نجح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تحقيق إنجاز غير تقليدي: فرض رسوم جمركية مرتفعة على بعض من أبرز شركاء الولايات المتحدة التجاريين، ومع ذلك قوبلت الاتفاقات التي تلتها بترحيب واسع، واعتُبرت بمثابة انتصارات سياسية واقتصادية.

ففي وقت لا تزال فيه الأسعار مرتفعة والتضخم يضغط على المستهلك الأمريكي، أقدم ترامب على واحدة من أجرأ خطواته منذ توليه الحكم: فرض ضرائب تاريخية على الواردات.

 

وبينما رفض عدد كبير من الاقتصاديين هذه السياسات، معتبرين أنها ستزيد التكاليف على الشركات والمستهلكين، نجح ترامب حتى الآن في قلب التوقعات لصالحه.

السر وراء ذلك وفقا لما كشفه موقع “سي إن إن” هو أسلوب تفاوضي يعتمد على التهديد بأقصى العواقب ثم التراجع عنها، ما يجعل أي اتفاق يُبرم بعد ذلك يبدو وكأنه انتصار. 

فمثلًا، هدد ترامب بفرض تعرفة بنسبة 25% على الواردات اليابانية، لكن الاتفاق النهائي نص على نسبة 15% فقط — رغم أنها لا تزال أعلى من النسبة التي كانت مطبقة سابقًا (1.5%).

ويقول وزير الخزانة سكوت بيسنت: "لترامب دائمًا خطة، حتى وإن لم تكن واضحة دائمًا"، فيما أشار محللون إلى أن المستثمرين لا يهتمون كثيرًا بمستوى الرسوم بقدر اهتمامهم بوضوح الصورة وغياب الغموض.

وقد بدأت الأسواق الأميركية بالتعافي منذ أبريل الماضي، حين جمّد ترامب لمدة 90 يومًا تنفيذ رسوم "يوم التحرير" التي كانت قد أدت إلى هبوط حاد في الأسواق. كما استثنت الإدارة الأميركية الهواتف الذكية والإلكترونيات من الرسوم المفروضة على الصين، ما ساهم في تهدئة الأسواق. وفي منتصف مايو، تم التوصل إلى اتفاق تجاري جديد مع بكين خفض الرسوم الجمركية من 145% إلى 35%.

كما نجحت الإدارة في التوصل إلى اتفاقات مماثلة مع بريطانيا، واليابان، وعدد من الدول الآسيوية مثل إندونيسيا والفلبين. 

واستخدم ترامب الرسوم الجمركية كأداة ضغط لفتح الأسواق أمام المنتجات الأميركية، من لحوم الأبقار إلى الأرز والسيارات.

مع ذلك، لا تزال الصورة بعيدة عن الحسم. إذ يُتوقع أن تفرض رسوم إضافية على عشرات الشركاء التجاريين خلال الأيام المقبلة، كما يلمح ترامب إلى رفع التعرفة العامة من 10% إلى 15% أو 20%.

 وحتى الآن، لا تزال المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي متعثرة، ما ينذر باحتمال تصعيد متبادل.

ويتخوف مراقبون من أن استمرار هذه السياسات قد ينهك الاقتصاد الأميركي مع بدء نفاد المخزون المستورد قبل فرض الرسوم. 

وفيما بدأت مؤشرات التضخم بالارتفاع، لا تزال ثقة المستهلك دون مستوياتها الطبيعية، وسوق العمل بدأ يُظهر بعض علامات الضعف، بينما يواصل الدولار الأميركي الهبوط بشكل حاد.

بالمحصلة، يظهر ترامب اليوم في موقع المنتصر، لكنه انتصار لا يخلو من الهشاشة، وقد يتحول بسرعة إلى أزمة إذا تعثرت الأسواق أو تصاعدت الردود التجارية المضادة.

طباعة شارك دونالد ترامب الرئيس الأمريكي الولايات المتحدة الأسواق الأميركية الرسوم الجمركية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دونالد ترامب الرئيس الأمريكي الولايات المتحدة الأسواق الأميركية الرسوم الجمركية الرسوم الجمرکیة لا تزال

إقرأ أيضاً:

النواب الأميركي يقر مشروع قانون التجارة مع أفريقيا

أقرت لجنة في مجلس النواب الأميركي، يوم الأربعاء، مشروع قانون يجدد 3 سنوات إضافية، برنامج التجارة التفضيلية مع أفريقيا، دون أن يُذكر أي استبعاد لجنوب أفريقيا كما كان قد لمّح المبعوث التجاري الأميركي.

