في مشهد صيفي يجسد الهروب من لهيب الحر، تحولت شواطئ الإسكندرية، منذ الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة، إلى لوحات نابضة بالحياة تزدان برؤوس الشماسي الملونة وصيحات الأطفال وضحكات المصطافين، حيث توافد الآلاف من جميع المحافظات المصرية على عروس المتوسط، باحثين عن نسمة بحرية تخفف من وطأة الموجة الحارة التي تضرب البلاد.

وعلى امتداد كورنيش المدينة الساحرة، بدت الشواطئ المجانية والمميزة كخلية نحل تعج بالأهالي والزائرين، فضل الكثيرون الفرار من جدران البيوت الساخنة إلى أحضان البحر ورذاذ الأمواج المنعش، حيث برز شاطئا البوريفاج وجزيرة الذهب كوجهتين مفضلتين للزوار، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة وتزامن الأجواء مع العطلات الصيفية.

من بين الحشود، روت نجلاء مصطفى، ربة منزل جاءت من محافظة البحيرة، تفاصيل رحلتها الشاطئية، قائلة: "الجو لا يُحتمل في البيت، البحر هو المتنفس الوحيد، وبننزل بدري علشان نلحق نحجز مكان تحت الشمسية، وبنقعد لحد المغرب تقريبًا، مضيفة أن الإسكندرية تظل الوجهة الأولى لعائلتها في كل صيف، خصوصًا بعد انتهاء موسم الامتحانات.

أما عم حسين عبد العاطي، موظف بالمعاش من محافظة الشرقية، فكان أكثر شاعرية في وصف علاقته بالبحر: "أنا بعتبر البحر علاج. استنيت الصيف ييجي عشان أشم الهوا وأقعد قصاد البحر، دي متعتي في السن ده." مؤكدًا أن البحر يمنحه راحة نفسية لا تعادلها أي متعة أخرى.

ومن قلب المدينة، وتحديدًا من منطقة سيدي بشر، حضر الطالب الجامعي أحمد جمال بصحبة أصدقائه، في محاولة للهروب من ضغط الدراسة وحرارة الطقس، قائلاً: "الحر شديد في الأيام دي، والبحر هو الحل. بنستمتع بالسباحة وبنحاول ننسى التوتر وضغط الامتحانات."

ولم تغب فرحة الأطفال عن المشهد، إذ بدت الرمال كأنها ملعب مفتوح لأحلامهم الصغيرة. الطفلة روان، 8 سنوات، عبّرت عن بهجتها قائلة: "بحب البحر عشان بلعب بالرملة وبنزل أبلّ رجلي، وماما بتجيب لنا عصير وبطاطس." كلمات بسيطة رسمت صورة حية لبراءة الطفولة في أحضان البحر.

في ظل هذا الإقبال الكثيف، شددت الإدارة المركزية للسياحة والمصايف على مجموعة من التعليمات لضمان قضاء يوم آمن وممتع، منها التوجه المبكر للشواطئ، والحفاظ على النظافة العامة، وعدم دفع إكراميات، والالتزام بالأسعار الرسمية والزي المناسب، كما دعت الإدارة إلى منع استخدام الشيش والمواقيد، والامتثال لتعليمات المنقذين بعدم السباحة بعد الغروب، حرصًا على سلامة الجميع.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الإسكندرية شواطئ الإسكندرية موسم الصيف

إقرأ أيضاً:

سواحل جنوب الشرقية.. وجهة للهاربين من الصيف

-مهرجان عمان للتزلج المظلي نافذة دولية للترويج السياحي

-محمية رأس الجنز فرصة للاقتراب من حياة السلاحف

الأجواء الحارة صيفًا تدفع الناس للبحث عن ملاذات تنخفض فيها درجات الحرارة، لتكون لهم مهربًا من حرارة تلفحهم ورطوبة تُثقل على أنفاسهم، وتُعدُّ بلادنا سلطنة عُمان من البلدان متعددة التضاريس والمناخات، فاتحةً لسكانها وزائريها عدة خيارات للتوجه إليها صيفًا، من أبرزها وأشهرها محافظة ظفار حيث الموسم المعروف بـ "الخريف" الذي يجذب إليه الناس من داخل البلاد وخارجها، فما من خليجي، والكثير من بلدان الوطن العربي، وكذلك الدول الأجنبية، إلا ويعرف "ظفار" المنتعشة صيفًا بأجوائها الرذاذية التي تحجب أشعة الشمس وتكسر حرارتها، وفعالياتها المتعددة، وخدماتها التي تلبي رغبات السياح والزوار قدر الإمكان.

