مع اقتراب الموسم السياحي الصيفي في سلطنة عمان، وفي عصرنا الرقمي المتسارع تتجه الأنظار نحو وسائل التواصل في إبراز المقومات السياحية المتنوعة التي تزخر بها السلطنة من الطبيعة الخلابة إلى التراث الثقافي الغني، وأصبحت منصات ووسائل التواصل من أبرز الأدوات التي تستخدم في الترويج للمواقع والوجهات السياحية، وتجاوزت هذه المنصات دورها التقليدي كوسائل للتواصل بين الأفراد لتصبح أداة ووسائط فعالة في إيصال الرسائل الترويجية إلى الجمهور المحلي والدولي وذلك من خلال نشر الصور والفيديوهات والتجارب الشخصية التي تعكس جماليات المواقع السياحية.

إذ يسهم المحتوى المرئي والتفاعلي الذي ينشر على المنصات في رفع مستوى الوعي السياحي وتحفيز الاهتمام بالوجهات السياحية العمانية، خاصة في المناطق الجبلية والساحلية التي تشهد إقبالا واسعا خلال فصل الصيف مما يؤدي إلى تنشيط الحركة السياحية وزيادة الإقبال على الوجهات الجديدة ودعم الاقتصاد المحلي للمناطق السياحية. ونتناول في هذا الاستطلاع آراء بعض المرشدين السياحيين والمواطنين حول محور دور وسائل التواصل في تعزيز الوعي بالأماكن السياحية.

المحتوى البصري

يقول عبدالله بن منصور السلماني: «تؤدي الصور والفيديوهات دورا محوريا في الترويج للمواقع السياحية وتعزيز حضورها في أذهان الجمهور، بفضل قدرتها الفائقة على إيصال الجمال والإحساس بشكل مباشر وفوري. فالإنسان، بطبيعته، كائن بصري، يتفاعل بسرعة مع المؤثرات المرئية، وغالبًا ما يُستمد الانطباع الأول عن أي وجهة سياحية من صورة باهرة أو مقطع فيديو مؤثر عندما تُستخدم صور عالية الجودة تُبرز سحر الطبيعة، وروعة العمارة، وثراء الثقافة المحلية، فإنها لا تكتفي بجذب الأنظار فحسب، بل تثير في النفس شغف الاستكشاف ورغبة التجربة. فالمحتوى المرئي الجيد ليس مجرد وسيلة عرض، بل أداة إقناع، وقد ساهمت تقنيات التصوير الحديثة، وعلى رأسها التصوير الجوي باستخدام الطائرات دون طيار (الدرون) في إحداث نقلة نوعية في طريقة تسويق الوجهات السياحية، فاللقطات الجوية توفّر منظورا بانوراميا شاملا، وتكشف عن زوايا جديدة قد يصعب الوصول إليها بالطرق التقليدية، ما يمنح المتلقي تجربة بصرية فريدة ومبهرة. هذه المشاهد اللافتة لا تُظهر المكان فقط، بل تروي قصته وتمنحه شخصية مميزة في ذهن المشاهد. ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح المحتوى البصري قوة لا يُستهان بها. فالمنصات مثل إنستجرام، ويوتيوب، وتيك توك تحوّلت إلى ساحات عرض عالمية، يشارك فيها السياح تجاربهم المصوّرة بكل عفوية، ليصبحوا بذلك مسوّقين غير مباشرين للوجهات التي زاروها. هذه المشاركات، بما تحمله من مشاعر وتجارب حقيقية، تعزّز من مصداقية الوجهة وتزيد من رغبة الآخرين في خوض التجربة ذاتها. في النهاية، يُمكن القول: إن الصورة اليوم ليست فقط بألف كلمة، بل قد تكون المفتاح الأول لجذب آلاف الزوّار والسياح».

ويضيف أويس بن محمد البوسعيدي: «من واقع شخصي، دائما ما أرى أن الصور ومقاطع الفيديو وكما تسمى بالمحتوى المرئي أو البصري هي التي تجذب الزائر والسائح وتشده نحو ذاك المكان والموقع السياحي، وبفضل هذه الآليات الترويجية أصبح كثير من المواقع السياحية يحظى باهتمام واسع، حتى في المناطق الأقل شهرة، وذلك بسبب الانتشار السريع للمحتوى البصري عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستجرام ويوتيوب وتيك توك، حيث يتحول السائح إلى مسوّق غير مباشر بمجرد مشاركته لتجاربه المصورة وغالبًا ما يكون الانطباع الأول عن أي موقع سياحي مستمدًا من صورة أو مقطع فيديو. لأنها تثير فضول السياح وتحفز لديهم الرغبة في الاستكشاف والزيارة لذلك المكان».

