صدى البلد:
2025-10-08@02:24:15 GMT

د. أمل منصور تكتب: الاعتذار في الزواج… قوة لا ضعف

تاريخ النشر: 28th, August 2025 GMT

في الحياة الزوجية، لا يمكن أن نمشي على طريق واحد بلا أن نتعثر. قد تكون العثرة كلمة قاسية خرجت في لحظة غضب، أو إهمالًا غير مقصود، أو موقفًا صغيرًا لكنه ترك أثرًا أكبر مما تخيلنا. عند هذه اللحظات، يظل شيء واحد قادرًا على لملمة الشروخ قبل أن تتسع: الاعتذار.
لكن الاعتذار في ثقافتنا العاطفية لا يزال محاطًا بالكثير من سوء الفهم.

فالبعض يراه تنازلًا أو إقرارًا بالهزيمة، وكأننا في معركة لا في حياة مشتركة. والحقيقة أن الاعتذار ليس إعلان ضعف، بل إعلان نضج؛ هو لحظة نضع فيها العلاقة فوق الأنا، ونقول للطرف الآخر: "أنت أهم من أن نخسر هذا الرابط بسبب كبريائي".

الاعتذار في جوهره ليس مجرد كلمة "آسف"، بل هو رسالة شعورية عميقة. إنه اعتراف بأن ما حدث تسبب في ألم، حتى لو لم يكن مقصودًا. إنه يقول للطرف الآخر: "مشاعرك مهمة بالنسبة لي، حتى عندما نختلف". ولهذا، حين يأتي الاعتذار صادقًا، فإنه يلمس أوتار القلب بطريقة لا تفعلها أي مجادلة أو تبرير.

من الناحية النفسية، الاعتذار يمنح الطرف المجروح إحساسًا بالاحتواء، كأنه يقول له: "أنا أرى ما شعرت به، وأقدّر ألمك". في تلك اللحظة، يشعر الشخص أن مشاعره لم تُهمّش، وأن الألم الذي أحس به لم يمر مرور الكرام. وهذا الشعور وحده كفيل بأن يذيب الكثير من الجليد العاطفي الذي قد تراكم بسبب الموقف.

لكن لماذا يواجه البعض صعوبة في الاعتذار، خاصة داخل الزواج؟
الرجل، في كثير من الحالات، يشعر أن الاعتذار قد يُفسر كضعف أو تقليل من قيمته أمام زوجته، وكأن الهيبة التي يريد الحفاظ عليها ستتصدع بمجرد أن يقول "آسف". وقد يربط ذلك بتجارب طفولية أو صور نمطية تربى عليها بأن القوي لا يعتذر.
أما المرأة، فقد تجد نفسها أحيانًا متمسكة بموقفها لأن جرحها العاطفي أكبر من أن تسمح لكبريائها بالانحناء. في داخلها قد تقول: "لماذا أعتذر وأنا من تألمت؟". وفي أحيان أخرى، قد ترى أن الاعتذار يعني إسقاط حقها في التعبير عن غضبها.

لكن الحقيقة أن الاعتذار لا يخص المخطئ وحده، بل يخص العلاقة بكاملها. فحين يعتذر أحد الطرفين، يفتح بابًا للآخر كي يتجاوب بدوره، ويصبح الجو النفسي أكثر نقاءً لاستكمال الحديث بهدوء. إنه أشبه بوضع ماء بارد على نار مشتعلة، يسمح لنا بأن نرى بوضوح ما كان يخفيه الدخان.

ومن أجمل ما في الاعتذار أنه فعل ثنائي الأثر: فهو يريح المعتذَر له، لكنه يحرر المعتذر أيضًا من ثقل الشعور بالذنب. كثير من الأزواج يصفون شعورهم بعد اعتذار صادق بأنه أشبه بإزاحة حجر ضخم عن القلب. حتى إن الموقف نفسه يصبح في الذاكرة أقل حدة، وكأننا أعدنا كتابته بلغة أكثر إنسانية.

لكن الاعتذار الصادق لا يعني أن نلقي الكلمة على عجل ونمضي، بل أن نضع أنفسنا للحظة مكان الطرف الآخر، أن نشعر بما شعر، ثم نعبر عن ذلك بصدق. أحيانًا قد تكون لمسة يد مع الاعتذار أبلغ من أي خطاب، وأحيانًا قد تكون نظرة عيون تقول: "أخطأت… وأريد إصلاح الأمر" كافية لإعادة الوصل.

ومن المهم أن ندرك أن الاعتذار ليس نهاية الحوار، بل بدايته. فبعد أن نهدأ، علينا أن نتحدث عن السبب الذي أوصلنا إلى هذه النقطة، حتى لا يتكرر. لكن الحديث هنا لا يكون بلغة الاتهام، بل بلغة التعاون: كيف يمكننا أن نتفادى هذا الموقف في المستقبل؟

في البيوت التي يُمارس فيها الاعتذار بصدق، يسود نوع من الأمان العاطفي يجعل الطرفين أقل خوفًا من الخلافات. يعرف كل منهما أن الآخر سيحترم مشاعره، وأن حتى الأخطاء يمكن إصلاحها. هذا الأمان هو ما يجعل العلاقة مرنة، قادرة على الانحناء أمام العواصف دون أن تنكسر.