قانون النمو والفرص الأفريقية (أغوا)، الذي أُقر لأول مرة عام 2000 لتوفير دخول معفى من الرسوم الجمركية إلى السوق الأميركية للدول والمنتجات المؤهلة في أفريقيا جنوب الصحراء، انتهى في سبتمبر/أيلول الماضي، ويُقدّر أن مئات آلاف الوظائف في أفريقيا تعتمد عليه.

من شأن تمديد قانون التجارة التفضيلية مع أفريقيا أن يساهم في تحسين اقتصاديات القارة (رويترز)

وقال الممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير يوم الثلاثاء إن إدارة ترامب منفتحة على تمديد لعام واحد، لكنها قد تستبعد جنوب أفريقيا التي وصفها بأنها "مشكلة فريدة".

وأوضحت لجنة الطرق والوسائل في مجلس النواب أن مشروع قانون تمديد أغوا أُقر بأغلبية 37 صوتًا مقابل 3، ووصفت المبادرة التجارية بأنها "حجر الأساس للعلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة ودول أفريقيا جنوب الصحراء".

وأضاف البيان "أي توقف طويل في قانون النمو والفرص الأفريقية سيخلق فراغًا يسعى فاعلون خبيثون مثل الصين وروسيا إلى ملئه".

الرئيس الأميركي دونالد ترامب (يمين) مع رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا في البيت الأبيض بواشنطن في 21 مايو/أيار الماضي (رويترز)

وسيمرر المشروع إلى مجلس النواب بكامل أعضائه، لكن لم يتضح بعد موعد مناقشته.

جنوب أفريقيا تكافح للبقاء ضمن أغوا

قالت وزارة التجارة في جنوب أفريقيا إنها تبذل كل ما بوسعها لضمان إدراج البلاد في أي تمديد للبرنامج، رغم تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة خلال الولاية الثانية لترامب.

خريطة جنوب أفريقيا (الجزيرة)

وانتقد ترامب أكبر اقتصاد في أفريقيا بسبب ما سماها سياساته المتعلقة بمعالجة عدم المساواة العرقية، في حين قال غرير إن على جنوب أفريقيا خفض الرسوم الجمركية والحواجز غير الجمركية أمام المنتجات الأميركية مقابل أن تخفض واشنطن الرسوم البالغة 30% التي فرضتها على السلع الجنوب أفريقية في أغسطس/آب الماضي.

إعلان

وتؤكد جنوب أفريقيا أن إدارة ترامب استندت في فرض الرسوم إلى رؤية غير دقيقة للعلاقات التجارية بين البلدين.

وقال متحدث باسم وزارة التجارة إن جنوب أفريقيا تتابع عن كثب تقدم مشروع قانون تمديد أغوا.

مقالات مشابهة

  • الصين: نسعى لخفض الرسوم الجمركية على المنتجات العراقية
  • الأسواق الروسية تستفيد من القانون الجمركي الجديد للاتحاد الاقتصادي الأوراسي
  • رئيس مصلحة الجمارك: «التسهيلات الجمركية» تدفع حركة التجارة وتعزز تنافسية الاقتصاد المصري
  • رئيس الجمارك: التسهيلات الجمركية تعزز تنافسية الاقتصاد المصري وتدفع حركة التجارة
  • رئيس الجمارك بـ "فود أفريكا": «التسهيلات الجمركية» تدفع حركة التجارة وتعزز تنافسية الاقتصاد المصري
  • أهم 10 أحداث أثرت في الاقتصاد العالمي خلال 2025
  • الشاهد: لجنة مراجعة التشوهات الجمركية خطوة داعمة للصناعة الوطنية
  • النواب الأميركي يقر مشروع قانون التجارة مع أفريقيا
  • نيودلهي تواجه الضربة الأمريكية .. محادثات بين مودي وترامب بشأن الرسوم الجمركية
  • رأي إردام أوزان يكتب: الاقتصاد السياسي.. معركة قائمة بلا رايات ولكن بعواقب وخيمة