بعد تسلم الإسلاميين الحكم في سوريا، بقيت أعداد كبيرة من النازحين السوريين داخل الأراضي اللبنانية، وفرضت دمشق قيودًا على دخول اللبنانيين إليها، وفق مبدأ المعاملة بالمثل. اعلان

لا تزال العلاقات بين دمشق وبيروت متوترة، على الرغم من التحولات الكبرى التي شهدها كلا البلدين. فالحكومة اللبنانية، التي تشكلت بدعم أمريكي عقب حرب ضروس أضعفت فيها القوة العسكرية لحزب الله في المنطقة، ورغم وجود بعض القواسم المشتركة بينها وبين حكومة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، تجد نفسها مجددًا أمام جار "لا يُستهان به"، جار يسعى لإعادة فرض نفوذه في المنطقة بعد سقوط نظام بشار الأسد، رازحة تحت خطر أن يصبح "لبنان جزءًا من بلاد الشام مجددًا"، كما حذّر المبعوث الأمريكي توماس باراك.

وتطرح هذه التوترات العديد من التساؤلات حول الدور الذي قد يلعبه حكام دمشق الجدد في أي مواجهة محتملة يخوضها لبنان، الذي يعيش على صفيح ساخن، سواء أكانت داخلية أم خارجية.

وتزداد التساؤلات إلحاحًا في ظل رفض حزب الله تسليم سلاحه، ومحاولات التقارب بين دمشق وتل أبيب، فضلًا عن خلفية النزاعات الدموية بين الإسلاميين الذين تولوا الحكم في سوريا ولبنان خلال معارك الجرود.. فكيف يمكن فهم طبيعة العلاقة بين هذين البلدين؟

الخلفية التاريخية للعلاقات

حتى قبل صعود حافظ الأسد إلى السلطة عام 1970، لطالما نظر السوريون إلى لبنان على أنه قاعدة لأنشطة مناهضة لسوريا، حيث أنه كان يستضيف شخصيات المعارضة ويحتويها.

في عام 1976، أرسل حافظ الأسد قواته إلى لبنان بذريعة إحلال السلام، بينما كان بلد الأرز يتجه نحو حرب أهلية استمرت حتى عام 1990.

ورغم توقيع اتفاق الطائف وإنهاء الحرب الأهلية، لم تنسحب القوات السورية مباشرة، بل بقيت في لبنان حوالي 15 عامًا إضافية، ما زاد من التوتر وأعطى اللبنانيين شعورًا بمحاولة السوريين بسط نفوذهم، خاصة مع الاتهامات المتكررة لقوات الأمن السوري بممارسة التعذيب بحق المعارضة في كل من سوريا ولبنان.

Related ماذا يجري على الحدود بين سوريا ولبنان؟ محاولة لضبط الأمن أم تصفية حسابات مع حزب الله وعهد بشار الأسدالحدود السورية اللبنانية تشهد تصاعدا في التوترات وسط مخاوف من استمرار الاشتباكات أول رحلة مباشرة من إسرائيل إلى سوريا منذ 1973.. عضو الكونغرس إبراهيم حمادة يلتقي الشرع في دمشق

اغتيال الحريري

عام 2005، اتهمت عدة جهات لبنانية نظام الأسد، وحزب الله، بالوقوف وراء اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عبر تفجير موكبه في بيروت، ما أثار حالة من التعبئة الإعلامية والسياسية وزاد من النعرات الطائفية بين السنة والشيعة.

بعد شهرين من الاغتيال، انسحبت سوريا من لبنان تحت ضغط دولي، منهية 29 عامًا من الهيمنة شبه الكاملة على جارتها.

في هذه الصورة المؤرخة 14 فبراير 2005، يظهر رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، مع مروان حمادة، وبهية الحريري، أخت الرئيس الحريري، خلال اجتماع في البرلمان ببيروت. AP

أول اعتراف رسمي..

