إرث الفساد ’’العفاشي’’ ومسيرة 21 سبتمبر .. بين ماضي مظلم ومستقبل إيماني
تاريخ النشر: 14th, August 2025 GMT
لطالما عانى اليمن، على مدار عقود، من أزمات متراكمة كانت جذورها ممتدة في الفساد السياسي والاقتصادي والإداري الذي جسّده نظام ’’عفاش’’ ، ذلك الإرث الثقيل من المحسوبية، ونهب الثروات، وإضعاف مؤسسات الدولة، لم يكن مجرد خلل إداري، بل كان مشروعًا ممنهجًا لتفكيك الدولة وإفراغها من مضامينها السيادية والوطنية.
يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي
يسلط هذا التقرير الضوء على ملامح ’’الفساد العفاشي’’ الذي لا تخفى تداعياته على أي يمني، من نهب للثروات الوطنية، وتمكين لطبقة طفيلية من النافذين، إلى تعطيل مؤسسات الدولة وتحويلها إلى أدوات للولاء والهيمنة، كما يرصد الكيفية التي مهّد بها عفاش الطريق أمام توريث الحكم لنجله أحمد علي، في مسعى لجعل اليمن دولة توريث، وهو ما كان سيجعل من أحمد رجل أمريكا في اليمن لمرحلة ما بعد والده.
صعود النظام .. وتشكُّل شبكة الفساد
منذ توليه الحكم في عام 1978، عمل علي عبد الله صالح ’’عفاش’’على إحكام سيطرته عبر شبكة من الولاءات العائلية والقبلية والعسكرية، بدلاً من بناء مؤسسات وطنية قوية، ومع توسع سلطته، بدأت ملامح الفساد تظهر بوضوح، إذ باتت الموارد الوطنية، وعلى رأسها النفط، تُدار بشكل غير شفاف، وارتبطت بإمبراطوريات مالية تابعة له ومقرّبيه.
تعد العقود النفطية، والصفقات الحكومية، واحتكار المناقصات العامة أبرز أوجه الفساد في تلك المرحلة، لم تكن هناك رقابة فعلية، في ظل تفكك الجهاز الرقابي، وتقييد الإعلام، وتغييب القضاء.
اقتصاد ريعي وتمكين النخبة
خلال فترة التسعينيات، تحوّل الاقتصاد اليمني إلى ما يشبه اقتصاد الغنيمة، حيث أُنشئت طبقة اقتصادية جديدة من رجال الأعمال المرتبطين بالقصر الجمهوري، سيطروا على قطاعات الاتصالات والموانئ والمشتقات النفطية.
تحوّلت الدولة إلى مصدر ثراء للفئة الحاكمة، في وقت كانت فيه نسبة الفقر تتفاقم، والخدمات الأساسية تنهار، وتم تهميش الكفاءات، واستُبدلت بأهل الثقة المقربة ، ما أفقد الدولة قدرتها على الأداء.
الفساد العسكري .. مؤسسة فوق الدولة
كانت المؤسسة العسكرية إحدى أبرز أدوات عفاش في تثبيت حكمه، وبرز ابنه أحمد كقائد لأهم وحدات النخبة، الحرس الجمهوري، التي أُعيد تشكيلها لتكون الذراع الضاربة للنظام العائلي، أُنفقت مليارات الدولارات على تسليح هذه القوات، دون خضوعها لأي مساءلة مالية أو رقابية.
بحسب تقارير ويكيليكس، كانت هناك صفقات تسليح سرية تورط فيها مسؤولون يمنيون، وبعضها تم عبر وسطاء خارجيين، الجيش، الذي يُفترض أن يكون درعًا للوطن، تحوّل إلى وسيلة لحماية الحكم والثروة، وليس الشعب.
تهيئة التوريث .. أحمد عفاش رجل أمريكا خلفاً لوالده
في الألفية الجديدة، بدأ عفاش الأب ، بتحضير الساحة لنجله أحمد، الذي نُظر إليه كشخصية محسوبة على الغرب، خاصة الولايات المتحدة، لم يكن التوريث مشروعًا داخليًا فقط، بل سعى عفاش إلى تسويق نجله دوليًا كشخصية قادرة على الحفاظ على المصالح الغربية، ومواجهة ما يسمى الإرهاب.
قادت هذه الخطوة إلى استياء داخلي واسع، خاصة في أوساط المعارضة، والقبائل، والحراك الجنوبي، وحتى داخل حزب المؤتمر الشعبي العام، حيث رأى كثيرون أن هذا المسار يُجهز لتدمير الجمهورية.
