الخطر المائي.. ارتفاع حرارة البحر المتوسط والتهديدات المحتملة
تاريخ النشر: 22nd, July 2025 GMT
في وقتٍ تتسارع فيه وتيرة التغير المناخي عالميًا، بات البحر الأبيض المتوسط تحت مجهر القلق البيئي، مع ما يسجله من ارتفاع في درجات حرارة مياهه بمعدلات تفوق المتوسط العالمي. هذا الاحترار لا يمثل مجرد تغير في الطقس، بل يضع واحدة من أغنى النظم البيئية البحرية وأكثرها هشاشة أمام تحديات غير مسبوقة.
البحر يزداد سخونة.. .والعواقب تتسع
تشير بيانات من منظمات مناخية دولية إلى أن حرارة سطح البحر المتوسط ارتفعت بشكل واضح خلال العقدين الماضيين، متجاوزة المعدلات المعتادة في المنطقة. وقد رُصدت درجات حرارة تجاوزت 30 درجة مئوية في بعض السواحل خلال صيف 2023، ما يعزز المخاوف من اضطراب شامل في التوازن البيئي البحري.
هذا الاحترار يسهم في تسريع ذوبان الجليد في القطبين، ما يؤدي إلى ارتفاع منسوب سطح البحر، ويؤثر بدوره على التيارات البحرية التي تلعب دورًا رئيسيًا في تنظيم مناخ دول الحوض. كما يُتوقع أن تتزايد موجات الحر والجفاف والرطوبة العالية في المناطق الساحلية، مع ما يحمله ذلك من تأثيرات صحية مباشرة على السكان.
كوارث طبيعية وتدهور بيئيالاحترار المستمر يرفع من احتمالية حدوث الأعاصير المتوسطية (Medicanes)، وهي أعاصير قوية تنشأ في الحوض المتوسطي، إلى جانب فيضانات ساحلية وعواصف بحرية متكررة، تهدد البنية التحتية ومناطق الكثافة السكانية المنخفضة.
كما بدأت النظم البيئية البحرية تظهر علامات تدهور ملحوظة، من ابيضاض الشعاب المرجانية، إلى نفوق أنواع بحرية حساسة، مع انسحاب تدريجي للأنواع المحلية. في المقابل، تشهد المياه المتوسطية انتشارًا متزايدًا للكائنات الدخيلة، مثل قناديل البحر العملاقة وأسماك الأرنب السامة، التي تخل بالتوازن البيولوجي وتؤثر على الصحة العامة.
الصحة والاقتصاد في دائرة الخطرالموجات الحارة المتكررة تزيد من خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالحرارة، وتفاقم الأمراض المنقولة عبر المياه والحشرات، خاصة في المدن الساحلية المكتظة. هذه التحولات المناخية تلقي بظلالها على النشاط الاقتصادي، لا سيما الصيد التقليدي الذي بات يعاني من انخفاض كبير في أعداد الأنواع السمكية المحلية.
السياحة الساحلية، التي تمثل شريانًا اقتصاديًا حيويًا للعديد من دول المتوسط، تتأثر أيضًا، إذ تتراجع جودة المياه والشواطئ، وتزيد مشكلات التلوث وانتشار الكائنات الغازية، ما يقلل من جاذبية الوجهات السياحية.
الزراعة والمياه.. .ثروات مهددةيمتد التأثير ليشمل الزراعة والمياه الجوفية، حيث تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى زيادة معدلات التبخر وملوحة التربة، خصوصًا في مناطق حساسة مثل دلتا النيل وسهول جنوب أوروبا. النتيجة: انخفاض في جودة مياه الري، وتهديد مباشر للأمن الغذائي في المنطقة.
هل لا يزال الوقت مناسبًا للتحرك؟يرى مختصون في المناخ أن البحر المتوسط يُعد "بؤرة ساخنة" مناخيًا، ما يجعله عرضة لتأثيرات مضاعفة من التغير المناخي. ويشدد هؤلاء على ضرورة تنفيذ حزمة من الإجراءات العاجلة، تشمل:
• تقليص الانبعاثات الكربونية والتحول إلى الطاقات المتجددة،
• حماية النظم البيئية البحرية والساحلية من التعديات،
• تعزيز البنية التحتية لمقاومة الكوارث الطبيعية،
• وتكثيف التعاون الإقليمي لتبادل المعرفة والموارد.
خلاصة المشهد: البحر ينذر.. .فهل من يستجيب؟
ما يعيشه البحر المتوسط اليوم ليس تحذيرًا نظريًا، بل واقعًا مقلقًا يتطلب استجابة جماعية فورية. التحدي لم يعد بيئيًا فقط، بل بات يشمل أبعادًا صحية، واقتصادية، واجتماعية متشابكة.
