وزيرة التخطيط: المشروعات الصغيرة تعزز الصمود الاقتصادي والنمو الشامل
تاريخ النشر: 24th, July 2025 GMT
شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في الجلسة الافتتاحية لفعاليات الاجتماع الوزاري العالمي الأول للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بجنوب أفريقيا، الذي ينظمه مركز التجارة الدولية التابع للأمم المتحدة (ITC)، بالشراكة مع وزارة تنمية الأعمال الصغيرة (DSBD)، وذلك بمشاركة باميلا كوك-هاملتون، المديرة التنفيذية لمركز التجارة الدولية (ITC)، و أمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، و ليزا كامينز، وزيرة الطاقة وتطوير الأعمال، بربادوس، والدكتورة جوموكي أودووولي، وزيرة الصناعة والتجارة والاستثمار، جمهورية نيجيريا الاتحادية، و هيلين بودليجر أرتييدا، وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية، سويسرا، والسفير نيلسون موفوه، المنسق المقيم للأمم المتحدة في جنوب أفريقيا.
وفي كلمتها، أشارت الدكتورة رانيا المشاط، إلى أهمية تدشين أول اجتماع وزاري عالمي يركز على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وينظمه مركز التنمية الدولية، في توقيت بالغ الأهمية للاقتصاد والتجارة العالميين.
وأوضحت أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة أثبتت قدرتها الكبيرة على إحداث تحول في اقتصادات الدول النامية، حيث تُعد محركات للتغيير والتنمية، وتمتد آثارها على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، لتصبح واحدة من أقوى محركات النمو والازدهار والابتكار.
وأضافت أنه رغم وجود فجوة تمويلية تبلغ 5.2 تريليون دولار بحسب البنك الدولي، فإن هذه المشروعات غالبًا ما تكون الأكثر مرونة وقدرة على التكيف، خاصة في الاقتصادات الناشئة، حيث تسهم في تعزيز الصمود الاقتصادي والنمو الشامل.
وأشارت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إلى أنه في قارة أفريقيا لا تتجاوز نسبة المُشاركة في سوق العمل 38.29% من السكان، وهي إشارة واضحة لضرورة التحرك، واستغلال الموارد الطبيعية والبشرية في القارة للتغلب على تلك التحديات، خاصة مع فجوات هيكلية كبيرة في مجالات التوظيف والإنتاجية والاندماج في الأسواق العالمية.
وأكدت أنه من أجل التغلب على تلك الفجوات فلابد من إطلاق الإمكانات الكاملة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي تمثل عالميًا أكثر من 90% من إجمالي عدد الشركات، وتوفر ما يصل إلى 70% من فرص العمل، وتسهم بأكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، كما تعد هذه المشروعات ركيزة لتنويع اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط، أما في أفريقيا جنوب الصحراء ومناطق أخرى، فهي محرك رئيسي للتوظيف وتقديم حلول محلية والتوسع في الصادرات العالمية.
وتطرقت إلى الأوضاع في مصر، موضحة أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تُمثل 43% من الناتج المحلي الإجمالي، وتستوعب ثلاثة أرباع القوى العاملة. وتضع رؤية مصر 2030 هذه المشروعات في صميم الإصلاحات الهيكلية، خاصة في القطاعات ذات الأولوية مثل النمو الأخضر، التجارة الإقليمية، والابتكار الرقمي، مضيفة أن تدشين جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في عام 2004 مثل قاعدة قوية لنمو هذا القطاع في مصر. ومن خلال ما يقدمه من خدمات مالية، وبرامج بناء القدرات، ودعم التصدير، وإصلاحات تنظيمية، ساعد الجهاز في تحسين بيئة الأعمال، مما مكّن هذه المشروعات من لعب دور محوري في دفع النمو الاقتصادي وخلق الوظائف.وساهم ذلك في تعزيز قدرة الاقتصاد على الصمود، كما رسّخ مكانة المشروعات الصغيرة والمتوسطة كركيزة أساسية في مسار التنمية المستدامة لمصر، ما يجعل لدينا قصة نجاح حقيقية.
كما أشارت الدكتورة رانيا المشاط، إلى إطلاق المجموعة الوزارية لريادة الأعمال والتي تضمن التنسيق بين مختلف جهات الحكومة، والشركاء التنمويين، والقطاع الخاص، مع تركيز خاص على التمويل والتنظيم وبناء منظومة الابتكار.
