قال المحلل السياسي، ياسين الحمد، إنه في ظلّ تصاعد النزاع الداخلي في السودان واستمرار الحرب الأهلية منذ أبريل 2023 بدأت الأزمات الإنسانية تتخذ أشكالًا جديدة، أشدّ تعقيدًا من مجرد نزوح أو انهيار اقتصادي فقد دخلت سلعة القمح  أحد أهم ركائز الأمن الغذائي في البلاد إلى قلب المعادلة السياسية، بعد قرار أوكرانيا وقف تصدير القمح إلى السودان ابتداءً من أغسطس 2025.


"دبلوماسية الحبوب".. غذاء مقابل الولاء
 

وأضاف الحمد، أن القرار، الذي جاء دون سابق إنذار، فتح بابًا واسعًا للتكهنات والتحليلات، خصوصًا في ضوء ما بات يُعرف بـ "دبلوماسية الحبوب"، حيث يُستعمل الغذاء كسلاح للضغط السياسي، بل كوسيلة ابتزاز مباشر، مضيفا أنه رغم أن كييف برّرت القرار بالظروف اللوجستية والحرب في البحر الأسود، إلا أن توقيت وقف الإمدادات — تزامنًا مع تعقّد الوضع الداخلي في السودان — يوحي بأن المسألة أبعد من مجرد حسابات تجارية.

التحديات والتطورات.. القاهرة تستضيف اجتماع رفيع المستوى لمسئولين من مصر وليبيا والسودانواشنطن ترحّل 8 رجال إلى جنوب السودان بعد معركة قانونية حاميةتحولات النفوذ الجيوسياسي في أفريقيا
 

وتابع الحمد، أن التقارير تظهر أن أوكرانيا تسعى منذ سنوات لتعزيز نفوذها في القارة الإفريقية، خاصة في وجه التمدد الروسي، الذي استثمر في ملف الأمن الغذائي وساهم في إبعاد العديد من البلدان عن خط الخطر، وأنه مع اتساع رقعة المجاعة والنقص الحاد في القمح، استخدمت كييف ورقة الغذاء للضغط على دول مثل السودان، التي تقيم توازنًا مع روسيا والغرب في علاقاتها الخارجية.

السودان في مأزق مزدوج: داخلي وخارجي
 

وأوضح الحمد أن استخدام القمح كوسيلة ضغط سياسي يفتح الباب أمام موجة جديدة من "تسليح الغذاء"، وهي ممارسة خطيرة تهدد ملايين الأرواح، خاصة في دول منهارة اقتصاديًا وتعاني من هشاشة البنية الزراعية والاعتماد الكامل على الاستيراد، موضحا أن السودان في مأزق مزدوج، بمعنى جوع داخلي وضغوط خارجية، إذ يعتمد السودان بشكل أساسي على استيراد القمح لتغطية احتياجاته المحلية، خصوصًا في ظل تراجع الإنتاج المحلي نتيجة الصراعات المسلحة وتدهور البنية الزراعية.

خيارات محدودة وبدائل صعبة
 

وأكمل أنه بينما تُمثّل أوكرانيا وروسيا معًا أكثر من 60% من واردات السودان من الحبوب، فإن فقدان أحد هذين الموردين في لحظة حرجة، يشكّل تهديدًا مباشرًا للأمن الغذائي، لا سيما في ولايات دارفور والنيل الأزرق التي تشهد مواجهات مستمرة ونزوحًا جماعيًا، وأنه في ظل هذا الفراغ، لن تكون البدائل سهلة، فالأسواق البديلة مثل الهند أو الأرجنتين قد لا تكون متاحة بسهولة أو بأسعار مناسبة بينما السوق المحلي منهار؛ ما يزيد الاعتماد على الاستيراد بشكل شبه كامل.

