باحثان: هذه 6 استراتيجيات تستخدمها واشنطن للتبرؤ من فظائع حلفائها
تاريخ النشر: 11th, August 2025 GMT
تتكرر الوصفة الأميركية في التعامل مع ما توصف بالفظائع التي يرتكبها حلفاؤها مهما اختلفت الحالات، بدءا بالتبرير والإنكار وانتهاء بإعادة صياغة الرواية لصالحهم، بحسب موقع ذا كونفرسيشن، الذي تأسس عام 2011 في أستراليا وأطلق لاحقا نسخا منه في عدة دول بينها بريطانيا والولايات المتحدة.
وناقش الباحثان في قضايا الإبادة الجماعية جيف باكمان وإستر بريتو رويز، في مقالهما المشترك، كيف طوّرت الولايات المتحدة مجموعة من الأساليب الخطابية الممنهجة للتقليل من شأن الفظائع التي يرتكبها حلفاؤها، وتبرير استمرار دعمها السياسي والعسكري لهم حتى عندما تكون الانتهاكات موثقة وعلنية.
وتتبع الباحثان -وهما أستاذان في كلية الدراسات الدولية المتقدمة التابعة للجامعة الأميركية بالعاصمة واشنطن- حالات بارزة بينها دعم إندونيسيا في تعاملها مع تيمور الشرقية (1975-1999)، ودعم غواتيمالا خلال الإبادة الجماعية في أوائل الثمانينيات، والدعم غير المشروط لإسرائيل في حربها على قطاع غزة (منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023).
ورصد الباحثان 6 إستراتيجيات خطابية أساسية استخدمها المسؤولون الأميركيون علنا للنأي ببلدهم عن "الفظائع التي يرتكبها أولئك الذين يتلقون دعمه"، أورداها على الشكل التالي:
التظاهر بالجهليقول الباحثان إن المسؤولين الأميركيين عندما ينفون علمهم بالفظائع التي ترتكبها أطراف تتلقى دعما من الولايات المتحدة، فإنهم بذلك فقط "يتظاهرون بالجهل".
التشويش على الحقائقوعندما لا يمكن تجاهل الأدلة على الفظائع، يلجأ المسؤولون الأميركيون إلى التشويش على الحقائق، بحسب الباحثيْن.
الإنكاروأضاف الباحثان أنه مع تزايد الأدلة على الفظائع وعلى هوية مرتكبيها، غالبا ما يلجأ المسؤولون الأميركيون إلى الإنكار. ورغم إقرارهم بأن بلادهم تقدم المساعدات للدول المتهمة بتنفيذ تلك الجرائم، فإنهم يجادلون بأنها لم تُستخدم مباشرة في ارتكاب تلك الأفعال.
إعلان التشتيتوتابع الباحثان في مقالهما أنه عندما تصل التحقيقات العلنية بشأن الدعم الأميركي إلى مستوى يصعب تجاهله، يستخدم المسؤولون الأميركيون إجراءات شكلية أو مؤقتة تقوم على "الإلهاء وتشتيت الانتباه".
وليس الهدف من ذلك تغيير سلوك الطرف المتورط المستفيد من الدعم الأميركي، بل هو حيلة سياسية الغرض منها تهدئة منتقديها.
التضخيم الإيجابيوزاد باكمان ورويز أنه عندما تكون الفظائع التي يرتكبها المستفيدون من الدعم الأميركي ظاهرة للعيان، يستخدم المسؤولون الأميركيون إستراتيجية التضخيم لمدح القادة الحلفاء وتصويرهم على أنهم جديرون بالمساعدة.
ويرى الباحثان في مقالهما أن هذا التضخيم لا يرفع مكانة القادة أخلاقيا فحسب، بل يبرر أيضا العنف الذي يمارسونه.
باكمان ورويز قالا إنه عندما تكون الفظائع التي يرتكبها المستفيدون من الدعم الأميركي ظاهرة للعيان، يستخدم المسؤولون الأميركيون إستراتيجية التضخيم لمدح القادة الحلفاء وتصويرهم على أنهم جديرون بالمساعدة
الدبلوماسية الهادئةوقال الباحثان في مقالهما إنه كثيرا ما يدّعي المسؤولون الأميركيون أنهم ينتهجون "دبلوماسية هادئة"، أي العمل خلف الكواليس لكبح سلوك المستفيدين من دعم الولايات المتحدة لهم.
