غزة - خاص صفا

يبدو أن رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" قرر التخلي تمامًا عن الأسرى الإسرائيليين، بإعلانه عن نية احتلال قطاع غزة وتوسيع العملية العسكرية، لأهداف سياسية أولاً، و"توراتية واستيطانية" ثانيًا، وفق خبيرين أمني وسياسي.

ويرى الخبيران أن خطوة احتلال غزة وتوسيع العملية العسكرية، جادة من جانب ويجب التعامل معها على هذا الأساس، ومن جانب آخر فهي مغامرة خطيرة من "نتنياهو" بالجميع، من أجل البقاء بالحكم.

والثلاثاء، اتخذ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قراراً بالمضي في احتلال غزة، خلال اجتماع مغلق مع وزراء ومسؤولين أمنيين، بانتظار عرضه على "الكابينيت" المصغر والمكبر.

ويأتي توجه "نتنياهو" بالرغم من معارضات وسط الجيش بالمضي بهذه الخطة، لما ستشكله من خطورة على حياة الأسرى الاسرائيليين لدى المقاومة، ولما سيدفعه الجيش من ثمن على المستوى القدراتي ووقوع قتلى وجرحى وأسرى.

أهداف متباعدة 

ويقول المختص بالشؤون الأمنية واقف عريقات لوكالة "صفا"، إن الحديث عن توسيع العملية العسكرية في قطاع غزة وإعادة احتلالها، يأتي في سياق سعي "بنيامين نتنياهو " للبقاء في الحكم، هروباً من المسائلة القضائية.

ويضيف "يتذرع نتنياهو في هذا السعي، تارة بالإعلان عن أهداف تدغدغ عواطف كل من "بن غفير" و"سموتريش"حين يخاطبهم قائلاً لن ننهي الحرب في غزة دون نزع سلاح المقاومة وتهجير الشعب الفلسطيني وتارة أخرى يخاطب أهالي الأسرى بأنه يريد تصعيد الضغط العسكري على المقاومة لتحرير الأسرى".

وتارة ثالثة -حسب عريقات-يطرح "نتنياهو" نفسه الملك الذي لا يشق له غبار في إخضاع المنطقة، وتشكيل شرق أوسط توراتي، بقيادته تحت مسميات متعددة.

ومن المسميات مملكة "باشان وممر داود"، وهو شريط جغرافي يبدأ من قلب الكيان مروراً بمرتفعات الجولان المحتلة في الجنوب الغربي ويمر بالمحافظات السورية الجنوبية المحاذية لـ"إسرائيل"، وصولاً لنهر الفرات وإنشاء كيان كردي ودرزي وضم أراضي من دول الجوار، يقول عريقات.

ويرى أنه وعلى الرغم من تعدد هذه الأهداف وتباعدها، إلا أن نتنياهو شرع بتنفيذ جزء منها، موضحًا أن جيشه احتل أراضي في جنوب لبنان والجولان.

ويستدرك "لكن جيش الاحتلال لم يستثمر الفوز كعادته في الحروب السابقة، بالإندفاع نحو مزيد من التوسع واحتلال الأراضي، ما يشير إلى استشعار نتنياهو بمخاطر تمدد الجيش، وأن هناك فرق شاسع بين رغباته وقدرته على التنفيذ".

مخاطر العملية

ولذلك فإن المخاطر التي يستشعرها "نتنياهو"، تجعله ينعطف ويركز على قطاع غزة، كما يجزم عريقات.

وإزاء هذا التناقض يجيب عريقات على السؤال الذي يريد الجميع معرفة إجابته، إذا ما كان هدف احتلال غزة حقيقي أم أنه تغطية وتوطئة لأهداف أخرى، يعدّ لها في مناطق أخرى بالاتفاق مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ويجيب "في غزة تصطدم رغبة نتنياهو باعتراض الجيش على خطته، وهناك جدل وخلافات حادة بين المستوى السياسي والعسكري بقيادة رئيس هيئة الأركان زامير، حول جدوى توسيع العملية العسكرية واحتلال كامل قطاع غزة، علما" بأن ٨٠٪؜ منه محتل من قبل جنود جيش الاحتلال وما تبقى مسيطر عليه بالنيران والمدفعية والطيران والمسيرات والاستخبارات ووسائل أخرى".

