أبعاد وتداعيات الخطة الأمريكية الجديدة للذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 8th, August 2025 GMT
سباق الهيمنة:
أبعاد وتداعيات الخطة الأمريكية الجديدة للذكاء الاصطناعي
أصدر البيت الأبيض، في 23 يوليو 2025، وثيقة “الفوز في سباق الذكاء الاصطناعي: خطة عمل الذكاء الاصطناعي الأمريكية”، وذلك وفقاً للأمر التنفيذي الصادر عن الرئيس ترامب في 23 يناير الماضي بشأن إزالة العوائق أمام الريادة الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي، وستحدد الخطة أكثر من 90 إجراءً سياسياً فدرالياً عبر اتباع مسار استراتيجي يهدف إلى دفع وتسريع الابتكار، وبناء بنية تحتية قوية للذكاء الاصطناعي، إضافة إلى تأكيد القيادة الأمريكية على الساحة الدولية.
خطة ثلاثية الأبعاد:
تتصور الخطة “عصراً ذهبياً جديداً من ازدهار الإنسان” (A new golden age of human flourishing)، يتميز بثلاثة تحولات متشابكة: ثورة صناعية؛ وثورة معلوماتية؛ ونهضة في العلوم والفنون، وبناءً على ذلك، ترتكز الخطة على ثلاثة أبعاد رئيسية:
تسريع الابتكار: يُعد هذا البُعد حجر الزاوية في الخطة الأمريكية للذكاء الاصطناعي؛ حيث يهدف إلى إطلاق العنان للإبداع والتقدم التكنولوجي من خلال 15 ركيزة فرعية تهدف إلى إزالة القيود التنظيمية واللوائح المعرقلة؛ وضمان حرية التعبير؛ ودعم نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر لتكون متاحة مجاناً للتنزيل والتعديل؛ وتمكين العمال الأمريكيين في عصر الذكاء الاصطناعي؛ والاستثمار في العلوم المُدعّمة بالذكاء الاصطناعي؛ وتسريع تبني أنظمة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الحكومة ووزارة الدفاع الأمريكية؛ وحماية ابتكارات الذكاء الاصطناعي التجارية والحكومية؛ وأخيراً منع التحيز الأيديولوجي في نماذج الذكاء الاصطناعي. بناء البنية التحتية الوطنية الأمريكية: يهدف البُعد الثاني إلى تسريع التوسع المادي للبنية التحتية الحيوية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل يتجاوز تفوق الصين، وهو ما يتطلب القيام بتبسيط إجراءات منح التصاريح لمرافق تصنيع أشباه الموصلات والبنية التحتية للطاقة؛ وتطوير شبكة كهرباء تواكب وتيرة ابتكارات الذكاء الاصطناعي؛ واستعادة صناعة أشباه الموصلات الأمريكية؛ وبناء مراكز بيانات عالية الأمان للاستخدام العسكري والاستخباراتي؛ وتوفير وتدريب القوى العاملة اللازمة للتعامل مع البنية التحتية للذكاء الاصطناعي؛ وتعزيز الأمن السيبراني للبنية التحتية الحيوية؛ وتعزيز تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي الآمنة للاستجابة لحوادث الذكاء الاصطناعي. الريادة في دبلوماسية وأمن الذكاء الاصطناعي: يهدف البُعد الثالث من الخطة إلى وضع معايير عالمية للذكاء الاصطناعي، وتعزيز التحالفات الاستراتيجية، ومنع الدول المُعادية من تقويض هيمنة الولايات المتحدة في هذا المجال. وفي هذا الصدد، تطرق البُعد الثالث إلى أهمية منع خصوم واشنطن من الاستفادة المجانية من الابتكارات الأمريكية، مع ضرورة تصدير الذكاء الاصطناعي الأمريكي إلى الحلفاء والشركاء، وضمان عدم قيام حلفاء الولايات المتحدة بتزويد الخصوم بالتقنيات الأمريكية.مضامين استراتيجية:
توضح خطة عمل الذكاء الاصطناعي أن الولايات المتحدة لا تحاول الفوز في سباق الذكاء الاصطناعي فحسب، بل تحاول هندسة المسار بشكل أحادي، بما يضمن هيمنتها في هذا المجال ويحقق مصالحها الاستراتيجية؛ ومن ثم فإن خطوة إقرار إدارة ترامب لهذه الخطة، والتي تُعد “خارطة طريق شاملة” لتطوير الذكاء الاصطناعي في البلاد، لها دلالات عديدة، يمكن إيجازها فيما يلي:
تحقيق الهيمنة الجيوسياسية: تأتي الخطة في ظل تنافس عالمي متصاعد، خاصة مع الصين، التي تستثمر بكثافة في مجال الذكاء الاصطناعي لتعزيز نفوذها التكنولوجي والعسكري؛ ومن ثم تسعى الخطة إلى مواجهة هذا النفوذ من خلال وضع معايير دولية للذكاء الاصطناعي تتماشى مع القيم الأمريكية، مثل الحرية والشفافية. وفي هذا الإطار، يرى مراقبون أن الخطة ما هي إلا “استراتيجية جيوسياسية” تهدف إلى الحفاظ على التفوق التكنولوجي كأداة للقوة الناعمة والصلبة الأمريكية، وبالتالي تُعد انعكاساً لتفكير قائم على ما يُعرف بـ”القومية التقنية” أو “قومية الذكاء الاصطناعي”، وهي رؤى تتلاقى مع نهج “أمريكا أولاً”، فبدلاً من المشاركة في تصميم حوكمة الذكاء الاصطناعي مع الحلفاء والشركاء الديمقراطيين؛ فإنها تدفع بنموذج “اشتر الأمريكي، وثق بأمريكا”. تعزيز الأمن القومي الأمريكي: تؤكد الخطة حماية البنية التحتية للذكاء الاصطناعي من التهديدات السيبرانية وتطوير تقنيات عسكرية متقدمة، مثل الأسلحة المستقلة وأنظمة تحليل البيانات الاستخباراتية؛ ومن ثم يُنظر إلى الخطة كونها أداة لتعظيم القوة العسكرية الأمريكية، وذلك من خلال دمج الذكاء الاصطناعي في أنشطة الدفاع، لا سيما مع دعوتها إلى تعزيز الأمن السيبراني والاستثمار في مجال الأمن البيولوجي. تعزيز النمو الاقتصادي: لا شك في أن الخطة سوف تشجع على الاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، مثل مراكز البيانات والرقائق الإلكترونية، إلى جانب دعم الشركات الناشئة من خلال نماذج مفتوحة المصدر؛ وهو ما يصب في صالح خلق فرص عمل جديدة في قطاعات التكنولوجيا، والطاقة، والصناعة؛ ومن ثم تعزيز الإنتاجية وزيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي للولايات للمتحدة الأمريكية. مع تقديرات تؤكد أن الاستثمار في إنتاج الرقائق سيؤدي إلى تعزيز الصناعة المحلية؛ مما يقلل الاعتماد على الواردات من آسيا ويعزز الأمن الاقتصادي الأمريكي. انعكاس واقعي للاستثمارات على الأرض: يرى مراقبون أن الخطة الأمريكية مُتسقة مع سلسلة من الاستثمارات والإعلانات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي من قبل إدارة ترامب الثانية؛ ما يعكس نجاح الإدارة الأمريكية في تقليص الفجوة بين الخطاب والواقع، فمن ناحية جاءت الخطة في أعقاب إعلان الرئيس ترامب، في 15 يوليو 2025، عن استثمارات بأكثر من 90 مليار دولار من شركات في قطاعات التكنولوجيا والطاقة والتمويل لتحويل ولاية بنسلفانيا إلى مركز للذكاء الاصطناعي، إلى جانب تدشينه في بداية ولايته مشروع بنية تحتية ضخم للذكاء الاصطناعي بقيمة 500 مليار دولار يحمل اسم “ستارغيت”، وهو تعاون بين الرئيس التنفيذي لـ “أوبن إيه آي” سام ألتمان، ورئيس “سوفت بنك” ماسايوشي سون، ورئيس “أوراكل” لاري إليسون.وهكذا، تعكس الخطة الأمريكية الجديدة للذكاء الاصطناعي إدراكاً عميقاً بأن المستقبل الاستراتيجي والاقتصادي للدول سيُبنى على أساس السيطرة على التكنولوجيا، وذلك من خلال التركيز على الابتكار، والتعليم، والتحالفات الدولية، وعلى هذا النحو، تسعى الولايات المتحدة لتحصين موقعها كقوة جيوسياسية واقتصادية أولى في العالم.
