عربي21:
2025-08-06@12:30:59 GMT

هل كتبت نهاية السيسي في الصفوف الخلفية لبوتين؟

تاريخ النشر: 6th, August 2025 GMT

منذ أيام، شاهدنا حراكا واسعا أمام السفارات المصرية في الخارج دعما لغزة الأبيّة وأهلها المرابطين، وذلك للتنديد بمشاركة نظام السيسي في حصار غزة. وقد صاحب هذا الحراك دعوات سياسية بالخروج على السيسي. وعلى الرغم من أن الظروف الدولية لم تسمح سابقا بالخروج ضد السيسي (بالرغم من توفر الظروف الداخلية اللازمة لذلك أكثر من مرة على مدى السنوات التي أعقبت الانقلاب على مرسي)، فإن الظروف الدولية الحالية ربما تكون ملائمة لذلك.

وهناك بعض المؤشرات التي تؤيد هذا الأمر، أهمها ما حدث في روسيا قبل ثلاثة أشهر.

السيسي في الخلف

ففي التاسع من أيار/ مايو 2025، جلس الجنرال عبد الفتاح السيسي في الصف الثاني خلال احتفالات الذكرى الثمانين للنصر على النازية في موسكو، خلف رؤساء دول مثل كازاخستان ورومانيا، في مشهدٍ لم يكن مجرد تفصيل بروتوكولي، بل تعبيرا صارخا عن مكانة مصر الجديدة في النظام الدولي. الصورة التي التقطها مصور وكالة "تاس" الروسية سرعان ما تحولت إلى مادة رئيسية متداولة على منصات التواصل تحت وسم #السيسي_في_الخلف، بينما تجاهلها الإعلام الرسمي المصري، مكتفيا بنشر لقطات مُعدلة تظهر الرئيس في الصف الأمامي. هذه الحادثة، التي قد تبدو هامشية، تُختَزَل فيها تراجيدية العقد الأخير: تحوُّل مصر من دولة محورية تُدير ملفات المنطقة إلى لاعبٍ ثانوي يبحث عن شرعية في محافل تهيمن عليها تحالفات جديدة.

الهزّة الجيوسياسية بدأت في 2013

لم تكن الهزّة الجيوسياسية التي تعيشها مصر وليدة الصدفة، بل نتيجة تراكم خيارات كارثية بدأت بانقلاب 2013. فبعد إطاحة السيسي بالرئيس المنتخب محمد مرسي، تحوّلت القاهرة إلى مشروعٍ لاستعادة النفوذ عبر القمع الداخلي والرهان على تحالفات هشة. ورغم الضخ المالي الخليجي الذي بلغ 82 مليار دولار (2013-2024)، إلا أن هذه الأموال -وفقا لتقرير البنك الدولي الصادر في آذار/ مارس 2025- ذهبت 70 في المئة منها لسد عجز الموازنة وتمويل مشاريع "استعراضية"، كالعاصمة الإدارية التي استهلكت 45 مليار دولار بينما تظل شبه خاوية. كانت النتيجة انهيارا اقتصاديا غير مسبوق: وصول الدين العام إلى 178 مليار دولار (107 في المئة من الناتج المحلي)، وتصاعد التضخم إلى 39.7 في المئة، وانهيار الجنيه إلى 49-51 جنيها للدولار في منتصف 2025.

على الصعيد الداخلي، حوّل النظام الدولة إلى سجنٍ مفتوح. فبحسب تقرير "التحالف المصري للحقوق والحريات" الصادر في أيار/ مايو 2025، تجاوز عدد المعتقلين السياسيين 65 ألفا، بينهم أطفال قُصّر ونساء اعتُقلن بسبب منشورات على فيسبوك. أما سجون مثل "العقرب" و"برج العرب"، فقد تحولت إلى "مختبرات انتهاك منهجي" -وفق توصيف منظمة "هيومن رايتس ووتش"- حيث يُستخدم التعذيب وسياسة الإهمال الطبي كأدوات لسحق أي معارضة. حتى التعديلات الدستورية الأخيرة (2019)، التي مدّدت الفترة الرئاسية إلى ست سنوات، لم تُخْفِ طموح النظام في تأبيد السلطة، عبر شروط تعجيزية للترشح تُقصي كل المنافسين، وهو ما دفع "فريدوم هاوس" إلى تصنيف مصر كـ"دولة استبداد كامل" في مؤشر الديمقراطية العالمي.