وأوضحت أنه من خلال منصة «حافز» للدعم المالي والفني للقطاع الخاص، التي تم إطلاقها في عام 2023، تستفيد الشركات الصغيرة والمتوسطة والناشئة من الخدمات الاستشارية، ويستخدم المنصة أكثر من 22 ألف شركة للاطلاع على الآليات التمويلية، والمناقصات، والخدمات الاستشارية المتاحة من شركاء التنمية.
وذكرت أن هذا يأتي ضمن جهود أوسع شملت حشد أكثر من 15.6 مليار دولار في الفترة من 2020 إلى 2025، تمويلات ميسرة للقطاع الخاص فضلًا عن دعم فني بأكثر من 228 مليون دولار، تنعكس بشكل كبير على تطوير قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتحول الرقمي، وتيسير التجارة.
كما أوضحت "المشاط"، أن مصر أطلقت في إطار رئاستها لمؤتمر المناخ برنامج «نُوفّي» والذي يعد نموذجًا مبتكرًا لتمكين الشركات الكبرى وأيضًا الصغيرة والمتوسطة من المساهمة في دفع النمو المستدام، مشيرة إلى إطلاق وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، استراتيجية التعاون جنوب جنوبوالتعاون الثلاثي، لتعزيز تبادل الخبرات والتوسع في الممارسات الناجحة، ويسعدنا أن نكون ضيوفًا للمرة الخامسة على اجتماعات مجموعة العشرين، ونشارك هذا الأسبوع في الاجتماع الوزاري لفريق عمل التنمية ضمن رئاسة جنوب أفريقيا، حيث نناقش أهمية المنافع العامة العالمية>
وشددت على أنه في ظل تعقيد مشهد التجارة العالمي، يجب تمكين هذه المشروعات لقيادة جهود النمو، ولذلك تعمل مصر على تعزيز مشاركة المشروعات الصغيرة في سلاسل القيمة الإقليمية، من خلال اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية(AfCFTA)، إلى جانب دعم الاندماج القطاعي في مجالات مثل الزراعة، والصناعات الخضراء، والخدمات الرقمية.
وأضافت أنه من الممكن أن تكون هذه المشروعات أداة رئيسية لحل معضلة الديون في الدول النامية، حيث ذكر «ميثاق المستقبل» الصادر عن مؤتمر القمة المعني بالمستقبل بالأمم المتحدة، أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها ركيزة لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية العالمية طويلة المدى.
وتحدثت "المشاط"، عن مشاركتها في المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية في إشبيلية، والذي شهد تعهدات واعدة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مما يشكل فرصة محورية لإعادة تشكيل النظام المالي العالمي لصالح هذه المشروعات، خاصة في الدول النامية – من خلال الشمول المالي، والتقدم التكنولوجي، وتوسيع النفاذ إلى الأسواق، حيث يُمثل الاهتمام بتلك المشروعات «مصلحة عامة عالمية».
وأكدت على ضرورة دمج المشروعات الصغيرة والمتوسطة في سلاسل القيمة العالمية، وتعزيز مواءمة البرامج الوطنية مع أولويات الاقتصاد الأخضر والرقمي، بالإضافة إلى تحسين البيئة التنظيمية والابتكارية، موضحةً أن منصة «حافز» يمكن أن تمثل «منفعة عامة إقليمية»، ونحن منفتحون على التعاون جنوب-جنوب مع الحكومات والمؤسسات في دول الجنوب لتكرار هذا النموذج، بما يوفر وصولاً أوسع إلى الخدمات الاستشارية والتمويلية والأدوات الرقمية.
وأشارت "المشاط"، إلى ترحيب مصر باستضافة أول اجتماعات لمنتدى المقرضين، ومنصة المعلومات المشتركة، اللتين اقترحهما مجموعة خبراء الأمين العام للأمم المتحدة، وندعو الحكومات والقطاع الخاص والمشروعات الصغيرة إلى تبادل أفضل الممارسات والدروس المستفادة لدعم النمو الشامل لهذا القطاع.
