في ذكرى 30 يونيو.. كيف دفع المصريون ثمنا باهظا مع السيسي على مدار 12 عاما؟
تاريخ النشر: 30th, June 2025 GMT
تحل الاثنين ذكرى "أحداث 30 يونيو 2013"، في مصر والتي دفعت فيها الدولة العميقة ووسائل إعلام محلية ودول خليجية أعدادا من المصريين إلى التظاهر ضد الرئيس الراحل محمد مرسي، بذريعة سوء الأوضاع الاقتصادية.
وبعد مرور 12 عاما على "تظاهرات 30 يونيو"، التي خرجت في ميدان التحرير وسط العاصمة المصرية، يثار التساؤل: هل تحقق للمصريين ما كانوا يريدون، وما خرج بعضهم من أجله؟، وهل تحسنت أحوالهم المعيشية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والأمنية والسياسية؟، أم أنهم دفعوا ثمنا باهظا لذلك اليوم؟.
"احتفال هنا وحزن هناك"
وبالتزامن مع احتفال الإعلام الحكومي، بذكرى "30 يونيو"، تعيش مصر أياما حزينة على وقع مقتل 19 فتاة بين (13 و20 عاما) من قرية بمحافظة المنوفية (دلتا النيل)، في تصادم دام على الطريق الإقليمي الدائري، وقت خروجهن فجر الجمعة للعمل الموسمي في جني العنب.
متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أكدوا أن "تلك الحادثة كاشفة لما يعيشه المصريون من أوضاع اقتصادية مذرية، وأزمات مالية متفاقمة، وضغوط حياتية مع قرارات حكومية برفع الأسعار، زادت من معدلات التضخم ودفعت ببنات صغيرات إلى سوق العمل لكسب 130 جنيها في اليوم (2.6 دولار(".
ويحمَّل، مراقبون مسؤولية تلك الحادثة وما سبقها من فواجع مماثلة لـ"30 يونيو"، التي أتت برئيس النظام عبدالفتاح السيسي، الذي أمر بسرعة تنفيذ هذا الطريق الرابط بين القاهرة ومدن الدلتا ليفتتحه عام 2018، لينهار لاحقا بقطاعات عديدة ويسبب حوادث قاتلة أودت بحياة مصريين.
وقبل الحادث بأيام شهد الطريق الإقليمي حادثا أدى لمصرع 9 أشخاص وإصابة 7 آخرين، فيما سجل في آذار/ مارس 2020، مقتل 18 مصريا وإصابة 15 آخرين بعد تصادم عدة سيارات.
"مفارقة الأجور"
وفي المقابل، ينشر الإعلام الحكومي الذي تقوده الشركة "المتحدة للخدمات الإعلامية" التابعة لجهات سيادية تقارير يومية عن تحسن الأحوال المعيشية للمصريين، ضاربا المثل برفع الحد الأدنى للأجور في البلاد 10 مرات من 700 إلى 1200 جنيها عام 2014، حتى وصل 7 آلاف جنيه شهريا في آذار/ مارس 2025.
ما دفع خبراء ومختصين للتقليل من تلك الأرقام، مشيرين إلى تراجع قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية وتعويم الحكومة للعملة المحلية 4 مرات منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 وحتى آذار/ مارس 2024، مؤكدين أن الجنيه تراجع منذ (30 يونيو) من معدل 7 إلى 50 جنيها مقابل الدولار، حاليا.
وأوضحوا أن الحد الأدنى للأجور عام 2014 سجل 1200 جنيها حوالي (170 دولارا)، بينما وصل في الربع الأول من العام الجاري إلى 7 آلاف جنيها مسجلا نحو (140 دولارا)، بخسارة تقدر بـ30 دولارا في قيمة الأجر.
