البشاعة والوضاعة تعتذران للنهود
تاريخ النشر: 10th, August 2025 GMT
حسين خوجلي يكتب:
ثلاثية السبت
البشاعة والوضاعة تعتذران للنهود
وفي قلب مدينة النهود الجريحة، تلك التي صنعها وصاغها كل أبناء السودان، في يُسر وتلقائية ووسطية واعتدال، فصارت بهذه القيم بيدراً من السماحة والتسامح، والبذل وحب الآخرين.
هذه المدينة الوسيمة، التي ما ظنت يوماً أنها ستكون ساحةً للقتل والنهب والاغتصاب، وإهانة وإذلال ثوابت الإنسانية، على يد هذه العصابة المجرمة، التي ادعت كذباً وبهتاناً وإفكاً أنها من قلب هذا السودان الطاهر، المعافى من أوضار هذه القافلة اللعينة من الذئاب.
وبالأمس الأول، أخرجت عصابة دقلو، الوالغة في دماء الأبرياء وأموال الأرامل والأيامى واليتامى، والمسربلة بالنشوة الحرام من أجساد العفيفات المغتصبات، نعم، في الأمس القريب، أوقفت (27) مواطناً من الأسرى المعصوبي الأعين، وأوقفتهم قهراً في ميدان عام، وصاح أحد كلاب حميدتي ومحتار نمر ومحمود مادبو: “لقد قضينا بإعدامكم رمياً بالرصاص، لأن أهلكم ماطلوا في الزمن، ولم يسارعوا بدفع الفدية”.
وقبل أن يرفع المقهورون أصواتهم بالاحتجاج أو طلب مهلة لتسديد المال الحرام، مزقت زخّات الرصاص المجنون صدور هؤلاء الأبرياء، الذين شكّلوا، وهم يترامون فوق بعضهم البعض، كل أمشاج السودان الواحد: حمر وكبابيش ودار حامد وشايقية وجعليين وكواهلة وزغاوة وفور وبني هلبة، فكأنما كانت الجريمة تمثيلاً حقيقياً ومتحفياً لجثث أبناء السودان، الذين التقت دماؤهم هاتفةً في وجه المؤامرة والمتآمرين والخونة والعملاء، الذين سينالون جزاءهم الرادع والوافي، ولو بعد حين.
لقد أبكت الحادثة، أو بالأحرى الفاجعة، كل أهل السودان شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً، وما زالت كردفان تنتحب؛ لقد جفّت الدموع، وانطفأ بريق أعين المؤازرة والإلفة والنفير والفزع والحنين القديم.
وقد اتصلت، بعد سماعي لخبر هذه المأساة المؤلمة، بممثلنا في موسوعة “لسان العرب”، برجاء عاجل يسمح لنا باستخدام مفردتي “الوضاعة” و”البشاعة” لتوصيف الجريمة، فجاء الرد عاجلاً بأن المفردتين قد اعتذرتا عن هذا الطلب، وكان التبرير أنهن خُلِقن للاستعمال البشري، وليس للتعبير عن أوغاد الشتات، والذئاب الجائعات، والأبالسة، والوحوش.
وبعد الاعتذار المدوي، بدأنا في البحث من جديد عن مفردتين توافقان بديلًا لـ”البشاعة” و”الوضاعة”، تقبلان الاستعمال والتوصيف لهذه الدناءة والفجور، الذي لم تعرف له البشرية مثيلاً. وما زال البحث جارياً.
مرحبا بكم في كازينو ترامب ونتنياهو أخوان
لا تصدقوا الأكذوبة المتداولة هذه الأيام بأن هنالك خلاف بين الحركة السياسية والجيش في اسرائيل، هي مجرد تمثيلية سمجة كلهم متفقون على سحق الشعب الفلسطيني وتجريده من أرضه وكرامته وإلقائه من وراء الحدود في الضفة الغربية وفي النقب وفي غزة.
لا تصدقوا بأن هنالك خلاف حول احتلال غزة فغزة أصلا محتلة ٨٠٪ من أرضها تحت الاحتلال المباشر و٢٠٪ يتكدس فيها أكثر من ٢ مليون و٥٠٠ الف فلسطيني، لو ألقيت عليهم حبة رملٍ واحدة فلن تقع أرضا لأن مكانها المتاح رؤوس الرجال والنساء والأطفال. صدقوني غداً سوف يقتحم الجيش الاسرائيلي السكان وسوف يقتل الالاف بحجة أن الكبار والصغار والنساء والرجال ينتمون حركة فتح في أكبر مجزرة تشهدها التاريخ المعاصر وسط دهشة هذا العالم الغافل الساقط في آتون الخوف والمذلة.