مآخذ مُبرَّرة:
ثمَّة انتقادات مشروعة وُجهت إلى الخطة الأمريكية؛ وجميعها تثير تساؤلات حول التنفيذ الفعال لخطة العمل، وتتلخص في التالي:
الافتقار إلى التفاصيل التنفيذية: افتقرت الخطة إلى تفاصيل التنفيذ، فكانت أقرب إلى كونها خطة نظرية طموحة تدعو إلى الاهتمام بالذكاء الاصطناعي؛ نظراً لأنه تقنية ابتكارية مفيدة للولايات المتحدة. ولعل المفارقة الأساسية هي أنه بينما دعت الركيزة الثالثة من الخطة إلى تجديد الالتزام بمواجهة الصين في منتديات معايير التكنولوجيا متعددة الأطراف، فإن مكتب وزارة الخارجية المسؤول عن هذا الأمر قد أُغلق ضمن خطط تقليص القوى العاملة الفدرالية خلال ذات الشهر الذي أُصدرت فيه الخطة الأمريكية. وإضافة إلى ذلك، يخشى مراقبون من أن الأهداف الطموحة في الخطة لن تُنفذ بسبب نقص التمويل المخصص أو توفير الكوادر اللازمة أو على أقل تقدير التعارض مع الأولويات التنظيمية. خطة على أساس المصلحة: بدلاً من المشاركة في تصميم حوكمة الذكاء الاصطناعي مع الحلفاء والشركاء الديمقراطيين، تُروج هذه الخطة لنموذج “اشترِ الأمريكي، وثق به” كما سبقت الإشارة؛ بمعنى أنها تركز فقط على كيفية تصدير الرقائق والنماذج والمعايير الأمريكية الصنع لتكوين حشد ضد الصين، في حين أنها تتجاهل أي آليات لتعزيز التعاون متعدد الأطراف بين الحلفاء. أو بعبارة أخرى، تنطلق الخطة من تصوير الحلفاء على أنهم مجرد أسواق تُستغلُّ لخدمة مصالح التفوق الأمريكي العالمي؛ وهو تحفظ كبير على الخطة كونها تعتقد أن التحالف يُبنى على أساس تكوين سلاسل توريد التكنولوجيا وإجبار الشركاء على اتباع معايير دولة واحدة، وليس وفقاً لأسس الثقة المتبادلة والمعايير والقيم المشتركة. الفجوة مع الخارج: يرى مراقبون أن الفجوة بين أهداف الخطة وسياسات واشنطن الخارجية عميقة للغاية، لا سيما بعد تقليص أنشطة وزارة الخارجية في العديد من المجالات الخارجية، ومنها المجال التكنولوجي، وانسحاب واشنطن من مؤسسات متعددة الأطراف رائدة مثل منظمة الصحة العالمية واليونسكو، اللتين تسعيان إلى تشكيل مسار تطور الذكاء الاصطناعي. وبالتوازي مع ذلك، تسعى أسواق رئيسية مثل الهند والاتحاد الأوروبي لتقليل اعتمادها على أي منظومة تكنولوجية خارجية، سواءً أكانت من بكين أم واشنطن؛ مما يُعقّد “التحالف العالمي” الذي تسعى الخطة إلى بنائه؛ ما يعني أن الخطة لم تقدم ما يشجع الحلفاء أو المؤسسات الدولية للانخراط مع الولايات المتحدة في هذا الشأن.تداعيات مُحتملة:
إن للخطة آثار مترامية الأطراف، ما بين الداخل والخارج، والإيجابي والسلبي، وفيما يلي أبرز تلك التداعيات والسيناريوهات المستقبلية
أولاً: التداعيات الإيجابية:
ريادة الذكاء الاصطناعي الأمريكي عالمياً: ستقود الخطة إلى تحفيز استثمارات ضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي؛ ما يجعل الولايات المتحدة متفوقة بمراحل في هذا المجال مقارنة بالدول الأخرى، لا سيما وأن الاستثمارات الخاصة في الذكاء الاصطناعي داخل الولايات المتحدة نحو 109.1 مليار دولار في 2024؛ أي أكثر من 12 مرة مقارنة بالصين، و24 مرة مقارنة بالمملكة المتحدة. تعزيز النمو الاقتصادي وفرص العمل: من المتوقع أن تُسهم الخطة في تعزيز النمو الاقتصادي من خلال تحفيز الاستثمار في شركات الذكاء الاصطناعي وتطوير صناعات جديدة، وتدعم ذلك تقديرات معهد ماكينزي العالمي الذي يؤكد أن ذلك سيؤدي إلى نشاط اقتصادي عالمي إضافي بقيمة 