غارديان: إسرائيل تسعى إلى إبادة السردية الفلسطينية عبر قتل الصحفيين
تاريخ النشر: 12th, August 2025 GMT
قالت صحيفة الغارديان البريطانية إن إسرائيل تسعى إلى إبادة السردية الفلسطينية، عبر قتل الصحفيين في قطاع غزة واستهدافهم، لافتة إلى أن الاحتلال يشن حملتين في القطاع، إحداهما للسيطرة العسكرية عليه، والأخرى للسيطرة على الرواية التي يقدمها للعالم حول ما يحدث في غزة.
وبيّنت الكاتبة ومراسلة الصحيفة في الشرق الأوسط إيما غراهام – هاريسون، أن التغطية التي يقدمها الصحفيون الفلسطينيون في غزة بالغة الأهمية، في ظل منع الصحفيين الدوليين من التغطية المستقلة في القطاع، مشيرة إلى السماح لعدد قليل من الصحفيين بالدخول تحت حراسة الجيش الإسرائيلي، الذين لا يسمح لهم بالتحرك بحرية أو التحدث إلى الفلسطينيين.
ولفتت هاريسون إلى أن الاغتيالات المباشرة التي ينفذها جيش الاحتلال بحق الصحفيين الفلسطينيين، وكان آخرهم مراسلو الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع و4 آخرون، هي جزء من حملة ترهيب للصحفيين من أجل إيقاف التغطية الصحفية.
وقالت إن إسرائيل تبرر جرائم قتل الصحفيين عبر التحريض وتشويه السمعة وبث ادعاءات كاذبة بأن المستهدفين كانوا "مقاتلين سريين" من حركة المقاومة الإسلامية حماس.
وفي يوليو/تموز الماضي، انتشرت صورة الشهيد الشريف، على مواقع التواصل الاجتماعي عندما انهار على الهواء أثناء تغطيته لعملية التجويع الإسرائيلي، قبل أن يحثه المارة من حوله إلى الاستمرار لأنه يعكس صوتهم في غزة.
وبعد ذلك بوقت قصير، تقول الكاتبة، أعاد متحدث عسكري إسرائيلي إحياء مزاعم -بثت لأول مرة في عام 2024- بأن أنس الشريف مسلح، واتهمه بتزوير المجاعة ضمن "حملة كاذبة لحماس".
ادعاءات إسرائيل المتناقضةوأوضحت هاريسون أن إسرائيل كانت قد نشرت ملفا من الوثائق التي تزعم أنها حصلت عليها من غزة وتربط الصحفي الشهيد أنس الشريف بحماس.
وتعلق الكاتبة "تنتهي هذه الوثائق في عام 2021، قبل عامين من بدء الحرب، ولا تحاول حتى التطرق إلى ظهوره المنتظم على الهواء مباشرة"، مضيفة أنه من الصعب للغاية الجمع بين دور أحد أبرز الصحفيين في أحد أكثر الأماكن خضوعا للمراقبة على وجه الأرض، وقيادة وحدة تابعة لحماس خلال حرب شاملة.
إعلانوادعت الوثائق التي نشرتها إسرائيل بعد اغتيال مراسل الجزيرة إسماعيل الغول، قبل نحو عام، أن الغول حصل على رتبة عسكرية عندما كان عمره 10 سنوات!
ورغم أن الأدلة التي قدمتها إسرائيل متناقضة وغير مقنعة، فإن وجود هذه الملفات بحسب هاريسون، يعكس مخاوف إسرائيل من ضغوط حلفائها الغربيين، جراء كشف الصحافة عن الجرائم الإسرائيلية المتواصلة في حرب الإبادة التي تشنها على القطاع.
مساع حثيثة لإخفاء ما يحدث بغزةونقلت الكاتبة عن جودي جينسبيرغ، المديرة التنفيذية للجنة حماية الصحفيين "سي بي جيه" (CPJ) قولها "ليس لدي شك في أن منع الوصول الدولي، وقتل الصحفيين، واستهداف المرافق الإعلامية، ومعاقبة وسائل الإعلام الإسرائيلية مثل هآرتس، هي جزء من إستراتيجية متعمدة من جانب إسرائيل لإخفاء ما يحدث داخل غزة".
تدمير إسرائيل للبنية الصحفية لم يكن أثرا جانبيا للدمار في غزة، وإنما كان محسوبا ومعقلنا يبتغي هدفا محددا وهو إبادة الرواية الفلسطينية من خلال إهلاك وإرهاب الجماعة المهنية الصحفية.
بواسطة مركز الجزيرة للدراسات
واستحضرت جينسبيرغ كيف منعت إسرائيل طاقم "بي بي سي" من تصوير الدمار الذي لحق بقطاع غزة، عندما كان على متن طائرة عسكرية أردنية تلقي مساعدات إنسانية على غزة، في مسعى إسرائيلي لمنع وصول صورة ما يجري في القطاع إلى العالم، والذي يطابق السردية الفلسطينية ويناقض في الوقت ذاته السردية الإسرائيلية.
وأضافت "كان لدينا مثال على طاقم إخباري دولي سُمح له بتصوير عمليات الإسقاط الجوي، لكن لم يُسمح له بتصوير الدمار الذي لحق بالمنطقة عندما فتحت الأبواب".
إسرائيل يمكنها أن تفعل ما تشاءونوهت جينسبيرغ إلى أن إسرائيل لم تقدم أي تفسير لمقتل خمسة من زملاء الشريف، وهم مدنيون محميون قتلوا في مكان عملهم، محذرة من تصاعد جرائم القتل العمد للصحفيين. وقالت: "ما يذهلني هو أنهم لم يحاولوا حتى تبرير عمليات القتل الأخرى، إنهم يعترفون بقتل هؤلاء الصحفيين، مع علمهم أنهم صحفيون".
