داخل أروقة كلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا، يقف عمل نحتي بارز يسرق الأنظار ويأسر القلوب بعنوان "الزفّة"، وهو مشروع تخرج الفنان الشاب مصطفى مُحي، الطالب بقسم النحت – شعبة النحت البارز والميدالية، الذي استطاع أن يُحوّل لحظة شعبية من الذاكرة المصرية إلى عمل فني مُفعم بالحياة والرمز والخصوصية.

بعيدًا عن النمط التقليدي الذي قد يسلكه بعض خريجي الفنون، قرر مصطفى أن يعود إلى الجذور، حيث الشارع، والأهالي، والدفوف، والفرح البسيط، ليُترجم كل هذا في عمل جداري مصنوع من الطين الأسواني، بمقاس ٢١٠×١١٠ سم، بأسلوب تجريدي تعبيري يحمل ملامح الفن الشعبي المصري دون أن يقع في فخ المباشرة أو الاستنساخ.

عُرس داخل منحوتة

 

يتوسط العمل مشهدٌ يُجسّد العروسين وهما في قلب الزفّة، تحيط بهما كائنات بشرية رمزية، تُجسّد الأهل، الجيران، والمحبين. وجوه بلا ملامح دقيقة، وأجساد تفيض بالحركة، كما لو أن الصوت والموسيقى يخرج من الطين نفسه

.

اختار الفنان أن يجعل كل شخصية منحوتة تحمل "دائرة" بين يديها، في إشارة إلى الطبلة أو الدف، كرمزٍ للإيقاع الشعبي المصاحب للفرح، بينما الخلفية جاءت محملة برموز أخرى مثل النخيل، والأقمشة المتطايرة، لتمنحنا انطباعًا مكانيًا وروحيًا يعيدنا إلى الزفّات التي نشأنا على مشاهدتها في قرى مصر ونجوعها

 

الفن الذي يُشبه الناس

 

في حديثه “ للفجر”يؤكد مصطفى مُحي أن اختياره لهذه الفكرة لم يكن وليد اللحظة، بل هو نابع من قناعته بأن الفن الحقيقي هو الذي "يُشبه الناس"، ويعكس ثقافتهم اليومية التي تحمل البهجة والألم، العمق والبساطة. ويضيف:

"كنت عايز أقدّم عمل الناس كلها تحس بيه من أول نظرة.. يفتكروا بيه فرح حضروه، أو زفّة مشيوا فيها، أو صوت دف سمعوه في الشارع".

 

رسالة إنسانية

ورغم بساطة المشهد، فإن العمل يحمل رسالة أعمق من الاحتفال، حيث يعبّر – وفقًا للفنان – عن قيمة الجماعة، والتشارك، والهوية. فالفرد في الزفّة ليس وحده، بل تحمله عيون الناس وخطواتهم، تمامًا كما في الحياة. ويبدو أن هذا الحس الجمعي هو ما يُميّز العمل، ويمنحه طاقة إنسانية غير مألوفة.

عودة الطين إلى الواجهة

اختيار خامة الطين الأسواني لم يكن عشوائيًا. فالخامة التي ما دام استُخدمت في الحضارات القديمة، تعود هنا بحيويتها الترابية لتُجسّد الذاكرة الجمعية، وتؤكد أن الطين لا يزال حيًا، نابضًا، وقادرًا على أن يكون أداةً للفن المُعاصر، لا مجرد خامة تقليدية.

عرض مُشرف وتوقعات كبيرة

عُرِضَ العمل رسميًا يوم ٧ يوليو ٢٠٢٥ ضمن مشروعات تخرج دفعة هذا العام بكلية الفنون الجميلة بالمنيا. وقد حظي العمل باهتمام واسع لما يحمله من صدق فني، وتمكن تقني، ورسالة إنسانية خالصة.

وبينما يخطو مصطفى مُحي خطواته الأولى في عالم النحت، يبدو أن "الزفّة" ليست فقط نهاية مرحلة، بل بداية قوية لفنان يمتلك مشروعًا فنيًا واضحًا، وجمهورًا ينتظر ما سيقدمه لاحقًا.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: مشروع تخرج قسم النحت محافظة المنيا اخبار محافظة المنيا جامعة المنيا مصطفى م حی

إقرأ أيضاً:

منازل من الطين والقش.. حلول اضطرارية للنازحين في شتاء غزة القارس

#سواليف

من #الرمل و #الطين و #القش، وجد عدد من الفلسطينيين في قطاع غزة أنفسهم مضطرين إلى البحث عن أنماط غير تقليدية لبناء #مساكن تقيهم قسوة #برد_الشتاء_القارس، الذي لم يعد يرحم أحدًا في ظل ظروف المعيشة داخل #الخيام.

في بلدة الزوايدة وسط القطاع، واجه العديد من #النازحين تحديًا حقيقيًا في البحث عن بدائل سكنية، في ظل الارتفاع الكبير في #أسعار_الخيام والشوادر، فضلاً عن الارتفاع الحاد في أسعار #مواد_البناء، وعلى رأسها الطوب والأسمنت، الذي يمنع الاحتلال إدخال أيٍّ منهما إلى القطاع منذ أكثر من عامين. وأدى ذلك إلى تجاوز سعر كيس الأسمنت الواحد حاجز 500 شيكل (نحو 150 دولارًا).