وفي عام 2008، اتفق البلدان على فتح بعثات دبلوماسية، ما شكّل أول اعتراف رسمي من سوريا بلبنان كدولة مستقلة منذ نيل لبنان استقلاله عن فرنسا عام 1943.

الحرب السورية وتأثيرها على لبنان

مع اندلاع الحرب الأهلية السورية عام 2011، أبدى كثير من السوريين استياءهم من تدخل حزب الله الشيعي لصالح نظام بشار الأسد ضد المعارضة السورية، التي كان الإسلاميون السنة جزءًا منها.

في المقابل، تدفقت أعداد كبيرة من النازحين السوريين إلى لبنان، البلد الذي يعاني اقتصاديًا وخدماتيًا، ما خلق أزمة اجتماعية اتسمت بالتمييز الطائفي والعنصرية.

التغيير

عقب سقوط نظام بشار الأسد، الذي كان المورد الأساسي للسلاح لحزب الله، وتراجع قوة ونفوذ الحزب في المنطقة، هلل بعض اللبنانيين المعارضين لزمن الوصاية السورية للأحداث، لكن المخاوف لم تنضب، فقد كانت الشخصية التي استلمت حكم سوريا الجديدة موضع خشية ثانية: أبو محمد الجولاني، زعيم النصرة السابق.

قبل نحو 9 سنوات، شنت جبهة النصرة، التي كان يتزعمها أبو محمد الجولاني المعروف حاليًا باسم أحمد الشرع، بالتعاون مع تنظيم "داعش"، حملة شرسة على جرود لبنان خلال الحرب الأهلية السورية، سيطروا خلالها على جزء من القرى الحدودية.

واشتعلت في تلك الفترة معارك لتحرير الأراضي من النصرة وداعش، عُرفت في لبنان باسم "فجر الجرود"، شاركت فيها العشائر المسلحة وحزب الله إلى جانب الجيش اللبناني، الذي كان يقوده آنذاك جوزاف عون، رئيس الجمهورية اللبنانية، وقد أسفرت تلك المعارك عن دحر جبهة النصرة وداعش، وساهمت في تعزيز الروابط بين الجيش وحزب الله والعشائر.

يشارك مقاتلو حزب الله في موكب جنازة أحد عناصر الحزب الذي قُتل جراء قصف إسرائيلي في جنوب لبنان، في 22 أكتوبر 2023. AP Photo/Hassan Ammar, File أحداث الساحل والسويداء

بالرغم من أن زعيم النصرة السابق دعا السوريين واللبنانيين لطي صفحات الماضي، إلا أن خلفيته الجهادية لم تطمئن اللبنانيين، الذين زادت الانتهاكات في الساحل السوري والسويداء من مخاوفهم.

وفي الآونة الأخيرة، مع التقارب بين دمشق وتل أبيب، ورفض حزب الله تسليم سلاحه، وتصريحات المبعوث الأمريكي توماس باراك التي فُهمت على أنها تهديد للبنان، انتشرت شائعات تفيد بأن مدينة طرابلس الشمالية قد تُسلَّم إلى سوريا مقابل تنازلها عن هضبة الجولان لإسرائيل. وعلى الرغم من نفي هذه المزاعم رسميًا، فإنها تعكس عمق أزمة الثقة بين الجارين.

وفي يوليو الماضي، تداولت تقارير عن نية دمشق نشر مقاتلين أجانب في لبنان، وهو ما سارعت السلطات السورية إلى نفيه.

كما أثار غضب بيروت قرار دمشق هذا العام تعيين ضابط منشق عن الجيش اللبناني، عبد الله شحادة، الذي التحق بالمتمردين السوريين عام 2014، رئيسًا لجهاز الأمن في محافظة حمص المتاخمة لشمال شرق لبنان، في خطوة اعتُبرت استفزازية.