وقد كان مشروع التوريث أحد الأسباب الرئيسية لانفجار ثورة 11 فبراير 2011، إذ رفع المحتجون شعار ’’لا للتوريث’’، تعبيرًا عن رفضهم لاستمرار العائلة في حكم بلد يُعاني من أزمات بنيوية.
ثورة 21 سبتمبر .. الإحياء الوطني واستعادة الهوية الإيمانية
وسط تركة ثقيلة من الفساد والإقصاء التي راكمها النظام السابق لعقود، برزت ثورة 21 سبتمبر 2014 كمنعطف تاريخي مفصلي في الوعي اليمني الجمعي، لم تكن مجرد تحرك سياسي أو رد فعل لحظة، بل مثلت، امتدادًا حقيقيًا للثورة الشعبية ضد الاستبداد والفساد، ومحاولة تصحيحية لمسار انتقالي جرى احتواؤه وتقاسمه بين قوى النفوذ الخارجي ورموز المنظومة السابقة.
وانطلقت هذه الثورة المباركة بقيادة قائدها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه ، من هامش الجغرافيا إلى قلب العاصمة، رافعة شعار إسقاط الفساد، وتحقيق السيادة الوطنية، ورفض الوصاية الخارجية، وقد تميز خطابها بتركيز لافت على إعادة إحياء هوية اليمن الإيمانية المستمدة من الإرث الديني والثقافي العميق لليمن، البلد الذي وصفه الرسول صلوات الله عليه وآله : ( الإيمان يمان والحكمة يمانية).
المسيرة القرآنية المباركة .. مشروع يعيد الاعتبار للوطن ويكسر إرث العمالة والفساد
مع انطلاق ثورة 21 سبتمبر، برزت المسيرة القرآنية كإطار فكري وثقافي وروحي جديد يضع أسسًا مختلفة لبناء اليمن على قاعدة من الاستقلال الإيماني والسيادة الوطنية، فبعيدًا عن الشعارات التقليدية التي كانت تُرفع في العهد السابق، جاءت هذه المسيرة لتقدم مشروعًا متكاملًا يسعى إلى محو آثار النظام العفاشي الذي ارتمى لعقود في أحضان الخارج، وتغييبه للهوية الدينية، وقيادته منظومة فساد شاملة أفرغت الدولة من مضمونها.
إرث الفساد ومشروع الإحياء الوطني
رغم مرور سنوات على سقوط النظام العفاشي رسميًا، فإن آثار الفساد والعمالة لا تزال تلقي بظلالها على المشهد اليمني، من خلال امتداده المرتبط بالمشروع الصهيوأمريكي ، وتديره الإمارات بتحريك تيار المؤتمر العفاشي الذي لا يمثل المؤتمر الوطني وقياداته التي قررت أن تربط مصيرها بمستقبل اليمن وسيادته واستقلاله بأي صلة ، التيار العفاشي الذي رمى بنفسه في أحضان الامارات ووافق على أن يكون جزء من مؤامرة صهيونية وضع نفسه في مواجهة مشروع قرآني تكسرت أمام عظمته كل المؤامرات ، استطاع أن يبني وعياً وطنياً إيمانياً راسخاً، أعاد تشكيل مفهوم السيادة والاستقلال والارتباط القيمي بالمبادئ والحرية والاستقلال وكنس كل موروث الفساد ،
وسيبقى هذا المشروع مستمراً ، بإرادة شعبيه أكثر وعياً وأكثر إصراراً على استعادة هويته وإعادة بناء دولته على أسس الشفافية، والعدل، والكرامة، والاستقلال ، وأكثر صلابة في مواجهة كل المؤامرات وأكثر قوة في الحفاظ على التضحيات العظيمة المعمدة بالدماء الطاهرة .
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: مشروع ا
إقرأ أيضاً:
عاجل: حزب البعث في اليمن يتهم المجلس الانتقالي بتنفيذ انقلاب مسلح في حضرموت والمهرة ويطالب بإعادة القوات إلى مواقعها
قالت قيادة قطر اليمن لحزب البعث العربي الاشتراكي القومي اليوم الخميس إن سيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على محافظتي حضرموت والمهرة وقصر المعاشيق في عدن تمثل “إعلان حرب” و“انقلاباً مسلحاً” خارج إطار السلطة الشرعية، متهمة المجلس بفرض واقع جديد بقوة السلاح وتقويض الشرعية والوحدة الوطنية.