ما زالت الفرصة سانحة، لكن النافذة تضيق. فالتحرك الواعي الآن قد يحمي البحر المتوسط، أحد أبرز معالم الجغرافيا والهوية والثقافة في العالم، ويحول دون تحول الخطر المائي إلى كارثة حتمية.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: ارتفاع حرارة البحر المتوسط الانبعاثات الكربونية البحر الأبيض المتوسط التغير المناخي الخطر المائي الذوبان الجليدي مقالات البحر المتوسط
إقرأ أيضاً:
البيئة البحرية في عودة الماضي توثق تاريخها لزوار محافظة ظفار
يرسم موسم خريف ظفار بأطلالتة المتجددة لوحات من التراث السياحي والبيئي بتفاصيلة الجميلة وما يحتوية من عبق ماضي عمان القديم والمتعدد في بيئاته المختلفه وتاتي البيئهة البحرية في فعاليات عودة الماضي لتوثيق تاريخ البيئة البحرية بمحافظة ظفار لما تزخر بة من ثروة بحرية منذ زمن جعل منها مرجع لكل زائر او سائح للتعريف بهذه البيئة وما كانت تحتوية من بطولات بين الماضي والحاضر لتحاكي ذلك الواقع الجميل من خلال تجسيد الاعمال في ميناء الفرضة واستقبال وتوديع المسافرين سابقا وحياكة الشباك فترة الخريف من كل عام.
وتحمل ذاكرة ربابنة البحر المشاركين في فعاليات البيئة البحرية بالقرية التراثية لمهرجان صلالة العديد من الذكريات والمغامرات الشائقة وملامح سنوات من السعادة والشقاء وهو ما يجعل من القرية التراثية ملاذا لذكريات الغوص والإبحار بين أمواج بحر العرب والمحيط الهندي مفروشة برمال فضية ناعمة نمشي عليها وكأننا بين أحضان شواطئ ظفار الجميلة ولا تخلو من أحاديث البحر ومغامراته ومصارعة أمواج الخريف من أجل شغف الصيد وكسب الرزق؛ لاستعراض سيرة أعوام مديدة وتاريخ عريق.
وعند زيارة موقع عودة الماضي يلتفت الزائر الى تلك الاهازيج الجميلة التي يقدمونها في البيئة البحرية مجسدين كل ما كان يعمل به في الماضي خصوصا عند استقبال المسافرين وهم محملين بالخيرات التي كانو ينتظرونها المستقبلين على فترات طويلة قد تمتد الى السنة.
ولا يمل المشاركون في الفعالية من إبهار زوار المهرجان وهم يغنون اهازيجهم البحرية الجميلة بصوت واحد ويردون على بعضهم البعض بأبيات تلك الشلات والأهازيج البحرية الشجية ولا يأتي الغناء لمجرد الأبحار في عالم الذكريات وإنما ليحثهم على العمل فهم يرددون تلك الأهازيج وهم ينسجون شباكهم ويعملون بكل تفاؤل لملاقاة ذلك البحر والبحث عن الأمل والعمل الدؤوب الذي لا ينقطع بهم منذ ساعات الصباح الأولى.
ويلفت انتباه زوار البيئة البحرية بعودة الماضي صوت الأهازيج وهي تتعالى بصوت الوالدة صنعة بنت بشير وهي تردد "فضولي جابلي كلمة.. ولايعرف معانيها" ويرد معها بقية الربابنة والنساء اللاتي يقمن بالأعمال النسائية كالغزل على الدواليب.
وتقول الوالدة صنعة بشير إن هذه المهنة إرث عماني أصيل توارثناه أبا عن جد وتعلمنى كل ما يرتبط به بكل محبة وود لأنه يحمل معاني وقيما رائعة للعمل الجماعي مشيرة ان هناك بعض الأهازيج ترتبط بتنفيذ بعض الأعمال وأعضاء فريق البيئة البحرية في عودة الماضي اسرة واحدة يجسدون الماضي القديم وعرضه للزوار حتى يصل بشكل صحيح كما هو جوهر التراث العماني في كل ربوع السلطنة الغالية.
وأضافت بأن من أبرز الفعاليات التي نقوم بها هي عملية (الوشاعة) وهي عملية خياطة الشبك بمختلف أنواعه وهي عملية صعبة ومعقدة جدا ولكنها بالنسبة لنا سهلة..و أثناء عملية الوشاعة يردد أهل البحر بعض الأغاني لايجاد عامل التسلية وروح العمل الجماعي كأغنية (فضولي) كما يشارك في عملية الوشاعة العنصر النسائي بعملية الغزل على الدواليب إضافة إلى عملية الطحن على أداة الرحى القديمة لاستخارج الطحين كما يشتهر أهل البحر بفن (الشبانية) وهو واحد من فنون المحافظة الجميلة.
ويقام فن الشبانية في الأعياد والمناسبات ويكون من خلال الرجال الذين يحملون العصي وهم في مجموعتين متقابلتين بالتمايل إلى الأمام والى الخلف في طريقة تتماشى مع نغمة الإيقاع مكونين مساحة في الوسط يدخل فيها بين حين وآخر ثلاثة رجال يقومون بالقفز إلى الأعلى في طريقة دائرية كأنهم شخص واحد حسب نغمة الإيقاع.
وعن مكونات البيئة البحرية تقول الوالدة صنعة بنت بشير إنها مثال مصغر لما كان عليه أهل البحر في السابق فهناك (الفرضة) وهي عبارة عن غرفتين صغيرتين تخزن فيهما البضائع فواحدة منهما تخزن البضائع القادمة من الخارج من الطريق البحري أما الأخرى فتخزن فيها البضائع المحلية التي ستنقل الى الخارج و هناك أيضا الميناء الذي يتواجد فيه (السنبوق) وهو نوع من أنواع السفن حيث يقوم السنبوق بالذهاب إلى عرض البحر لنقل البضائع من (اللنجات) وهو نوع آخر من السفن ولكنه أكبر حجما حيث لا يمكن أن يصل الى الشاطئ فتذهب اللنجات لاستلام البضائع منه لتنقلها إلى الميناء.