تقنية الليدر.. أدة ثورية في عالم الآثار تكشف تفاصيل حضارة المايا
تاريخ النشر: 10th, August 2025 GMT
تشير نتائج دراسات علمية حديثة إلى أن حضارة المايا القديمة بلغت في أوج ازدهارها عدد سكان قُدّر بحوالي 16 مليون نسمة، وهو ما يمثل زيادة كبيرة مقارنة بالتقديرات السابقة، وقد أسهم هذا الاكتشاف في تغيير الصورة النمطية السائدة عن هذه الحضارة، حيث كشفت البيانات عن درجة عالية من التعقيد والتنظيم الاجتماعي لم تكن معروفة من قبل.
اعتمد فريق البحث، بقيادة العالم فرانسيسكو إسترادا بيلي من معهد أبحاث أمريكا الوسطى في جامعة تولين، على استخدام تقنية متطورة تُعرف باسم الليدار (LiDAR)، وهي اختصار لـ "الكشف والقياس بالضوء"، وتعتمد هذه التقنية على إطلاق نبضات ليزر من الطائرات لمسح سطح الأرض، ما يسمح بكشف ما يقع تحت الغطاء النباتي الكثيف، كالغابات الاستوائية.
وقد مكّنت هذه التقنية الباحثين من رصد آلاف الهياكل المعمارية التي كانت مخفية تحت الغابات، مما كشف عن مبانٍ وطرقٍ وأنظمة زراعية معقدة، تدل على وجود نشاط بشري كثيف وتنظيم عمراني متقدم.
تقديرات سكانية غير متوقعةصرّح إسترادا بيلي بأن الفريق العلمي أُصيب بالدهشة من حجم الزيادة السكانية التي كشفت عنها البيانات، إذ كانت التوقعات السابقة تشير إلى نمو سكاني محدود، بناءً على المسوحات التقليدية، إلا أن النتائج الجديدة سلّطت الضوء على مستوى عالٍ من التنظيم الاقتصادي والاجتماعي، لم يكن يُتوقع أن تكون حضارة المايا قد بلغته في ذلك الوقت.
قلب الأراضي المنخفضة للماياشملت الدراسة مساحة تجاوزت 95 ألف كيلومتر مربع من الأراضي التي تُعرف باسم "الأراضي المنخفضة للمايا"، وهي تضم مناطق من مقاطعة بيتين في غواتيمالا، وغرب بليز، وولايتي كامبيتشي وكينتانا رو في المكسيك، وتعتبر هذه المنطقة موطنًا رئيسيًا لحضارة المايا، إلا أن الغابات الكثيفة كانت تخفي تحتها بقايا مدن وبُنى تحتية لم تُكتشف من قبل.
المدن والريف جزء من نسيج واحدخلافًا للرؤية التقليدية التي كانت تُصور قلب حضارة المايا كمزيج من مدن كبيرة ومستوطنات ريفية معزولة، كشفت البيانات الحديثة عن نمط مختلف تمامًا حيث تبين أن معظم المباني كانت تقع على بعد لا يزيد عن 5 كيلومترات من ساحة مركزية.
وقد احتوت هذه الساحات في العادة على مساكن للنخبة، ومواقع احتفالية، وأماكن تجمع عامّة، مما يشير إلى أن السكان الريفيين كانوا مندمجين تمامًا في الحياة المدنية والدينية، ولم يكونوا معزولين كما كان يُعتقد.
تخطيط حضري منسّق وهيمنة النخبأظهرت الدراسة أن المستوطنات كانت تُبنى وفق تصميم موحد ومنظم، حيث كانت النخب تسيطر على المساحات العامة وتُشرف على النشاطات الزراعية والاجتماعية، كما لاحظ الباحثون درجة من التحضّر تفوق ما كان يُظن سابقًا، لا سيما في المناطق الشمالية من الأراضي المنخفضة.
توزيع سكاني متوازن وشبكات زراعية متقدمةأحد أبرز الاكتشافات في الدراسة هو أن التوزيع السكاني بين المناطق الحضرية والريفية كان متوازنًا نسبيًا بين شمال وجنوب الأراضي المنخفضة، خلافًا للاعتقاد السائد الذي كان يُشير إلى انخفاض الكثافة السكانية في الشمال.
ورغم الطابع الحضري لهذه المناطق الشمالية، إلا أنها احتوت على شبكات زراعية واسعة النطاق، يُرجّح أن النخب الحاكمة كانت تُديرها بشكل مباشر لضمان إنتاج الغذاء وتوزيعه بكفاءة على مستوى واسع.
استمرار إرث المايا في العصر الحديثورغم مرور قرون على انهيار هذه الحضارة، فإن إرث المايا لا يزال حاضرًا حتى اليوم، إذ يُقدّر عدد أحفادهم الذين لا يزالون يعيشون في جنوب المكسيك وأمريكا الوسطى بنحو 8 ملايين نسمة، ولا يزال هؤلاء يحافظون على تقاليدهم الثقافية واللغوية، ويواصلون تمثيل واحدة من أعظم الحضارات في التاريخ الإنساني.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: تقنية الليدار حضارة المايا المايا الغابات الاستوائية أمريكا الأراضی المنخفضة حضارة المایا کانت ت
إقرأ أيضاً:
الجزيرة نت تكشف تفاصيل وتعقيدات التفاوض حول الأسرى
غزة- كشف مصدر مطلع على مفاوضات تبادل الأسرى أن الاحتلال الإسرائيلي ماطل في اعتماد قائمة الأسرى المعزم الإفراج عنهم ضمن صفقة التبادل المرتقبة خلال اليومين المقبلين.
