بعد عام فقط من منح كينيا صفة "حليف رئيسي من خارج حلف الناتو" من قبل إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، تخضع نيروبي اليوم لمراجعة دقيقة لهذا التصنيف، وسط تصاعد القلق في واشنطن من تقارب كيني متزايد مع الصين وروسيا وإيران، إلى جانب تقارير عن انتهاكات حقوقية وعلاقات مع جهات مسلحة غير حكومية.

الرئيس الأميركي السابق جو بايدن (يمين) منح كينيا صفة الحليف الإستراتيجي للناتو أثناء زيارة روتو لواشنطن (الفرنسية)خلفية التحالف ومبررات المراجعة

حصلت كينيا على هذا الوضع في يونيو/حزيران 2024، خلال زيارة رسمية للرئيس وليام روتو إلى واشنطن.

وقد اعتُبر التصنيف مكافأة على تعاون نيروبي في مكافحة الإرهاب، ومشاركتها في عمليات حفظ السلام، ودعمها للمواقف الغربية في ملفات دولية، أبرزها الحرب الروسية على أوكرانيا.

لكن مشروع قانون جديد قدمه السيناتور الجمهوري جيم ريش، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، يطالب بإجراء مراجعة شاملة لهذا الوضع خلال 90 يوما من إقرار القانون، على أن يُرفع تقرير سري إلى الكونغرس في غضون 180 يوما.

دعم الحكومة الكينية لقوات الدعم السريع كان من مبررات هذه المراجعة (مواقع التواصل الاجتماعي)محاور المراجعة

يتضمن التقرير 7 محاور رئيسية، أبرزها تقييم علاقات كينيا العسكرية والأمنية مع الصين وروسيا وإيران، بما في ذلك صفقات الأسلحة والتدريبات المشتركة.

كما يشمل فحص دور نيروبي في مكافحة التطرف العنيف، ومساهماتها في عمليات حفظ السلام في أفريقيا وهاييتي، إلى جانب مراجعة علاقات مسؤولين كينيين مع جهات غير حكومية، مثل قوات الدعم السريع السودانية وتنظيم "الشباب" الصومالي.

ويُتوقع أن يتناول التقرير أيضا مدى التزام كينيا بحقوق الإنسان، في ظل تقارير محلية ودولية عن اختفاءات قسرية وتعذيب وانتهاكات أمنية، ما يثير مخاوف من توظيف الدعم الأميركي في ممارسات قمعية.

الزيارة الأخيرة للرئيس الكيني إلى بكين زادت من التوجسات الأميركية (غيتي)انتقادات داخلية وتحذيرات من المعارضة

في موقف لافت، شن نائب الرئيس السابق ريغاثي غاتشاغوا هجوما حادا على حكومة روتو، متهما إياها بتحويل البلاد إلى "وجهة مالية مفضلة" لأفراد وكيانات خاضعة لعقوبات أميركية، بعضها مرتبط بجماعات إرهابية.

إعلان

كما حذر من أن الدعم الأمني الأميركي قد يُستخدم في انتهاكات ضد المدنيين، داعيا الكينيين المقيمين في الخارج إلى التواصل مع ممثليهم في الكونغرس لكشف "الحقيقة".

في المقابل، سعى وكيل وزارة الخارجية كورير سينغوي إلى تهدئة المخاوف، مؤكدا أن "القضايا المثارة سيتم التعامل معها بما يحفظ سيادة كينيا ومصالحها الوطنية"، مشددا على أن العلاقات مع واشنطن "متينة وقائمة على الاحترام المتبادل".

الرئيس اللإيراني السابق إبراهيم رئيسي كان قد زار منذ سنتين كينيا في إطار التقارب بين البلدين (رويترز)التداعيات المحتملة على كينيا

في حال إلغاء وضع "الحليف الرئيسي من خارج الناتو"، قد تواجه كينيا خسائر ملموسة على عدة مستويات.

فعسكريا، قد تفقد أولوية الحصول على معدات فائضة من وزارة الدفاع الأميركية، مثل العربات المدرعة وأجهزة الرؤية الليلية، إضافة إلى إمكانية اقتناء ذخائر متقدمة مثل تلك المصنوعة من اليورانيوم المنضب.

كما قد يتأثر التعاون في مجال التدريب العسكري، إذ يُحتمل توقف التمويل الأميركي لتكاليف التدريب الثنائي والمتعدد الأطراف، وهذا يضعف جاهزية القوات الكينية.

واقتصاديا، قد تُحرم الشركات الكينية من المنافسة على عقود صيانة معدات وزارة الدفاع الأميركية، وتُعلّق مشاريع البحث والتطوير الدفاعي المشترك، وهذا يحد من فرص الابتكار والنمو في القطاع العسكري.

