بعد ما كان سرا استراتيجيا، يقرأ ما بين السطور سنوات “العلمانية الدينية” واليسارية ذات المنبع التوراتي، سرعان ما صار حديث العوام من وزراء حكومة اليمين في الكيان الصهيوني، لاسيما خلال حرب الإبادة التي انتُهجت في غزة وحرب التشريد والتهجير والضم في الضفة.
صار الحلم الصهيوني الذي بناه الفكر الصهيوني من ابتداع هرتزل لفكرة إنشاء دولة قومية يهودية لشتات اليهود عبر العالم، ليس مجرد بناء مستوطنة في قلب الأرض الفلسطينية والعربية، بل أرضا وكيان دولة وتقسيم ثم احتلال وقضم ثم حروب وسيطرة واستيلاء على أراض عربية مجاورة.
خرج من السر ما كان محرَّما ذكره علنا، لكن الأمر بقي في حدود تصريحات وزراء يعدّون على رؤوس الأصابع، جنبا إلى جنب مع تصريحات أخرى، أقل ما يقال عنها إنها عنصرية وإجرامية، يحاكَمون عليها، كتلك التصريحات من قبيل: ضرب غزة بالنووي، وتهجير شعب غزة بأكمله، وتشبيههم بالحيوانات وما إلى ذلك، هذا من دون ذكر الأفعال الإجرامية والإبادة الجماعية التي كانت أفعالا وليس مجرد أقوال أو تصريحات.
اليوم، وصلنا إلى مرحلة تبنّي رئيس وزراء حكومة الكيان الإجرامية لهذه الأطروحات ذات المنبت الديني الخرافي، التي تمنحهم مشروعية الحق الإلهي المطلقة في إقامة دولة يهودية من النيل إلى الفرات. قالها صراحة رئيس وزراء الكيان قبل أيام في تصريح تلفزيوني، يؤكد فيها ما كان يتداوله وزراء حكومته المتطرِّفة العنصرية الدينية اليمينية وينفذونه على الأرض في كل من غزة والضفة ولبنان وسورية، ومخطط التهجير نحو صحراء سيناء أو السعودية أو دول أخرى عربية وحتى أوروبية.
لقد قالها نتنياهو بصريح العبارة: “نحن نسعى لإقامة دولة إسرائيل الكبرى”، وأنه يشعر بأنه يحمل مهمة تاريخية دينية على عاتقه. هذا يؤكد ما قيل عنه داخل الكيان نفسه، بأن هذا المجرم المسكون بحلم الكابوس الدموي التوسُّعي، وتضخُّم الأنا وجنون العظمة، إنما هو يرى نفسه أحد ملوك بني إسرائيل، وليس مجرَّد رئيس وزراء سافل تنتظره أكثر من محاكمة بالفساد وأكثر من مذكرة توقيف دولية من محكمة الجنايات الدولية بسبب جرائم الإبادة في غزة.
خروج المجرم للعلن عبر هذا التصريح المضمر لسنوات، إنما يفيد شيئين: إمّا أنه وصل إلى قناعة ذاتية بأن الوقت قد كان وقد بدأ في ذلك فعلا على مراحل في كل من غزة والضفة ولبنان وسورية وقريبا في غور الأردن عبر توسيع الاستيطان ثم باتجاه رفح وسيناء وإجبار دول أخرى على التطبيع من دون مقابل، من دون دولة فلسطينية، التي لم تعد موجودة في أجندة اليمين الصهيوني ولا حتى المعارضة اليسارية الباهتة، أو أن يكون نتنياهو عبر هذا الاعتراف بما كان يخفيه ويعمل عليه سرا وعمليا لسنوات عبر تعطيل أوسلو، الصفقة اليسارية في نظره، الخاسرة المهدِّدة لأمن كيانه، قد وصل إلى قناعة أن حلمه بدأ يتهاوى مع تغيّر مزاج العالم والداخل الصهيوني، إزاء جرائمه التي لا حدود لها، وبداية انكفاء الكل عنه والاستدارة عليه ولم يبق له نظريًّا سوى البيت الأبيض والكونغرس.
هذا الافتراض هو الاحتمال الأرجح، ذلك أن تصريحه الذي أذاعه الإخفاء، إنما هو للاستهلاك الداخلي، شعورا منه باقتراب نهاية الحلم وتحضير سيناريوهات انتخابات قادمة بات معها انهياره السياسي والإجرامي قاب قوسين أو أدنى.
الشروق الجزائرية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه غزة إسرائيل الكبرى نتنياهو غزة نتنياهو الاحتلال إسرائيل الكبرى مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ما کان
إقرأ أيضاً:
31 دولة عربية وإسلامية تدين تصريحات نتنياهو وخطط الاحتلال الاستيطانية
يمانيون |
أدان وزراء خارجية 31 دولة عربية وإسلامية، إلى جانب الأمناء العامين لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، تصريحات رئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو حول ما يسمى بـ”إسرائيل الكبرى”، معتبرين إياها استخفافًا خطيرًا بالقانون الدولي وتهديدًا مباشرًا للأمن القومي العربي والسيادة الوطنية والأمن الإقليمي والدولي.
كما شجب الوزراء موافقة الوزير الصهيوني بتسلئيل سموتريتش على خطة استيطانية في منطقة E1، وتصريحاته الرافضة لإقامة الدولة الفلسطينية، مؤكدين أن هذه الخطط تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، واعتداءً سافرًا على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس المحتلة.
وجدد البيان المشترك رفض جميع الإجراءات الصهيونية غير القانونية، مشيرًا إلى أنها تخالف قرارات مجلس الأمن، وخاصة القرار 2334، وتتناقض مع الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي شدد على عدم شرعية الاحتلال وضرورة إنهائه فورًا.
وحذّر الوزراء من مخاطر السياسات الصهيونية الهادفة إلى ضم الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتصاعد إرهاب المستوطنين، والاقتحامات اليومية، وعمليات التهجير القسري للفلسطينيين، مشيرين إلى أن هذه الممارسات تؤجج الصراع، وتقوّض فرص تحقيق سلام عادل وشامل، وتهدد الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.
وكان نتنياهو قد صرّح، في مقابلة مع قناة “i24” العبرية، بأنه في “مهمة تاريخية وروحانية”، مشيرًا إلى ما سماه “رؤية إسرائيل الكبرى”، التي تشمل الأراضي الفلسطينية المحتلة وأجزاء من الأردن ولبنان وسوريا ومصر، واصفًا إياها بأنها امتداد لحلم الأجيال اليهودية السابقة.