ومن مآلات هذا الاقتحام الحارق المدمر أنه سيقتل مجموعة الأسرى الفلسطينيين وهذا أصلا مقصد ورغبة نتنياهو واليمين الصهيوني حتى يجد مبررا لعمليات السحل والقتل والابادة. وصدقوني أن المجرم الأكبر وراء هذه المأساة هو الرئيس الأمريكي القاتل دونالد ترامب الذي ينتظر على أحر من الجمر ليقوم نتنياهو بسحق القوى الصلبة للشعب الفلسطيني من الشباب والقادرين على المواجهة ويتبقى حطام الشيوخ وللجرحى والأرامل والأطفال المبتورين الذين لن يبقى لهم في هذه الفانية من سبيل إلا الترحيل الجماعي والإبعاد.
لقد اكتملت المخططات والرسومات والدراسات والهياكل لإقامة المشروع السياحي الكبير للرئيس الأمريكي وعدت ستنهض على شط غزة الحزين مئات من البنايات الشاهقة والبلاچات والمصايف والشاليهات وتمتد أكبر لافتة في التاريخ مرحبا بكم في كازينو ترامب ونتنياهو أخوان.
وجع المشاهدة
بعد النكبة غادر ملايين السودانيين بلادهم اضطرارا وقد ملأوا أعينهم من التجارب في مصر الحبيبة وفي السعودية والأمارات وبقية دول الخليج وبعض العواصم الأفريقية مثل نيروبي وكمبالا وجنوب أفريقيا وبعضهم حدق مليا في العواصم الأوروبية وبعض الولايات الأمريكية. وبعضهم سافر حتى استراليا وتفرقوا في المدى آسيا مثل تركيا وماليزيا وحتى بعض جمهوريات آسيا الوسطى. وأرجو من كل قلبي ألا تكون هذه المشاهدات من أجل التحديق والدهشة والمقارنات النظرية. فقط أرجو من كل قلبي أن تكون تبعات للتأمل والنقد الذاتي ونقل التجربة إلى السودان بعد الانتصار، فإن النظر وحده واعمال الطرف دون تدبر نهايته حزنٌ وقلقٌ ويأسٌ وعجز عن المماثلة والأداء والمنافسة ويستوقفني البيت الشهير العميق:
وكنت متى أرسلت طرفك رائداً : لقلبك يوماً أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر : عليه ولا عن بعضه أنت صابر
وللبيت قصة نخرج بها من وحشة السياسة إلى وداد الإمتاع والمؤانسة اذ يحكي الأصمعي كنت في بعض مياه العرب فسمعت الناس يقولون: (قد جاءت) فتحرك الناس فقمت معهم، فإذا بجارية قد وردت الماء ما رأيت مثلها قط في حسن وجهها وتمام خلقتها، فلما رأت كثرة تشوف الناس إليها أرسلت برقعها فكأنه غمامة غطت شمساً فقلت لم تمنعينا النظر إلى وجهك هذا الحسن فأنشأت تقول:
وكنت متى أرسلت طرفك رائداً: لقلبك يوماً
أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر : عليه ولا عن بعضه أنت صابر إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
قصة الغواص وسام الزهراني الذي فُقد بشاطئ أبحر في جدة
جدة
تتواصل جهود فرق حرس الحدود والغواصين المتطوعين بلا توقف للعثور على جثة الغواص وسام منصور الزهراني التي فقدت قبالة شاطئ أبحر ، وسط تضامن واسع من المجتمع، وتفاعل كبير عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المحلي.
وقال براء العمودي، أحد أقارب وسام الزهراني، أن رحلة الغوص انطلقت مساء الأحد 3 أغسطس 2025، من شاطئ منتجع شمال جدة، بمشاركة وسام وصديقه فهد، ومع حلول المساء، فُقد الاتصال بهما بشكل مفاجئ، مما أثار القلق وبدأت على الفور عمليات بحث أولية، انتهت بالعثور على جثمان فهد عرفات على الشاطئ، بينما لا يزال مصير وسام مجهولًا حتى الآن.
أضاف العمودي أن وسام وفهد في العقد الرابع من العمر، ويتمتعان بخبرة كبيرة في مجال الغوص. ولفت إلى أن وسام تحديدًا هو مدرب محترف، وينتمي إلى عائلة محترفة في الغوص، مشيرًا إلى احتمالية أن يكون تجمع أسماك القرش في الموقع سببًا في الحادثة. وسام الزهراني، هو أب لثلاثة أبناء، ويُعرف بحُسن الخلق واحترافية عالية في الغوص. وهو شقيق طلال الزهراني، عضو هيئة الاتحاد السعودي للإنقاذ والسلامة المائية.