وهو ما يساوي نقصا بقيمة 1500 جنيها من متوسط إنفاق المواطن، ويؤكد تراجع القيمة الشرائية لأجور المصريين رغم رفع الأجور، وفق تأكيد النائب البرلماني السابق طلعت خليل، والكاتب خالد الأصور، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وبينما أشار البعض إلى أن "30 يونيو" كانت سببا في خفض الحد الأدنى للدخل الشهري من 208 دولارات عام 2013، إلى 138 دولارا، بينوا أن الزيادة التي أقرتها الحكومة على دخول الموظفين الرسميين أقل من قيمة خط الفقر للأسرة المصرية والمقدر بنحو 7180 جنيها شهريا.
وخسر الجنيه 85.7 بالمئة من قيمته مقابل الدولار منذ عام 2014 وحتى منتصف عام 2025، من (7.15 إلى 50.12 جنيها)، فيما تضاعف الدين الخارجي 4 مرات (من 43.2 مليار دولار في 2013 إلى 155.2 مليار دولار في 2025)،
"تناقض مثير"
وفي حديثهم عن تبعات "30 يونيو"، لفت مصريون إلى "تناقض أوضاع المصريين، وتفاوت الدخل بين الطبقات، واتساع الفجوة بين الفقراء والأثرياء، وتآكل الطبقة المتوسطة وتعاظم نسبة الطبقة الفقيرة".
وأشاروا إلى أن "هذا التناقض يبدو في حادث مقتل الـ19 فتاة الجمعة الماضية، أثناء خروجهن للعمل مقابل 130 جنيها، وبين سفر الأثرياء إلى مصايف الساحل الشمالي ومدينة العلمين الجديدة بالطائرة، بتكلفة 80 ألف جنيه للفرد".
ولفتوا إلى "حالة الإسراف في المشروعات الحكومية مع بناء العاصمة الإدارية الجديدة (59 مليار دولار وفق صحيفة "نيويورك تايمز"، ومدينة العلمين الجديدة وما تبعهما من مشروعات كالقطار الكهربائي بتكلفة 544 مليار جنيه، والمونوريل بتكلفة 26 مليار جنيه.
كما ألمحوا إلى "بند مصروفات نواب البرلمان الذين يصل عددهم 596 عضوا لمجلس النواب و300 لمجلس الشيوخ، عن العام المالي (2025-2026)، بلغ 2.308 مليار جنيه".
بينما معاشات تقاعد نحو 11.5 مليون مصري أقل من الحد الأدنى للأجور (7 آلاف جنيه)، إذ يتراوح معاش حوالي 80 بالمئة منهم بين 1500 و3 آلاف جنيه شهريا (من 30 إلى 60 دولارا شهريا)، ما يضع هذا العدد تحت خط الفقر العالمي البالغ تحديثه الأخير (6.85 دولارات) يوميا.
وعلى الجانب الآخر، يتمتع المتقاعدون من أفراد وضباط الجيش والشرطة، برواتب ومعاشات تقاعدية عالية ونسب زيادة سنوية لهما، وفق تعديل قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة، الذي أقره السيسي، نيسان/ أبريل 2020.
"تقليص الدعم ورفع الأسعار"
وفي ملف هام ويعاني منه المصريون طيلة 12 عاما، شهدت أسعار الوقود في مصر (البنزين، السولار، الغاز، والبوتاجاز) زيادات متتالية وكبيرة منذ عام 2013 وحتى منتصف عام 2025، وذلك كجزء من خطة الحكومة المصرية لخفض دعم المنتجات البترولية، كشرط من صندوق النقد الدولي لتمرير نحو 28.17 مليار دولار كقروض لمصر منذ 2016 حتى 2024.
نتيجة لذلك ارتفعت أسعار البنزين والوقود والمحروقات 11 مرة من حزيران/ يونيو 2014 وحتى نيسان/ أبريل 2025، ليصل "بنزين 80"، 15.75 جنيها للتر، و"بنزين 92"، 17.25 جنيها للتر، و"بنزين 95"، 19.00 جنيها للتر، والسولار 15.50 جنيها للتر، وأسطوانة البوتاجاز 200 جنيها.
