يمكن عد القراءة هواية في بداية الانخراط بها، حين نتخير من الكتب؛ أسهلها عبارة وأسلسها أسلوبًا وأجملها غلافًا وشكلًا، لكننا عندما نتورط معها، فإنها سوف تصبح الأصل وما خلاها فرع واستثناء محدود. سوف نشتاق إليها كلما غادرناها، نحِنّ إليها في جميع الأوقات، ولا نطيق لها فراقًا. هي أول ما نفعله حينما نستيقظ، وآخر ما تقع عليه أعيننا حينما نؤوب إلى مخادعنا.
أو كما قالت شريفة الغامدي: إن تسميتنا لها هواية هو دليلٌ على أننا لا ندرك أهميتها، وهو ما جعلنا نتخلَّى عنها، فالقراءة ما كانت لتكون هواية؛ إنها احتياجٌ في العقل كما الجوع في الجسد والعطش في الفم، يجوع العقل لها ويظمأ، فلماذا لا نُؤتِيه حظَّه منها ونُطعِمه لُقَيمات تقيم أَوَدَه، كما نُؤتِي بطوننا حتى الامتلاء، وربما أكلنا فوق حاجتنا بدافع الاشتهاء؟
لا يمكن أن تكون القراءة هواية، فكيف لشيء يُكسبك معنى الإنسانية، ويُطوّرك معرفيًّا، ويُهذّبُك وجدانيًّا، ويُعرّفُك بالعالم المحيط أن يكون ثانويًّا؟ كما كتب ساجد العبدلي.
أو كما وصفها ياسر الحمداني بقوله:
دهرٌ مَضَى وَأَنَا فِي الْمَكْتَبَاتِ صبي *** قصيدة الشعر أمي والكتاب أبي
بين المراجع أقضي اليوم في نهمٍ *** حتى لقد عرفتني أرفف الكتب
إن القراءة جميلة بما يكفي لكي ننجذب إليها، مفيدة بما يكفي لكي نخصص لها أطول الأوقات، خفيفة حتى إننا لا نشعر بالوقت معها، ثقيلة حتى إننا لا نعود بعدها كما كنا قبلها.
القراءة بحر زاخر أمواجه متلاطمة، وخطيرة يمكن لمن لا يعرفها أن يغرق فيها دون أن يشعر، كما أن من يتعرف عليها سوف يتندم على كل ساعة لم يقرأ فيها. وختامًا فإنها آسرة بما يكفي، لكي تتجاوز كونها هواية إلى عادة أصيلة وسلوك يومي. فهل نعي ذلك قبل فوات الأوان؟
yousefalhasan@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
شيخ الأزهر يدعو لإحياء ثقافة القراءة وإعادة نشر كنوز الإصدارات الإسلامية
استقبل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بمقر مشيخة الأزهر، الدكتورة كريمة سامي، رئيس المركز القومي للترجمة، والوفد المرافق لها، بحضور الدكتور خالد عبد اللطيف، المدير التنفيذي لمركز الأزهر للترجمة؛ حيث ناقش الجانبان سُبل تعزيز التعاون المشترك.
شيخ الأزهر: تربينا على علاقة وثيقة بالقراءة ونحن في المرحلة الثانويةوأكَّد فضيلة الإمام الأكبر، ضرورة العمل على إحياء حب القراءة لدى الشباب، قائلًا: "حينما كنا طلابًا في المرحلة الثانوية، كان يَطالعنا كل أسبوعين كتاب جديد من إصدارات وزارة الثقافة والإرشاد، فتربينا – بجانب الدراسة النظامية – على علاقة وثيقة بقراءة الكتب العربية والمترجمة، "كنوابغ الفكر الغربي" و"المكتبة الثقافية" و"مجلة الرسالة" وغيرها من الإصدارات.
شيخ الأزهر محذرا من أنظمة التعليم الأجنبية: تحمل سلوكيات مجتمعية دخيلة
الأزهر يطلق الموسم الثالث لمسابقة حفظ القرآن بجوائز تصل لـ1.5 مليون جنيه
مرصد الأزهر يدين اقتحام "بن غفير" ومجموعات متطرفة للمسجد الأقصى
شيخ الأزهر يتفقد القافلة الإغاثية المتجهة إلى غزة وتحمل مستلزمات أساسية لمواجهة المجاعة
وأشار فضيلته إلى أهمية ترجمة الإصدارات الإسلامية التي تعرف بوسطيَّة الإسلام ومنهجه الصحيح، مؤكدًا أن المكتبة الإسلامية تزخر بالعديد من الكتب والكنوز الثقافية التي ترجمت لعدة لغات وتستحق إعادة طباعتها ونشرها مرة أخرى؛ ككتاب الشيخ شلتوت شيخ الأزهر الأسبق "الإسلام عقيدة وشريعة" الذي ترجمه الأزهر لـ7 لغات لأهميته ولما يحويه من كنوز معرفية بين دفتيه.
من جانبها، أعربت الدكتورة كريمة سامي، عن سعادتها بلقاء فضيلة الإمام الأكبر، وتقديرها لجهود فضيلته في نشر ثقافة التسامح والتعايش، مشيدةً بمستوى التعاون بين المركز القومي للترجمة ومركز الأزهر للترجمة، وتفعيل بروتوكول التعاون الموقع بينهما، الذي يشمل: تبادل الإصدارات والنشر المشترك، وعقد ندوات ومؤتمرات مشتركة، وإصدار مجلة متخصِّصة في الترجمة، بالإضافة إلى الترجمة من العربية إلى لغات أوروبية وآسيوية وإفريقية، والتعاون في تطوير مناهج تدريس الترجمة وتبادل المدربين، وتشجيع البحوث العلمية المشتركة في هذا المجال.
شيخ الأزهر يستقبل وزير التربية والتعليموكان الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، استقبل اليوم الإثنين، بمشيخة الأزهر، محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني؛ لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك.
ورحَّب شيخ الأزهر بـ وزير التربية والتعليم، معربًا عن تقدير مؤسسة الأزهر لتوجُّه الوزارة في الاهتمام بتدريس مادتي التربية الدينية واللغة العربية وإعادتهما إلى مكانتهما الصحيحة في قائمة المقررات الدراسية؛ نظرًا لما تحمله هذه المواد من ترسيخ الاعتزاز بالهويَّة العربية في نفوس النشء والتلاميذ، ومن ضرورة غرس القيم الدينية والأخلاقية من خلال مناهج التعليم.
وأكَّد فضيلته، أن الأزهر الشريف يُولي اهتمامًا بالغًا بالمعلم، وباستعادة قدسيَّة المدرسة الحكومية واحترامها في المجتمع كما كانت سابقًا.