أدوات الترويج

وتتنوع أشكال الترويج السياحي على منصات التواصل لتشمل الإعلانات وعرض التجارب الشخصية والوسوم جنبا إلى جانب مع الفيديوهات والصور، وفي هذا الصدد يقول حمد بن محمد الهديفي: «إن الوسوم (الهاشتاق) تُعد من أهم الأدوات في عالم التواصل الاجتماعي، فهي لا تقتصر فقط على تصنيف المحتوى، بل تسهم بشكل مباشر في رفع مستوى التفاعل والوصول في المجال السياحي، كما تؤدي الوسوم دورا جوهريا في تسليط الضوء على المعالم السياحية؛ فعند استخدام وسوم مثل #Explore Oman أو #Visit Salalah، يُصبح المحتوى السياحي أكثر قابلية للاكتشاف من قِبل مستخدمين من مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى أن الوسوم توجد نوعًا من المجتمعات الرقمية حول موضوعات مشتركة، بحيث يستطيع الناس من خلفيات وثقافات مختلفة تبادل تجاربهم حول الوجهة السياحية نفسها باستخدام الوسم» مضيفا: «كما تُعد أداة قوية للجهات الرسمية والشركات السياحية في تتبع مدى انتشار حملاتهم الترويجية، ومعرفة توجهات الجمهور واهتماماته. وباستخدام وسوم مبتكرة وجذابة، يمكن بناء هوية رقمية للموقع السياحي، وتحفيز الزوار على المشاركة بتجاربهم الشخصية، مما يوجد موجة من التفاعل التلقائي الذي يُعزّز الوعي السياحي بشكل كبير، ويُسهّل على المستخدمين الوصول إلى كل ما نُشر تحت هذا الموضوع من صور، فيديوهات، وتجارب شخصية وبالتالي فإن هذا التجميع يساعد المسافرين والمهتمين على استكشاف المعالم من زوايا مختلفة، ويوفر مصدر إلهام وأفكار لخطط السفر. في نتائج البحث، ما يؤدي إلى انتشار أوسع وتأثير أكبر كما أن استخدام الوسوم الرسمية في الحملات السياحية يسهم في رفع الوعي بالموقع السياحي المستهدف، ويعزز من فرص ظهوره على الجمهور المحلي والعالمي».

أساليب الترويج

يمكن للمرشد السياحي استخدام وسائل التواصل في تعزيز ودعم دوره في الإرشاد السياحي، فكما يقول المرشد السياحي صالح بن خميس العيسري: «يمكننا نحن المرشدين السياحيين استثمار وسائل التواصل بشكل أكثر فاعلية في الترويج للسياحة المحلية أو في المواقع الأقل شهرة ومعرفة من ناحية السياحة وذلك عن طريق الإعلانات الرقمية في اليوتيوب والأندية الرياضية والمسابقات العالمية وفي الدور السينمائية في العالم وفي الملصقات الإعلانية في حافلات النقل والقطارات في دول العالم وعلى الجهة المسؤولة عن السياحة تدريب المرشدين أو العاملين في القطاع السياحي على استخدام وسائل التواصل في الترويج السياحي لتعزيز وعي الناس بالمواقع السياحية وأهمية تنشيط السياحة وذلك باعتبار المرشد سفيرا وممثلا للبلد في القطاع السياحي ولا بد أن يكون على جاهزية ومعلوماتية وجغرافية عن المواقع السياحية واحترافية الترويج لها باستخدام وسائل التواصل، كما يمكن أن تكون هناك عروض للزوار والسياح للمقاصد السياحية».