ويشير التقرير إلى أن هذه الأساليب ليست مجرد أدوات دعائية، بل تشكل جزءا من سياسة متكاملة تمكّن واشنطن من الحفاظ على تحالفاتها ومصالحها، مع تجنّب المحاسبة الدولية أو الداخلية.
ويخلص المقال إلى أن استمرار هذه الرواية المضللة يعتمد على عاملين حاسمين، هما لغة الخطاب الأميركي الرسمية التي تعيد صياغة الحقائق، وقابلية الرأي العام -المحلي والعالمي- لتصديق هذه اللغة أو تجاهلها.
يشار إلى أن موقع "ذا كونفيرسيشن" انطلق في ملبورن بأستراليا في مارس/آذار 2011.
وقد انطلقت النسخة البريطانية في مايو/أيار 2013، تلتها نسخ في الولايات المتحدة الأميركية (2014) وجنوب أفريقيا وفرنسا (2015)، وكندا وإندونيسيا ونيوزيلندا (2017) وإسبانيا (2018) والبرازيل (2023).
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات ترجمات المسؤولون الأمیرکیون الولایات المتحدة الدعم الأمیرکی الباحثان فی
إقرأ أيضاً:
صحيفة روسية: واشنطن تدفع نيودلهي دون قصد نحو التقارب مع موسكو وبكين
سلطت صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية الضوء على توتر العلاقات الأمريكية الهندية بسبب الضغوط التي تمارسها إدارة ترامب على نيودلهي للتخلي عن استيراد النفط الروسي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الهند تسعى إلى تحقيق توازن دقيق في سياستها الخارجية من خلال توثيق علاقاتها مع كل من موسكو وبكين دون التفريط بشراكتها الاستراتيجية مع واشنطن.
وذكرت الصحيفة أن مساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الصراع في أوكرانيا أسفرت عن تداعيات سلبية على الهند، بعدما لوّحت واشنطن - وهي الشريك التجاري الأكبر لنيودلهي - بفرض رسوم جمركية باهظة على وارداتها في حال لم توقف مشترياتها من النفط الروسي. وتُعد هذه الخطوة جزءًا من ضغوط أمريكية تهدف إلى دفع موسكو لتقديم تنازلات في الملف الأوكراني في سياق سياسة التصعيد الاقتصادي التي تعتمدها الإدارة الأمريكية.
مع ذلك، رفضت الهند تلك التهديدات ووصفتها بأنها غير عادلة مؤكدة تمسكها بمصالحها الاستراتيجية. كما اتخذت خطوات نحو توثيق علاقاتها مع كل من روسيا والصين في مؤشر على تغيّر محتمل في خارطة التحالفات الإقليمية. وفي هذا الإطار، قرر رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي المشاركة في قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي تستضيفها العاصمة الصينية بكين في 31 آب/ أغسطس.
حسب صحيفة "نيويورك تايمز"، راهن ترامب على سمعته السياسية عندما أعلن قدرته على إنهاء النزاع الدموي في أوكرانيا. ففي البداية، تعهّد بتحقيق ذلك خلال 24 ساعة قبل أن يمدد المدة لاحقًا. لكن الخطوة الأكثر إثارة للجدل تمثلت في قراره فرض رسوم جمركية بنسبة 50 بالمئة على واردات الهند، عقابًا لها على استمرارها في شراء النفط الروسي.
يأتي هذا التهديد في وقت تُعد فيه الهند شريكًا استراتيجيًا متزايد الأهمية للولايات المتحدة باعتبارها الدولة الأكثر سكانًا في العالم، وتحافظ على علاقات ودية مع واشنطن. لكن هذه العلاقة لا تقوم على العواطف بل على المصالح المشتركة.
ورغم الطبيعة الاستراتيجية للعلاقات بين الولايات المتحدة والهند بدا أن ترامب على استعداد للتضحية بهذه الشراكة بعد أن قرر مضاعفة الرسوم الجمركية على السلع الهندية، مع أن تلك الرسوم كانت مرتفعة أساسًا. من جهته، برّر ترامب هذه الخطوة بأن استمرار الهند في استيراد النفط من روسيا يُسهم في دعم العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا. أما الحكومة الهندية فأكدت أن واردات النفط الروسي ضرورية لتلبية احتياجات اقتصادها الوطني سريع النمو، مشيرة إلى أن دولًا أخرى، من بينها الصين وتركيا، تواصل شراء النفط الروسي بأسعار مخفضة دون أن تواجه إجراءات عقابية مماثلة.