ولكن إلى جانب محافظة ظفار، هناك عدة وجهات أخرى، ربما تكون أقل شهرة خليجيًا، منها ولاية الجبل الأخضر في محافظة الداخلية، وكذلك نيابة الأشخرة الساحلية، التابعة لولاية جعلان بني بوعلي في محافظة جنوب الشرقية، وسواحل جنوب الشرقية الأخرى، منها رأس الجنز حيث محمية السلاحف، ورأس الحد، وحول هذه البقية الجغرافية من بلادنا الحبيبة تُفرد "عُمان" مساحة للحديث.

كانت "عُمان" في قلب حديث رياضي مهم، حلَّ على محافظة جنوب الشرقية في محطات متعددة، بداية من "بر الحكمان"، مرورًا بولاية مصيرة، إلى نيابة "الأشخرة"، ثم إلى رأس الجنز، وبعدها رأس الحد، وأخيرًا في صور العفية، وهو "مهرجان عُمان للتزلج المظلي"، الذي شارك فيه نحو 90 من محترفي رياضة التزلج المظلي من داخل سلطنة عُمان وخارجها، من الدول العربية والأجنبية، وكان وجودنا في هذا المحفل فرصة للحديث عن أبرز مقومات المحافظة، وخاصة نيابة الأشخرة التي تشهد انخفاضًا في درجات الحرارة بالتزامن مع موسم الخريف في ظفار، لذلك تُعد النيابة من أهم الوجهات السياحية في هذه الفترة، فالرذاذ كذلك يملأ الأجواء، والرياح الباردة تهب بالنسيم على الشاطئ الذي يمتلئ بالزوار والعوائل، لذلك نجد أن المسؤولين من الجهات الحكومية، ممثلين بمكتب محافظة جنوب الشرقية ووزارة التراث والسياحة، وعدد من الجهات الأخرى، قد نجحوا في استثمار الأجواء لإقامة مهرجان يحتفي بهذا الموسم الفريد من السنة.

أجواء الأشخرة

"أجواء الأشخرة" هو عنوان المهرجان السنوي الذي ينظمه مكتب محافظة جنوب الشرقية بالتعاون مع عدد من الجهات، ليكون المهرجان، الذي انطلق في 16 يوليو ويستمر حتى التاسع من أغسطس، وجهة مثالية للعائلات والسياح على حدٍّ سواء، الكبير منهم والصغير. يجد الزائر للمهرجان حضورًا لفعاليات عديدة، من مسابقات للأطفال، وفعاليات ثقافية، ومساحة لإبراز موروثات سلطنة عُمان عمومًا، وموروثات المحافظة بشكل خاص، إلى جانب مساحة الألعاب، والمأكولات، وكذلك مساحات مخصصة لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة. لا تنفك مشاهد البهجة عن وجوه الأطفال، الذين تراهم تارة يمرحون في لعبة إلكترونية تدور بهم لتُضاعف شعورهم بالنسيم البارد والرذاذ، وحينًا آخر تراهم في طابور بانتظار دورهم لركوب القطار، وآخرون ينظرون بحماس لإشارة البدء لانطلاق سيارات التصادم، فما من لعبة إلا وتجد محبيها من الأطفال، الفرحة ترتسم كذلك على وجوه الشباب والكبار، فما أن رأى أحده الأطفال عدسة "عمان" وهي ترصد المهرجان، بادر بجرأة وقوة شخصية "صورني"، لتناهل بعد ذلك طلبات التصوير من قبل بعض الشباب، حتى ما لفت انتباهنا رجل كبير بالسن على كرسي متحرك يدفعه إبنه الشاب، قائلا "ولدي ممكن تصورني" لتكون الصورة شاهدة على تفاعل أبناء المنطقة مع فعاليات المهرجان، وذكرى تخلها عدستنا لكل من طلب التصوير ووصلته صورته.

وفي زاوية أخرى خُصِّصت للجانب التراثي، يجد الزائر من يسأل الحضور عن المصطلحات البحرية القديمة، مُشعلًا فيهم روح التحدي والحماس، وآخر يُعَرِّف الجمهور الحاضر بصناعة شباك الصيد والأدوات البحرية، حيث ارتباط أهالي الأشخرة بالبحر، وخيمة الثقافة تحتضن الشعراء وأصحاب الحناجر الذهبية الصادحين بالشلات، في رسالة تؤكد العمق الثقافي وتأصله في روح أبناء المحافظة.

إلى جانب الترفيه، يُعتبر المهرجان فرصة سانحة لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ليكون لهم مصدر دخل ونافذة أخرى تعود بالفائدة عليهم، فالزائر للمهرجان لا بد أن يدفعه الفضول للمرور على المشاركين من أصحاب المشاريع، فيطّلع على منتجاتهم المتنوعة ويشتري منهم ما يرضيه ويعجبه، من عطور مختلفة، وبخور متعدّد، ومنتجات غذائية مثل أنواع العسل، والمنتجات المنزلية، والمأكولات الشعبية، كل ذلك في مساحة واحدة منتعشة بالحضور طوال فترة المهرجان.

