اليد الممدودة في خطاب جلالة الملك محمد السادس حفظه الله : مقاربة في تفكيك الخطاب
تاريخ النشر: 3rd, August 2025 GMT
في خضم التوترات السياسية والجمود الدبلوماسي الذي يطبع العلاقات بين المغرب والجزائر، برزت عبارة « اليد الممدودة » التي وردت أكثر من مرة في خطب الملك محمد السادس كعلامة فارقة في الخطاب السياسي المغربي. هذه العبارة، التي تبدو بسيطة في ظاهرها، تختزن داخلها كثافة رمزية بالغة العمق، تجعل منها مفتاحًا لفهم ليس فقط توجهات السياسة الخارجية المغربية، بل كذلك الطريقة التي يُعاد بها تشكيل المخيال السياسي في الفضاء المغاربي.
1. اليد كعلامة: من الجسد إلى البنية الرمزية
في تفكيك الدلالات الجسدية، تُعد اليد من أكثر الأعضاء دلالة، ليس فقط على مستوى الحركة والفعل، ولكن أيضًا على مستوى الإشارة والتواصل. فاليد الممدودة ليست مجرّد فعل جسدي، بل تحوّلت إلى علامة مركّبة، تستدعي في الذهن الجماعي مفاهيم مثل التسامح، المبادرة، الصلح، القوة، والشرعية.
ومن هنا، فإن استعمال هذه العبارة في خطاب ملكي رسمي، صادر عن أعلى سلطة في البلاد، يُضفي عليها طابعًا أيقونيًا، يجعلها تختزل مشروعًا سياسيًا وأخلاقيًا على حدّ سواء. نحن لسنا فقط أمام مبادرة، بل أمام موقف رمزي تتجسّد فيه الدولة كمفهوم أخلاقي قبل أن تكون جهازًا سياسيًا.
2. اليد الممدودة داخل النسق الخطابي الملكي
عند تحليل موقع « اليد الممدودة » داخل بنية الخطاب الملكي، نلاحظ أنها لا تُقدَّم كتكتيك أو مناورة، بل كدعوة أخلاقية وإنسانية متجاوزة لمفردات التفاوض. إننا أمام خطاب يتّسم بتسامٍ معنوي وروحي، يدعو إلى فتح صفحة جديدة لا على أساس موازين القوى، بل على أساس الأخوّة والتاريخ المشترك.
هذه اللغة تُحيل ضمنيًا إلى خطاب صوفي/روحي، حيث تصبح اليد الممدودة أشبه بـ »الطريق »، أو « السلوك »، في دلالة على نهج قائم على الصفاء والنقاء، لا على المصلحة الباردة فقط. ومن هذا المنظور، فإن الخطاب الملكي يحاول إعادة بناء مشترك للهوية المغاربية، من خلال رمز بسيط، لكنه بالغ القوة
وبالتالي، حين يُصدر الملك دعوته بمدّ اليد، فإن الأمر يُفهم في إطار ليس سياسيًا فحسب، بل أيضًا ديني-أخلاقي، خاصة أن المؤسسة الملكية في المغرب ترتكز على شرعية دينية (أمارة المؤمنين.
3. الجغرافيا واليد:
من الرباط إلى الجزائر، تمتد اليد الممدودة شرقاً. هذا الامتداد لا يخلو من دلالة جغرافية/رمزية:
المغرب، بوصفه بوابة الغرب الإسلامي، يمد يده نحو عمقه الشرقي المغاربي.
المسافة الجغرافية تُختزل رمزياً في « المصافحة »، التي تعبّر عن إزالة الحواجز، أي إلغاء الحواجز الحدودية والنفسية.
من هنا، فإن اليد تتحول إلى جسر سياسي، يعيد رسم خريطة البناء المغاربي، لا على أساس الترسيم الحدودي، بل على أساس الذاكرة المشتركة،
في النهاية، لا يمكن فصل اليد الممدودة عن سؤال المصير المغاربي المشترك. فهي ليست مبادرة وحيدة الجانب، بل اختبار للذاكرة، وللنضج السياسي، ولقدرة الشعوب على تجاوز الماضي دون التنكّر له. إن الخطاب الملكي، حين يُفعّل هذه الإشارة الرمزية، لا يسعى فقط إلى إذابة الجليد الدبلوماسي، بل يدعو إلى إعادة هندسة العلاقة بين الدول المغاربية على أسس جديدة: قائمة على الاحترام، والحوار.
يبقى السؤال مفتوحاً: هل سيجد هذا الرمز تجاوبه، أم ستظل اليد معلقة في الفضاء الرمزي المغاربي، تنتظر من يقابلها بما تستحق؟
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: الید الممدودة على أساس سیاسی ا
إقرأ أيضاً:
العيسوي: الملك جعل من الأردن نموذجا في الحداثة والعدالة والثبات على المواقف
صراحة نيوز- أكد رئيس الديوان الملكي الهاشمي يوسف حسن العيسوي، أن الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، يشكل أنموذجاً فريداً في ثبات الموقف، وصلابة النهج، واستشراف المستقبل، مشدداً على أن المملكة كانت وما زالت ركيزة استقرار ومنارة تحديث في محيطها العربي والدولي.
جاء ذلك خلال لقائه، اليوم السبت في الديوان الملكي الهاشمي، وفداً شبابيا من مناطق الأغوار ملتحقين بالجامعات الأردنية، بحضور مستشار جلالة الملك لشؤون العشائر، كنيعان عطا البلوي.
