هل أصبح الدولار كبش فداء لسياسات ترامب؟
تاريخ النشر: 1st, July 2025 GMT
شهد الدولار الأميركي أسوأ بداية له هذا العام منذ عام 1973، بعد أن دفعت سياسات دونالد ترامب التجارية والاقتصادية المستثمرين العالميين إلى إعادة النظر في تعاملاتهم مع العملة المهيمنة عالميا.
وانخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس قوة العملة مقابل سلة من 6 عملات أخرى، بما في ذلك الجنيه الإسترليني واليورو والين، بنسبة 10.
وقال إستراتيجي العملات الأجنبية في بنك آي إن جي، فرانشيسكو بيسول: "أصبح الدولار كبش فداء لسياسات ترامب في الولاية الثانية المتقلبة".
وأضاف أن حرب التعريفات الجمركية المتقطعة التي شنها ترامب، واحتياجات الولايات المتحدة الهائلة للاقتراض، والمخاوف بشأن استقلال مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي)، قوضت جاذبية الدولار كملاذ آمن للمستثمرين.
وانخفضت العملة الأميركية 0.6% أمس الاثنين، مع استعداد مجلس الشيوخ الأميركي لبدء التصويت على تعديلات مشروع قانون الضرائب "الكبير والجميل" الذي اقترحه ترامب.
ومن المتوقع أن يضيف هذا التشريع التاريخي 3.2 تريليونات دولار إلى ديون الولايات المتحدة خلال العقد المقبل، وقد أثار مخاوف بشأن استدامة اقتراض واشنطن، مما أدى إلى نزوح جماعي من سوق سندات الخزانة الأميركية.
ويمثل الانخفاض الحاد للدولار أسوأ نصف أول له في العام منذ خسارته 15% عام 1973، وأضعف أداء له خلال أي فترة 6 أشهر منذ عام 2009.
وأربك انخفاض العملة التوقعات واسعة النطاق في بداية العام بأن حرب ترامب التجارية ستلحق ضررا أكبر بالاقتصادات خارج الولايات المتحدة، بينما ستؤدي إلى تأجيج التضخم الأميركي، مما يعزز العملة مقابل منافسيها.
بدلا من ذلك، ارتفع اليورو، الذي توقعت عدة بنوك في وول ستريت أن يتراجع إلى مستوى التكافؤ مع الدولار هذا العام، بنسبة 13% ليتجاوز 1.17 دولار، حيث ركز المستثمرون على مخاطر النمو في أكبر اقتصاد في العالم، بينما ارتفع الطلب على الأصول الآمنة في أماكن أخرى، مثل السندات الألمانية.
إعلان
لا تهديد
ونقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن كبير مسؤولي الاستثمار في الدخل الثابت العالمي في مجموعة السندات بيمكو، أندرو بولز، قوله إنه لا يوجد تهديد كبير لوضع الدولار كعملة احتياطية عالمية بحكم الأمر الواقع، مضيفا أن هذا "لا يعني أنه لا يمكن أن يكون هناك ضعف كبير في الدولار"، مسلطا الضوء على تحول بين المستثمرين العالميين للتحوط بشكل أكبر من تعرضهم للدولار، وهو نشاط يدفع الدولار إلى الانخفاض.
وما دفع الدولار للانخفاض كذلك هذا العام تزايد التوقعات بأن يخفض الاحتياطي الفدرالي الفائدة بشكل أكثر حدة لدعم الاقتصاد الأميركي -بتشجيع من ترامب- مع توقع إجراء 5 تخفيضات على الأقل بمقدار ربع نقطة مئوية بحلول نهاية العام المقبل، وفقا للمستويات التي تشير إليها العقود الآجلة.
وساعدت الرهانات على انخفاض الفائدة الأسهم الأميركية على التخلص من مخاوف الحرب التجارية والصراع في الشرق الأوسط لتصل إلى مستوى قياسي مرتفع أمس الاثنين، لكن ضعف الدولار يعني أن مؤشر ستاندرد آند بورز 500 لا يزال متأخرا كثيرا عن منافسيه في أوروبا عند قياس العوائد بالعملة نفسها.
وأعرب كبار المستثمرين، من صناديق التقاعد إلى مديري احتياطيات البنوك المركزية، عن رغبتهم في تقليل تعرضهم للدولار والأصول الأميركية، وتساءلوا عما إذا كانت العملة لا تزال توفر ملاذا آمنا من تقلبات السوق.