وخلصت كاتبة المقال إلى أن هذا مقصود لإحداث تأثير مخيف وإظهار أن إسرائيل يمكنها أن تفعل ما تشاء، ولن يتخذ أحد أي إجراء.
وتساءلت في ختام مقالها "إذا وصلنا الآن إلى مرحلة يمكن فيها لإسرائيل أن تستهدف بوقاحة طاقما إخباريا بأكمله، فماذا يعني ذلك بالنسبة لسلامة أي من الصحفيين الآخرين الذين يعملون هناك؟ من التالي؟".
وكان مركز الجزيرة للدراسات قد نشر دراسة قبل نحو عام كشفت عن إستراتيجية إبادة تنتهجها إسرائيل ضد الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة.
وخلصت الدراسة إلى أن تدمير البنية الصحفية لم يكن أثرا جانبيا للدمار في غزة، وإنما كان محسوبا ومعقلنا يبتغي هدفا محددا وهو إبادة الرواية الفلسطينية من خلال إهلاك وإرهاب الجماعة المهنية الصحفية، عبر استهداف الفئة العمرية الشابة من تلك الجماعة (بين 20 و40 عاما) والتدمير الممنهج للمؤسسات الصحفية وملاحقة الصحفيين داخل المستشفيات والخيام التي مارسوا من خلالها عملهم، وذلك لتحقيق الموت المهني للجماعة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات أنس الشریف إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
نقابتا الصحفيين في مصر وتونس تدينان اغتيال إسرائيل طاقم الجزيرة بغزة
أعربت نقابتا الصحفيين في مصر وتونس عن إدانتهما بأشد العبارات اغتيال إسرائيل مراسلي ومصوري الجزيرة في غزة، التي تمثل حلقة جديدة في سلسلة أفظع موجة قتل للصحفيين منذ بدء اجتياح قطاع غزة.
وفجر اليوم الاثنين، قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إن "الزملاء الذين اغتالتهم يد الغدر الإسرائيلية، هم أنس الشريف، ومحمد قريقع، والمصوران الصحفيان إبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة، ومساعدهم محمد نوفل، والصحفي محمد الخالدي.
ففي القاهرة، أدانت نقابة الصحفيين المصريين "بأشد العبارات الجريمة البشعة التي ارتكبها جيش الاحتلال الصهيوني" باغتيال 6 من الزملاء الصحفيين، منهم أنس الشريف ومحمد قريقع مراسلي قناة الجزيرة.
وقالت النقابة "ننعى في الوقت نفسه الضمير العالمي، وهو يدفن يوما بعد يوم مع شهود الحقيقة وشهداء الإبادة الجماعية والتجويع المنظَّم الذي تمارسه آلة الحرب الصهيونية على شعب غزة".
واعتبرت النقابة، أن الجريمة البشعة بحق الصحفيين الستة، واعتراف جيش الاحتلال باستهداف خيمتهم، تأتي حلقةً جديدة ضمن حلقات أشد وحشية في سلسلة الإبادة الإعلامية والجريمة الأكبر الأوسع بحق الصحفيين في التاريخ الحديث".
وأضافت "نطالب المجتمع الدولي بمحاكمة عاجلة لمجرمي الحرب الصهاينة ومطاردتهم دوليًا، ونُحيِّي هذا الصمود الأسطوري، إذ يؤكد أن دماء الشهداء، وشجاعة المراسلين، وسجون المعتقلين، وأنين المشردين ستظل سجلًا حيًا يدين الاحتلال وأعوانه إلى أن تتحرر فلسطين".
عملية قتل استعراضية
وفي تونس، اعتبرت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، اغتيال إسرائيل الصحفيين الستة في قطاع غزة، أمس الأحد، "سابقة لم يعرفها التاريخ" بينما وقفت الهيئة الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل دقيقة صمت ترحما على أرواحهم.
وقالت النقابة في بيان، اليوم الاثنين، "ببالغ الحزن والغضب، نعزي الشعب الفلسطيني وأحرار العالم في استشهاد كامل الطاقم الإعلامي لقناة الجزيرة في غزة"، معتبرة أن "عملية القتل الاستعراضية الأخيرة تمثل حلقة جديدة في سلسلة أفظع موجة قتل للصحفيين منذ بدء الاجتياح الهمجي الصهيوني قطاع غزة بما يجعلها الأخطر إعلاميًا على الإطلاق".
إعلانوأضافت أنها "تدين هذا الاستهداف الجبان لأصوات الحقيقة في غزة وتطالب كافة الجهات الدولية بالتحرك الفوري والمكثف لحماية الصحفيين وما تبقى من المؤسسات الإعلامية في غزة".
وطالبت "ببدء تحقيقات دولية فورية في قضايا استهداف الصحفيين الفلسطينيين، بما فيها تصنيف هذه الأعمال جرائم حرب وتقديم مرتكبيها إلى العدالة الدولية.
بدوره، دعا الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، في افتتاح اجتماعات الهيئة الإدارية بالعاصمة تونس، إلى دقيقة صمت ترحما على أرواح الصحفيين. وقال الطبوبي "نقف دقيقة صمت ترحما على أرواح الصحفيين الفلسطينيين الذين طالتهم يد الغدر الصهيوني".
ومع اغتيال صحفيي ومصوري الجزيرة في غزة، يرتفع عدد الإعلاميين الذين اغتالتهم إسرائيل إلى 238 منذ بداية الإبادة الجماعية التي ترتكبها بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفق المكتب الإعلامي بغزة.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة الإسرائيلية 61 ألفا و430 شهيدا و153 ألفا و213 مصابا من الفلسطينيين، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين، منهم عشرات الأطفال.