شارك رئيس المجلس الرئاسي لدولة ليبيا، في أعمال مؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بالدول النامية غير الساحلية، المنعقد بمدينة أوازا بجمهورية تركمانستان، بحضور عدد من رؤساء الدول والحكومات، والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش.

وفي كلمته أمام المؤتمر، عبّر الرئيس عن تقديره لجمهورية تركمانستان على استضافة هذا الحدث الدولي الهام، مشيدًا بجهود الأمم المتحدة في دعم قضايا التنمية المستدامة، لاسيما ما يتعلق بالدول غير الساحلية التي تواجه تحديات تنموية معقّدة نتيجة الافتقار إلى المنافذ البحرية، وارتفاع تكاليف التجارة، وضعف البنية التحتية، وتأثيرات التغير المناخي والنزاعات.

وأكد رئيس المجلس الرئاسي أن ليبيا، رغم امتلاكها منفذًا بحريًا، تدرك تمامًا حجم الصعوبات التي تواجهها الدول غير الساحلية، مشيرًا إلى أن موقع ليبيا الاستراتيجي يجعل منها جسرًا للتواصل والتكامل الإقليمي، ومحورًا مهمًا في مشاريع الربط البري والطاقة بين البحر المتوسط والدول الأفريقية الحبيسة.

كما شدد على التزام ليبيا بتعزيز التعاون الإقليمي من خلال مبادرات عملية، منها مقترح “الممر الأفريقي للتجارة الرقمية”، الهادف إلى دمج الدول غير الساحلية في شبكات التجارة العالمية باستخدام التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، لتقليل التكاليف وزيادة الكفاءة والشفافية.

وفي إطار معالجة الاختلالات الهيكلية التي تواجهها الدول النامية غير الساحلية، اقترح فخامة الرئيس على المجتمع الدولي اعتماد مقاربة تمويلية مبتكرة، تشمل:

1. إنشاء صندوق دولي لدعم مشاريع البنية التحتية والطاقة المتجددة بشروط ميسرة.

2. إصلاح النظام المالي الدولي لتخفيف أعباء الديون وتوفير شروط اقتراض عادلة.

3. تفعيل آليات مرنة لمواجهة التغير المناخي والاضطرابات الجيوسياسية.

وأشار إلى أن الدروس المستفادة من أزمات مثل جائحة كوفيد-19 وتغير المناخ تؤكد ضرورة بناء اقتصادات مرنة، ترتكز على التكامل الإقليمي وتنوع القاعدة الإنتاجية.

وفي ختام كلمته، شدد الرئيس على أن هذا المؤتمر يمثل فرصة لإرساء عقد دولي جديد يقوم على الشراكة والعدالة، مؤكدًا أن ليبيا مستعدة لتوظيف إمكانياتها الوطنية وخبراتها الاستثمارية في أفريقيا للمساهمة في دفع جهود التنمية، لاسيما في منطقتي الساحل وأفريقيا جنوب الصحراء، عبر المحافظ الاستثمارية الليبية في القارة.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: المجلس الرئاسي حكومة الوحدة الوطنية طرابلس محمد المنفي غیر الساحلیة

إقرأ أيضاً:

إبراهيم شقلاوي يكتب: مصداقية الاتحاد الإفريقي على المحك..!

إذا كان الاتحاد الإفريقي جادًا في التزامه المُعلَن بدعم وحدة السودان واستقراره، فإن رفع تعليق عضويته أصبح يمثل الاختبار الحقيقي لهذا الالتزام السياسي والأخلاقي ، ولتلك المصداقية التي باتت على المحك.

فقد دخل السودان مرحلة انتقالية جديدة، بتشكيل حكومة مدنية تحظى بدعم متزايد داخليًا وخارجيًا، مما يعكس تحوّلًا نوعيًا في مسار الأزمة. هذا التحول يجسد تجدد المشروع الوطني، واستعادة مؤسسات الدولة عبر مسار مدني يحظى بقبول شعبي ودعم دولي. ومع اكتمال الشروط التي علّق عليها الاتحاد قراره في أكتوبر 2021، يصبح استمرار تجميد العضوية منافيًا لروح الشراكة الإفريقية، ولمبدأ دعم الانتقال السياسي في السودان.

لكن مشاعر الغضب والخذلان لا تزال حاضرة في وجدان قطاعات واسعة من السودانيين، تجاه الأداء الإفريقي في بداية الحرب، حين تجنّب الاتحاد توصيف ما جرى بوصفه محاولة انقلابية تقودها ميليشيا مسلّحة للاستيلاء على السلطة بالقوة، واكتفى بمواقف فضفاضة تتماهى مع سرديات القوى السياسية المتحالفة مع تلك الميليشيا، والتي حظيت بدعم إقليمي واضح آنذاك.

كان ذلك الانحراف المبكر في التوصيف سببًا رئيسيًا في تعميق التشويش السياسي، ومنح مساحة لمن لا يستحق، على حساب الدولة وشعبها وقرارها السيادي. وقد كلّف ذلك السودان أثمانًا باهظة لا تزال تداعياتها ماثلة حتى اليوم.

