عين ليبيا:
2025-08-09@23:39:46 GMT

الوطن مختبر للسموم!

تاريخ النشر: 10th, August 2025 GMT

نحن لا نكتب اليوم عن أزمة دقيق، ولا عن شحنة أرز مسوس وصلت من الهند، ولا حتى عن سمك “بلا رأس” في ثلاجات الموانئ، بل نكتب عن كارثة صحية صامتة، يتحدث عنها الأطباء خارج الحدود، بينما داخلها… الجميع يبيع ويشتري: أدوية، مبيدات، أكل، وحتى حياة الناس.

طبيب تونسي ــ وليس ليبيًا طبعًا، لأن أطباءنا أغلبهم يداوم من المقهى ــ قالها بصراحة على إذاعة تونسية: “المرضى القادمون من ليبيا يعانون أمراضًا غريبة، غير معتادة، بعضها مزمن وبعضها خطير، ولا نعرف مصدره”.

غريبة؟

غير معتادة؟

سرطانات بالجملة؟

فشل كلوي بالجملة؟

أمراض معدية ومعوية وتنفسية لا تُفهم؟

أين؟ من أين؟ وكيف؟

الإجابة لا تحتاج إلى دكتوراة في الصحة العامة، ولا إلى لجان أزمات تعقد اجتماعات طارئة في فنادق ذات خمس نجوم: نحن بلد أصبح فيه الماء مشبوه، الدواء مشكوك فيه، الغذاء مشكوك فيه، وحتى الهواء إن استطعت أن تتنفسه دون رائحة زبالة فهو معجزة.

نحن نأكل الموت بالتقسيط

مبيدات زراعية مجهولة المصدر، تُرشّ على الطماطم وكأننا في حرب بيولوجية.

أدوية بشرية تُستورد من تركيا والهند وباكستان، تمرّ عبر المعبر مثلها مثل شحنة دجاج مثلج، ولا أحد يراقب.

أعلاف للحيوانات تُباع بالكيلو، مجهولة التركيب، نتيجتها أن البقرة تسمن في أسبوع، والإنسان يُدفن بعد شهر.

ماء تُعبّئه شركات بلا ترخيص، وتبيعه في السوق على أنه “مياه معدنية”، بينما هو صالح فقط لري شجرة صبار.

نحن في دولة لا تموت فيها فقط من رصاصة، بل من كأس شاي، أو وجبة عشاء، أو دواء اشترته أمك من صيدلية “ع الواجهة”.

الكارثة؟ الجميع يعرف… لكن الصمت سيّد الموقف

الصحة؟

وزارة تحولت إلى “بريد سريع” لتبادل التهم.

الرقابة؟

مركز أصبح يتفرج على السوق السوداء وهي تحتفل بنجاحها.

البيئة؟

تحتاج أولًا إلى نظافة أخلاقية قبل نظافة أرضية.

الجمارك؟

يفتشون عن “الخمور” في الحقائب، ولا يفتشون عن السموم في الشاحنات.

ماذا نريد؟

نريد لجنة وطنية؟ نعم.

نريد شراكة مع منظمة الصحة العالمية؟ نعم.

نريد طوارئ، ونريد تقارير، ونريد مساءلة.

لكن قبل كل هذا، نريد شيئًا بسيطًا جدًا: أن يعامل المواطن الليبي كإنسان… لا كـ”فأر تجارب”.

أيها الليبي… إذا مرضت، لا تذهب إلى الطبيب

اسأل أولًا:

هل شربت ماءً اليوم؟

هل أكلت طعامًا من السوق؟

هل اشتريت دواءً مستوردًا؟

هل تنفست هواء مدينة مزروعة بمكب نفايات؟

إن أجبت بـ”نعم”… فربما المرض ليس خطأ جسدك، بل خطأ دولة قررت أن تجعل من جسدك “ساحة حرب كيميائية”.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

إقرأ أيضاً:

الانتماء للوطن

 

 

علي العايل

 

في خضم تقلبات السياسة وتغيّر الأحوال، يبقى الوطن هو الثابت الذي لا يتغير، ولا تتأثر قدسيته بتغيُّر الحكومات؛ فالوطن ليس مجرد رقعة جغرافية؛ بل هو المعنى العميق للهوية والانتماء والذاكرة الجمعية، التي يُفترض أن تكون فوق كل الولاءات العابرة والمصالح الضيقة.