وقال بيسول من آي إن جي: "يحتاج المستثمرون الأجانب إلى تحوط أكبر من العملات الأجنبية للأصول المقومة بالدولار، وهذا عامل آخر يمنع الدولار من اللحاق بانتعاش الأسهم الأميركية".
وسجّل الذهب كذلك مستويات قياسية مرتفعة هذا العام، مدعوما باستمرار عمليات الشراء من جانب البنوك المركزية والمستثمرين الآخرين القلقين من انخفاض قيمة أصولهم الدولارية.
وأدى تراجع الدولار إلى وصوله إلى أضعف مستوياته مقابل العملات المنافسة في أكثر من 3 سنوات، ونظرا لسرعة التراجع، وشعبية المراهنات على هبوط الدولار، يتوقع بعض المحللين استقرار العملة.
وقال كبير إستراتيجيي السوق في مجموعة زيورخ للتأمين، جاي ميلر: "أصبح ضعف الدولار تجارة مكتظة، وأتوقع أن وتيرة التراجع ستتباطأ".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الخزانة الأمريكية تكشف دولار ترامب.. هل يسمح القانون بالعملة الجديدة ؟ (شاهد)
كشفت وزارة الخزانة الأمريكية عن تصميم أولي لعملة معدنية فئة دولار واحد تحمل صورة الرئيس دونالد ترامب، وذلك ضمن التحضيرات للاحتفال بالذكرى الـ250 لإعلان الاستقلال عام 2026.
ونشر أمين الخزانة براندون بيتش عبر منصة "إكس" صور المسودة الجديدة، مؤكداً أنها "تصاميم رسمية أولية" قيد الدراسة، وليست مجرد شائعات.
وتظهر التصاميم ترامب من الجانب على الوجه الأمامي للعملة، فيما يظهر في الوجه الآخر رافعًا قبضته أمام العلم الأمريكي محاطاً بعبارة "قاتل، قاتل، قاتل" — في إشارة إلى كلماته الشهيرة بعد نجاته من محاولة اغتيال عام 2024.
ورغم أن العملة مخصصة لإحياء مناسبة وطنية، فإن ظهور ترامب على تصميمها يثير تساؤلات قانونية حادة، إذ يحظر قانون العملة الأمريكي منذ عام 1792 استخدام صور أشخاص أحياء على العملات المتداولة، منعاً لتسييس الرموز الوطنية، غير أن بعض الثغرات التشريعية قد تسمح بتجاوز هذا الحظر في العملات التذكارية.
ويستند المشروع إلى قانون أصدره الكونغرس عام 2020 يتيح لوزارة الخزانة إصدار عملات خاصة بمناسبة "السيميكوينسنتنيال" – الذكرى المئتين والخمسين لتأسيس الولايات المتحدة، لكن القانون ذاته ينصّ صراحة على عدم تضمين صور الأشخاص الأحياء على وجهي العملة، ما يجعل التصميم المقترح محط مراجعة قانونية وفنية دقيقة قبل البتّ في اعتماده النهائي.
ويخضع التصميم حالياً لمراجعة لجنة الاستشارات للنقود ولجنة الفنون الأمريكية، على أن تُرفع توصياتهما إلى وزير الخزانة لاتخاذ القرار النهائي بشأن اعتماد العملة أو تعديلها، وفي حال تمرير التصميم، ستكون تلك السابقة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة التي يُدرج فيها وجه رئيس حيّ على عملة وطنية رسمية.
وسبق أن شهدت أمريكا حالات محدودة لتكريم شخصيات حية على عملات محلية محدودة الإصدار، أبرزها عملة نصف الدولار لمدينة لينشبرغ عام 1936 التي حملت صورة السيناتور كارتر غلاس، لكنها لم تُطرح للتداول العام.
ورفض البيت الأبيض التعليق على ما إذا كان ترامب قد شاهد التصميم، فيما قالت المتحدثة باسمه كارولاين ليفيت: "لست متأكدة، لكني أظن أنه سيعجبه بالتأكيد".
وفي حال إقرار العملة الجديدة، يرجح أن تطرح كتذكار وطني ضمن احتفالات الاستقلال عام 2026، أما إذا رفضت قانونياً، فقد تضطر الخزانة إلى تعديل التصميم أو طلب استثناء تشريعي خاص من الكونغرس لتخليد اللحظة التاريخية المثيرة للجدل.