وأوضح الحزب في بيان له وصل موقع مأرب برس نسخة مه "أنه وقف أمام ما وصفه بـ“التطورات الخطيرة” في المحافظات الشرقية، مشيراً إلى أن إجراءات الانتقالي شملت نزع علم الجمهورية اليمنية من المؤسسات المدنية والعسكرية و“تجاوز اتفاق الرياض والمرجعيات السياسية بما فيها قرار مجلس الأمن 2216 والمبادرة الخليجية”.
وقال البيان إن سيطرة الانتقالي بقوة السلاح “تهدد السلم الاجتماعي وتمزق النسيج الوطني وتنعكس سلباً على الاستقرار الاقتصادي”، محذّراً من مخاطر ما اعتبره “فرض أمر واقع جديد خارج إطار الدولة” وما قد يترتب عليه من “خدمة للمليشيات الحوثية ومشاريع الفوضى”.
وقال الحزب إن التحركات الأحادية “أضعفت الثقة بالشرعية” واتُهمت – بحسب البيان – بأنها جرت “بدعم من إحدى الدول الشقيقة المشاركة في التحالف العربي”، من دون تسميتها، واصفاً ذلك بأنه “سلوك غير مقبول”.
ودعا حزب البعث إلى “إعادة القوات الوافدة من خارج حضرموت والمهرة إلى ثكناتها وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه”، مشدداً على ضرورة العودة إلى طاولة الحوار ووقف ما وصفه بثقافة الإقصاء والتمترس.
كما دعا البيان إلى عودة مؤسسات الدولة إلى العاصمة المؤقتة عدن واستئناف مهامها الدستورية، والاتفاق داخل الشرعية على إطار خاص لمعالجة القضية الجنوبية في أي مفاوضات سلام قادمة.
وأكد الحزب أن “المعركة الوطنية الحقيقية” هي مواجهة جماعة الحوثي، مطالباً بتوحيد القوات المسلحة ودمج التشكيلات المختلفة في الجيش الوطني وإعادة تأهيلها لخوض معركة “استعادة الدولة”.
وأشاد البيان بموقف رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي “الرافض للإجراءات الأحادية”، كما ثمّن جهود دول التحالف العربي في دعم الشرعية، مع التأكيد على ضرورة عدم إنشاء أي علاقات خارجية لا تمر عبر الحكومة اليمنية.
مأرب برس يعيد نشر نص البيان
بيان حول أحداث حضرموت والمهرة
يا أبناء شعبنا اليمني المجاهد.
وقفت قيادة قطر اليمن لحزب البعث العربي الاشتراكي القومي أمام التطورات الخطيرة والاحداث المتسارعة في محافظتي حضرموت والمهرة وفي قصر المعاشيق، وما رافقها من فوضى وتقويض للشرعية والوحدة الوطنية؛ نتيجة الإجراءات والتصرفات الأحادية اللامسؤولة التي قام بها المجلس الانتقالي، أحد مكونات مجلس القيادة الرئاسي وفق اتفاق الرياض، وذلك لقيامه بالسيطرة بقوة السلاح على محافظتي حضرموت والمهرة وقصر المعاشيق ونزع علم الجمهورية اليمنية في جميع المؤسسات المدنية والعسكرية، وشوارع المدن والمنافذ والمطارات، متجاوزا الاجماع الوطني، واتفاق الرياض في نقل السلطة ونقل صلاحيات الرئيس عبده ربه منصور لمجلس القيادة الرئاسي كما يتجاوز كل الاتفاقات والمرجعيات بما فيها المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الامن ذات الصلة بالشأن اليمني وفي مقدمتها قرار مجلس الامن 2216، ، وفرض أمر واقع جديد خارج إطار السلطة الشرعية يدق أخر مسمار في نعش السلطة الشرعية المعترف بها دوليا ويؤسس لفصل جديد لصراع مركب ومعقد.
يا أبناء شعبنا اليمني الصابر.
إن سيطرة المجلس الانتقالي بقوة السلاح على شرق اليمن وجنوبه بشكل أحادي وخارج إطار الدولة يعد إعلان حرب ويمثل خرقاً صريحا لمرجعيات المرحلة الانتقالية، يضرب أسس الدولة الموحدة ومؤسساتها وقرارها الأمني والعسكري وإجراء يهدد السلم الاجتماعي ويساهم في تمزيق النسيج الإجتماعي ومحرك أساسي لزيادة وتأجيج العنف، كما يهدد التعافي الاقتصادي الذي شهده الاقتصاد الوطني، وينسف كل ما تحقق من إصلاحات اقتصادية واستقرار في سعر العملة الوطنية، ويزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية وينذر بانزلاق خطير نحو مسارات لا تخدم إلا مشاريع الفوضى وتقويض الشرعية الدستورية والإضرار بالمصلحة الوطنية العليا ونتائجه السلبية تصب في خدمة المليشيات السلالية والمشروع "الصهيو-صفوي" الذي يهدد كيان الأمة.
