بعد 13 ساعة.. إنقاذ الطفل السوري على صالح عبدي عقب سقوطه في بئر بعمق 50 مترًا
تاريخ النشر: 7th, August 2025 GMT
في ريف مدينة تل أبيض شمالي الرقة، تسابقت فرق الإنقاذ السورية والتركية الزمن لإنقاذ الطفل على عبدي الذي مر على وجوده وقتا طويلا محبوسا داخل البئر الضيق، أثر سقوطه به.
وبدأت واقعة سقوط الطفل على عبدي البالغ من العمر 4 سنوات في صباح اليوم بذهاب الطفل برفقة والده في زيارة لأقربائه بالمنطقة، عندما وقع في بئر زراعي، وسط حالة من الذهول والقلق عمّت أوساط العائلة وأهالي القرية.
والد الطفل علي صالح عبدي يخاطب ابنه داخل البئر https://t.co/0egzdsCTgy pic.twitter.com/cR3o1DMGjN
— Ibrahem (@Ibrahem_1_6) August 7, 2025
وبعد سقوطه في بئر ماء يصل عمقه إلى 50 مترًا في قرية باب الهوى شمال منطقة كورمازة، في ريف تل أبيض، أعلنت الحكومة التركية إرسال فريق إنقاذ، قبل أن يؤكّد وزير الطوارئ وإدارة الكوارث رائد الصالح، إرسال فريق إنقاذ ثانٍ للمشاركة في العملية، مشدّداً على أن كل الإمكانات متاحة لإنقاذ الطفل في أسرع وقت.
pic.twitter.com/sf53eZ4lAJ
— New Arab Videos (@videos_arab2172) August 7, 2025
وجهزت فرق الإنقاذ طفلاً مزوداً بأنبوب أكسجين ليدخل البئر الذي سقط فيه الطفل السوري علي عبدي في ريف الرقة، وتم ربط الطفل بحبل لسهولة سحبه وإنهاء المهمة ولكن مع فشل هذه الخطة واصلت فرق الإنقاذ في عمليات الحفر الجانبية للوصول إليه.
وبعد استمرار 13 ساعة متواصلة من فرق الإنقاذ لمحاولة إنقاذ الطفل على عبدي نجحت فرق الإنقاذ من انتشال الطفل من البئر الذي سقط به.
اقرأ أيضاًريان جديد.. سقوط طفل في بيارة صرف صحي والإنقاذ النهري يحاول إنقاذه بدمياط
فى الذكرى الأولى لسقوطه بالبئر.. والدة الطفل ريان تضع مولودا جديدا
تكرار مأساة ريان.. وفاة طفل مغربي جراء سقوطه في بئر عمقه 40 متر
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: سوريا شمال سوريا سقوط طفل في بئر انقاذ الطفل تل أبيض وزير الطوارئ وإدارة الكوارث رائد الصالح وزير الطوارئ وإدارة الكوارث إنقاذ الطفل فرق الإنقاذ فی بئر
إقرأ أيضاً:
زياد الذي يلهو وينتظر
كنتُ أقرأ مقال «تلك النار القادمة لجيمس بالدوين»، وهو في الأصل رسالة لابن أخيه الصغير عن هوية السود ومستقبلهم في أمريكا، عندما ومض هاتفي بإشعار من مجلة «ميجافون» اللبنانية بخبر وفاة زياد الرحباني، اتصلتُ بأقرب شخص لي، فعلتُ ذلك دون تفكير، بدا كما لو أن الخسارة شخصية، قلتُ: زياد توفي. لحظة صمت قبل أن ننهي المكالمة.
بدأت علاقتي مع زياد لا من ألحانه الرائعة لفيروز، بل من مجموعته الشعرية «صديقي الله»، حينها كنتُ أتعرف على نفسي، أحاول أن أفهم، وأن أستقل، أن أجد طريقي وطريقتي. عشتُ لحظات من الغيرة، المُحِررة، لأنه كتب المجموعة وهو في الثانية عشرة من عمره، ورغم أنني سيئة في الحفظ، خصوصا تذكر الشعر، بقي لي من تلك المجموعة ذلك السؤال: كيف تُظلم الدنيا/ وصديقي ما زال يلعب في الأحراج». عندما صدر الشريط الجديد لفيروز ٢٠١٠ «إيه في أمل» تملكتني الرهبة، كيف يمكن أن أصدق أنني أحيا في زمن فيروز، وأنها لا تزال تغني، وتُصدر «كاسيت»، يحدث هذا بعادية، ببساطة كانت فيروز تغني لنا! نحن أبناء هذا الزمن الذي أهلكتنا فيه الخسارات.
كان الشريط «مولود» يختبر فرد أطرافه في مناخ ثورات الربيع العربي، حينها تعرفتُ على وجه آخر لزياد، فلحنه لأغنية «إيه في أمل»، التي أعدت سماعها لدافع نرجسي، ورطني بمشروعه. كان زياد قد أنزل أمه من السماء، وفتح لها قاموس الأسى اليومي على الأرض، صوتها تغير أيضا فبدا ساخرا في بعض الأحيان، متراخيا، تهكميا، طفوليا، نزقا، كان قد حررها من تعالٍ روحاني، إلى أقدام أرضية روحانيتها في رقة اليومي والاستسلام له، لكن علاقتي بزياد ستعكس ما أظن أنه حالة من الإحباط واليأس من تغيير الواقع الذي أردنا تغييره.
