ألواح النور.. أنظمة الطاقة الشمسية تنقذ بيوت السودانيين من الظلام
تاريخ النشر: 24th, July 2025 GMT
وسط الأزمات المتفاقمة في السودان، يسعى المواطنون جاهدين لاستعادة نمط حياتهم الطبيعي بأبسط الوسائل المتاحة، وعلى رأسها الاعتماد المتزايد على الطاقة الشمسية لمواجهة الانقطاع المتكرر للكهرباء. هذا الاتجاه الإجباري نحو الطاقة النظيفة أدى إلى انتعاش سوق الأجهزة المرتبطة بها، من ثلاجات ومكيفات تعمل بالطاقة الشمسية إلى الألواح والبطاريات وخدمات الصيانة، مما أوجد فرص عمل جديدة وأدخل كثيرين في عالم لم يكونوا جزءًا منه من قبل.
تقول إلهام علي، المقيمة في مدينة شندي بولاية نهر النيل، إنها لم تكن تتوقع أن تعود لاستخدام أدوات أجدادها، لكنها اضطرت لذلك بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء منذ بداية الحرب. وتوضح في حديثها لـ"الجزيرة نت" أنها تستخدم "الهبابة" – مروحة يدوية مصنوعة من السعف – لإشعال النار، و"الموعلاق" أو "المشعليب" – وهو بديل تقليدي للثلاجة يُصنع من سعف النخيل ويُعلق في سقف المطبخ، بالإضافة إلى استخدام الزير لحفظ الماء، والفانوس للإضاءة، ومكواة الفحم القديمة. رغم أن هذه الأدوات سدّت احتياجاتها اليومية، إلا أن المعاناة لا تزال مستمرة، وتفكر بجدية في ادخار المال لتركيب نظام طاقة شمسية. لكنها تتردد، إذ في حين يرى البعض في هذه الخطوة حلاً جذريًا لأزمة الكهرباء، يحذر آخرون من ضعف كفاءة الأجهزة المتوفرة وسوء جودتها، ما يجعل الاستثمار فيها مخاطرة
تتمتع السودان بظروف مثالية لتوليد الطاقة الشمسية، بفضل مساحاتها الصحراوية والزراعية الواسعة. وقد عززت الحكومة هذا التوجه من خلال أطر تنظيمية وسياسات وطنية تدعم الطاقة المتجددة، أبرزها "قانون الطاقة المتجددة وكهربة الريف" الصادر عام 2013، والذي يشكل الأساس القانوني لمشاريع الطاقة الشمسية خارج الشبكة. كما تقدم الدولة حوافز ضريبية ومالية وإعفاءات جمركية لتشجيع الاستثمار في هذا القطاع.
إعلانواقع يؤمن عليه عبده حسين، تاجر في مجال أدوات الطاقة الشمسية في السودان، يقول للجزيرة نت: "قبل الحرب كان لدي شركة تراكتورات وآليات، ومولدات كهرباء بالعاصمة ولكن بسبب الحرب في ذلك الوقت خرجنا إلى ولاية نهر النيل وكنت أبحث عن مشروع بديل بعد أن فقدت تجارتي وكل ما أملك، لذا فكرت في العمل بمجال تجهيزات الطاقة الشمسية، قرابة الثلاث سنوات من العمل على هذا المشروع جعلتني أؤمن أنه مشروع واعد، فالطلب كبير جدا لدرجة أننا كتجار نقوم بحجز البضاعة قبل أن تصل إلى ميناء بورت سودان بالحاويات".
ويتابع: "في البداية عملت على تأسيس منظومات الطاقة الشمسية الزراعية لتوفير المياه للمزارعين عقب ارتفاع سعر الجازولين بسبب الحرب، لكن تزايد الطلب حتى من غير المزارعين مع الانقطاعات المتزايدة للتيار الكهربائي، حيث صارت الخدمة شبه معدومة في بعض الأماكن بسبب سرقات المحولات الكهربائية الحكومية والماكينات من قبل مليشيات الدعم السريع، ما دفع الكثير من المواطنين إلى التفكير في منظومة الطاقة الشمسية كبديل لتوفير الكهرباء وسط الأوضاع السيئة".
رغم فقدان كثير من السودانيين لمصادر دخلهم، لا تزال الطاقة الشمسية تُعد خيارا اقتصاديا بالمقارنة مع الكهرباء العامة، وفقًا لعبده حسين، الذي أوضح أن "الحكومة رفعت سعر الكيلوواط، بينما تقتصر تكلفة الطاقة الشمسية على مرحلة التأسيس فقط، وبعدها يبدأ التوفير". وأضاف أن تأسيس نظام شمسي لمنزل يشغّل ثلاجة، مروحتين، مكيفًا من نوع سبليت، إنارة، مضخة مياه، وتلفاز، يكلّف نحو ألفي دولار.