وأشار العيسوي إلى أن الأردن، بإرادة قيادته ووعي شعبه، ظل صخرة صلبة في مواجهة التحديات وتقلبات الإقليم، ولم يحِد يوماً عن موقفه الراسخ في الدفاع عن قضايا أمته، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، التي يراها جلالة الملك قضية الأمة المركزية، وركناً ثابتاً من ثوابتنا الوطنية.
وفي حديثه عن الجهود الأردنية تجاه قطاع غزة، لفت العيسوي إلى أن الأردن لم يتأخر يوماً في مدّ يد العون والإغاثة، بل كان السبّاق في إطلاق حملات الدعم والمساندة، حيث توالت القوافل الإغاثية والطلعات الجوية المحمّلة بالمساعدات الطبية والغذائية، لتصل إلى عمق المعاناة في خان يونس، حاملةً رسالة ملكية واضحة: “نحن معكم قولاً وفعلاً”.
وأكد أن هذه الجهود، التي انطلقت بتوجيهات مباشرة من جلالة الملك، تعكس موقع الأردن كـ “رئة لغزة وملاذ لأهلها”، بعيداً عن الحسابات السياسية الضيقة.
كما شدد العيسوي على أن قيادة جلالة الملك لم تنفصل يوماً عن هموم المواطن ولا عن آمال الشعوب العربية، بل كانت حاضرة دوماً في الميدان، تُبادر وتستجيب، وتقود بشجاعة نحو التغيير والتحديث.
وأوضح أن جلالة الملك وضع الإنسان الأردني في قلب مشروع التنمية والتطوير، إيماناً بأن العدالة والكرامة والفرص هي أسس الدولة القوية الراسخة.
وفي السياق ذاته، نوه العيسوي بالدور المحوري الذي تضطلع به جلالة الملكة رانيا العبدالله، في دعم التعليم وتمكين المرأة والارتقاء بالإنسان، وبالجهود النبيلة التي يبذلها سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، في ملامسة هموم الشباب الأردني وحمل تطلعاتهم، ومرافقتهم في مسيرة البناء.
ووجه العيسوي تحية فخر واعتزاز إلى منتسبي القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، والأجهزة الأمنية الساهرة على أمن الوطن، قائلاً إنهم الحصن الحصين وسياج السيادة.
وفي ختام اللقاء، شدد العيسوي على أن التقدم الحقيقي لا يُصنع بالشعارات، بل بالإرادة الواعية، والعمل المتواصل، والاصطفاف خلف القيادة التي أثبتت عبر العقود أنها الأقدر على تحويل التحديات إلى فرص.
وقال: “الأردن يمضي بثقة، لأن قيادته ثابتة وشعبه واعٍ، والمؤمن بوطنه لا تهزه الرياح”.
من جهتهم، أكد المتحدثون أن الأردن، بقيادة جلالة الملك، يمثل واحة أمن واستقرار في منطقة مضطربة.
وقالوا إن الرؤية الحكيمة للقيادة الهاشمية مكنت الأردن من مواصلة مسيرتها التنموية والإصلاحية رغم التحديات الإقليمية المعقدة.
وأعرب الحاضرون عن تقديرهم العميق للمواقف الأردنية الشجاعة، وخاصة الجهود السياسية والإنسانية التي يبذلها جلالة الملك لدعم سكان غزة، مؤكدين أن هذه الجهود تعكس التزام الأردن الثابت تجاه القضية الفلسطينية وشعبها.
وأشاد المتحدثون بالدور الفاعل الذي قامت به المملكة في إيصال المساعدات الإغاثية إلى غزة براً، متحدية الصعوبات اللوجستية والسياسية، مشيرين إلى أن هذا العمل يجسد الموقف الإنساني والأخلاقي الصلب للأردن تجاه أشقائه.
وشددوا على أن الشباب الأردني سيبقى الدرع الحصين للوطن، مدافعاً عن قيمه ورسالته في كل المحافل، مثمنين اهتمام جلالة الملك وسمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، والذي يجسد إيمان جلالته وسو ولي العهد بقدرتهم في مسيرة البناء وصناعة مستقبل الوطن وحماية المنجز والدفاع عن المواقف والثوابت الوطنية.
وقالوا إن سمو ولي العهد هو القدوة التي يستلهمون منه روح الشباب والطموح والحلم بوطن مزدهر يقوده ضبابه نحو المستقبل، ، معبرين عن فخرهم بسموه وبأنه ” منهم ، يحاكي أحلامهم ويتفاعل مع قضاياهم ويسير معهم بالميدان”.
كما أكد المتحدثون أن الأردنيين سيظلون سداً منيعاً في وجه حملات التضليل التي تستهدف مواقف الأردن وثوابته الوطنية، معتبرين أن مثل هذه المحاولات الفاشلة دليل على أهمية الأردن وإنجازاته.
وشددوا على ثقتهم المطلقة بقيادة جلالة الملك ومواقفه، التي تدافع عن الحق وتنصر المظلوم، وأن الأردن، بقيادته الهاشمية، سيظل الضمير الحي لأمته، حيث تملي عليه القيم والمبادئ مواقفه، وليس المصالح.
وقالوا “نحن أبناء الأردن الأوفياء، نعاهد الله أن نظل الجند الأوفياء، نبني ونحمي ونخلص ونبدع ونحمل راية الوطن، كما أرادها جلالة الملك مرفوعة بالعز والكرامة”.
وأضافوا ” سنبقى، كما أرادنا جلال الملك وسمو ولي عهده، شبابا واعيا ومبادرا ومنتميا، يحمل القيم الأردنية الأصيلة ويقف في وجه التحديات بكل ثقة وثبات”.