمة حرب تستوجب مساءلة القادة الإسرائيليين".

رجل يحمل صورة أنس الشريف خلال وقفة احتجاجية في لاهاي تنديدا بقتل إسرائيل للصحفيين في غزة (الفرنسية)دعوات للتحرك

بدورها، أدانت نقابة الصحفيين البريطانية "إن يو جيه" (NUJ) الحادثة، وقالت إن الحكومة الإسرائيلية "اعترفت رسميا بقتل 5 من صحفيي الجزيرة في غارة استهدفت خيمة قرب مستشفى الشفاء".

وأضافت الأمين العام لـ"نقابة الصحفيين البريطانية" لورا دايفسون، للجزيرة نت "القوات الإسرائيلية زعمت دون تقديم أي دليل أن أنس الشريف كان إرهابيا، بينما لم يصدر أي تعليق حول الأربعة الآخرين الذين قتلوا".

وذكرت دايفسون "أن فريق الجزيرة الأساسي في غزة "تعرض خلال 22 شهرا الماضية لخسائر كبيرة، مع مقتل وإصابة عدد من صحفييه، إضافة إلى غارات واعتقالات استهدفت مكاتب الجزيرة في الضفة الغربية".

وختمت "هذا الهجوم مُروِّع ونعرب عن تعازينا الحارة لعائلات الصحفيين الذين قتلوا وزملاؤهم. الصحفيون يتمتعون بحماية خاصة بموجب القانون الدولي، لكن هذه الحماية تُنتهك باستمرار، بينما يُقتل مدنيون آخرون كضحايا جانبيين أيضا".

وأكدت دايفسون أن إسرائيل "تحرم الصحفيين الأجانب الوصول إلى غزة، وفي الوقت نفسه تستهدف وتشوّه سمعة الصحفيين المحليين، مما يعكس أنها لا تريد أن يشاهد العالم ما ترتكبه".

وطالبت دايفسون الحكومة البريطانية، "التي تدّعي الالتزام بحرية الصحافة"، بـ"ممارسة ضغوط جدية لحماية الصحفيين، واحترام القانون الدولي، ودعم تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بهذه الانتهاكات". وقالت "يجب أن يكون هناك تحرك دولي فوري لوضع حد لهذا السلوك الشائن".

صحفيون ومواطنون يحملون جثمان الصحفي أنس الشريف الذي اغتالته إسرائيل ورفاقه في غزة (أسوشيتد برس)"قتل جماعي"

ولم يختلف الأمر كثيرا على الصعيد الأوروبي، حيث وصف الأمين العام للاتحاد الأوروبي للصحفيين "إي إف جيه"، ريكاردو غوتيريز، الحادثة بأنها "جريمة قتل جماعية تتطلب تحقيقا دقيقا من المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المسؤولين، بمن فيهم كبار صناع القرار السياسي".

وقال غوتيريز للجزيرة نت إنه في 24 يوليو/تموز الماضي، وقبل الحادث الأليم الأخير، وجَّه الاتحاد رسالة إلى المفوضية الأوروبية طالب فيها "تعليق الاتفاقيات مع إسرائيل، وإجلاء المدنيين المهددين، والسماح للصحفيين الأجانب بالوصول إلى غزة، وحماية الصحفيين المحليين، وفتح تحقيق دولي في التجويع كجريمة حرب". وأضاف "مأساة الأمس تؤكد ضرورة هذه المطالب الملحّة".

وانتقد غوتيريز "صمت الاتحاد الأوروبي وعدم تحركه"، معتبرا أن هذا الصمت "يجعله شريكا ضمنيا في الإبادة الجماعية الجارية"، وأكد أن الاتحاد الأوروبي للصحفيين "جاهز لدعم أي مبادرات يطرحها الاتحاد الدولي للصحفيين بهذا الخصوص".

وأردف "الحصار الكامل المفروض على الصحافة الدولية والقتل المنهجي للصحفيين في غزة يشكلان حملة رقابة شاملة تهدف لإخفاء جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في غزة والضفة الغربية".

إعلان

ودعا عبر الجزيرة نت الأمم المتحدة إلى "التدخل العسكري للسماح بدخول المساعدات الإنسانية وفتح المجال أمام الصحافة الدولية لتوثيق هذه الجرائم".

في حين أكد النقيب السابق لمؤسسة حرية الإعلام والبث في بريطانيا، تيم جوبسيل، للجزيرة نت "أنه وبالرغم من مأساوية ما حدث وبطولة أنس الشريف التي لا تدع مجالا للشك، فإن ما جرى هو عملية إستراتيجية للتكميم والتعتيم خصوصا مع بوادر التهديدات بالاجتياح البري".

وأضاف "الاغتيال بالفعل كان للطاقم ولكنه كان اغتيالا لآخر صحفيي البث الحي الموجودين، وهو أمر شائن ومُروِّع يجب التعامل معه كجريمة كبرى وأولوية قصوى".

مقالات مشابهة

  • الجفاف يضرب أوروبا والبحر المتوسط لأشهر متتالية
  • الجفاف يطال أكثر من نصف أوروبا وحوض البحر المتوسط
  • منظمات دولية للجزيرة نت: اغتيال طاقم غزة لإسكات آخر شهود الحقيقة
  • موجة حر شديدة تجتاح جنوب فرنسا
  • 15 أكتوبر.. انطلاق منافسات أسبوع المصنعة للإبحار الشراعي
  • حزب الله وسياسة الانكار: ماذا عن الذين يحرثون البحر؟
  • بشأن أوكرانيا.. ماذا تريد أوروبا من الاتفاق المنتظر بين أمريكا وروسيا؟
  • تراجع كبير لعبور المهاجرين عبر أوروبا.. ومسار «ليبيا كريت» البحري يتصدر المشهد
  • تراجع ملحوظ في عمليات عبور الحدود غير النظامية إلى الاتحاد الأوروبي
  • ماذا نعرف عن دونباس الأوكرانية التي يشترط بوتين السيطرة عليها لوقف الحرب؟