ومنذ "30 يونيو 2013"، ومع سياسات حكومية أثرت على حصيلة البلاد من العملة الصعبة ودفعت للاقتراض الخارجي شهدت أسعار الدواء ارتفاعات متتالية بأعوام 2015، الذي شهد رفع أسعار 800 صنف دوائي، لتقر الحكومة مطلع 2017 زيادة سعرية 15 بالمئة للأدوية المحلية و20 بالمئة للمستوردة، ثم زيادة أخرى 50 بالمئة في أيار/ مايو من نفس العام، مع زيادة أسعار 200 صنف دوائي منتصف 2024 بنسبة بين 20 و25 بالمئة.
"قيود وفساد وقتل وانتحار"
ومنذ "30 يونيو"، فرضت السلطات قيودا على المشاركة السياسية والعمل العام والجمعيات الأهلية والأحزاب ووالحريات، كما أصدرت قوانين أثرت على وضع هذه الكيانات بينها (70 لسنة 2017)، و(149 لسنة 2019).
وحظرت وزارة التضامن 1047 منظمة بدعوى ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين، فيما طالت أعداد أخرى قرارات الحل، والتجميد، والإغلاق، مع اعتقال قيادات وأعضاء بحزب "الحرية والعدالة"، و"مصر القوية"، و"الدستور"، و"الكرامة"، وغيرها.
وعلى الجانب الآخر، تحل مصر بموقع متأخر بـ"مؤشر مدركات الفساد"، حيث جاءت عام 2013، بالمرتبة 114، لتأتي عام 2024، بالمرتبة 130، مع بقائها في نطاق دول تعاني مستويات عالية من الفساد، في ظل غياب الرقابة، والتضييق على المجتمع المدني والإعلام، وغياب استقلال القضاء، والإفلات من العقاب.
الضغوط المادية والاقتصادية والديون والإسراف والفساد الحكومي، دفعت جميعها إلى الكثير من وقائع الانتحار وحوادث مروعة بقتل أمهات وآباء لأطفالهم.
وفي 23 حزيران/ يونيو الجاري، قتلت سيدة أطفالها الثلاثة خنقا بحي الشروق الراقي شرق القاهرة، إثر تعثرها المادي، وهي الواقعة التي تكررت بالأعوام الماضية بتفاصيل مماثلة ومع أوضاع اقتصادية خانقة، بينها في آذار/ مارس الماضي بمنطقة أبوزعبل (شمال القاهرة).
وتأثرا بعوامل نفسية واقتصادية واجتماعية، أقدم 3800 مصري على الانتحار عام 2016، فيما كشفت إحصائية عام 2021 انتحار 2584 شخصا، ليشهد 2024، 322 حالة.
"إفقار وتجهيل وتهميش"
وفي تعليقه على السؤال: كيف دفع المصريون ثمنا باهظا منذ 30 يونيو، ولمدة 12 عاما، من أحوالهم المعيشية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والأمنية والسياسية؟، تحدث الكاتب والباحث المصري محمد فخري، إلى "عربي21".
وقال: "لا شك أن المصريين قد دفعوا ثمنا باهظا غير متوقع لدى أكثر المتشائمين، وربما ظن معظمهم أن ما حدث في (30 يونيو) هجمة مرتدة من قوى الثورة المضادة، وانقلاب قد يُفقد البلاد فرصة بناء دولة مؤسسية حديثة، نعتمد فيها على أركان وأساسات أمة ذات حضارة عظيمة".
وأضاف: "تخيل البعض أن فرصة النهضة قد ضاعت؛ ولكن لم يتخيل أحد أن يصل الشعب المصري إلى هذا المنحدر من الإفقار والتجهيل والتهميش والتجريف الاقتصادي والاجتماعي والحضاري".