الملفات العالقة على المستوى السياسي

ويشكّل ملف المعتقلين السوريين أحد أبرز العقبات أمام تحسين العلاقات، إذ هناك نحو 2000 سوري محتجزون في لبنان، بينهم نحو 800 متهمون بتنفيذ هجمات وعمليات إطلاق نار، كثيرون منهم لم يُحاكموا بعد. بينما تطالب دمشق بتسليمهم لاستكمال أحكامهم في سوريا، يرفض القضاء اللبناني أي تسليم جماعي، مؤكدًا أن كل حالة يجب دراستها على حدة.

وقد زادت الأزمة تعقيدًا مع مطالبة سوريا باسترداد مليارات الدولارات من ودائع مواطنيها المحتجزة في المصارف اللبنانية منذ الانهيار المالي عام 2019.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: إسرائيل فرنسا دونالد ترامب بنيامين نتنياهو جو بايدن إسبانيا إسرائيل فرنسا دونالد ترامب بنيامين نتنياهو جو بايدن إسبانيا سوريا سقوط الأسد إسرائيل حزب الله لبنان إسرائيل فرنسا دونالد ترامب بنيامين نتنياهو جو بايدن إسبانيا غزة بريطانيا جفاف الجنسية فولوديمير زيلينسكي حركة حماس بشار الأسد حزب الله فی لبنان رئیس ا

إقرأ أيضاً:

الجيش اللبناني ينفي اتهامات بخرق أجواء سوريا ويؤكد استمرار التنسيق مع دمشق

نفى الجيش اللبناني صحة ما تم تداوله في بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية بشأن قيام قواته الجوية بخرق الأجواء السورية لرصد تحركات عسكرية قرب الحدود.

 

وقالت قيادة الجيش في بيان، الأحد، إن هذه الأخبار "عارية تماماً من الصحة"، مؤكدة أن الوحدات العسكرية تقوم بمتابعة الأوضاع الميدانية على الحدود وتتخذ الإجراءات اللازمة لحمايتها وضبطها، مع استمرار التنسيق مع السلطات السورية لمواكبة أي تطورات.

 

كما شددت القيادة على ضرورة التحلي بالمسؤولية وتوخي الدقة قبل نشر مثل هذه الأخبار لما قد يترتب عليها من تداعيات، داعية إلى الاعتماد حصراً على بيانات الجيش الرسمية للحصول على المعلومات الموثوقة.

 

الجيش السوري يحشد لهجوم واسع ضد "قسد" لاستعادة الرقة ودير الزور


أفادت صحيفة ذا ناشونال نقلاً عن مصادر مطلعة أن الجيش السوري أعد خطة لشن هجوم واسع في شرق البلاد بحلول أكتوبر المقبل، يهدف إلى استعادة السيطرة على محافظتي الرقة ودير الزور من قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في حال فشل الأخيرة في التوصل إلى تسوية مع دمشق.

 

ووفقاً للمصادر، يجري حالياً حشد نحو 50 ألف عنصر قرب مدينة تدمر تمهيداً للتقدم شمالاً باتجاه مناطق سيطرة "قسد"، بدعم من عشائر عربية محلية في المحافظتين.

 

لكن الصحيفة نقلت عن مسؤول أمني سوري رفيع أن تنفيذ العملية مرتبط بالحصول على ضوء أخضر ضمني من الولايات المتحدة، إضافة إلى ضمان عدم تدخل إسرائيل، التي نفذت الشهر الماضي غارات على دمشق لعرقلة هجوم في محافظة السويداء.

 

وأشار المصدر ذاته إلى أن جهود الوساطة الأميركية بين دمشق و"قسد" لم تحقق أي تقدم ملموس، فيما تتنامى النظرة الأميركية إلى "قسد" باعتبارها طرفاً متمرداً على سيادة الدولة السورية، نتيجة رفضها منح الحكومة المركزية صلاحيات فعلية.

