الأسبوع:
2025-07-12@05:21:24 GMT

مزار «البرث» ضرورة وطنية

تاريخ النشر: 9th, July 2025 GMT

مزار «البرث» ضرورة وطنية

منذ أكثر من سبع سنوات، وأنا أتمنى أن يتحوّل مربع «البرث» في شمال سيناء إلى مزار وطني دائم، مكان تقصده مجموعات من كل فئات المجتمع، سواء الشباب الذين يبحثون عن المعنى، أو الطلاب الذين يتعلمون قيمة الأرض، أو العائلات التي تحاول ترسيخ القيم في أبنائها وبناتها. سيكون تذكيرًا عمليًا بالتاريخ الوطني، وكيف تتم كتابته بالروح والدم.

في كل مهمة مهنية في سيناء، أفكّر في المقترح، المزار الذي أقصده ليس مجرد مبنى، ولا لافتاتٍ وصورًا، بل ذاكرة حيّة تتنفس، توثّق قصة رجالٍ اختاروا شرف الموت على خنوع الحياة، قاوموا مخططًا خبيثًا أراد النيل من سيادة مصر وأمنها القومي، لذلك، سيكون المكان رمزًا يزرع الفخر في القلوب، يوقظ الضمائر، ويُلهم الأجيال الجديدة قيمة أن تكون مصريًا حقيقيًا.

لأمنيتي ما يدعمها، ففي السابع من يوليو 2017، كتبت مجموعة من أبطال قواتنا المسلحة ملحمة لن ينساها التاريخ، في «البرث» (قصر راشد، جنوب رفح المصرية، قرب منطقة الشيخ زويد)، لدرجة أنه لو قُدّر للرمال أن تنطق، لروت التفاصيل البطولية للعقيد الشهيد، أحمد منسي، ورجاله الثلاثين من خيرة قوات الصاعقة المصرية، في مواجهة نحو 140 إرهابيًا.

كان الإرهابيون يحملون أسلحة نوعية لا تملكها إلا جيوش نظامية، خاصة صواريخ «كورنيت»، ومدافع «هاون»، وسيارات درعة- مفخخة، مع دعم معلوماتي يشبه ذاك الذي أسقط سوريا في يد ميليشيات إرهابية، ويشبه المخطط نفسه: إعلان ولاية ظلام في قلب سيناء، تبدأ برفع علم الشر، وتنتهي بتسويقه عنوانًا لـ«الإسلام» البريء من عناصرهم وأفكارهم.

ظنّ الإرهابيون، لحظة الهجوم على «البرث»، أن تجاربهم المُرّة في الجوار ستنجح في مصر، وأن ساحات الرعب هناك يمكن تكرارها في الأرض المقدسة، سيناء، لكن أبطال قواتنا المسلحة كان لهم رأي آخر، عبّروا عنه بصمودهم، وتضحياتهم التي تحتفي بها سجلات الحرب، وتعبر عني، وعنك، وعن كل مصري يعرف قيمة الأرض والعرض.

في المزار، سيروي متخصصون مخلصون، بحرارة القلب وصدق الكلمة، ما جرى في تلك الموقعة البطولية. سيحكون عن أحمد منسي (البطل، القائد، الشهيد)، الذي كان ومن معه رمزًا للوفاء والإيمان الراسخ، وكيف وقف هو ورفاقه يجابهون قوة تفوقهم عددًا وعتادًا، لكنهم لم يتزحزحوا، وقاوموا مندوبي الشر حتى الرمق الأخير.

سيحكي المختصون كيف أفشل أبطال «البرث» مخططًا أمريكيًا- إسرائيليًا، تنفذه أدوات وظيفية، تتحدث لغتنا، وتزعم أن دينها ديننا، لكنهم في الحقيقة ليسوا منا، فقد كان هدفهم تحويل سيناء إلى مستنقع فوضى، يرفع «الأعلام السوداء»، بلون العقول التي تخطط، والقدرات التي تموّل، والسواعد التي تنفّذ، لكنهم فشلوا.

سيروي المحترفون للزائرين إلى «البرث»، حال تحوّل الموقع إلى مزار، لحظات القتال، حين كانت الرصاصات تملأ الهواء، والجدران تتهاوى، لكن إرادة الرجال بقيت صلبة كالجبال، سيشرحون طبيعة الأسلحة المتطورة بحوزة الإرهابيين، معبّرة عن حجم الدعم الذي كانوا يحصلون عليه من دول إقليمية تابعة لقوى المصالح الدولية.

من الطبيعي أن يعرف شعبنا كيف تحقّقت صدمة الإرهابيين، ومن يدفع بهم، وكيف تحطّمت مخططاتهم، فالمزار لن يكون مجرد مكان للذكرى خاصة بأبطاله، بل مدرسة حيّة تُعلّم الأجيال نتائج التضحية، وتحتفي بالبطولات في شمال سيناء ومناطق أخرى، شرقًا وغربًا. سيفهم الزائر الفرق بين حب مصر والموت من أجلها.