مقياس التحالفات الدولية

العلاقات الدولية لم تكن أفضل حالا. فالتحالف مع موسكو -الذي بدأ كخيارٍ استراتيجي بعد الانقلاب- تحوّل إلى كابوس مع الأزمة الأوكرانية. فبينما تعتمد مصر على روسيا في 88 في المئة من واردات القمح، كشفت العقوبات الغربية هشاشة هذا التحالف: شحنات الحبوب الروسية تتأخر لأسابيع بسبب صعوبات التأمين البحري، بينما تتعطل صيانة الطائرات المقاتلة الروسية لغياب قطع الغيار. حتى الطائرات الفرنسية المتطورة (Rafale) -التي اشترتها مصر بمليارات اليورو- تعاني إهمالا، حيث أفادت بعض التقارير (2024) بأن 28 في المئة منها غير صالحة للقتال بسبب عجز مصر عن سداد أقساط الصيانة لشركة "داسو" الفرنسية. هذا التدهور العسكري دفع معهد ستوكهولم لأبحاث السلام إلى خفض ترتيب الجيش المصري من الأول أفريقيا إلى الرابع في 2025.

أما التحالف مع واشنطن، فقد دخل في مرحلة "الموت السريري" بعد رفض الجيش المصري الخطط الأمريكية لتهجير فلسطينيي غزة إلى سيناء، وعدم قدرة السيسي على فرض التهجير على القوات المسلحة بعد موافقته السابقة، وذلك وفق تسريب وثائق أمريكية (شباط/ فبراير 2025) تُظهر مفاوضات سرية بين السيسي وتل أبيب. ونتيجة لذلك، قرر الكونغرس تجميد 320 مليون دولار من المساعدات العسكرية، وهو قرارٌ لم يسبق له مثيل منذ عهد كارتر.

كان الرد المصري باللجوء إلى بكين، التي استغلت الفرصة لتعزيز نفوذها عن طريق زيادة حصة الشركات الصينية من مشاريع البنية التحتية. وقد أعلنت في نيسان/ أبريل 2025 عن استثمار 7 مليارات دولار في "المدينة الصناعية بقناة السويس"، التي تُدار بأيدي صينية بالكامل.

على الجبهة الإقليمية، تكشف الخسائر المتتالية عن غياب الرؤية. ففي السودان، فشلت الوساطات المصرية في جمع أطراف الصراع، بينما نجحت قطر وتركيا في إبرام اتفاقية "جوبا 2024" بغطاء أممي. وفي ليبيا، تقلص دور مصر إلى دعم خجول للجنرال حفتر، بينما تتحكم تركيا وروسيا في الملف عبر مليشيات "فاغنر" والدرونز التركية. لكن الضربة القاضية جاءت من ملف سد النهضة، حيث بدأت إثيوبيا في كانون الثاني/ يناير 2025 المرحلة الرابعة من الملء -دون أي رد مصري عدا بيانات دبلوماسية فاترة- بينما تُنسق أديس أبابا مع جنوب السودان لبناء سلسلة سدود جديدة على النيل الأبيض، قد تُقلص حصة مصر المائية بنسبة 25 في المئة بحلول 2030.

المشهد الأخير من التراجيديا

السؤال الذي يطرحه المصريون الآن ليس عن إمكانية عودة "الدور القيادي" لمصر، بل عن مدى عمق الهاوية التي تتردى فيها البلاد. فتحت شعارات "الاستقرار"، تُنتج آلة القمع نظاما هشا ينهار من الداخل: اقتصاد مُثقل بالديون، وشعب يعاني الفقر المدقع (57 في المئة تحت خط الفقر حسب تقرير المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر")، ونخبة حاكمة منعزلة عن الواقع. حتى محاولات تلميع الصورة -مثل استضافة قمة "التضامن مع غزة" في حزيران/ يونيو 2025- تتحول إلى فشلٍ ذريع، حيث رفضت الفصائل الفلسطينية المشاركة بعد مشاركة السيسي في حصار غزة ومنع الغذاء والدواء عنها.

في المشهد الأخير من التراجيديا، قد تكون مصر أمام خيارين: إما انهيار كامل يُعيد رسم خريطة المنطقة، أو انتفاضة شعبية تُعيد الاتزان. لكن الثابت أن مكانة الصف الثاني في موسكو لم تكن سوى انعكاسٍ لمسارٍ طويل من التدهور، بدأ بانقلابٍ وعدَ بالعظمة، وانتهى بسجنٍ كبيرٍ اسمه مصر.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء المصرية السيسي انهيار مصر السيسي انهيار قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات مقالات من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المئة من السیسی فی بینما ت التی ت

إقرأ أيضاً:

ثقة متزايدة بالاقتصاد المصري.. احتياطي النقد الأجنبي يقترب من 50 مليار دولار

في مؤشّر جديد على تحسُّن مؤشرات الاقتصاد الكلي، أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، الصادرة الثلاثاء، ارتفاعًا جديدًا في صافي الاحتياطيات الأجنبية بنهاية يوليو 2025، ليصل إلى 49.036 مليار دولار، مقارنة بـ 48.7 مليار دولار في يونيو السابق.

ويمثل هذا الارتفاع امتدادًا لاتجاه تصاعدي شهده الاحتياطي النقدي منذ بداية العام، في ظل جهود حكومية لتعزيز الموارد الأجنبية واستعادة الاستقرار النقدي في البلاد.