ويشير إلى أن "ما يجري هو بدعم أمريكي وأوروبي وهناك اعتراف بأنه على مدار ٦٧٠ يومًا، لم يبق جندي نظامي أو احتياط إلا وشارك بالقتال، وقتل وارتكب مجازر وجرائم حرب في غزة تحت مسميات لعمليات عسكرية وخطط وأهداف متناقضة ومتعددة من الصعب تحقيقها بحسب وصف قادة الجيش".

ويؤكد أن رئيس أركان الجيش "زامير" وضباط كثر، يعرفون الحقيقة ويجاهرون بها، وهي أن توسيع العملية العسكرية بغزة واحتلالها، لن يأتي بجديد سوى أنها مزيد من توريط الجيش وارتكاب المجازر وجرائم الحرب ومزيد من المعاناة والآلام للفلسطينيين، ومزيد من الاستنزاف والقتلى في الجيش وربما أسر جديد لجنود وضباط مع احتمال كبير لمقتل الأسرى عند المقاومة، وهو ما لا يأبه به نتنياهو بل ربما يريده.

ويصل لما مفاده "أن عملية احتلال غزة هط تنفيذ رغبة حلفاء "نتنياهو"  المتطرفين، بإنشاء ادارة عسكرية في غزة تحقق لهم تطلعاتهم التوراتية، لكنها تحمل "إسرائيل" أعباء مالية واقتصادية ومواجهة دولية وتكاليف  باهظة".

ومن وجهة نظر عريقات، فإن الأهم ما يحذر منه قادة الجيش، وهو أن احتلال قطاع غزة له ثمن لا يستطيع الجيش تحمله على المدى البعيد.

ويأخذ عريقات بعين الاعتبار، خسائر الجيش التي نشرت وما يعانيه الجنود من إنهاك وحالات الهروب والانتحار والإعاقة المتوقعة للأعوام القادمة، وتذكير عدد منهم بدوافع خروجهم منها عام ٢٠٠٥ وبما جرى مع الجيش الأمريكي في فيتنام وافغانستان والعراق ولبنان وغيرها.

وبالرغم من كل هذا، لكن المعلومات المسربة من أوساط "نتنياهو" تشير بتصميمه على التنفيذ، رغم كل هذه التحذيرات، يفيد عريقات.

مخرج "نتنياهو" من تبعاتها

"ولذلك فإن السيناريو المتوقع تنفيذه من قبل نتنياهو هو دفع مزيد من الفرق العسكرية وتكثيف القصف الجوي وإجبار أهالي غزة على النزوح للجنوب للضغط على المقاومة من جهة، وتوطئة للتهجير من جهة أخرى".

وينبه إلى أن الاحتلال يتجه نحو توسيع محدود للعملية العسكرية، في بعض المحاور كدير البلح ومدينة غزة ومخيمات وسط القطاع ومتدحرج، تبعاً لما يحققه من نجاح على الأرض وعدم وقوع خسائر في الجيش وهو ما تدركه المقاومة وتعد نفسها لمواجهته وإفشاله. 

وبرأيه، فإن ما سبق في حين تحققه سيحمل "نتنياهو" مسؤولية الفشل للجيش، وتحديداً لرئيس الأركان "زامير"، ويذهب لسيناريو توسيع دائرة عدوانه في مناطق أخرى سواء بالحرب الناعمة (الاغتيالات)  أو استخدام الذراع الطويلة قصف مواقع ومنشآت (إيران ،سوريا، لبنان). 

وبنهاية المطاف، فإن "نتنياهو بين مطرقة بن غفير وسموترش، وسندان الجيش ورئيس هيئة الأركان زامير وسعيه للبقاء في الحكم وسقفه في التنفيذ يعتمد على مدى وحجم الدعم الأمريكي له"، وفق عريقات.

جدية والفصائل لن ترضخ

من جانبه، يرى المختص بالشأن السياسي عادل شديد لوكالة "صفا"، أن "إسرائيل الحالية التي يشكل فيها التيار الديني القومي العقائدي والإستيطاني بحاجة لاحتلال غزة، ليس لإطلاق سراح الأسرى، وإنما لإعادة بناء المستوطنات وتهجير الفلسطينيين وهذا المشروع قديم، وأثير بشكل قوي قبل السابع من اكتوبر في الحكومة الحالية".