دعوة لصياغة سياسة غذائية مستقلة
 

واستطرد: "قرار أوكرانيا لم يأتِ من فراغ، بل ضمن سياق أوسع من إعادة رسم النفوذ الجيوسياسي في إفريقيا، فروسيا تستثمر منذ سنوات في ملف القمح، وتستخدمه لدعم علاقاتها مع أنظمة غير مستقرة أو محاصرة.. وأن أوكرانيا، التي خسرت أسواقًا ضخمة في إفريقيا لصالح روسيا منها دول عربية مثل تونس والسودان، التي تحاول اليوم استعادتها، لا من خلال المنافسة الاقتصادية، بل عبر فرض مواقف سياسية مرتبطة بالولاء. وفي حالة السودان، فإن الرسالة واضحة: إما الاصطفاف مع كييف وحلفائها، أو فقدان رغيف الخبز".

وأكد أنه رغم ما يُقال عن الدور الإنساني لأوكرانيا في تصدير الحبوب، تكشف الوقائع أن أفريقيا لم تكن يومًا ضمن أولويات كييف التجارية، فمعظم صادرات القمح الأوكراني عالي الجودة خصوصًا الذي يحتوي على نسب بروتين مطابقة للمعايير الدولية تتجه بشكل أساسي إلى الاتحاد الأوروبي، مستفيدة من التسهيلات الجمركية واتفاقيات السوق المفتوحة، أما الدول الأفريقية، فتُركت غالبًا لقمح الدرجة الثانية أو الأقل جودة، وهو ما جعل العديد من الأسواق — مثل كينيا ونيجيريا — تتحوّل تدريجيًا إلى المورد الروسي الذي يقدّم مواصفات أعلى وسعرًا أقل.

وشدد الحمد على أن تصوير أوكرانيا كمزوّد موثوق للقارة السمراء لا يعكس الواقع التجاري الفعلي، بقدر ما يُعبّر عن رغبة كييف في استثمار الملف الغذائي سياسيًا عندما تقتضي الحاجة، موضحا أنه أمام هذا المشهد المعقّد، يُطرح السؤال الأهم: كيف يرد السودان؟.. الواقع يفرض على صانعي القرار في الخرطوم التحرّك السريع نحو تنويع مصادر القمح بعيدًا عن المورّدين المتقلبين سياسيًا وربما الاعتماد على روسيا في هذا الملف الحساس، وبناء شراكات استراتيجية جديدة مع دول لا تستخدم الغذاء كأداة تفاوض، فما يحدث اليوم هو إنذار بأن الدول التي لا تملك أمنًا غذائيًا مستقلًا، ستظل رهينة المواقف، والصفقات، والتحالفات المتقلّبة.

وأشار إلى أنه لم تعد الحروب في القرن الحادي والعشرين تُخاض بالسلاح فقط، بل بسلع الحياة الأساسية والقمح بقدر بساطته  تحوّل إلى أداة تفاوض وترويض، وأحيانًا عقاب جماعي، وأن السودان، الذي يئنّ تحت وطأة الجوع والانقسام، يجد نفسه اليوم عالقًا بين نار الحرب الأهلية ومطرقة الابتزاز الغذائي، وأن مواجهة ذلك يتطلّب إرادة سياسية جديدة، تضع مصلحة المواطن فوق موازين الحلفاء، وكرامة الإنسان قبل صفقات القمح.

طباعة شارك السودان الأزمات الإنسانية دبلوماسية الحبوب النزاع الداخلي في السودان الغذاء كسلاح

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: السودان الأزمات الإنسانية دبلوماسية الحبوب الغذاء كسلاح

إقرأ أيضاً:

هل تعلمين ما يزيد من ظهور حب الشباب؟ اكتشفي العوامل المؤثرة

يعاني الكثير من الأشخاص ظهور حب الشباب بشكل متكرر، ما يؤثر على الثقة بالنفس ويزيد من شعور الانزعاج. 

عوامل تزيد من ظهور حب الشباب

وكشف موقع Medical News Today، إلى أن ظهور الحبوب لا يعتمد فقط على العناية بالبشرة، بل يرتبط بعدة عوامل داخلية وخارجية يمكن أن تزيد من شدته إذا لم تُراعَ.

رغم شهرتها كمشروب منشّط.. لماذا يشعر بعض الأشخاص بالنعاس بعد شرب القهوة؟لا تتجاهلي الإشارات الأولى.. أعراض سرطان الثدي المبكرة والمتأخرة

ـ التغيرات الهرمونية:
ارتفاع هرمونات الأندروجين خلال فترة البلوغ، الحمل، الدورة الشهرية، أو حالات مثل متلازمة تكيس المبايض يزيد من إفراز الدهون في البشرة، ما يؤدي إلى انسداد المسام وظهور الحبوب.

