السودان في حالة عدم استقرار كامل ، وكأنه يتعرض لزلزال ، يصعب السيطرة على كل ما فيه ، وهو بحاجة للاستقرار اولاً ، حتى تتحدد الأولويات وتًستثمر الطاقات ، وحتى يأتي ذلك الزمان فمن الضروري ان نساعد في سرعة استقراره بالإيجابية كل حيث كان ، وان نتجاوز نحن ابناؤه السلبية وأن نخرج من حالة الاستغراق في الماضي ، وان نبحث عن الأفضل فيه لنبني عليه ، وعمّا تلف فنركمه بعيداً.
في حالة الزلزال ، ينجو الذين لا يذهلهم الحدث ويتماسكون و يختارون مواقع صلبة فيحتمون بها ، ويهلك ما دون ذلك، ونحن في وسط هذا الزلزال الذي دمّر الحياة كما نعرفها للابد ، تماسكنا لأول مرة كأمة تولد من جديد ، فمن قبل لم نكن إلا شعوباً جمعتها الجغرافيا ، وأما اليوم فهي أمة وحدّها الألم والحزن والفقد ، جماعات اكتشفت ان العدو والعدوان وحّدها ، ورغم قُبح الحرب لكنها تعرّفت على هذا البلد ، وببعضها .
ليلتفت كل منكم فينظر بين اهله وجيرانه واصدقائه سيجد أنهم استعصموا في رحلة الهروب بارواحهم وأعراضهم من المليشيا بجزءٍ من السودان ما كانوا سيرونه لولا هذه الحرب ، وفي مسيرة الخوف هذه بقدر ما كان هناك جشعون كان الغالبية أخيار ، فنحن لسنا ملائكة ، سيكتشف اهل الفاشر في رحلة الهروب الشاقة ان الشمال الذي سمعوا عنه ليس كالذي رأوه ، فهو أكثر تخلفاً من عاصمة السلطان وغيرها من مدن دارفور ، واكتشف اهل الشمال ان الفاشر التي سمعوا عنها قريبة منهم وهي صمام امنهم .
اكتشف اهل الجزيرة في رحلة هروبهم من ديارهم وقراهم ان نهر النيل هي صمام امنهم كما أمدرمان لأهل بحر ابيض…
اكتشف السودانيون حتى في نيالا والضعين انهم في نظر الغرباء سواء ، مستباحة ارواحهم وأموالهم وأعراضهم ، ..
اكتشف السودانيون ان النميري وجعفر محمد علي بخيت حين أطاحا بالإدارات الأهلية كان يبصران بعين توحيد الدولة وتقوية بنيانها الإداري ، بينما نظرت الإنقاذ بعين ترى ان الإدارة الأهلية هي ظل الدولة حيث لا ظل لها ، ولكن ثبت ان معظم قادة هذا المكوِّن كانوا صغاراً جشعين ، اعتادوا ان يكونوا يداً سفلى لمن يشتريهم ولاءً وضمائر خربة بحفنة مال وعصا ..ويستثنى منهم رجال وقفوا كفرسان وانتصروا كابطال .
أيها السودانيون نحن في مركب قويٌ عوده ، يتمايل في بحرٍ لُجيّ ، وقد ثقب عدة ثقوب كلٌ منها كفيل بإغراقه ، فأما ان نغرق جميعاً او ننجو جميعاً ، ولذلك على كلٍ منا ان يلتفت إلى الثقب الذي يجاوره فيغلقه ، وثقوب بلادنا هي شهوة الحكم وشهوة الشهرة وشهوة المال ، ثقوب بلادنا هي الصمت عن الخطأ حياءً ، والمسامحة حيث لاينبغي ، وأكبر ثقوبنا إدعاء المعرفة وعدم إتقان المهن والتصنّع ، واخطرها هو تفرّق عِصينا ورماحنا ، وسهولة استغفالنا ، وغياب الدولة بسلطانها ، وغياب القانون والحِساب، لقد تشتت شملنا واستًبحنا لأننا غفلنا عن
“وضع الندى في موضع السيف بالعلا
مضر كوضع السيف في موضع الندى”
خطأ كارثي .
