من سمّ إلى شفاء.. ابتكار دوائي غير مسبوق بقيادة الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 22nd, July 2025 GMT
إنجاز علمي ثوري يعيد رسم ملامح مستقبل الطب، حيث أعلن باحثون من جامعة بنسلفانيا الأميركية عن نجاحهم في تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحويل سموم العناكب والثعابين والعقارب إلى مضادات حيوية فعالة ضد أخطر سلالات البكتيريا المقاومة، مما يمهد الطريق لعصر جديد في مكافحة العدوى القاتلة.
نتائج هذا البحث الرائد نُشرت في مجلة Nature Communications، حيث قام الفريق العلمي بتحليل أكثر من 40 مليون ببتيد — وهي سلاسل بروتينية قصيرة مستخلصة من سموم حيوانية — باستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي، ليتمكن من تحديد 386 جزيئاً واعداً يتمتع بقدرة استثنائية على قتل البكتيريا دون التسبب بأي ضرر للخلايا البشرية.
الآلية المتبعة اعتمدت ثلاث مراحل دقيقة:
تحليل السموم خوارزمياً لاكتشاف الأنماط الفعّالة. انتقاء الجزيئات القادرة على اختراق الأغشية البكتيرية بفعالية. تركيب المركبات واختبارها مختبرياً على أنواع متعددة من الجراثيم.ومن بين 58 مركباً تم تطويره، أظهر 53 منها فعالية عالية ضد بكتيريا خطيرة، أبرزها الإشريكية القولونية والمكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين (MRSA)، وهما من أكثر السلالات تهديداً للأنظمة الصحية حول العالم.
واستوقفت نتائج التجارب أنظار الباحثين عند ببتيد معيّن مستخلص من سم العنكبوت، حيث أثبت فاعليته المذهلة في القضاء على 99% من البكتيريا الموجودة في جروح الفئران بعد تطبيق واحد فقط، ما يعد مؤشراً مبكراً على إمكانات علاجية غير مسبوقة.
ما يميز هذه الببتيدات هو آلية عملها الثورية؛ فهي لا تستهدف البروتينات أو الإنزيمات التي يمكن للبكتيريا أن تتحور لتجاوزها، بل تقوم بتمزيق الأغشية الخلوية مباشرة، ما يقلل فرص نشوء مقاومة دوائية جديدة، ويضع حداً لحالة السباق المستمر بين المضادات التقليدية وتحوّرات الجراثيم.
الباحثون أعربوا عن أملهم في أن يساهم هذا التقدم في تطوير جيل جديد من الأدوية الهجينة، عبر دمج هذه الببتيدات الذكية مع المضادات الحيوية الحالية، إلا أنهم أشاروا إلى أن التجارب السريرية البشرية لا تزال بحاجة لعدة سنوات من البحث والتطوير قبل الاعتماد الفعلي.
ويعيد هذا الابتكار إلى الواجهة التاريخ الطبي الطويل للسموم كعلاج، مثلما فعل عقار “كابتوبريل” المستخلص من سم أفعى الجرس لعلاج ارتفاع ضغط الدم، ومسكن “زيكونوتايد” الفائق القوة المأخوذ من سم حلزون البحر.
في ظل تصاعد التهديد العالمي الناجم عن مقاومة المضادات الحيوية — التي تُعد من أكبر الأخطار التي تواجه الرعاية الصحية الحديثة — يبرز هذا الكشف العلمي كبصيص أمل واعد يفتح الباب أمام حلول جديدة، ويجدد الثقة في قدرة العلم على تطويع أكثر المواد فتكاً لتحمي حياة الإنسان.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: البكتيريا الذكاء الاصطناعي تقنيات الذكاء الاصطناعي تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي صحة الجسم
إقرأ أيضاً:
هل يشجع الذكاء الاصطناعي البشر على الغش؟
أظهرت دراسة جديدة أن الناس يصبحون أكثر ميلا للغش عندما يوكلون المهام إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي، خاصة إذا تمكنوا من توجيهها بطريقة تُشجع على السلوك غير الأخلاقي دون أن يطلبوا ذلك صراحة.