ويستدرك "ولكن احتلال غزة يعني التخلي بشكل واضح عن الأسرى الإسرائيليين، والاستعداد لدفع ثمن كبير من الجنود سواء قتلى أو جرحى".

ويجزم بأن "إسرائيل جادة جدًا، وهنا أمامنا خيارين، إما أن تقبل حماس والفصائل بالشروط التي وضعها الأمريكي والإسرائيلي في الصفقة، وفي حال الرفض وهو المتوقع، لأنها لا يمكن أن تقبل بنزع سلاحها وإبعاد قادتها، لأن ذلك معناه إعطاء شرعية للاحتلال، ولذلك فستذهب إسرائيل تجاه هذا التصعيد".

ويتطرق لانسحاب "إسرائيل من غزة عام 2005، مفيدًا بأن جزء من مطالبات وضغوطات اليمينية المتطرفة الحالية لإعادة احتلالها، يُراد منه معالجة وإصلاح ما يسمى الخطأ الكبير الذي ذهب إليه بالانفصال عن غزة والخروج منها".

ويحذر شديد من مجرد التعاطي، بأن احتلال غزة التلويح والضغط على حماس وفصائل المقاومة، مضيفًا "الموضوع جدي جدًا ويجب التعامل معه على هذا الأساس".

ومنذ أكتوبر للعام 2023 ترتكب "إسرائيل" بدعم أمريكي، حرب إبادة جماعية وجريمة تجويع، أدت لاستشهاد ما يزيد عن 60 ألف شهيد، بالإضافة لـ حوالي 145 ألف إصابة، وما يزيد عن 14 ألف مفقود تحت الأنقاض.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: احتلال غزة نتنياهو غزة توسیع العملیة العسکریة احتلال غزة قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي يقدم خططا لتوسيع القتال تدريجيا ويعارض احتلال غزة

غزة – عرض رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير عدة خطط لتوسيع القتال تدريجيا في غزة، بشكل يتيح للحكومة وقف الحرب في حال استئناف المفاوضات مع حركة الفصائل الفلسطينية.

وحذر زامير المستوى السياسي من أن توسيع الحرب سيهدد حياة الأسرى الأحياء. ويعارض قادة الجيش أيضا احتلال غزة بشكل كامل، فيما ترغب في مواصلة العمل من خلال مداهمات مركزة والسيطرة على محاور إضافية تساعد على تقسيم القطاع إلى مناطق إضافية.

ويرى الجيش الإسرائيلي أن من الممكن العمل في غزة بشكل كبير من دون الحاجة إلى احتلال المناطق التي تتركز فيها غالبية سكان القطاع. ومن بين مقترحاته العودة إلى السيطرة الكاملة على محور “نتساريم” الذي تسيطر عليه قواته جزئيا من جهته الشرقية فقط، على عكس الوضع الذي كان قائما قبل اتفاق وقف إطلاق النار السابق، حينما سيطر الجيش على المحور بالكامل حتى شاطئ البحر.

كما يرى الجيش أن تقسيم القطاع من خلال إنشاء محاور إضافية، على غرار محور “موراغ”، سيسمح بتنفيذ عمليات دهم مركزة في المناطق التي تجنبت القوات العمل فيها حتى الآن، وذلك مع تقليل المخاطر على حياة الأسرى. ومع ذلك لا يستبعد الجيش أن يؤدي هذا الأسلوب هو أيضا إلى إصابة بعضهم.

ويدعم الجيش الإسرائيلي استمرار المفاوضات للتوصل إلى صفقة تبادل للأسرى، حتى وإن كانت صفقة جزئية لا تشمل إعادتهم جميعا. وفي ظل غياب مفاوضات جارية تسود في الجيش أغلبية ترى أن من الصواب مواصلة الضغط العسكري في مناطق من شأنها دفع حركة الفصائل إلى تليين مواقفها تمهيدا لاستئناف المفاوضات.