وتابع: "نستطيع أن نقول إن تلك الفترة من تاريخ مصر ستنضم إلى فترات الانحطاط والتردي التي عانت منها الأمة المصرية خلال تاريخها".
ولفت إلى أنه "تم سحق أغلبية المواطنين اقتصاديا وتهميشهم سياسيا واجتماعيا، ومع فتح بوابات الاستدانة على مصرعيها، وانهيار القيمة السوقية لعملة البلاد واستشراء الفساد وتقنينه؛ تم التفريط في العديد من الأصول والمقومات الاستراتيجية التي لا تقدر بمال؛ جاء بالتوازي مع هذا الانهيار الذي تم على مستوى المشاركة السياسية والحريات والصحافة والنشر والتعبير عن الرأي".
ومضى يؤكد أنه "بالطبع قد انعكست تلك الأمراض العضال التي لحقت بالواقع المصري على وضع الدولة وانحسار دورها وتأثيرها الخارجي، حتى في الملفات التي كُتبت على مصر جغرافيا وتاريخيا، كملفات القضية الفلسطينية، والمسألة السودانية، إضافة إلى الملف المصيري وهو ملف نهر النيل".
"بين منتفع ودافع للثمن
من جانبه، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية أحمد جاد، قال إن "السعودية والإمارات من دعمتا (30 يونيو) بأموالهما حفاظا على عرشيهما ووأدا للديمقراطية في مصر"، مؤكدا لـ"عربي21"، أن "خسائر الشعب المصري كبيرة".
ولفت أولا، إلى "انقسام الشعب قسمين، قسم منتفع ومع السلطة، وآخر يدافع عن الديمقراطية والحرية، والأخير من دفع الثمن غاليا من قتل، واعتقال، وفصل من الأعمال، وملاحقات أمنية داخل وخارج الوطن".
وأشار إلى أن "الطبقة الوسطى تلاشت، وبينما تعاني الطبقة الثرية من التخمة تتضور الأخرى جوعا، وصارت قدرتها على توفير متطلبات الحياة شبه مستحيلة، ما دفع نحو استغلال الفقراء بشحنهم في المناسبات التي يسمونها وطنية مقابل وجبة طعام و200 جنيه".
وأكد أنه "بعد (30 يونيو) يوجد أكثر من 120 ألف أسرة ونحو 600 ألف مصري يعانون مع اعتقال أعز من عندهم في سجون السيسي، بخلاف شهداء الانقلاب بمجازر رابعة العدوية، والنهضة، وقبلهما: الحرس الجمهوري، والمنصة، ومعظم ميادين مصر من الإسكندرية حتى المنصورة".
وأضاف: "منذ (30 يونيو) أصيب الشعب بالهم وتلاشت الأفراح وكثرت الجنائز مع حوادث الطرق، للقطارات، للتصفيات الأمنية بحق المدنيين خارج القانون وبحجة الإرهاب".
"خطط إفقار.. وتخريب ممنهج"
ويعتقد جاد، أن "كل هذا كان مدبرا ومخططا له بأحكام من قبل نظام مدعوم من الإمارات وكذلك إسرائيل"، ملمحا إلى دورهما في "ضياع حصة مصر في مياه النيل على يد السيسي، رغم أنه شريان حياة مصر الزراعية".
وواصل: "لذلك قام بتعطيل مصانع الأسمدة والكيماويات اللازمة للزراعة، وبيع حصص منها للإمارات التي أصبحت المتحكم الأول بمستقبل مصر الزراعي، وتتحكم في أسعار الأسمدة والكيماويات، اللازمة للزراعة".
وأكمل رصده قائلا: "لقد أغرقت (30 يونيو) مصر بديون لا حصر لها، حتى لا تفيق ولا تنهض وسط الأمم، وروج رأس النظام لمشروعات وهمية ليست لصالح المواطن، بل لصالح جنرالات الجيش والشرطة، ما أدى لارتفاع الأسعار وتردي الحالة المعيشية".