رامي أبو شنب، أحد سكان البلدة، قرر أن يخوض تجربة جديدة تمثلت في بناء أول غرفة من الطين. يقول أبو شنب إنه في مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي فوجئ بخيمته وقد غَرِقَت بمياه #الأمطار، رغم أنه لم يمضِ وقت طويل على شرائها، الأمر الذي دفعه للتفكير في إيجاد بديل يحسّن من واقعه القاسي، ولو بالحد الأدنى.

مقالات ذات صلة غزة تتصدّر حصيلة قتلى الإعلاميين عالميًا في 2025 2025/12/11

ويضيف: “بدأت الفكرة بمحاولة بناء جدارين من الطين لعزل جانبي الخيمة ومنع تسرب مياه #الأمطار، لكن التجربة لم تكن كافية في البداية، فقررت تدعيم الطين بالقش ليصبح أكثر تماسُكًا، وقد نجحت الفكرة بالفعل”.

ومع تطور الفكرة، يقول أبو شنب إنه تمكن من إنشاء غرفتين ومطبخ وحمام، كما قام بتغطية السقف بألواح من الـ”زينقو”، ودعمها بعدة طبقات من الشوادر لحمايتها من تسرب المياه.

وقد شجع نجاح تجربة أبو شنب عددًا من العائلات النازحة على بناء غرف من الطين كبديل عن الخيام، حيث انتشر هذا النمط السكني بشكل لافت في مناطق النزوح غرب قطاع غزة.

ويعد البناء بالطين أحد أقدم أنماط العمارة التقليدية في العالم عمومًا، وفي فلسطين على وجه الخصوص، التي تمتلك تاريخًا عمرانيا طويلاً؛ فقد اعتمد النشاط العمراني عبر العصور بشكل أساسي على الطين، وكان طوب اللبن من أكثر مواد البناء استخدامًا في فلسطين، واستُخدم في مختلف مناطقها، ويعود أقدم توثيق لاستخدامه إلى العصر الحجري الحديث.

تجدر الإشارة إلى أنه قبل عدوان الاحتلال الإسرائيلي، كانت #البيوت_الطينية نادرة في قطاع غزة، وينظر إليها باعتبارها إرثًا حضاريًا يعود إلى الأجداد، يزورها الناس في الرحلات والجلسات التراثية ويلتقطون فيها صورًا تذكارية، كما هو الحال في بعض الأكواخ التراثية على شاطئ رفح.

غير أن أهالي قطاع غزة لم يكونوا يتوقعون العودة إلى هذا النوع من العمارة الذي يعود إلى مئات السنين، خاصة بعد أن شهد القطاع نهضة عمرانية وتطورًا تكنولوجيًّا ملحوظًا شمل المباني السكنية والشركات والفنادق، التي أصبحت تتنافس في تصاميمها وديكوراتها مع العمارة الحديثة على المستوى العالمي.

يُذكر أن آلاف خيام النازحين الفلسطينيين في قطاع غزة غرِقَت جراء #هطول_أمطار_غزيرة في عدة مناطق بفعل منخفض جوي قوي يؤثر على القطاع، ويستمر حتى مساء الجمعة.

وبدأت الأمطار تهطل بغزارة مع ساعة فجر اليوم الأربعاء، ما أدى إلى إغراق المياه آلاف الخيام، وتضرر المأوى الوحيد لمئات آلاف العائلات النازحة، حيث تجاوز منسوب المياه داخل بعض الخيام 40 سم.

وناشد نازحون الجهات المعنية لإنقاذهم بعد غرق ممتلكاتهم وفقدان القدرة على الاحتماء من البرد، مطلقين نداءات استغاثة للدفاع المدني وللمجتمع الدولي للعمل على توفير مساكن مؤقتة.

مقالات مشابهة

  • الجوع والبرد يجتمعان في غزة.. والسيول تزيد الطين بِلة (فيديو)
  • محمد القس يقدم "واحد من الناس" لأول مرة
  • منازل من الطين والقش.. حلول اضطرارية للنازحين في شتاء غزة القارس
  • الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود: الإعلام يخلق الوعي ويتكامل مع العمل الإنساني
  • رئيس جامعة المنيا يتفقد متحف الفن الحديث
  • الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود: الإعلام يخلق الوعي باحتياجات المجتمعات ويتكامل مع العمل الإنساني
  • استعدادًا لـ «اليوبيل الذهبي».. رئيس جامعة المنيا يتفقد متحف الفن الحديث
  • مصطفى منصور ينتهي من تصوير للعدالة وجه آخر
  • الترخيص في مهنة التخليص الجمركي .. ما الذي يلزمك لبدء العمل؟
  • ساندي مراد تنضم إلى مسلسل أولاد الراعي المقرر عرضه في رمضان 2026