اختبار للسيادة أم إعادة تموضع إستراتيجي؟

يرى مراقبون أن كينيا تسير على "حبل دبلوماسي مشدود"، تحاول من خلاله الحفاظ على توازن دقيق بين علاقاتها مع الغرب من جهة، وشراكاتها الاقتصادية مع الشرق من جهة أخرى، خاصة في ظل انخراطها في مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، وتلميحاتها بالانضمام إلى مجموعة "بريكس".

لكن واشنطن تعتبر هذا التوازن تحولا إستراتيجيا مقلقا، خصوصا بعد تصريحات روتو في بكين التي انتقد فيها "الهيمنة الأحادية"، ودعا إلى "نظام عالمي جديد أكثر عدالة واستدامة".

وسواء أكانت هذه المراجعة الأميركية مجرد ورقة ضغط دبلوماسي أم بداية لتحول في العلاقات، فإنها تضع كينيا أمام اختبار حقيقي لسيادتها وقدرتها على المناورة في بيئة دولية متغيرة.

وبينما تسعى نيروبي إلى تنويع شراكاتها، يبقى السؤال مفتوحا: هل تستطيع الحفاظ على امتيازاتها الغربية من دون أن تخسر استقلالية قرارها الخارجي؟

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

البرازيل تضع الرئيس السابق بولسونارو قيد الإقامة الجبرية

وضعت السلطات البرازيلية الرئيس السابق جايير بولسونارو، الذي يحاكم بتهمة التخطيط لانقلاب، قيد الإقامة الجبرية، الإثنين، في خطوة قد تزيد من حدة التوتر مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وأصدر قاضي المحكمة العليا أليشاندري دي مورايس أمر وضعه قيد الإقامة الجبرية قائلا في قراره إن الرئيس السابق لم يمتثل لأوامر التقييد القضائية التي فُرضت عليه الشهر الماضي.

ويواجه بولسونارو اتهامات بالتآمر مع العشرات من حلفائه لإلغاء خسارته في انتخابات عام 2022 أمام الرئيس اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.

وحظر القاضي مورايس أيضا على بولسونارو استقبال زائرين، باستثناء المحامين والأشخاص المصرح لهم من قبل المحكمة، واستخدام الهاتف المحمول سواء بشكل مباشر أو من خلال طرف ثالث.

وأكد ممثل صحفي لبولسونارو وضع الرئيس السابق قيد الإقامة الجبرية في منزله يوم الإثنين ومصادرة هاتفه المحمول.

وقالت الشرطة الاتحادية في بيان إنها امتثلت لأوامر من المحكمة العليا بفرض إقامة جبرية ومصادرة الهاتف المحمول، دون أن تذكر اسم الشخص المستهدف بالعملية.

وكانت القيود قد فرضت على بولسونارو بسبب اتهامه بالتودد سعيا إلى تدخل من ترامب، الذي ربط رسوما جمركية جديدة باهظة فرضها مؤخرا على السلع البرازيلية بما وصفها بأنها حملة على بولسونارو.

ويأتي فرض الإقامة الجبرية بعد تحقيقات لأكثر من عامين في دور بولسونارو في حركة رفض الانتخابات التي شهدت في ذروتها أعمال شغب ارتكبها أنصاره وهزت العاصمة برازيليا في يناير 2023.

وأثارت تلك الاضطرابات مقارنات مع أعمال الشغب في مبنى الكونغرس الأميركي بعد هزيمة ترامب الانتخابية في عام 2020.

وكانت واشنطن قد فرضت عقوبات على مورايس في أواخر يوليو، متهمة القاضي بالسماح بالاعتقال التعسفي قبل المحاكمات وقمع حرية التعبير.

مقالات مشابهة

  • قراءة في قرار هولندا غير المسبوق بتسليح أوكرانيا
  • أفريكا ريبورت: صورة كينيا كوسيط محايد تتصدع وسط اتهامات بإيواء متمردين
  • الإطار يراجع أوراقه.. قانون الحشد أمام اختبار الواقعية السياسية والتهديد الأميركي
  • بوتين يشكك في جدوى مهلة الرئيس الأميركي
  • واشنطن قاب قوسين أو أدنى من وضع “الدعم السريع” في قائمة الإرهاب
  • البرازيل تضع الرئيس قيد الإقامة الجبرية
  • البرازيل تضع الرئيس السابق بولسونارو قيد الإقامة الجبرية
  • روسيا تعلّق على زيارة مرتقبة لمبعوث الرئيس الأميركي
  • حركة كردية:لماذا السوداني يتعامل مع الإقليم خارج قانون الموازنة؟؟!!