وتُعد الصين أكبر مستورد للنفط الروسي، فيما تعتمد تركيا على روسيا لتأمين جزء كبير من احتياجاتها من الطاقة، ما يثير تساؤلات حول المعايير التي تعتمدها واشنطن في فرض عقوباتها. وقد حذّر محللون أمريكيون من أن سياسات ترامب قد تُلحق ضررًا بالعلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والهند. في هذا الصدد، قال أتول كيشاب، الدبلوماسي الأمريكي السابق والرئيس الحالي لمجلس الأعمال الأمريكي–الهندي، إن على البلدين أن يحرصا على البقاء معًا بدلًا من التباعد، مؤكدًا أن تحقق سيناريو معاكس يهدد بتقويض علاقة استراتيجية بنَتها قيادات منتخبة في كلا البلدين على مدى 25 عامًا.
من الصعب تقدير حجم الخسائر التي قد تتكبدها الولايات المتحدة في حال تدهورت علاقاتها مع الهند، خاصة أن نيودلهي تمثل شريكًا استراتيجيًا هامًا يشكل توازنًا ضروريًا في مواجهة النفوذ الصيني. وتشهد الهند اهتمامًا متزايدًا من قبل الشركات الأمريكية الكبرى، حيث بدأت شركات مثل "آبل" نقل جزء من إنتاجها من الصين إلى الهند، ما يعكس أهمية الهند المتنامية في سلاسل التوريد العالمية.
وأوردت الصحيفة أن الهند تشارك إلى جانب الولايات المتحدة واليابان وأستراليا في تحالف دبلوماسي يُعرف باسم "كواد" أُنشئ لمنع توسع نفوذ الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وكانت الهند تعتزم استضافة قمة التحالف في وقت لاحق من هذا العام، وكان من المتوقع حضور ترامب، إلا أن مشاركته في القمة لا تزال غير مؤكدة.
من المرجح أن تكون تداعيات تدهور علاقات الهند مع الولايات المتحدة أشد تأثيرا على نيودلهي مقارنة بواشنطن، حيث تعتمد الهند على روسيا لتلبية 45 بالمئة من احتياجاتها من النفط، ويقيد قرار ترامب قدرة رئيس الوزراء ناريندرا مودي على اتخاذ قرارات حاسمة في هذا الملف. وفي حال استجابت الهند لمطالب ترامب وقلصت وارداتها من النفط الروسي، ستشهد أسعار الوقود ارتفاعًا يؤثر سلبًا على المستهلكين والصناعيين، ما قد يضعف شعبية مودي.
أما في حال تجاهلت نيودلهي التهديد الأمريكي واستمرت بشراء النفط الروسي، فستدفع ثمنًا باهظًا إذ من المتوقع أن تنخفض صادراتها إلى الولايات المتحدة بنسبة تصل إلى النصف، علماً بأن قيمة الصادرات الهندية إلى أمريكا تبلغ 86 مليار دولار، وتمثل نحو 20 بالمئة من الاقتصاد الهندي، ما يجعل الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري للهند.
وفي الوقت الراهن، تحافظ الهند على توازنها في مواجهة الضغوط الخارجية. يعتبر قرار رئيس الوزراء ناريندرا مودي بالمشاركة في قمة منظمة شنغهاي للتعاون في بكين خطوة استراتيجية مهمة، حيث تهدف نيودلهي من خلال هذه الزيارة إلى تحسين العلاقات مع الصين، التي توترت منذ عام 2020 إثر اشتباكات بين القوات الهندية والصينية في منطقة جبال الهيمالايا عند خط السيطرة الفعلي، الذي يُعتبر بديلاً للحدود الرسمية بين البلدين.
وبالتوازي مع خطواتها الدبلوماسية تجاه بكين، تعتزم الهند توسيع نطاق تعاونها مع روسيا. ووفقًا لما نقلته وكالة "ريا نوفوستي"، عُقد في نيودلهي اجتماع للجنة الحكومية الروسية الهندية المشتركة، حيث تم التوصل إلى اتفاق يقضي بزيادة حجم التعاون بين الجانبين في مجالات إنتاج الألمنيوم والأسمدة والنقل.