من جانبه يقول خالد العامري، مرشد سياحي باللغة الألمانية: «لا ريب أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أداة قوية في الترويج للسياحة، خاصة بين فئة الشباب الذين يبحثون عن تجارب جديدة وبتكاليف أقل، وأحيانا حتى كبار السن يتأثرون بها ويتخذون قرارات السفر بناءً على ما يرونه في هذه المنصات. ومن خلال عملي كمرشد سياحي للوفود الناطقة بالألمانية، كثيرًا ما يثير فضولي سؤال السائح: لماذا اختار عمان تحديدًا؟ وكثيرا ما أجد أن البداية كانت صورة على الإنستجرام أو فيديو في اليوتيوب لموقع طبيعي أو مشهد تراثي لفت انتباههم. ومع ذلك، فوسائل التواصل ليست دائمًا المدخل الوحيد، لكنها أصبحت أحد المحفزات القوية. لكن في المقابل، هناك بعض التحديات. أذكر أنني قدت مجموعة سياحية سويسرية بسيارة من مسقط إلى صلالة مرورًا بالساحل، وكان سبب هذه الرحلة أن إحدى السائحات شاهدت صورًا لشواطئ الأشخرة وخلوف وغيرها في ذلك الطريق، وأصرّت المجموعة على زيارة شلال عين كور، رغم أن الشلال لا يظهر إلا في موسم الخريف مثلما حاولت إقناعهم. ذهبنا ولم نجد قطرة ماء، وكانت خيبة الأمل واضحة. هذا مثال على أن بعض المحتوى في وسائل التواصل يُروّج دون سياق، ما يخلق تصورات غير دقيقة. كذلك هناك نقص في المعلومات حول العادات المحلية، مما قد يؤدي إلى سلوكيات غير مناسبة من قبل الزوار، كعدم الالتزام باللباس المحتشم أو التصرفات التي تُعد مخالفة للذوق العام في عمان. في المجمل، أرى وسائل التواصل الاجتماعي أداة إيجابية وفاعلة في الترويج السياحي، بشرط أن نستخدمها بمسؤولية، وأن نُرفق المحتوى بالمعلومة الصحيحة، ونشجع على احترام ثقافة المكان والحفاظ على المواقع السياحية».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التواصل الاجتماعی المواقع السیاحیة وسائل التواصل فی فی الترویج التی ت

إقرأ أيضاً:

حفلات التخرج الخاصة.. عرف فرضه مجتمع وسائل التواصل

العين: منى البدوي

بذخ وخروج عن نطاق المعقول، تحت مسمى «حفل تخرج»، يقيمه الأهالي لأبنائهم، حيث لا تكتفي بعض الأسر بالحفل الذي تقيمه المؤسسة التعليمية للطلبة الخريجين، بهدف مشاركتهم الفرحة وتحفيزهم لمواصلة المشوار الدراسي، بل عمدت إلى إقامة حفلات خاصة ترتدي ثوب حفلات الزفاف، سواء في التجهيزات داخل قاعة الاحتفال، أو الاستعدادات المصاحبة من ملابس وبوفيه عشاء وفرق فولكلورية.

بالرغم من أن مشاركة الطالب وأسرته فرحة التخرج تكون لها انعكاسات إيجابية نفسية واجتماعية، فإن الخروج عن نطاق الإمكانات المادية قد يسبب ضغطاً على ولي الأمر، ويرى البعض أن حفلات التخرج الخاصة التي يقيمها بعض الأسر للاحتفاء بأبنائهم، باتت عرفاً فرضه مجتمع وسائل التواصل الاجتماعي الذي بات مضماراً للتنافس في عرض الإمكانات المادية والمكانة الاجتماعية.

50 ألف درهم

ارتدت حفلات التخرج الخاصة، التي غالباً ما يتم عرض مقاطع منها على وسائل التواصل الاجتماعي للتباهي والتفاخر، ثوب حفلات الزفاف، ليس فقط من حيث إرسال بطاقة دعوة إلكترونية تتضمن اسم الفندق أو القاعة والموعد المحدد للحفل وبوفيه العشاء والفرق الفولكلورية وترتيبات القاعة، وإنما من حيث التكلفة المالية التي قد تصل إلى 50 ألف درهم، بحسب ما أشار البعض، وهو إجمالي المدفوع الذي يتضمن التجهيزات داخل الصالة والاستعدادات المصاحبة التي يحتاجها أفراد الأسرة من ملابس وغيرها.

وقالت رشا درويش، موظفة، من الطبيعي أن نحتفل بإنجازات أبنائنا ضمن حدود المعقول والإمكانيات ودون الخروج عن نطاق ثقافتنا المحلية، وذلك لتحقيق عدة أهداف، أولها إفساح المجال لجميع أفراد العائلة للمشاركة في الفرح، وهو ما يسهم في بث مشاعر الفرح في نفس الخريج وشحذه بالهمة لمواصلة مشواره التعليمي أو العملي وأيضاً إشعاره بالإنجاز الذي حققه.

وأضافت أن ما نراه اليوم من مظاهر دخيلة امتدت لحفلات التخرج، يجعلنا نشعر بالاستياء، وهو ما أعتقد أن أسبابه تعود إلى وسائل التواصل الاجتماعي، والتي خلقت عرفاً دخيلاً على مجتمعنا يتمثل بضرورة إقامة حفل فاخر جداً، وإن كان ذلك يفوق الإمكانيات المادية أو يدفع ولي الأمر للاقتراض.