الباحثون عن مستقبلٍ أفضل سيتعلمون أن المستقبل يتحقّق بدماء من لم يبخلوا بحياتهم، سيعرف المترددون إلى «البرث» أن التاريخ ليس كتاباتٍ صمّاء، بل وقائع تتحرك، وتتجسّد، وتتكلم، وتُعلّم الآخرين كيف يسلكون مسيرة الأبطال، سيكون المزار تجربة حيّة تؤكد أن هذه الأرض تحميها سواعد وقلوب رجال لا يعرفون الخوف.

رجال يؤمنون بوطنهم، يعيشون من أجله، ويستشهدون لتُجدد دماؤهم الطاهرة شبابه، وكيف أن «البرث» كان نقطة تحول، ليس كمعركة عسكرية فقط، بل في صياغة ضمير وطني يستعصي على الخضوع. وهذه هي فلسفة المزار الوطني المقترح. سيكون صوتًا يذكّرنا أن مصر ليست جغرافيا، بل انتماء يجمعنا، وشرف يدفعنا، وأملٌ يحركنا.

سيكون مكانًا يستنهض الهمم، يوقظ فينا الإيمان بأننا قادرون على مواجهة أي تحدٍّ، مهما كبر، سيُعلّم الأجيال القادمة أن الشجاعة ليست غياب الخوف، بل القدرة على الوقوف في وجهه. أتخيل مربع «البرث» كمكان يجمع الناس، ليس فقط ليتذكّروا، بل ليتأمّلوا، مكان يزرع في قلوب الزائرين بذرة الفخر، ويذكّرهم أن مصر دائمًا أرض الصمود.

سيكون مكانًا يحكي عن أحمد منسي، ليس كبطل خارق، بل كإنسان آمن بوطنه، ودفع حياته ثمنًا لهذا الإيمان، سيكون مكانًا يذكّرنا أن كل واحد منا يستطيع أن يكون بطلًا، سواء في ميدان القتال، أو العمل، أو حياته الشخصية، وأن أرواح منسي ورفاقه، وغيرهم من الشهداء، ستظل تحرس الوطن، ليس فقط بالسلاح، بل بالإلهام.

ستهمس أصواتهم لكل زائر: كن مصريًا بحق، عش بكرامة، واعمل بإخلاص، وتذكّر أن هذه الأرض تستحق كل قطرة عرق، وكل نبضة قلب. هناك، سيفهم الجميع أن التضحية ليست نهاية، بل بداية لكل ما هو عظيم. ستبقى أرواح أبطالنا الحقيقيين، وشهدائنا، منارة تضيء للجميع الطريق، وتُسهم في تصحيح أي اعوجاج للمسار.

في مربع «البرث»، لن تكون الزيارة مجرد رحلة إلى الماضي، بل دعوة للمستقبل، ستكون فترة تأمل تُجدّد الأمل، وتذكّر الجميع بأن مصر ليست مجرد وطن، بل حياة نختارها، والحلم الذي نحميه، والمستقبل الذي نبنيه، مربع «البرث» ليس مجرد بقعة في سيناء، بل وعد بأن تظل مصر، بأبنائها، شامخة إلى الأبد.

اقرأ أيضاًمنسي ورفاقه.. أبطال سطّروا الخلود بدمائهم في ملحمة البرث

مصطفى بكري: أبطال «البرث» ضربوا أروع الأمثلة في التضحية لأجل الوطن

في ذكرى ميلاد أحمد منسي.. حكاية بطل ملحمة البرث الذي أوصى بدفنه بالملابس العسكرية

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مقالات سيناء البرث أحمد منسي الامن القومي المصري مصر تحارب الارهاب أحمد منسی

إقرأ أيضاً:

“الأمنية تتابع تحركات المجرمين في كل مكان”.. ضبط عربات مسروقة واسلحة متنوعة ومخدرات بكسلا