كنتُ أحس بأن أغاني زياد، تنضح بالقوة، كانت القوة هي آخر ما أحتاجه وأنا في السابعة عشرة من عمري، بينما تشتعل ساحات العالم العربي. وإن كان ما حدث قد أوقد فينا حماسة، فإن بعضنا كان يمارس مهنة الخوف، والرعب مما سيكون، الرعبُ الذي نتمسك به كي لا نتوقع أي شيء ولا حتى الاحتفاظ بالقليل الذي نملكه أو يملكنا، كان سماع زياد هو الانغماس في قتال ما لم يُقتل آنذاك. كان يعني أن تسمع ما ينبغي أن تُعرض عنه، حتى بالنموذج الذي يقدمه لا في كلمات أغانيه ولحنه وتوزيعاته التي تشعر أنها تثب، ربما عليّ أن أستخدم كلمة تقفز فهي أدق، بل في طريقته لصناعة إرث خاص بعيدا عن «الآباء»، كأنما زياد لم يولد إلا ليكون نفسه، لن نقول: إنه ابن عاصي الرحباني وفيروز، فهو ظاهرة مستقلة، وحالة، ووجود سيشكل اللغة في لبنان وفي أماكن عديدة من العالم العربي، عبر استعارة نبرته، ووضوحه، ذلك الوضوح الذي رغم شقائه إلا أنه يأتينا بغير تكلف، تماما كما زياد، لا تُحس أبدا بأنه يتعب لكي يؤلف ويلحن ويغني ويكتب مقالات، ويقدم برنامج إذاعي ساخر لن ينساه التاريخ، زياد يفعل هذا كله كما لو أنها فطرته.
طبيعته الحتمية والمسلم بها، ليست الموهبة ما أعنيه فقط، إنها موهبة لا تفعل شيئا انطلاقا من معرفتها بذاتها، إنها تتحقق فقط، تتحقق ببداهة وعادية.
قطعت عهدي مع زياد، عبر تعلقي بشراكته مع فيروز في «أنا فزعانة» أو «شو بخاف» أو «حبوا بعضن تركوا بعضن» «اديش كان في ناس»، أعجبتُ بهذه الأغاني الحزينة جدا، حزن خافت، حزنٌ عادي أيضا، يمكن أن يكون حزن الجميع، أن تقول: أوه هذا حزني أنا، لكنه حزن الآخرين، كان في ألحانه سمة تجعل القصائد عمومية، مع ذلك لا تتنازل عما يجعلها تحفة فنية لن تنسى، إنها تصدر ضجة، لكنها ليست ضجة بليدة، تلك التي تريد أن تفرض سطوتها لذاتها، ضجة زياد تستولي علينا لأجلنا ولأنها ما ينقصنا.
تمثلت عبقرية زياد في أنه وبالإضافة لأغانيه التي وصفتها بالقوة، جعل من أغنياته العاطفية موقعا لتحقيق نضاله والحفاظ على انحيازه نحو ما آمن به، في تحايل مُعلن عنه على السلطة عبر السخرية من سذاجتها، فكان في أغنيات الحب موقع لتجريم الطوائف السياسية والدينية، أو الإعلان عن موقف سياسي ليس محايدا.
لم يكن زياد محايدا أبدا، وكان «لماحا» كما نقول في لهجتنا، لماح، يجيدُ استدراك ما يحدث في لبنان مثلا، أحيانا عبر التورية وأحيانا أخرى عبر تسمية كل شيء، التسمية التي ستصبحُ لغة الناس بعدها.
عندما سيُعلن مهرجان بيت الدين في لبنان عن حفل لزياد عام ٢٠١٨ سأذهب لبيروت، أريد رؤية زياد، المئات ممن حضروا في تلك الأمسية كانوا يرتدون قمصانا بأسماء أغانيه، معظمها لأغنية بـ «لا ولا شي»، بدا أن الجميع مستعد لأن «يحب بلا ولا شي»، أما أنا فكنت أريد أغنية بعينها لن أتخيل أبدا أن رغبتي ستتحقق لكنها تحققت عندما عزف زياد لمغنية شابة أغنية «ما تجي» كان ظهره مقوسا كما لو أنه أحدب، ولذلك فإن وجهه قريب من أصابع البيانو ينظر إليها على نحو قهري، حينها بدا أني حصلتُ على تميمتي أصلية وثمينة. لا أعرف إذا ما كان عمل زياد على أغنية «ما تجي» هو امتداد مقصود لأغنية «مافي حدا» لفيروز التي لحنها الأخوان الرحباني، هذه الأخيرة «مافي حدا ما تندهي ما في حدا» وزياد يقول: «لا تنطري حدا مش رح يجي حدا» ويبدو هذا التحول من النداء إلى الانتظار، أسى مستقبليا مهدت له أغنية الأخوين الرحباني، وزياد هناك في المستقبل يجيب على ذلك السؤال.
زياد أحببناك ولم نتعب أبدا، أنت لم تتعب أيضا، كنا مستعدين لنحبك لفترة أطول من هذه، من أجلنا ومن أجل فيروز، أما وقد غادرت عالمنا، فلنا أن نقول للحياة القصيدة التي لحنتها لفيروز، في التسليم بالخسارة الكبيرة، والاستعداد لهزائم أخرى قادمة في الطريق، وانتظار خيبة الأمل من استحالة التحرر الجماعي، خيبة الأمل من عدم القدرة على الحب بعد الآن (يمكن حبك جد... بس أنا تعبانة).