وقال المصدر للجزيرة نت إن الاحتلال اعترض على قائمة الأسرى التي قدمها الوفد المفاوض، وبعد جولة من المفاوضات التي خاضها الوسطاء بين فصائل المقاومة والاحتلال الإسرائيلي وافق على عدد محدود جدا منها.
وأشار المصدر إلى أن الاحتلال عاد وقدم قائمة بديلة للأسرى بهدف أن يختار الوفد المفاوض منها، إلا أن الفصائل رفضت القائمة، وقدم الوفد المفاوض الفلسطيني قائمة أخرى.
ورغم الحركة المكوكية للوسطاء لتقريب وجهات النظر، ورفض الاحتلال للقائمة الأخيرة، وما بين مد وجزر وافق في النهاية الوفد الفلسطيني المفاوض على القائمة بالشكل الذي سيتم الإعلان عنه رسميا، والذي يستبعد بعض أسماء الأسرى الفلسطينيين من المحكومين بالمؤبدات.
الفصائل تعاهد
وفي بيان صحفي مشترك أوضحت كل من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أنهم بذلوا جهودا كبيرة ومضنية لإطلاق سراح جميع الأسيرات والأسرى وقيادات الحركة الوطنية الأسيرة، إلا أن الاحتلال، كعادته، أجهض إطلاق سراح عدد كبير مهم منهم.
ورغم ذلك آثروا المضيّ في تنفيذ الاتفاق بما يضمن وقف حرب الإبادة ضدّ الشعب الفلسطيني، ومنع العدو من مواصلة الإبادة الجماعية.
وعاهدت الفصائل في بيانها الشعب الفلسطيني وعائلات الأسرى بأن قضية تحريرهم جميعا ستبقى على رأس جدول أولوياتهم الوطنية، ولن تتخلى عنهم أبدا.
6 شخصيات فلسطينية أصرت حماس على الإفراج عنهم ووضعتهم برأس قائمة الأسرى التي تبادلتها مع الاحتلال الإسرائيلي في شرم الشيخ#الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/YZTIjBRPap
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) October 9, 2025
تصنيف الأسرىوتنص المرحلة الأولى من الاتفاق المبني على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على إفراج إسرائيل عن 250 أسيرا فلسطينيا من أصحاب الأحكام المؤبدة، و1700 من أسرى قطاع غزة.
إعلانوكان الوفد الفلسطيني المفاوض قد طالب في بداية المفاوضات بإطلاق سراح أسرى المؤبدات حسب الأقدمية في السجون الإسرائيلية.
وبحسب الهيئات المختصة بشؤون الأسرى التي تحدثت للجزيرة نت، فإن إجمالي عدد الأسرى في سجون الاحتلال بلغ أكثر من 11 ألفا و100 أسير، غالبيتهم من المعتقلين الإداريين (دون لوائح اتهام) والموقوفين (لا يشمل هذا الرقم المعتقلين المحتجزين في معسكرات جيش الاحتلال).
وفي حين يزيد أسرى غزة عن 4 آلاف منذ بداية العدوان بأكتوبر/تشرين الأول 2023، يُقدر عدد الأسرى المحكومين من الأسرى عامة بأكثر من 1460 أسيرا، بينهم 303 أسرى محكومون بالمؤبد، و40 آخرون قُدمت بحقهم لوائح اتهام تمهيدا لإصدار أحكام مؤبدة بحقهم.
ويقضي الأسير عبد الله البرغوثي أعلى حكم بـ67 مؤبدا، ويليه الأسير إبراهيم حامد 54 مؤبدا، وكلاهما من قادة كتائب القسام في الضفة الغربية.
وهناك 17 من الأسرى القدامى المعتقلين قبل اتفاق أوسلو عام 1993، بينهم 4 أسرى معتقلون منذ 1986، وهم إبراهيم أبو مخ، وإبراهيم بيادسة، وأحمد أبو جابر، وسمير أبو نعمة.
وفي حين يقضي 131 أسيرا حكما بالسجن بين 10 و20 عاما، يقضي 166 أسيرا أحكاما بالسجن بين 21 و30 عاما، كما تقبع 53 أسيرة في سجون الاحتلال، بينهن 3 أسيرات من غزة وطفلتان، ويبلغ عدد الأطفال الأسرى أكثر من 400 طفل محتجزين في سجني عوفر ومجدو.
أما الأسرى الموقوفون (لم تصدر بحقهم أحكام) فقد بلغ عددهم نحو 3380 أسيرا، ويصل عدد المعتقلين الإداريين إلى 3544 أسيرا (وهي النسبة الأعلى بين فئات الأسرى).
ويصنف الاحتلال 2673 معتقلا "مقاتلون غير شرعيين" بينهم أسرى من لبنان وسوريا (لا يشمل هذا الرقم جميع معتقلي غزة المحتجزين في معسكرات جيش الاحتلال).
ومنذ بداية الحرب على قطاع غزة أنجزت المقاومة الفلسطينية أكثر من عملية تبادل أسرى بجهود الوساطة القطرية المصرية:
أوّلها خلال التهدئة التي عقدت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لمدة 7 أيام، حيث أطلقت إسرائيل سراح 240 أسيرا فلسطينيا منهم 107 أطفال، في حين أطلقت حماس سراح 105 محتجزين بينهم 81 إسرائيليا و23 تايلنديا وفلبيني واحد. وفي اتفاق يناير/كانون الثاني الماضي أفرج الاحتلال الإسرائيلي عن 1777 أسيرا بينهم 274 محكومون بالمؤبد، و296 من الأحكام العالية، وألف أسير من أسرى غزة ما بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، و41 أسيرا من محرري صفقة وفاء الأحرار (صفقة شاليط) الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم، و71 أسيرة، و95 طفلا، وذلك مقابل 33 أسيرا إسرائيليا بينهم 8 جثامين.