التزلج المظلي

أجواء الإثارة والحماس التي شهدها "مهرجان عُمان للتزلج المظلي" ملأت محطاته المختلفة، وكان للمهرجان جوانب أخرى جمعت بين الفائدة والمتعة في آنٍ واحد. ففي هذا الوقت من العام، تشهد سواحل محافظة جنوب الشرقية هبوب رياح تُعد مثالية لمحبي رياضة التزلج المظلي. وجاء المهرجان كأحد أهم الفعاليات التي تُعرّف المشاركين بمقومات هذه البقعة الجغرافية من سلطنة عُمان.

تسعون مشاركًا من دول عربية وأجنبية، ربما كانت هذه زيارتهم الأولى، حطّت أقدامهم فيها، فوجدوا في أجوائها الباردة متعة تُضاف إلى مزايا إقامة هذه الرياضة، فترى الكثير منهم منسجمين في أوقات الاستراحة في الفناء الخارجي للسكن، وكانت الفرصة سانحة أيضًا لزيارة مهرجان "أجواء الأشخرة" والتعرف على الفنون التقليدية، والصناعات الحرفية، والموروث الثقافي، ليس في الأشخرة فقط، بل في محطاته الأخرى كذلك. ففي رأس الجنز، اطلع المشاركون على محمية السلاحف، وكيف أن هذا الفضاء الرحب يُعد موئلًا لأعشاش السلاحف الرملية، وأنواعٍ مختلفة منها، كالسلاحف الخضراء، وسلاحف الريدلي الزيتونية، وسلاحف الريماني، والشرفاف، وسلاحف النملة النادرة، وفي التالي نفرد مساحة للحديث عن المحمية وتجربتنا في الاقتراب من السلاحف.

هنا تتجلى أهمية إقامة مثل هذه الفعاليات الدولية التي تجذب أنظار العالم، فكل مشارك في مهرجان التزلج المظلي يحمل معه ذكرياتٍ ينقلها إلى أهله وأصدقائه، وكل واحد منهم يمتلك قناة أو صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي، فلا تكاد تخلو من صور وتوثيقات ومقاطع تنقل ما تتمتع به سلطنة عُمان من مقومات سياحية، مما يُعد بابًا مهمًا من أبواب الترويج السياحي الذي تسعى إليه الكثير من الدول.

محمية السلاحف

نعود للحديث عن محمية السلاحف بمنطقة رأس الجنز، التي تُعد مشروعًا سياحيًا متكاملًا يجمع الغرف الفندقية ومتحفًا يقدم لزواره تجربة فريدة ومعلومات كثيرة عن حياة السلاحف. كما تتميز المحمية بالشاطئ الخاص، الذي يبعد عن المبنى الرئيسي حوالي كيلومتر واحد، ما يتيح للزوار فرصة للاقتراب من السلاحف العملاقة التي تقصد الشاطئ لوضع بيوضها. ويُراعي تصميم مبنى المحمية هذا البعد، إذ جُهّز بإضاءات خافتة خاصة لا تُشتّت انتباه السلاحف العائدة إلى البحر، فالأضواء الساطعة قد تغيّر بوصلة السلاحف وتتسبب في ضياعها.

وتتيح المحمية للزوار هذه الفرصة في وقتين محددين، إما في حدود الساعة الثامنة مساءً، ويختلف التوقيت بناءً على أيام السنة والفصول وتباين أوقات الشروق والغروب، وإما صباحًا بحدود الساعة الخامسة فجرًا، قرب موعد شروق الشمس. وكانت عدسة عُمان حاضرة في الفترة الصباحية لترصد سلحفاة تعود أدراجها نحو البحر بعد أن وضعت بيوضها، وأخرى أشرقت بها الحياة لتخرج من بيضتها نحو البحر مبتدئةً حياة جديدة.

مقالات مشابهة

  • صياد فلسطيني يعثر على زجاجات طعام في البحر ويشكر المصريين.. ماذا قال؟
  • مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط يكرّم النجم أحمد رزق في دورته الـ41
  • مهرجان العلمين.. كيف تحولت المدينة الجديدة إلى أبرز المقاصد السياحية على البحر المتوسط؟
  • شواطئ بورسعيد تستقبل الآلاف من الزوار خلال عطلة نهاية الأسبوع
  • سواحل جنوب الشرقية.. وجهة للهاربين من الصيف
  • مأساة هجرة قبالة سواحل ليبيا.. 6 ناجين وعشرات مفقودين من المصريين والسودانيين
  • شواطئ الإسكندرية تكتظ بالمصطافين مع ارتفاع نسبة الإشغال إلى 90%
  • زجاجة أمل لغزة.. مبادرة مصرية شعبية لكسر الحصار عبر أمواج البحر (شاهد)
  • موجة الحر في المحيط الهادي زعزعت النظم البيئية