وأكدت ضرورة أن يكون ولي الأمر على درجة عالية من الوعي، والاكتفاء بالحفل المدرسي أو إقامة حفل عائلي بسيط يُشعر الطالب بإنجازه وهو ما سيحقق العديد من الأهداف المعنوية المرجوة.

الرغبات والإمكانيات

ذكرت فادية سويدان، موظفة، أن حفلات التخرج باتت عرفاً رائجاً بين أفراد المجتمع، وذلك لأن الحفلة التي تتم إقامتها في المؤسسة التعليمية تقتصر على الطالب وأسرته، بينما حفل التخرج يجمع الأهل والأصدقاء الذين يرغبون بمجاملة أسرة الطالب وتقديم التهاني لهم.

وأشارت إلى أنه بالرغم من إيجابيات إقامة حفل يجتمع فيه الضيوف في يوم واحد، فإن البعض بدأ يأخذ منحنيات أخرى من حيث الهدف الرئيسي وهو المشاركة في الفرحة وتقديم المجاملات، وذلك بالمبالغة في دفع تكاليف الصالة وأعداد الضيوف وإكسسوارات الزينة والهدايا الرمزية التذكارية التي يتم تقديمها للضيوف وغيرها.

وقالت إن الأسرة يجب أن تكون قادرة على التنسيق ما بين رغبات الابن وإمكانياتها المادية، بحيث لا يكون الظهور بمستوى اجتماعي مرتفع على حساب ضغط الأسرة، خاصة أن التكاليف لا تقتصر فقط على الاستعدادات داخل القاعة، إنما تمتد للملابس وتكاليف التزيين بالصالونات النسائية وغيرها من التحضيرات الأخرى المصاحبة لأي حفل.

المبالغة

قالت عبير صبري، ولية أمر، إن ابنتها تطالبها بإقامة حفل خاص، لأن جميع زميلاتها بالفصل سيقمن حفلات، بالرغم من أن المدرسة قد نظمت حفلاً رائعاً، وهو ما يجعلها ترضخ لطلبها، ولكن مع الأخذ في الاعتبار أن يتناسب الحفل البسيط مع الإمكانيات المادية.

وأشارت إلى أن إقامة حفل لا يعني بالضرورة البذخ أو تقليد الغير على حساب ضغط الأسرة مادياً، وهو ما أحاول أن أقنع به أبنائي، خاصة أن المبالغة في الحفلات يتنافى مع عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا، إضافة إلى أن المبلغ المادي الذي سيتم دفعه من الأولى أن يتم صرفه على التعليم أو الحياة المعيشية بشكل عام.

اختيارات الزبون

قال غسان النمر صاحب إحدى شركات خدمات الأفراح، إن حفلات التخرج واحدة من سبل التعبير عن مشاعر الفرح بتخرج الابن أو الابنة، كما أنه فرصة لاجتماع المهنئين في يوم واحد بدلاً من أن تستعد الأسرة يومياً لاستقبالهم في المنزل.

وأضاف أن طلبات تنظيم هذه الحفلات تندرج ضمن الخدمات التي نقدمها للزبائن وفقاً لطلباتهم وإمكانياتهم المادية، وهو ما يتراوح بين 4 إلى 30 ألف درهم، ويتم تحديد السعر بناء على ما يتم إدراجه من طلبات، سواء تقديم بوفيه عشاء فاخر أو متوسط ومنصة تخرج تتضمن صورة للخريج إضافة إلى شخص يقوم بتشغيل وتنسيق الأغاني ومقاعد معينة للضيوف وعاملات لتقديم الضيافة وغيرها، ويبقى الاختيار في نهاية المطاف للزبون.

مقالات مشابهة

  • تحدي تيك توك “فقدان الوعي” يقتل طفلًا بريطايناً وتيك توك يرد
  • كيف يساعدك الذكاء الاصطناعي في إدارة حساباتك الاجتماعية؟
  • دورة “الثقافة السياحية لبلدياتنا” تعزز التعاون بين المدن السياحية
  • البوصلة المعدنية تعزز الجاذبية السياحية لجبل سمحان
  • حفلات التخرج الخاصة.. عرف فرضه مجتمع وسائل التواصل
  • شيرين بيوتي تتألق بالغناء وسط دعم شقيقاتها .. فيديو
  • شرطة أبوظبي تعزز الوعي المروري والوقاية من المخدرات بمجلس الرحبة
  • الوجهات المغطاة تعزز السياحة بأبوظبي خلال الصيف
  • شرطة أبوظبي تعزز الوعي المروري والوقاية من المخدرات