إن ما قام به المجلس الانتقالي الجنوبي من تصرفات خارج الإجماع الوطني، وبدعم من إحدى الدول الشقيقة ضمن التحالف العربي والذي تربطها ببلادنا علاقة اخوية، يعد انقلاب مسلح لا يمكن تبريره، كما لا يمكن تجاهل تداعياته الكبرى على كافة الأصعدة وما يترتب عليه من فقدان الثقة بالسلطة الشرعية وهو إجراء وتصرف غير مقبول وسلوك مرفوض
يا جماهير شعبنا اليمني الحُرّ الأبي المجاهد
ان الحفاظ على الشرعية والانتصار في معركة استعادة الدولة يستوجب وحدة وطنية حقيقية بعيدا عن الصراعات الفئوية والمناطقية ويتطلب موقفا وطنيا شجاعا يقدم مصلحة اليمن فوق جميع الحسابات والاعتبارات، فالإرادة الوطنية الجامعة اقوى من أي سلاح وامتن من أي تدخل وأكثر بقاء من كل الازمات العابرة وشعبنا قادر على ان يحمي حاضره ويصنع مستقبله ومن هذا الايمان العميق يؤكد حزب البعث العربي الاشتراكي القومي على ما يلي:
أولا: رفض كل الإجراءات الأحادية التي قامت بها قوات المجلس الانتقالي في السيطرة على محافظتي حضرموت والمهرة وقصر المعاشيق ورفض أي غطاء سياسي أو دبلوماسي لتحركات المجلس الانتقالي، التي تتجاوز صلاحيات الدولة وتعزيز حضورها وصلاحيات رئيس مجلس القيادة الرئاسي ويدعو لإعادة القوات الوافدة من خارج محافظتي حضرموت والمهرة إلى مناطقها وثكناتها العسكرية التي قدمت منها، وإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها.
ثانيا: العودة إلى طاولة الحوار وحل كافة المسائل الخلافية عن طريق الحوار باعتبار ما حدث امر ممكن اصلاحه والتوافق بعيدا عن ثقافة الإقصاء والكراهية والتمترس، وعودة كل مؤسسات الدولة الى العاصمة المؤقتة عدن للقيام بمهامها الدستورية والقانونية، مع عدم التدخل في شؤون الحكومة ومنازعتها صلاحيتها، والاتفاق على إطار خاص للقضية الجنوبية يطرح من قبل السلطة الشرعية بكل أطرافها في أي مفاوضات سلام قادمة.
ثالثا: يؤكد الحزب أن المعركة الوطنية الحقيقية المقدسة هي معركة الشعب للقضاء على التمرد الحوثي والتي تتطلب تلاحم كافة أبناء الشعب اليمني خلف القوات المسلحة والأمن والمقاومة الشعبية وإعادة النظر في بُنية مجلس القيادة الرئاسي وآليات عمله وتوحيد كل الكيانات المسلحة ودمجها في الجيش الوطني وإعادة تأهيلها وحشد الطاقات والإمكانات لصالح المعركة الوطنية المقدّسة لاستكمال معركة التحرير واستعادة مؤسسات الدولة وهزيمة تنظيم الحوثي الإرهابي
رابعا: تثمين موقف رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي؛ لموقفه الرافض للإجراءات الأحادية التي من شأنها تقويض المركز القانوني للدولة، ومنازعة الحكومة لسلطاتها الحصرية.
خامسا: تثمين موقف الأشقاء للجهود المبذولة في دعم الشرعية ويؤكد الحزب على أهمية إقامة علاقات متوازنة مع دول التحالف العربي ويؤيد الحزب الدعوة بعدم السماح بأي علاقات مع الخارج لا تمر عبر الحكومة وان تكون الحكومة هي البوابة والنافذة الوحيدة لتلقي الدعم الخارجي والتأكيد لدول الجوار ان أمن واستقرار اليمن جزءً لا يتجزء من أمن واستقرار المنطقة، وان يجري التعامل مع اليمن على هذا الاساس وليس على اي اساس آخر، ووضع حداً لعبث بعض الأشقاء من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالسعي لتصفية حساباتها على أرض اليمن في ظل ظروف الحرب والمعاناة ودون مراعاة لروابط الإخاء والجوار.
صادر عن قيادة قطر اليمن لحزب البعث العربي الاشتراكي القومي
20 جماد الآخرة 1447هـ ، الموافق 11 ديسمبر 2025