واليوم ومع التحولات الجارية، لاسيما تعيين حكومة مدنية برئاسة الدكتور كامل إدريس، تتكوّن من كفاءات وطنية مستقلة، فإن المطالبة برفع التجميد أصبحت استحقاقًا واجبًا لا مجرد رجاء. فالحكومة الجديدة تمثل تحولًا حقيقيًا نحو الانتقال السياسي، وقد حظيت بدعم شعبي ومن أطراف إقليمية ودولية، وأعلنت التزامها الكامل بالحوار السوداني – السوداني، واحترام السيادة، واستعادة مؤسسات الدولة، مما يجعل استمرار تجميد السودان فاقدًا لأي مبررات قانونية أو سياسية أو أخلاقية.

إن تجربة الاتحاد الإفريقي مع أزمات مشابهة في القارة تؤكد أن تعليق العضوية لم يكن يومًا غاية في ذاته، بل أداة ضغط لحماية وحدة الدول وتهيئة بيئة التسوية. ففي مالي، وغينيا، وبوركينا فاسو، ورغم بقاء السلطة في يد الجيوش بعد الانقلابات، اختار الاتحاد الإفريقي العودة التدريجية وفتح قنوات الدعم، مراعاة لوحدة الدول وتماسكها “BBC، DW، AfricaNews، 2021-2022″ .

أما في الحالة السودانية، فالمشهد يبدو أكثر نضجًا ووضوحًا، بالنظر إلى الحاضنة المدنية، واستعداد الحكومة للانخراط الفاعل في الملفات القارية، ضمن موقف وطني واضح يرفض أي تدخلات تمس السيادة أو تهدد وحدة البلاد.

وعلى الضفة الأخرى، لا يمكن النظر إلى ما يُعرف بـ”حكومة تأسيس” إلا كسلطة موازية صُنعت خارج الإرادة الوطنية، وتستند إلى دعم خارجي مكشوف، في تكرار لنماذج مأساوية عانت منها القارة طويلًا.

لقد شهدنا في الصومال كيف تسببت الحكومات الموازية المدعومة خارجيًا في شلل كامل للدولة، كما تحولت ليبيا إلى ساحة صراع إقليمي بفعل تعدد “الحكومات” المصطنعة. هذه المشاريع ليست سوى أدوات استعمارية جديدة، تتغذى على تصدّع الدول، وتسعى لتفكيكها من الداخل.

إن استعادة السودان لمقعده في الاتحاد الإفريقي باتت خطوة ضرورة استراتيجية. فالسودان ليس دولة عادية في القارة، بل من مؤسسي المنظمة، ومحور توازن جيوسياسي فاعل يؤثر على أمن البحر الأحمر، وممرات التجارة، واستقرار القرن الإفريقي ومنطقة الساحل. ودعم حكومته الشرعية يعني، من منظور إفريقي، تعزيز الاستقرار الإقليمي، وكبح جماح مشاريع الفوضى، وإعادة الاعتبار لمفهوم الدولة الوطنية في إفريقيا.

ووفق ما نراه من #وجه_الحقيقة، فإن الشعوب لا تُحاسب حين تسقط، بل حين تنهض ولا تجد من يساندها. والسودان وقد بدأ نهوضه، لا يطلب مِنّة، بل يستدعي حقًا تاريخيًا في العودة إلى مقعده كشريك أصيل في بناء البيت الإفريقي.

وعلى الاتحاد الإفريقي، إذا أراد أن يظل إطارًا جامعًا للقارة لا مجرد منصة للمواقف الرمادية، أن يصطف الآن إلى جانب الدولة لا الميليشيا، إلى جانب الإرادة الشعبية لا الفوضى، وأن يصحح خطأ التجميد قبل أن يتحول إلى خطيئة سياسية وأخلاقية لن يغفرها السودانيون ولا التاريخ.
إبراهيم شقلاوي
دمتم بخير وعافية.
الأحد 3 أغسطس 2025م
[email protected]

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • قطر تشارك في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بالبلدان النامية غير الساحلية في تركمانستان
  • انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة للدول النامية غير الساحلية في تركمانستان
  • وزير الدولة للتعاون الدولي تشارك في حفل الاستقبال الرسمي لمؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بالبلدان النامية غير الساحلية
  • بحضور المنفي.. انطلاق «المؤتمر الثالث للأمم المتحدة للدول النامية» في تركمانستان
  • الإمارات.. التزام راسخ بدعم صمود أهالي غزة
  • شايب يشارك في مؤتمر أممي بتركمانستان حول تنمية الدول غير الساحلية
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: مصداقية الاتحاد الإفريقي على المحك..!
  • رئيس QNB مصر: مساهتمنا في تمويل «ماونتن ڤيو» يؤكد التزامنا بدعم الاقتصاد الوطني
  • برلماني: تأمين انتخابات الشيوخ يؤكد التزام الدولة بإنجاح الاستحقاق الدستوري