مصرع 50 شخصا إثر انهيار منجم ذهب فى السودان
تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT
الخرطوم
لقى 50 شخصا مصرعهم، إثر انهيار منجم لتعدين الذهب، اليوم الاحد فى منطقة “هويد” بالسودان، الواقعة بين مدينتي عطبرة وهيا.
يذكر أن منطقة “هويد” شهدت انهيارا مشابها في نيسان الماضي، أدى إلى إصابات وخسائر مادية.
وطالب أهالي الضحايا وناشطون في مجال حقوق الإنسان بفتح تحقيق عاجل ومستقل حول أسباب الانهيار وتنظيم بيئة العمل في التعدين التقليدي وفرض رقابة على أنشطة التنقيب، إضافة إلى توفير وسائل حماية وإنقاذ في هذه المناطق النائية.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: السودان منجم تعدين
إقرأ أيضاً:
مصرع 11 سودانياً في انهيار منجم ذهب.. ومخاوف من فوضى التعدين الأهلي
أعلنت السلطات السودانية، الأحد، مصرع 11 شخصاً وإصابة 7 آخرين بجروح متفاوتة، جراء انهيار بئر تقليدية للتنقيب عن الذهب في منطقة "هويد" الصحراوية الواقعة بين ولايتي نهر النيل والبحر الأحمر، في أحدث حادث يكشف عن حجم المخاطر التي يواجهها عمال المناجم الأهليون في البلاد.
وأكدت الشركة السودانية للموارد المعدنية، في بيان رسمي، أن الانهيار وقع داخل منجم "كرش الفيل" الذي يقع بين مدينتي عطبرة وهيا، مشيرة إلى أن الحصيلة أولية، وجاءت بعد تحرٍّ ميداني وتنسيق مع الجهات المختصة.
وقال البيان إن المصابين نُقلوا إلى مستشفى "أبو حمد" في الولاية الشمالية لتلقي الرعاية الطبية العاجلة، فيما لفت إلى أن الشركة كانت قد أوقفت في وقت سابق العمل بالمنجم نفسه، محذرة من مخاطره الجسيمة على حياة المواطنين.
تحذيرات سابقة وإصرار على العمل
وحذّرت الشركة من مغبة تجاهل قرارات وقف النشاط في المناجم المحفوفة بالمخاطر، داعية المواطنين إلى الالتزام بتعليمات السلامة، وعدم المجازفة بالأرواح في سبيل المكاسب السريعة، خاصة في ظل تكرار مثل هذه الحوادث خلال السنوات الماضية.
ويُعد قطاع التعدين الأهلي في السودان أحد أكبر مصادر العمل والدخل غير الرسمي، إذ تشير التقديرات إلى أن أكثر من مليوني مواطن يعملون في هذا القطاع المنتشر في مناطق نائية وصحراوية، تحت ظروف قاسية ووسط انعدام شبه تام لمعايير السلامة المهنية، وهو ما يجعلهم عرضة متكررة للكوارث والانهيارات.
الذهب.. ثروة السودان وأزمته
يعتمد السودان بشكل كبير على الذهب كمصدر رئيسي للنقد الأجنبي، بعد أن فقد نحو 75% من عائداته النفطية إثر انفصال جنوب السودان في عام 2011، وهو ما دفع البلاد إلى التوسع في التنقيب عن الذهب لتعويض خسائرها الاقتصادية.
وتُظهر بيانات حكومية أن الذهب يمثل أكثر من 80% من إجمالي عائدات الصادرات، ما يعزز مكانته كمورد استراتيجي في بلد يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة وتضخم قياسي وانهيار في قيمة العملة المحلية.
ويضم السودان أكثر من 40 ألف موقع تعدين أهلي، ويُنتج نحو 80% من الذهب المستخرج من البلاد من قبل عمال مناجم غير نظاميين. وتنتشر عمليات التنقيب التقليدي من أقصى شمال البلاد إلى غربها وشرقها، وتشمل مناطق صحراوية مثل عطبرة، وسلسلة جبال البحر الأحمر، وصولاً إلى إقليم دارفور.
احتياطي هائل وإنتاج متصاعد
وفقاً لتقديرات وزارة الطاقة والتعدين، يبلغ احتياطي السودان من الذهب نحو 1550 طناً، بينما بلغ إنتاجه في عام 2022 حوالي 18.6 مليون غرام، أي ما يعادل قرابة 93 طناً، ليحتل بذلك المركز الثالث أفريقياً بعد جنوب أفريقيا وغانا، بحسب بيانات المسح الجيولوجي الأمريكي.
وتسعى السلطات السودانية إلى زيادة الإنتاج عبر منح تراخيص لأكثر من 85 شركة محلية وأجنبية للتنقيب عن الذهب، أملاً في جذب الاستثمارات ورفع إيرادات الدولة، في ظل تراجع المساعدات الخارجية وشح النقد الأجنبي.
تنظيم هش.. واستنزاف للموارد
ورغم أهمية قطاع الذهب للاقتصاد السوداني، إلا أن عمليات التعدين التقليدي ما زالت تُدار في الغالب بعيداً عن الأطر الرسمية، وسط شكاوى من التهريب المنظم لكميات كبيرة من الذهب عبر الحدود، وضعف الرقابة، وتراجع العائدات الفعلية التي تدخل خزينة الدولة.
ويطرح انهيار منجم "كرش الفيل" مجدداً سؤالاً ملحاً حول قدرة السلطات على تنظيم هذا القطاع الحيوي، والحد من مخاطره البيئية والإنسانية، خصوصاً أن الحوادث المماثلة لا تكاد تغيب عن النشرات الإخبارية.
ويطالب نشطاء وخبراء في مجال الثروات الطبيعية بضرورة تقنين عمليات التعدين الأهلي، وتوفير الحد الأدنى من شروط الأمان، إلى جانب إدماج هذا القطاع في الدورة الاقتصادية الرسمية، بما يضمن حماية العمال وتحقيق مكاسب حقيقية للدولة والمجتمعات المحلية.
وفي بلد يعيش أزمات متراكمة، ويواجه شبح التفكك والحرب الأهلية، يبدو أن ثرواته المعدنية، وعلى رأسها الذهب، باتت سلاحاً ذا حدّين؛ فهي تمثل الأمل في إنعاش الاقتصاد، لكنها قد تتحول إلى لعنة ما لم تُدار بحكمة وتحت رقابة صارمة.