وأكدت التزام مصر بالتعاون متعدد الأطراف، والعمل مع الشركاء لتعزيز نمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبناء اقتصاد عالمي أكثر عدالة وإنصافًا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رانيا المشاط جنوب أفريقيا لأمم المتحدة المشروعات الصغیرة والمتوسطة للأمم المتحدة هذه المشروعات جنوب أفریقیا رانیا المشاط المشروعات ا من خلال أکثر من
إقرأ أيضاً:
ضرورة الحل الشامل للأزمة في السودان
ضرورة الحل الشامل للأزمة في السودان
تاج السر عثمان بابو
1
بعد انقلاب 30 يونيو 1989 الذي نفذه الإسلاميون، ازدادت نيران الحرب اشتعالا.. بعد أن توصلت الحركة السياسية السودانية إلى اتفاقية السلام أو اتفاق الميرغني – قرنق، وتم التوجه للسلام في إطار وحدة البلاد، والاتفاق على عقد المؤتمر الدستوري، اتسع نطاق الحرب ليشمل دارفور وجنوب النيل الأزرق وجبال النوبا، وحدثت الابادة الجماعية في دارفور بعد أن كون نظام الانقاذ الجنجويد، حتى اصبح البشير ومن معه مطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية ويجب تسليمهم بعد محاكمة علي كوشيب. حتى تم توقيع اتفاقية نيفاشا، التي تم بعدها انفصال الجنوب.
2
بعد انفصال جنوب السودان ازدادت الأزمة الوطنية في البلاد عمقا، واشتدت حدة الضائقة المعيشية والمجاعة في اطراف البلاد، والارتفاع الجنوني في الأسعار بعد تخفيض قيمة الجنية السوداني. ومصادرة حرية الصحافة والتعبير، وتجددت الحرب في المناطق الثلاث: جنوب كردفان والنيل الأزرق وابيي اضافة للحرب التي كانت مشتعلة في دارفور، وارتفاع صوت الخطاب العنصري الذي فتح الباب لحروب الابادة في تلك المناطق. وتوتر العلاقة بين دولتي الشمال والجنوب والتي وصلت ذروتها بعد أزمة احتلال هجليج. وتطورت الأحداث حتى انفجار ثورة ديسمبر التي أطاحت بالبشير لكن انقلاب اللجنة الأمنية قطع الطريق أمامها، وتمت مجزرة فض اعتصام القيادة العامة وبعدها تم التراجع عن ميثاق قوى الحرية والتغيير الذي تم التوقيع عليه في يناير 2019، وتم استبداله بالتوقيع على الوثيقة الدستورية التي قننت الشراكة مع العسكر والدعم السريع دستوريا، وتم التوقيع على اتفاق جوبا الذي تحول إلى مناصب ومحاصصات في السلطة، وحتى الوثيقة الدستورية تم خرقها إلى أن تم الانقضاض عليها بانقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي اعاد التمكين للإسلاميين وقاد للحرب اللعينة الجارية حاليا التي تهدد بتقسيم البلاد مرة أخرى.
3
ولا شك أن انفصال الجنوب كان له تداعيات خطيرة داخليا واقليميا، وهو يعبر عن فشل المؤتمر الوطني في حل المشكلة والتي زادها تعقيدا بعد انقلاب 30 يونيو 1989م، والحرب الجهادية والدينية التي كان لها نتائج ضارة عمقّت جراحات الوطن. وبعد أن فشل النظام في الحل العسكري، وقّع تحت الضغوط المحلية والعالمية اتفاقية نيفاشا التي اوقفت الحرب التي دارت لمدة 21 عاما. استندت الاتفاقية علي قاعدة سودان واحد بنظامين، وكانت الاتفاقية ثنائية وتحمل في طياتها جرثومة الانفصال كما يتضح من التقسيم الشمولي للسلطة بين الشريكين في الشمال والجنوب، فضلا عن أن المؤتمر الوطني لا يمثل الشمال والحركة الشعبية لاتمثل الجنوب، وقسمة عائدات البترول التي ازكت النزعة الانفصالية، ونظام مصرفي بنافذتين، وتقسيم البلاد علي أساس ديني. وجاءت حصيلة ممارسة الست سنوات الماضية لتكرس الصراع بين الشريكين، بعد الفشل في انجاز التحول الديمقراطي، وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو اللون أو العرق، وتحقيق التنمية وتحسين الاوضاع المعيشية في الشمال والجنوب، وتكريس الفوارق الطبقية والفساد، اضافة الي عدم توفير مقومات الاستفتاء والتي تتلخص في قيام انتخابات حرة نزيهة تشرف عليها لجنة انتخابات مستقلة ومحايدة، تنتج عنها حكومة ذات قاعدة واسعة هي التي تشرف علي الاستفتاء علي تقرير المصير مما يجعل الوحدة في النهاية هي الراجحة في النهاية، ولكن ذلك لم يتم ، وكان تزوير الانتخابات، والتي رفضت نتائجها القوي السياسية في الشمال والجنوب، اضافة الي تأخير ترسيم الحدود وعدم تكوين لجنة استفتاء ابيي ، وعدم تطبيق الاتفاقية فيما يختص بمنطقتي جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق مما ادي لعودة الحرب فيهما.