وتساءل: "ما فائدة عمل مزارع سمكية (تابعة للجيش) في بلد تطل على البحرين الأبيض والأحمر، ونهر النيل؟، ولماذا لم يتم تدشين أساطيل صيد بدلا من استيراد الأسماك من تايلاند وروسيا؟"، منتقدا "وقف الصيد في بحيرة البردويل في سيناء لصالح مزارع أسماك الجنرالات، وارتفاع أسعار الأسماك بشكل جنوني".
ومضى يؤكد أن "هذا الرجل جاء مع (30 يونيو) لتخريب ممنهج ومدروس ومعد له بخطط طويلة وقصيرة المدى لإفقار الشعب، حتى يظل تحت نظام الحكم الجبري إرضاء لإسرائيل وحفاظا على أمنها، وإرضاء لأنظمة عربية".
ولفت إلى "واقعة مقتل 19 فتاة بحادث الطريق الإقليمي الجمعة الماضية، وبينهما طالبة بكلية الهندسة"، مؤكدا أن "ما دفعها للعمل بيومية 130 جنيها لتفقد حياتها و18 فتاة أخرى، سوى الفقر المدقع الذي تعاني منه البلاد والعباد؟".
وتساءل: "من الذي جعل المصري بالخارج مهانا، ولا يحصل على ربع أجره، ويعامل معاملة مهينة؟"، ملمحا إلى أنها إحدى نتائج (30 يونيو)".
وأضاف: "حتى الأشجار لم تسلم من الإزالة من الساحات والحدائق"، مؤكدا أن "الناس فاض الكيل بها، لكن هناك فرعون وحاكم وسياف يقطع كل رأس ترتفع ولسان يتكلم".
وأعرب عن مخاوفه من سوء أوضاع أشد، ملمحا إلى "عدم قدرة الشباب والبنات على الزواج، وتجمد الحياة الاجتماعية مع تفاقم غلاء متطلبات الزواج وزيادة الفقر وتفشي المرض، الذي يقابله بيع وتخصيص وإسناد إدارة المستشفيات للقطاع الخاص وتحولها لأسعار سياحية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية 30 يونيو مصر مرسي السيسي مصر الإنقلاب السيسي مرسي 30 يونيو المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ملیار دولار الحد الأدنى ثمنا باهظا جنیها للتر آلاف جنیه إلى أن
إقرأ أيضاً:
أنتم السند الحقيقي.. رسائل قوية من الرئيس السيسي للمصريين في ذكرى 30 يونيو
وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورسال قوية للمصريين بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لثورة الثلاثين من يونيو.
وقال الرئيس السيسي" الشعبَ المصري العظيم، نحتفل اليوم بذكرى ثورة الثلاثين من يونيو، تلك الثورة الخالدة التي شكلت ملحمة وطنية سطّرها أبناء مصر، توحدت فيها الإرادة، وعلت منها كلمة الشعب، وقررت الجماهير استعادة مصر، وهويتها، وتاريخها، ومصيرها، لتقف في وجه الإرهاب والمؤامرات، وتكسر موجات الفوضى، وتحبط محاولات الابتزاز والاختطاف، وتُعيد الدولة إلى مسارها الصحيح".
لقد كانت ثورة الثلاثينَ من يونيو نقطة الانطلاق نحو الجمهورية الجديدة.. ومنذ عام ٢٠١٣، تُسطر مصر تاريخًا جديدًا، لا بالأقوال، بل بالأفعال، ولا بالشعارات، بل بالمشروعات، ولم يكن الطريق سهلاً، بل واجهنا الإرهاب بدماء الشهداء وبسالة الرجال، حتى تم دحره بإذن الله، وتصدينا للتحديات الداخلية والخارجية.. ومضينا في طريق التنمية الشاملة وبناء مصر الحديثة بسواعد أبنائها الشرفاء، أسّسنا بنيةً تحتيةً مُعتبرة، وها نحن اليوم نُشيِّد، ونُعمِّر، ونُحدّث، ونطور، ونُقيم على أرض هذا الوطن صروحًا من الانجازات، تبعث على الأمل، وتتمسك بالفرصة في حياة أفضل.