وحذر زامير من أن تصعيد القتال بشكل كبير قد يؤدي إلى التخلي عن الأسرى الأحياء أو الجثث من قبل المجموعات التي تأسرهم خوفا من المواجهة مع قوات الجيش، مشيرا إلى أنه في سيناريو كهذا قد لا يكون بالإمكان تحديد مكان وجود بعض الأسرى، وبموجب هذه التقديرات يعارض الجيش الدفع بقوات له إلى المناطق المأهولة بكثافة في القطاع، والتي يرجح وجود الأسرى فيها، وأوضح رئيس الأركان أن أي عملية عسكرية في تلك المناطق ستؤدي على الأرجح إلى مقتل الأسرى.

كما أثار الجيش مشكلة إضافية تتعلق بخطة توسيع العمليات، وهي التآكل المتزايد في صفوف الجنود النظاميين وقوات الاحتياط، إضافة إلى تآكل في المعدات العسكرية.

فيما حذر مسؤولون كبار في الأجهزة الأمنية المستوى السياسي من أن تنفيذ عملية تهدف إلى احتلال كامل للقطاع ستكون له تبعات بعيدة المدى على منظومة الاحتياط، ويشيرون إلى أنه في حال تمت المصادقة على ذلك سيتم السعي قدر الإمكان إلى إشراك قوات نظامية في المعارك داخل غزة، ولكن هذه القوات ستسحب من جبهات أخرى، وسيتطلب الأمر استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط ليحلوا مكانها، هذا يعني أن الجيش سيضطر لاستدعاء عدد كبير من الجنود لأيام احتياط إضافية، تتجاوز ما تم تحديده لهم لعام 2025، رغم أن كتائب الاحتياط التي استدعيت خلال الأشهر الأخيرة للجبهات المختلفة شهدت أدنى نسب استجابة منذ 7 أكتوبر 2023.

وبحسب صحيفة “هآرتس”، سيكون لتوسيع العمليات العسكرية تأثير كبير أيضا على القوات النظامية. فعلى سبيل المثال لواء المظليين واللواء السابع المدرع، اللذان أنهيا مؤخرا عملياتهما القتالية في غزة وكان من المفترض أن يحلا مكان قوات الاحتياط المنتشرة حاليا في سورية ولبنان والضفة الغربية، سيطلب منهما الآن الاستعداد لجولة قتال جديدة داخل القطاع، وكذلك الأمر بالنسبة للواء الكوماندوس.

كما أوردت هيئة البث العبرية “كان 11″، أن “جلسة الكابيبنت التي عقدها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تناولت توسيع رقعة القتال إلى مناطق يخشى وجود مختطفين فيها مما يعرض حياتهم للخطر، وهو ما تعارضه الأجهزة الأمنية”.

وفي المقابل، اقترح الجيش الإسرائيلي تطويق مدينة غزة وسكانها كبديل لذلك، فيما يدعو عدد من الوزراء من بينهم وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، إلى احتلال المدينة رغم الخشية من وجود أسرى ومحتجزين إسرائيليين فيها.

المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • لماذا انقلب نتنياهو على مسار المفاوضات وأين يتجه في غزة؟
  • تحليل: احتلال غزة" مغامرة جدية سيخوضها "نتنياهو" بأهداف سياسية ويخرج بعواقب وخيمة
  • معاريف: تقديرات في الجيش الإسرائيلي بمقتل جميع الأسرى في حال احتلال غزة
  • هكذا وصف رئيس الأركان الإسرائيلي خطة نتنياهو لاحتلال غزة
  • غولان يدعو إلى مظاهرات ضد نتنياهو وشل الاقتصاد الإسرائيلي
  • تأثيره على الأسرى - هكذا رأى الإعلام العبري قرار نتنياهو بشأن احتلال غزة
  • الجيش الإسرائيلي يقدم خططا لتوسيع القتال تدريجيا ويعارض احتلال غزة
  • حماس: أسرى العدو يعيشون ما يعيشه أهل غزة.. نتنياهو يتحمل مسؤوليتهم
  • أسامة حمدان: أسرى العدو يعيشون ما يعيشه أهل غزة.. نتنياهو يتحمل مسؤوليتهم