4
لقد اكدت تجربة اتفاقية نيفاشا فشل الحل الثنائي المفروض من الخارج والذي استبعد القوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني، ويبقي ضرورة الاستفادة من تلك التجربة ومنع حدوثها
حتى لا تتكرر تجربة انفصال جنوب السودان وتمرير مخطط تمزيق السودان الي دويلات وخاصة بعد احتلال الدعم السريع الفاشر وبابنوسة وهجليج التي لها النفط مما يعزز خطوات الانفصال.
وهذا يتطلب الاتفاق على موقف وطني موحد يجنب البلاد شر ذلك المصير. ولشعب السودان تجربة كبيرة في الوصول لحلول لمشاكله الداخلية كما حدث في تجربة الاستقلال عام 1956م عندما ثواثقت القوي السياسية والنقابية علي دستور السودان الانتقالي الذي كفل الحقوق والحريات الأساسية وكان استقلال السودان بعيدا عن الاحلاف العسكرية والارتباط بالخارج. وكذلك عندما اشتدت الأزمة الوطنية العامة في أخر سنوات ديكتاتورية عبود بعد أن اشتد اوار حرب الجنوب والضائقة المعيشية وأزمة الحريات الديمقراطية، توحد شعب السودان خلف جبهة الهيئات التي قادت الاضراب السياسي العام والعصيان المدني ضد النظام حتي تمت الاطاحة به في ثورة اكتوبر 1964م واستعادة الديمقراطية ودستور السودان الانتقالي المعدل لعام 1964م. وتوحد شعب السودان مرة ثالثة ضد نظام مايو الديكتاتوري في التجمع الوطني لانقاذ الوطن الذي قاد انتفاضة مارس- ابريل 1985م التي اطاحت بحكم الديكتاتور نميري واستعادة الديمقراطية. وشعب السودان قادر علي استلهام تلك التجارب مع أخذ الظروف الجديدة لاسقاط الحكومتين غير الشرعيتين في بورتسودان ونيالا. وقطع الطريق أمام حل ثنائي آخر مفروض من الخارج والذي قد يكرّس تفتيت ماتبقي من الوطن.
5
وبالتالي من المهم قيام أوسع جبهة جماهيرية من أجل وقف الحرب واسترداد الثورة وقيام الحكم المدني الديمقراطي، وخروج العسكر والدعم السريع والمليشيات من السياسة والاقتصاد، وعدم الإفلات من العقاب. وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية والتعليمية والأمنية، والترتيبات الأمنية لحل كل المليشيات وجيوش الحركات وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية، وقيام دولة المواطنة التي تحترم التعدد الديني والثقافي والعرقي واحترام حقوق الانسان وسيادة حكم القانون ولضمان وحدة ما تبقى من الوطن، وقيام المؤتمر الدستوري الشامل الذي يرسم خريطة الطريق للمخرج من النفق المظلم الذي دخلت فيه البلاد، وتحقيق التنمية المتوازنة، والتوزيع العادل للثروة والسلطة.
الوسوماتفاق الميرغني- قرنق الإبادة الجماعية الإسلاميون السودان انقلاب 25 اكتوبر 2021 انقلاب 30 يونيو 1989 تاج السر عثمان بابو جبال النوبة جنوب السودان حرب 15 ابريل 2023م دارفور نيفاشا