ارتفاع ملحوظ في الاحتياطي الأجنبي:

أوضح البنك المركزي المصري أن صافي احتياطي النقد الأجنبي ارتفع بمقدار 335.8 مليون دولار خلال يوليو فقط، ما يعكس استمرار تدفق الموارد الأجنبية، واستقرار أداء القطاعات الداعمة للعملة الصعبة.

وكان هذا الارتفاع مدفوعًا بعاملين أساسيين:

زيادة في احتياطيات الذهب بقيمة 53 مليون دولارقفزة في حيازات العملات الأجنبية بقيمة 140 مليون دولار

وتُعد هذه الأرقام دلالة على تحسُّن نسبي في الميزان الخارجي لمصر، إلى جانب فعالية السياسات النقدية التي يتبعها البنك المركزي، في ظل بيئة اقتصادية دولية لا تزال تواجه تحديات متعددة.

أعلى مستوى منذ سنوات

يُعد هذا المستوى من الاحتياطي الأجنبي الأعلى منذ سنوات، حيث ارتفع بنحو 1.2 مليار دولار خلال الثلاثة أشهر الأخيرة فقط.

ففي مايو 2025، بلغ الاحتياطي حوالي 47.82 مليار دولار، ثم واصل صعوده حتى تجاوز حاجز الـ49 مليار دولار بنهاية يوليو، ما يشير إلى وتيرة نمو متسارعة تدعم ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري.

تفاصيل أداء الذهب في الاحتياطي:

وفقًا لبيانات البنك المركزي، ارتفع رصيد الذهب المدرج باحتياطي النقد الأجنبي بقيمة 3 مليارات دولار خلال أول سبعة أشهر من عام 2025، محققًا نموًا بنسبة 28.1%.
وبلغت قيمة الذهب في الاحتياطي نحو 13.639 مليار دولار بنهاية يوليو، مقارنة بـ 10.644 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2024.

وعلى أساس شهري، ارتفع رصيد الذهب من 13.586 مليار دولار في يونيو إلى 13.639 مليار دولار في يوليو، بمعدل نمو بلغ 0.4%.

أهمية الاحتياطي الأجنبي لمصر

يلعب الاحتياطي الأجنبي دورًا محوريًا في دعم الاقتصاد المصري على عدة مستويات، من أبرزها:

تأمين احتياجات البلاد من السلع الاستراتيجية مثل الغذاء والوقود والمواد الخامسداد الالتزامات الخارجية من أقساط وفوائد الدين الخارجيدعم استقرار الجنيه المصري في مواجهة تقلبات السوق العالميتعزيز القدرة على امتصاص الصدمات الاقتصادية، لا سيما في فترات الأزمات أو التباطؤ في تدفقات النقد الأجنبي من مصادر رئيسية مثل:السياحةتحويلات المصريين العاملين بالخارجالاستثمارات الأجنبية المباشرةالصادرات

ويشير هذا النمو في الاحتياطي الأجنبي إلى تحسُّن نسبي في الوضع المالي الخارجي لمصر، وهو ما قد ينعكس إيجابًا على ثقة الأسواق والمستثمرين، ويمنح الحكومة مزيدًا من القدرة على إدارة التحديات الاقتصادية المتراكمة.

وتتجه الأنظار خلال الأشهر المقبلة إلى مدى قدرة الدولة على الحفاظ على هذا المسار التصاعدي، في ظل تقلبات الأسواق العالمية، وضغوط الدين الخارجي، واحتياجات تمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي.

طباعة شارك البنك المركزي البنك المركزي المصري الاحتياطيات الأجنبية الاحتياطي الأجنبي الاحتياطي النقدي المركزي المصري احتياطيات الذهب الذهب

مقالات مشابهة

  • الدولار يواصل انخفاضه أمام الجنيه المصري مع تفضيل المستثمرين للعائد الحقيقي
  • ثقة متزايدة بالاقتصاد المصري.. احتياطي النقد الأجنبي يقترب من 50 مليار دولار
  • ماذا قالت المصادر لـCNN عن زيارة ويتكوف إلى روسيا التي تأتي بعد تهديدات ترامب لبوتين؟
  • ماهي ظاهرة القُبة الحرارية التي ستؤثر على عدة دول عربية نهاية الأسبوع؟
  • السيسي يرد بقوة: اتهامات حصار غزة إفلاس.. و5 آلاف شاحنة مساعدات تنتظر الدخول من الجانب المصري
  • ارتفاع أسعار الذهب بدعم من تراجع الدولار
  • كبار السن في مقدمة الصفوف بانتخابات الشيوخ 2025 بالشرقية| صور
  • الخولي: لا جدوى من افتتاح شارع باسم ضحايا 4 آب بينما الطريق إلى العدالة ما زالت مغلقة
  • تيم كوك: أبل تفتتح متاجر جديدة في الإمارات والهند قبل نهاية 2025