 

سوريا وتركيا توقعان على اتفاقية تدريب واستشارات عسكرية


أعلنت سوريا وتركيا، توقيعهما اليوم على اتفاقية تدريب واستشارات عسكرية، تشمل دورات تدريبية وبرامج ومساعدات فنية تهدف لتعزيز وتطوير دفاعات الجيش السوري. 

 

كان صرح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، قائلًا إن بلاده "تساند سوريا لكي تقف على قدميها".

وأضاف خلال مؤتمر صحفي من أنقرة مع نظيره السوري أسعد الشيباني : "الحكومة السورية أحرزت تقدما في عدة ملفات.. لكنها تواجه صعوبات بسبب قلة الإمكانات".

وبشأن إسرائيل، ذكر فيدان أن تل أبيب "تتلاعب بالوضع في سوريا"، مشيرا إلى أن "أولوية إسرائيل إحداث فوضى في سوريا".

وأردف قائلا: "البعض منزعج ويريد واقعا سلبيا لسوريا.. والحكومة السورية تريد بلدا يشعر فيه الجميع بأمان".

وشدد على أن أنقرة "تريد أن تكون كل المكونات العرقية والدينية في سوريا موحدة في دولة واحدة".

سوريا: أحداث السويداء فتنة من صنيع إسرائيل


أكد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، الأربعاء، أن الأحداث التي شهدتها السويداء "فتنة طائفية افتعلتها إسرائيل".

وذكر أسعد الشيباني، خلال مؤتمر صحفي من أنقرة مع نظيره التركي هاكان فيدان، أن بلاده "ملتزمة" بمحاسبة أي انتهاكات في السويداء، "وهذا من مسؤولية الدولة".

وأضاف: "لا نقبل استغلال أهالي السويداء من قبل إسرائيل وغيرها.. حماية السويداء وسكانها مسؤولية الدولة".

وأكد أن "سوريا لكل السوريين وعلينا تغليب لغة العقل"، مشددا على أن "الدروز جزء أساسي من الشعب السوري".

وأوضح الشيباني أن "استقرار سوريا هو استقرار للمنطقة"، مبرزا أن بلاده تواجه "تحديات لا تقل خطورة عن التي واجهناها خلال الحرب".

وتابع: "نواجه تدخلات خارجية تحاول دفع سوريا نحو الفتنة"، مؤكدا "نمد يدنا لكل الدول دون التدخل في شؤوننا".

السوداني يؤكد دعم بلاده لاستقرار سوريا


أكد رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، اليوم الثلاثاء دعم بلاده لاستقرار سوريا وسيادتها على أراضيها ورفض أي عدوان عليها.

وقال السوداني، خلال استقباله وزير الطاقة السوري محمد البشير، إن الحكومة العراقية تعمل على تعزيز التنسيق والتكاتف لمواجهة التحديات المشتركة وما تتعرض له المنطقة من صراعات ونتائج استمرار العدوان على غزة. كما نقل بيان الحكومة العراقية.
 

 

 

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء اللبناني: نتطلع لبناء علاقة جديدة مع أشقائنا في سوريا
  • الشرع: تقسيم سوريا "شبه مستحيل".. ووحدة البلاد هى رأس مالها الحقيقي
  • معركة توحيد سوريا على طاولة الشرع..ومظاهرات السويداء تثير الجدل
  • الجيش اللبناني ينفي اتهامات بخرق أجواء سوريا ويؤكد استمرار التنسيق مع دمشق
  • الجيش اللبناني ينفي خرقه الأجواء السورية ويؤكد تنسيقه مع دمشق
  • الشرع يرفض تقسيم سوريا ويدعو إلى الوحدة دون عنف
  • سوريا.. الشرع يؤكد استحالة التقسيم ويشدد على وحدة الأراضي
  • الرئيس السوري: توحيد سوريا يجب ألا يكون بالدماء والقوة العسكرية
  • القصة الكاملة عن اختفاء صحفي أميركي في سوريا منذ 13 عاما وحتى الآن