ـ الإفراط في إفراز الدهون (Sebum):
البشرة الدهنية أكثر عرضة لانسداد المسام، خاصة عند اختلاط الدهون بخلايا الجلد الميتة والبكتيريا.

عوامل تزيد من ظهور حب الشباب

ـ انسداد المسام وخلايا الجلد الميتة:
عدم تنظيف البشرة جيدًا يؤدي إلى تراكم الخلايا الميتة داخل المسام، ما يساهم في تكوّن حب الشباب.

ـ البكتيريا (Propionibacterium acnes):
تكاثر هذه البكتيريا داخل المسام المسدودة يسبب الالتهاب وظهور الحبوب المؤلمة.

عوامل تزيد من ظهور حب الشباب

ـ النظام الغذائي غير الصحي:
الأطعمة الغنية بالسكريات والكربوهيدرات المكررة ومنتجات الألبان قد تزيد من حدة حب الشباب لدى بعض الأشخاص.

ـ التوتر والضغط النفسي:
التوتر يحفز هرمونات تؤثر على الغدد الدهنية، مما يزيد من سوء حب الشباب.

عوامل تزيد من ظهور حب الشباب

ـ استخدام مستحضرات تجميل غير مناسبة:
المنتجات التي تسد المسام أو عدم إزالة المكياج جيدًا يمكن أن تزيد من ظهور الحبوب.

ـ قلة النوم واضطراب نمط الحياة:
يؤثر النوم غير الكافي على توازن الهرمونات وتجدد خلايا الجلد، ما يزيد من فرص ظهور حب الشباب.

عوامل تزيد من ظهور حب الشباب

ـ العوامل الوراثية:
وجود تاريخ عائلي للإصابة بحب الشباب يزيد من احتمالية ظهوره.

ـ الاحتكاك المستمر بالجلد:
ارتداء الكمامات لفترات طويلة أو لمس الوجه باستمرار قد يهيّج البشرة ويسد المسام.

عوامل تزيد من ظهور حب الشباب

ويساعد الوعي بالعوامل المؤثرة في ظهور حب الشباب على اتخاذ خطوات وقائية وعلاجية مناسبة، بما في ذلك الاهتمام بالنظام الغذائي، اتباع روتين تنظيف البشرة اليومي، وتقليل التوتر، للحفاظ على بشرة صحية ونضرة.

طباعة شارك حب الشباب أسباب حب الشباب ظهور الحبوب العناية بالبشرة البثور النظام الغذائي وحب الشباب العوامل الوراثية للبشرة

مقالات مشابهة

  • أزﻣﺔ ﺗﻘﺎوى اﻟﻘﻤﺢ ﺗﻬﺪد رﻏﻴﻒ اﻟﻌﻴﺶ
  • حرب بلا خنادق.. السلاح الفتاك الذي استنزف الجبهات في أوكرانيا
  • هل تعلمين ما يزيد من ظهور حب الشباب؟ اكتشفي العوامل المؤثرة
  • كوشنر وويتكوف في مهمة حساسة ببرلين.. سلام أوكرانيا مقابل تنازلات إقليمية
  • جامعة أسيوط التكنولوجية تُنظم زيارات ميدانية للمناطق العسكرية لتعزيز قيم الولاء والانتماء لدى الطلاب
  • المشاط من حفل تقرير سياسات الغذاء العالمية: مصر تحقق تقدما ملموسا في الأمن الغذائي
  • مديرية الزراعة بالإسماعيلية تواصل ندواتها الإرشادية لمحصول القمح الاستراتيجي بالقصاصين
  • 96 دولة على طاولة واحدة.. روسيا تطلق حوارا دوليا جديدا حول أوكرانيا
  • ارتفاع وتيرة العمليات النوعية التي تنفذها أوكرانيا ضد روسيا
  • مناوي يعلن تفاصبل تقديم عرض خطير لكوريا الشمالية في السودان مقابل الدعم العسكري