جدد والي كسلا المكلف اللواء ركن (م) الصادق محمد الازرق عدم التهاون والتفريط في الامن وانزال اقسي العقوبات بالمجرمين والمتفلتين وعدم الافلات من القانون والعقاب ومصادرة الممتلكات وملاحقتهم في كل مكان.واشاد الوالي خلال وقوفه بقيادة اللواء 41 مشاة برفقة لجنة امن الولاية ــ علي اكبر ضبطية من العربات المسروقة (22) عربة واكثر من 10 انواع من الاسلحة المختلفة بمافيها رشاشات وقنابل يدوية وكمية من المخدرات المتنوعة المتعددة الاصناف (ايس ـ حشيش افغاني ـ ترامادول ـ كبتاجون) وغيرها وذلك باحدي مناطق محلية غرب كسلا وتوقيف عدد (7) من المتهمين .واشاد بالانجاز الذي حققته القوة الامنية المشتركة ونجاحها في تنفيذ العملية التي كان الاساس فيها السرية التامة والمعلومات الدقيقة والمؤكدة بنسبة 100% مع اختيار الوقت المناسب لتنفيذها.وعبر عن سعادته بهذا الانجاز مبينا انهم بالولاية سبق ان اعلنو بان شهر يوليو الحالي سيكون شهرا للتحدي بين الاجهزة الامنية بالولاية والمتفلتين.واوضح ان الغرض من هذه الجرائم تدمير مجتمع كسلا معربا عن شكره لله اولا في اكتشاف الاوكار والمجرمين وللقوات الامنية المنفذة للمهمة.واضاف ان القوة وبهذا الانجاز تسجل عملا امنيا في صفحة الولاية منوها الى العملية الامنية التي نفذتها الخلية الامنية خلال اليومين الماضيين بذات الجرائم والمخالفات.واكد الوالي بان العملية لن تكون الاخيرة وان هنالك من المعلومات المؤكدة باوكار المجرمين وستنطلق القوات الامنية في عمليات سرية (جدا) لضرب اوكار المجرمين بمحلية كسلا ومن ثم الانتقال الى المحليات الاخرى والتي كانت بمحلية القربة وذلك حسب المتابعة والمعلومات التي ترد الى لجنة الأمن.ووجه الوالي برسالة اطمئنان الى اهل كسلا بان اللجنة الامنية والقوات الامنية لن يهدأ لها بال الا بعد ان تضرب كل اوكار الجريمة. والقاء القبض على كل المجرمين المفسدين الذين يسعون في مجتمع كسلا بالفساد والتدمير.كما طمئن بان العمليات لن تتوقف وستتم حسب الترتيب الدقيق وتفعيل العمل بخطة محكمة تقف عليها الاجهزة الامنية المختلفة التي تضع يدها مع بعض للمضي في طريق مكافحة الجريمة المنظمة والظواهر السالبة.من جانبه اوضح مدير شرطة الولاية اللواء الهادي شريف مقرر لجنة امن الولاية ان الانجاز الذي قامت به القوة المشتركة يأتي في اطار المزيد من ضبط اوكار الجريمة بالولاية منوها الى الخطط التي وضعت عبر دائرة الجنايات وتنفيذها عبر اللواء 41 مشاه ضمن مسئولية امن محلية كسلا .مضيفا ان شرطة الولاية قامت ايضا بوضع خطط مسبقة للتنفيذ اذا كانت في جرائم الاسلحة او المخدرات وسرقة العربات منوها الى اختصاص كل ادارة ومتابعتها المتابعة الدقيقة لضبط المجرمين.وقال إن اللجنة الامنية بكسلا ستظل عصية علي المجرمين الذين يريدون زعزعة امن الولاية .وطمأن شريف المواطنين عبر لجنة امن الولاية بمتابعتها وتنسيقها التام بين مكونات اللجنة بما في ذلك الاجهزة المعلوماتية الدقيقة التي تتابع تحركات المجرمين في كل مكان في حددود مسئولية ولاية كسلا.واكد بان القوات الامنية ستظل صامدة في تنفيذ مهامها حسب حدود المسئولية والواجبات الموكلة لها وفق الاجراءات القانونية وان اي مجرم تثبت ادانته سيقدم الى العدالة الناجزة.وقال العميد ركن احمد داود احميدو قائد اللواء 41 مشاة ان الضبطية تاتي كواحدة من انجازات القوات المسلحة وامتدادا لانتصاراتها. واوضح ان الضبطية سيكون لها مابعدها مشيدا بكافة الذين شاركوا في المهمة والعمل المميز الذي يصب في طمأنت المواطن بولاية كسلا والسودان عامة.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • “الأمنية تتابع تحركات المجرمين في كل مكان”.. ضبط عربات مسروقة واسلحة متنوعة ومخدرات بكسلا
  • معلومة عن مكان فضل شاكر داخل عين الحلوة.. أين يعيش؟
  • تعليق حول كيف سيكون حال النصر مع جيسوس
  • مصطفى بكري في ذكرى ملحمة البرث: «الشعب المصري هو من اختار وضحى لإنقاذ الوطن»
  • إسراء بدر تكتب مصر واجهت الإرهاب.. وملحمة البرث شاهد لا يُنسى
  • حكايات الشجرة المغروسة 3.. صمود الإيمان في اجتماع الأربعاء
  • سوريا: لا مكان للمشاريع الانفصالية ونُرحب بعودة مؤسسات الدولة إلى الشمال الشرقي
  • إعلامي يكشف مكان إقامة مباريات السوبر المصري
  • انتقادات دولية لمخطط وزير الحرب الإسرائيلي بتجميع سكان غزة في مكان واحد