13 تريليون دولار أمريكي تقريباً في المستقبل المنظور وبحلول عام 2030؛ أي ما يعادل زيادة تراكمية في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 16% تقريباً مقارنةً بالوضع الحالي، هذه الأرقام تؤكد أن الذكاء الاصطناعي سيخلق وظائف أكثر، وإن كانت ذات طبيعة جديدة، وتتطلب مهارات متقدمة في مجالات مثل الهندسة، والبحث والتطوير، وتحليل البيانات. تعزيز الأمن القومي والدفاع: من المتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي في تحقيق فوائد للأمن القومي الأمريكي، وخاصة أن استخدامه وتوظيفه يعزز القدرات الدفاعية والاستخباراتية في مجالات مثل المراقبة، وتحليل التهديدات، وتطوير أنظمة الأسلحة الذكية. استحداث تطبيقات عملية في مجالات متعددة: تدعم الخطة دمج الذكاء الاصطناعي في قطاعات مثل الرعاية الصحية، التعليم، والاستجابة للكوارث؛ مما يحسن الكفاءة ويوفر حلولاً مبتكرة، مع تقديرات تفيد بأن الخطة ستكون لها بصمة كبيرة في تحديث القطاع الصحي الأمريكي، والذي يواجه تباطؤاً في توظيف المعايير التكنولوجية.ثانياً: التداعيات السلبية:
زيادة الفجوة الرقمية العالمية: قد تعزز الخطة الأمريكية الفجوة التكنولوجية بين الدول المتقدمة والنامية؛ مما يزيد من عدم المساواة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي. وفي هذا الإطار، يُرجح مراقبون أن التنافس الجيوسياسي بين الولايات المتحدة وخصومها في إشارة إلى الصين في هذا المجال سيكون داخل الدول النامية في جميع أنحاء الجنوب العالمي، لا سيما وأن شركات التكنولوجيا الصينية حققت اختراقات عميقة في الأسواق الناشئة وفي الاقتصادات النامية؛ ما يعني أن الإدارة الأمريكية ستكثف الضغط على تلك الدول لدفع تلك الشركات خارجاً، دون أن تقدم بديلاً في خطتها لتوافر التكنولوجيا الأمريكية بأسعار معقولة في تلك الأسواق النامية. تسييس التكنولوجيا: هناك تقديرات تفيد بأن الخطة بمثابة محاولة لفرض مجتمع تقني متوافق مع أجندة سياسية دون مساحة للأصوات المعارضة؛ حيث تُلزم مقدمي الخدمة بأن يكون نموذجهم “موضوعياً وخالياً من التحيز الأيديولوجي”. تأثيرات بيئية سلبية: من المتوقع أن يضع ازدهار الذكاء الاصطناعي ضغطاً على شبكات الطاقة؛ مما قد يعوق أهداف الولايات المتحدة لتحقيق شبكة كهرباء نظيفة؛ بسبب الطلب المتزايد على الطاقة من مراكز البيانات، لا سيما مع تقديرات تفيد بأن مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي تستهلك أكثر من 4% من الكهرباء في الولايات المتحدة؛ حيث يُستمد 56% من هذه الطاقة من الوقود الأحفوري، إلى جانب اعتماد تلك المراكز على أنظمة التبريد كثيفة الاستهلاك للمياه. مزيد من التنافس مع الصين: بمجرد إعلان ترامب عن الخطة الأمريكية للذكاء الاصطناعي، اقترحت الصين إنشاء منظمة عالمية للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي، انطلاقاً من المخاطر الأمنية الناجمة عنه، وشعورها أن الحوكمة في هذا الإطار “مجزأة”، مشددة على ضرورة تكثيف التنسيق بين الدول من أجل تشكيل إطار عمل معترف به عالمياً للذكاء الاصطناعي. وفي هذا الصدد، يُعتقد بأن الخطة ستدفع دولاً أخرى لتطوير استراتيجيات مشابهة؛ مما قد يؤدي إلى تنافس محتدم في تقنيات الذكاء الاصطناعي ذات الاستخدامات العسكرية، مع تقديرات بتأجيج حروب اقتصادية وسيبرانية جراء المنافسة الأمريكية الصينية في مجال الذكاء الاصطناعي.سيناريوهات مُستقبلية:
تُشير التقديرات إلى أن الخطة ستكون لها ثلاثة سيناريوهات متوقعة:
سيناريو الانفجار الابتكاري: يتحقق إذا نجحت الخطة في تحفيز الاستثمار وتوسيع البنية التحتية والابتكارية في الولايات المتحدة؛ حيث إن هذه الخطوات ستؤدي إلى قفزة في قدرات الذكاء الاصطناعي، ومن شأنها أن تقود نحو انتشار أسرع للتطبيقات الإلكترونية في مختلف القطاعات التعليمية والطبية والصناعية، مع صعود عالمي جديد للولايات المتحدة في مجال التكنولوجيا. سيناريو الانقسام التكنولوجي: يمكن أن تزيد الخطة من النزعة التنافسية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، خاصة أنها تعزز الموقف الأحادي لواشنطن؛ ما يجعل العالم أمام بيئات تقنية منقسمة ما بين معايير أمريكية منفصلة وأخرى صينية وكذلك أوروبية؛ مما يصعب تحقيق التعاون الدولي في هذا المجال. سيناريو انكشاف المخاطر: الخطة تدعو إلى تبني نماذج مفتوحة المصدر، إلى جانب دعمها للشركات الناشئة وليس الكبرى فقط للمضي قدماً في الابتكار في هذا المجال؛ ما يعني أنه إذا لم تُركّز الولايات المتحدة بما يكفي على الأمن ومكافحة التضليل، فقد تنجم عن الخطة تسريبات، وهجمات سيبرانية ومحاولات لاختراق بيانات واستغلالها؛ ما يفقد ثقة الجمهور في استخدام الوسائل الإلكترونية؛ وهو ما سيلحق ضرراً بالمصالح التجارية والاقتصادية للولايات المتحدة ودول أخرى.ختاماً، يمكن القول إن خطة العمل الأمريكية للذكاء الاصطناعي لعام 2025 تُعد انعكاساً نحو التحول السريع لما يُعرف بالسيادة التقنية، وهو إطار يتوافق بشكل واضح مع نهج “أمريكا أولاً”؛ إذ تُصِر إدارة ترامب من خلال تلك الخطة على تأكيد مصلحة واشنطن الذاتية أولاً وقبل كل شيء، وذلك عبر تغيير شروط المنافسة العالمية في هذا المجال.
ولكن الواقع يفيد بأنه على الرغم من أن الخطة “فرصة” لتحفيز اقتصاد المعرفة وتوسيع النفوذ؛ فإنها تُثير أصواتاً تحذيرية بشأن مخاطر الفجوة الرقمية وكيفية معالجة التوازن بين تسريع التطوير والضمانات الأخلاقية. ولكن على أي حال سيعتمد نجاح الخطة أو فشلها على تحقيق ريادة الذكاء الاصطناعي بقيادة أمريكية دون التضحية بالسلامة المجتمعية أو التعاون الدولي متعدد الأطراف.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
“أوبن أيه آي” تطلق نموذجين للذكاء الاصطناعي قابلين للتشغيل على الحواسيب
أعلنت شركة “أوبن أيه آي” المطورة لمنصة الذكاء الاصطناعي “شات جي بي تي”، عن إطلاق نموذجين جديدين “مفتوحين” من الذكاء الاصطناعي يمكن تخصيصهما وتشغيلهما بحسب الطلب على جهاز كمبيوتر محمول، حسبما ذكرت الشركة أمس “الثلاثاء”.
وأضافت الشركة أنه يطلق على النموذجين، وهما “جي بي تي- او اس اس- 120بي” و”جي بي تي- او اس اس- 20بي”، ما يسمى بـ “نماذج لغة مفتوحة الوزن”، والتي تسمح للمستخدمين بالوصول إلى معايير الذكاء الاصطناعي وتخصيصها.
وذكرت أن النموذجين الجديدين يمكن تشغيلهما محليًا على أجهزة الحواسيب المحمولة، ما يتيح للمطورين والشركات استخدام الذكاء الاصطناعي ضمن بيئاتهم الخاصة وبشكل مستقل عن البنية التحتية السحابية. ويتيح هذا النهج لمستخدمي الأعمال تخصيص قدرات النماذج بما يتماشى مع متطلبات محددة، بعيدًا عن النماذج المغلقة كما هو الحال في منصة “شات جي بي تي”.
وأوضحت أنه يمكن لهذين النموذجين، مثل أدوات الذكاء الاصطناعي الأخرى التي تستخدم لتوليد النصوص، كتابة الشفرات والبحث عبر الإنترنت عند الطلب منهما.