يعمل أمجد مأمون أحمد (28 عامًا) في صيانة مولدات الكهرباء وتركيب أنظمة الطاقة الشمسية للأغراض السكنية والزراعية. ويؤكد في حديثه لـ"الجزيرة نت" أن "الطاقة الشمسية غير مكلفة على المدى الطويل، إذ تُدفع تكلفتها مرة واحدة فقط، وبعدها لا يحتاج صاحبها لأي مصاريف صيانة أو فواتير لمدة لا تقل عن 7 سنوات، إذا تم الحفاظ عليها جيدًا". ويضيف أن العمل في هذا المجال مجزٍ وممتع، خاصة وأنه يعتمد على طاقة نظيفة تستخدمها الدول المتقدمة للحد من التلوث والانبعاثات. ويرى أن السودان قد يستفيد من التوسع في استخدامها، لا سيما بعد تضرر عدد من خزانات ومحطات الطاقة الكهرومائية مثل سد مروي وخزان جبل الأولياء.
مجال واعد.. هل يستمر؟صحيح أن الأوضاع أجبرت عبده على العمل في مجال الطاقة الشمسية إلا أن مستقبلها يبدو مشرقا برأيه، يقول: "الآن هناك بادرة طيبه من بنك الخرطوم حيث قام بتفعيل نظام التمويل للمنازل في حدود 10 مليون جنيه سوداني تسدد على شكل أقساط لمده 24 شهرا فقط لتمويل الطاقة الشمسية".
تعمق عبده في دراسة مكونات الطاقة الشمسية، واكتسب خبرة كبيرة من احتكاكه بالمهندسين العاملين في المجال كصاحب عمل، يقول: "تعلمت أبجديات حسابات الأحمال الكهربائية وكيفية تكوين منظومة متكاملة بحسابات دقيقة، تعلمت أكثر عن جميع الأجهزة المتعلقة بالطاقة الشمسية، ما فتح لي قنوات مع أصحاب مصانع في الصين والهند على مستوى الاستيراد، وأرى أن الطلب سيكون كبير جدا خلال الفترة القادمة".
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات الطاقة الشمسیة
إقرأ أيضاً:
تدشين فعاليات المعرض الثاني للطاقة الشمسية والري الحديث بصنعاء
ويأتي تنظيم المعرض ضمن الشراكات النوعية لمواكبة تطلعات السوق المحلية نحو طاقة بديلة ومستدامة، ويُعد منصة تجمع أبرز الفاعلين في قطاع الطاقة المتجددة وأنظمة الري الحديث ومستلزمات الزراعة، يعرض أحدث ما توصلت إليه التقنيات في هذا المجال، ويعززّ من الشراكة بين القطاعين العام والخاص، من خلال دعم المشاريع التنموية بقطاعات الطاقة والمياه والزراعة.
وفي التدشين، أشار القائم بأعمال وزير الاقتصاد والصناعة والاستثمار سام البشيري، إلى أهمية تنظيم مثل هذه المعارض للتعريف بالجديد في مجال الطاقة الشمسية ونشر الوعي باستخدامها كأحد البدائل في توليد الطاقة في مختلف المجالات، خاصة الاستخدامات الزراعية.
وأشاد بمستوى التنظيم لإقامة المعرض وبما يحتويه من أنشطة وفعاليات من قبل القطاع الخاص ممثلا بالعديد من الشركات الوطنية، مؤكدًا استعداد الوزارة تقديم الدعم والتسهيلات للقطاع الخاص ومساندة مختلف أنشطته وبما يخدم المجتمع والاقتصاد الوطني بشكل عام.
وعلى هامش الزيارة، طاف القائم بأعمال وزير الاقتصاد والصناعة والاستثمار ونائب وزير الإدارة والتنمية المحلية والريفية ناصر المحضار، ووكيل وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية لقطاع التسويق محسن عاطف، بأجنحة وأقسام المعرض الذي ينظم خلال الفترة من 5 - 9 أكتوبر الجاري.
فيما أوضح مدير اللقاء الدولي للمعارض محسن سريع، أن الأهداف الرئيسية للمعرض تتمثل في عرض أحدث التقنيات في إنتاج الطاقة النظيفة واستغلال الموارد الطبيعية، وجمع وكلاء وموردي الطاقة البديلة ومصانع الري الحديث والمعدات الزراعية وتشجيع المنافسة وتقديم أفضل العروض التجارية، إضافة إلى تعزيز الشراكة مع البنوك والمنظمات لتمويل مشروعات الطاقة والزراعة.
ويشارك في المعرض عدد من البنوك والمنظمات المحلية والدولية، لتقديم برامج التمويل الزراعي والطاقة الشمسية وإيضاحات حول كيفية الحصول على التسهيلات والقروض الميسرة للمزارعين والمستثمرين