وأوضح “ أُخاطبكم اليومَ والمنطقة بأسرها تئن تحت نيران الحروب، من أصوات الضحايا التي تعلو من غزةَ المنكوبةِ؛ إلى الصراعات في السودانِ وليبيا وسوريا واليمن والصومال، ومن منبر المسؤولية التاريخية، أُناشدُ أطراف النزاع، والمجتمع الدولي بمواصلة اتخاذ كل ما يلزم، والاحتكامِ لصوتِ الحكمةِ والعقل، لتجنيب شعوب المنطقة ويلات التخريب والدمار”.
وقال إن مصرَ، الداعمة دائماً للسلام، تؤمنُ بأنَّ السلامَ لا يولد بالقصف، ولا يُفرض بالقوة، ولا يتحقق بتطبيع ترفضه الشعوب، فالسلام الحق يُبنى على أسس العدل والإنصاف والتفاهم، وإن استمرارَ الحربِ والاحتلال، لن يُنتج سلامًا، بل يغذي دوامةَ الكراهيةِ والعنف، ويفتحُ أبوابَ الانتقامِ والمقاومة .. التي لن تُغلق.. فكفى عنفاً وقتلاً وكراهية، وكفى احتلالاً وتهجيراً وتشريداً.
وأشار إلى أن السلام وإن بدا صعب المنال، فهو ليس مستحيلاً، فقد كان دوماً خيار الحكماء، ولنستلهم من تجربة السلام المصري الإسرائيلي في السبعينيات التي تمت بوساطة أمريكية، برهانًا على أن السلام ممكن إن خلُصت النوايا، وإن السلام في الشرق الأوسط، لن يتحقق إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية.
وتابع" أبناء الوطن الأوفياء، أنتم السند الحقيقي، والدرع الحامي، والقلب النابض لهذا الوطن.
قوة مصر ليست في سلاحها وحده، بل في وعيكم، وفي تماسك صفوفكم، وفي رفضكم لكل دعوات الإحباط والفرقة والكراهية، نعم، الأعباء ثقيلة، والتحديات جسيمة، ولكننا لا ننحني إلا لله "سبحانه وتعالى"، ولن نحيد عن طموحاتنا في وطنٍ كريم، أشعر بكم وأؤكد لكم، أن تخفيف الأعباء عن كاهلكم، هو أولوية قصوى للدولة، خاصةً في ظل هذه الأوضاع الملتهبة المحيطة بنا.
أُرسل بتحية إجلال ووفاء، إلى أرواح شهدائنا الأبرار، الذين سقوا بدمائهم الزكية، تراب هذا الوطن، فأنبتت عزًّا وكرامة.
وأُقبّل جبين كل أمٍّ وأبٍ وزوجةٍ وطفلٍ، فقدوا من أحبّوا، ليحيا هذا الوطن مرفوع الرأس.
كما أتوجّه بالتحية والتقدير، إلى قواتنا المسلحة الباسلة، حماة الأرض والعِرض، درع الوطن وسيفه، وإلى أعضاء هيئة الشرطة المدنية الأوفياء، الذين يواصلون دورهم في حفظ أمن الجبهة الداخلية، وإلى كل أجهزة الدولة التي تواصل الليل بالنهار في خدمة أبناء هذا الشعب العظيم.
هذه هي مصر الشامخة أمام التحديات، مصر التي تبنى بإرادة شعبها، وتحيا بإخلاص أبنائها.
وباسمكم جميعًا، أقول وأكرر، وبالله تحيا مصر… تحيا مصر… تحيا مصر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.