أيها السودانيون دعونا نعود كما كنّا ، نًعين بعضنا نفيراً و نجدة ، دعونا نربّت على ظهور بعضنا سنداً وطمأنة ، فلنعد كما كنا متعارفين متآلفين ، نكرم الغريب وان طالت إقامته ، دعونا نلفظ كل اذىً بيننا ، دعونا نتعلم ، فدرسنا هذا كان بالدماء وبصرخات المعذبين وانّات المحتضرين وهم عطشى يسألون جرعة ماء ، درسنا هذا كان بأعراض مختطفات ومقتولات وأسيرات ومهانات ، امهات وأخوات …
درسنا القاسي تلقيناه في مناخ الخوف والرعب ، ونحن في صفٍ طويلٍ بين جماعات الهاربين في طرق يحُفًّها الموت و جثث الأطفال وكبار السن والمرضى ..
دعونا نعبر هذا الزلزال ، لنبنيّ وطناً قويّاً ،لايهرب الاخيار من خدمته خوفاً على سمعتهم وراحة بالهم ، ويتمكن منه الشِرار ، دعوا مركبنا يمخر العباب بأمان وبإصرار منا ودأب حتى نصل لليابسة .
د. سناء حمد
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
عيد ميلاد مايك تايسون.. قصة اعتناقه الإسلام ولماذا أطلق على نفسه “مالك”
يحتفل اليوم الـ 30 من يونيو نجم الملاكمة على مر التاريخ مايك تايسون بعيد ميلاده وهو الذى يحظى بشهرة واسعة اكتسبها من داخل حلبة الملاكمة حتى دخوله لعالم التمثيل من خلال قائمة طويلة من الأفلام.
وهو ما جعله محط أنظار المنتجين لاستغلال شعبيته في عالم الملاكمة من أجل المشاركة في الأفلام، بفضل أرقامه القياسية فى عالم الملاكمة.
هذا وقد اهتمت المواقع والصحف العالمية قبل سنوات بقصة اعتناق مايك تايسون الإسلام، والذى نسترجع ذكرياتها خلال السطور التالية على لسانه في إحدى مقابلاته التليفزيونية الذي قال فيها إنه شأن كل المشاهير كان يتعرض دومًا لاستفزازات الإعلام وعدسات مصوري الباباراتزى.
الأمر الذى لم يتأقلم معه ليحاول قدر الإمكان الابتعاد عن تلك الأجواء، حتى فوجئ بتهمة الاغتصاب مرفوعة ضده من ملكة الجمال (ديزايرى واشنطن)، والذى وصفها بأنها مُلفّقة للانتقام من نجاحاته، ما تسبب في دخوله السجن ليتعرف على بعض الأشخاص الذين أقنعوه باعتناق الإسلام.
تايسون استرجع تلك الذكريات ووصفها بأنه لم يكن يتعرف على دين الإسلام رغم معرفته المسبقة بأن مثله الأعلى (محمد علي كلاى) اعتنقه، موضحاً في الحوار الذى نشر له بأن السجن قضى على غروره، ومنحه فرصة للتعرف على الإسلام وإدراك تعاليمه السمحة التي كشفت له عن حياة أخرى لها طعم مختلف.
كما أكد أن الإسلام أمده بقدرة فائقة على الصبر، وعلمه شكر الله حتى على الكوارث، ومن ثم قرر اعتناق الإسلام واختار لنفسه اسم (عمر عبدالعزيز) قبل أن يغيره فيما بعد إلى مالك عبدالعزيز، باعتبار أن اسم مالك هو الاسم الإسلامى المقابل لاسم مايك.
أيضاً أكد أنه أعجب بالإسلام بعدما وجد فيه إجابات عن كل الأسئلة عن الحياة والموت، وأشد ما أقنعه في القرآن أنه يحترم الديانتين اليهودية والمسيحية.
اليوم السابع
إنضم لقناة النيلين على واتساب