إن الخلط بين الوطن والحكومة هو الخلل الأكبر في وعي الأفراد والجماعات، وهو ما يؤدي إلى تزييف مفهوم الانتماء الحقيقي؛ فحين يُختزل الوطن في المسؤولين والمنظومة الحكومية، تُفرَّغ الوطنية من معناها، وتُحوَّل إلى أداة طيعة بيد المُستفيدين، الذين يجعلون من الولاء للسُلطة معيارًا وحيدًا للمواطنة؛ فينقلب المُخلِص عدوًا، والمنافق بطلًا، ويُصبح النفاق فضيلة، والنقد خيانة!

الانتماء الصادق للوطن لا يُقاس بعدد كلمات المدح، ولا بمستوى القرب من دوائر النفوذ؛ بل يُترجم في الإخلاص للعمل، والحرص على المصلحة العامة، والجرأة في قول الحقيقة، والوقوف إلى جانب الناس في وجعهم وأحلامهم. أما أولئك الذين يكتبون أو ينطقون باسم الوطن وهم في الحقيقة يجمّلون وجه السُلطة ويُخفون عيوبها، فهم لا يخدمون الوطن؛ بل قد يُسيئون إليه؛ إذ يُحوّلون الكلمة من أداة بناء إلى وسيلة تزييف.

وفي هذا السياق، على كل مسؤول، في أي مكان، أن يعي أن النقد البنّاء، والتوجيه المسؤول، سواء جاء من كاتب أو شاعر أو مثقف أو أي مواطن عادي، هو في حقيقته محاولة صادقة لتقويم اعوجاج، وتصحيح مسار إداري أو تنظيمي انحرف عن موضعه الصحيح. لا سيما حين يكون النقد موجَّهًا إلى فساد إداري أو استغلال نفوذ من قبل ممن يُفترض بهم أن يخدموا الناس ويراعوا مصالحهم. والنقد في مثل هذه الحالات لا يُعد خصومة؛ بل هو ممارسة وطنية ناضجة تصب في الصالح العام، وتُسهم في خدمة المواطن والسلطة معًا، عبر تصحيح الأداة وإعادة الاعتبار للدور الحقيقي للمؤسسات؛ فالولاء الحقيقي لا يُطلب ولا يُفرض؛ بل يُغرس في النفوس بفعل العدالة والحرية والمشاركة. وحرمة الأوطان تُستمد من كرامة الإنسان، من سيادة القانون، من احترام الرأي، من تكافؤ الفرص، وليس نتيجة نفوذ سلطوي؛ فالمجتمع الذي يُقدِّم المسؤول على الوطن، ويجعل الولاء له ولسلطته بديلًا عن الولاء للأرض، هو مجتمع فَقَدَ بوصلته، وفتح الباب واسعًا أمام التزلُف، وأغلقه في وجه الإصلاح.

إن الأوطان لا تنهض بالشعارات ولا بالمظاهر؛ بل بتكريس كل الطاقات والكفاءات في سبيل بناء الوطن وخدمته، وهذا لن يتحقق إلّا إذا جعلت الجهات المسؤولة -بوصفها أداة إدارة لا كيانًا مقدسًا- من رفاهية الشعب وكرامته وحقه في الحياة الكريمة أولى أولوياتها، ووضعت نصب أعينها أن وجودها مرتبط بمدى وفائها لهذا الوطن، لا بمقدار ما يُقال عنها أو يُكتب لها.

وفي منظومة الحياة، تتغير السُلطات، وتتبدل الوجوه، وتبقى الأوطان شاهدة على من أخلص لها، ومن خدمها، ومن استغلها؛ لذلك، فإن كل ولاء لا يُبنى على مصلحة الوطن، هو ولاء ناقص أو زائف، وكل كلمة لا تُقال دفاعًا عن حق الناس، فهي خيانة صامتة؛ فلتكن البوصلة دائمًا للوطن ثم كل ما عداه.

مقالات مشابهة

  • مختبر الأغذية المتنقل .. خطوة مبتكرة لضمان غذاء آمن لزوار خريف ظفار
  • الانتماء للوطن
  • أسعار الذهب محليا
  • شاهد.. النصر يشعل السوق وسان جيرمان يتحرك بصمت
  • أحب ان أبقى مفلساً
  • نتنياهو: نريد تسليم غزة لقوات عربية لا تهددنا.. والجيش يحذر من فخ الاحتلال (شاهد)
  • مؤشر سوق الأسهم يغلق على تراجع
  • حميدان التركي في طريقه إلى أرض الوطن
  • بعد أكثر من عقدين في السجون الأمريكية: حميدان التركي يعود إلى الوطن