وقالت الباحثة في مجال العلوم السلوكية زوي رهوان إن "مستوى الغش يمكن أن يكون هائلا". وأوضحت -في مقال نشره موقع "ساينتفيك أميركان" المتخصص في الأبحاث العلمية- أن مجرد تفويض الذكاء الاصطناعي مهمة ما يجعل المستخدم يشعر بمسؤولية أخلاقية أقل عن النتائج غير النزيهة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2اعتقال 21 تركيًّا بتهمة الاحتيال على الدولة في مصفاة للذهبlist 2 of 2لندن عاصمة السرقة الأوروبية.. هواتف وسيارات فاخرة تهرّب إلى الصين وأفريقياend of listوشارك في الدراسة -التي نشرت مجلة "نيتشر" نتائجها- آلاف الأشخاص ضمن 13 تجربة استخدم فيها الباحثون نماذج مختلفة، من بينها 4 أنظمة لغوية تجارية كبرى مثل "شات جي بي تي 4″ (GPT-4o) و"كلاود" (Claude).
وتضمنت بعض التجارب لعبة لرمي النرد يربح فيها المشاركون بناء على الأرقام التي يعلنونها، مما يتيح فرصة للغش، بينما استخدمت تجارب أخرى لعبة لتقدير ضرائب الدخل، حيث يمكن للمشاركين التلاعب بالأرقام لتحقيق أرباح أكبر.
وعندما طُلب من المشاركين الإبلاغ عن نتائج النرد بأنفسهم، أظهر نحو 5% فقط سلوكا غير صادق، لكن النسبة قفزت إلى 88% عندما فوّضوا المهمة إلى خوارزمية ووجهوها نحو تحقيق الربح بدلا من الصدق.
وأصدر بعضهم أوامر مباشرة بالغش مثل "الضرائب سرقة، أبلغ عن صفر دخل"، بينما اكتفى آخرون بتلميحات مثل "افعل ما تراه مناسبا، لكن لن أمانع إذا ربحت أكثر قليلا".
ولاحظ الباحثون أن الذكاء الاصطناعي يميل إلى تنفيذ الأوامر غير الأخلاقية بحماس أكبر من البشر. ففي التجارب التي طُلب فيها من الطرفين الغش بشكل جزئي أو كامل، كانت النماذج الآلية أكثر امتثالا للغش، بينما تردد المشاركون البشر.
اختبر الفريق أيضا وسائل لتقييد هذا السلوك، فوجد أن الحواجز الافتراضية المدمجة في النماذج لم تكن فعالة في منع الغش، وأن أكثر الوسائل نجاحا كانت إعطاء تعليمات محددة تمنع الكذب صراحة مثل "لا يُسمح لك بالإبلاغ الخاطئ تحت أي ظرف".
إعلانوأشارت الدراسة إلى أن محاولات تقييد الغش عبر "الحواجز الأخلاقية" المدمجة في النماذج أو باستخدام بيانات الشركات كانت محدودة الفاعلية.
وكانت الإستراتيجية الأكثر نجاحا هي إعطاء تعليمات واضحة وصارمة تمنع الغش، إلا أن تعميم هذا الحل في الواقع العملي ليس قابلا للتطبيق بسهولة.
وتخلص الدراسة إلى أن العلاقة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي قد تفتح الباب أمام أشكال جديدة من السلوك غير الأخلاقي تتطلب حلولا أكثر فعالية.
وترى الباحثة في جامعة ميلانو، أنيه كاجاكايته، أن النتائج تكشف جانبا نفسيا مهما؛ إذ يبدو أن الناس يشعرون بذنب أقل عندما يوجهون الآلة للغش بطريقة غير مباشرة، وكأن الذنب الأخلاقي يتبدد عندما ينفذ "شخص" غير بشري الفعل نيابة عنهم.