الزواج رحلة طويلة، والرحلة بلا مطبات غير موجودة في الواقع. لكن ما يجعلها مستمرة ليس غياب الأخطاء، بل قدرتنا على إصلاحها. والاعتذار، حين يكون حقيقيًا، يصبح كالجسر الذي نعود به إلى بعضنا بعد أن أبعدتنا المسافة. في النهاية، نحن لا نعتذر لأننا ضعفاء، بل لأننا أقوياء بما يكفي لنضع الحب أولًا.

طباعة شارك الحياة الزوجية الاعتذار الاحتواء

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الحياة الزوجية الاعتذار الاحتواء أن الاعتذار

إقرأ أيضاً:

«الإمارات الصحية» لـ«الاتحاد»: 160 ألف مستفيد من «فحص ما قبل الزواج»

سامي عبد الرؤوف (دبي) 

أعلنت مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، أن أكثر من 160 ألف زوج من مواطني الدولة والمقيمين، استفادوا من خدمات برنامج فحص ما قبل الزواج، منذ تأسيس البرنامج وحتى الآن، مما يعكس إقبال المجتمع على هذه الخدمة الحيوية، وأثرها المباشر في تعزيز الصحة العامة.
وكشف الدكتورة كريمة الرئيسي، مدير إدارة الرعاية الصحية الأولية في المؤسسة، في تصريح لـ«الاتحاد»، عن الخطة المستقبلية لتطوير برنامج فحص ما قبل الزواج، حيث سيتم ربط البرنامج بالمزيد من المنصات الوطنية الرقمية، وتعزيز الشراكة مع العديد من الجهات الوطنية.

أخبار ذات صلة 172 مرفقاً ترفيهياً لتلبية احتياجات المجتمع المحلي في مدن الظفرة صقر غباش: الإمارات تسخر التكنولوجيا لرفعة الإنسان

وأشارت إلى أن البرنامج سيشهد في المرحلة المقبلة، إطلاق مبادرات توعوية رقمية عبر المنصات الوطنية لرفع الوعي المجتمعي، والاستثمار في البنية التحتية الصحية الرقمية، بما يواكب مستهدفات استراتيجية الدولة في الصحة الذكية، مؤكدة أن هذه الخطة التطويرية تعكس حرص المؤسسة على تعزيز جودة الحياة الصحية للأفراد والأسر، والمساهمة في بناء مجتمع أكثر وعياً وصحة واستدامة.
وذكرت أنه منذ إدراج الفحص الجيني الإلزامي للمواطنين ضمن برنامج فحص ما قبل الزواج في يناير 2025، تم فحص 2,800 زوج مواطن، حيث تم اكتشاف 98 زوجاً فقط حاملين لأمراض وراثية. 
وأشارت الرئيسي إلى أن هؤلاء الأزواج الحاملين للأمراض الوراثية، تلقوا الاستشارة الجينية اللازمة من المختصين، بما ساعدهم على التخطيط لحمل سليم وآمن، مما يعزّز فرص الوقاية من انتقال هذه الأمراض إلى الأجيال القادمة.
وأكدت أهمية الفحص الجيني الإلزامي، في الكشف المبكر عن الطفرات الوراثية التي قد تؤثر على الأبناء مستقبلاً، موضحة أن خدمة المشورة ما قبل الزواج، تضمن الحد من انتشار الأمراض الوراثية مثل الثلاسيميا والأنيميا المنجلية واعتلال الشبكية الوراثي والصمم الوراثي.

خدمة الفحص
وذكرت أن المؤسسة توفّر خدمة الفحص ما قبل الزواج، في 21 مركزاً موزعاً في 6 إمارات، حيث توجد الخدمة في دبي بمركزي محيصنة والعوير الصحيين، بينما في الشارقة، تتوافر في مراكز: الخالدية، الرقة، واسط، تعزيز صحة الأسرة، الذيد، المدام، دبا الحصن، خورفكان، كلباء.
أما بالنسبة لإمارة عجمان، فتوجد خدمة فحص ما قبل الزواج، في مراكز: المدينة، مزيرع، المنامة، بينما في رأس الخيمة، فمتاحة في مراكز: جلفار، رأس الخيمة، كدرة الصحي. وتمتد الخدمة، لتشمل أم القيوين، في مركز الخزان الصحي، وفي الفجيرة، تقدم في مراكز: الفصيل، ضدنا، قدفع.
وأكدت مديرة الرعاية الصحية الأولية بمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، الاستمرار في تقديم خدمات متكاملة ضمن برنامج فحص ما قبل الزواج، عبر هذه المجموعة من المراكز الصحية المنتشرة في العديد من إمارات الدولة، بهدف تعزيز الصحة العامة والوقاية من الأمراض الوراثية والمعدية، وضمان بداية آمنة وصحية للحياة الأسرية.
وأوضحت الرئيسي، أن برنامج فحص ما قبل الزواج، يشمل فحوصاً للكشف عن الأمراض الوراثية والمعدية والمنقولة، وتقديم المشورة للحالات الإيجابية وتحويلها لعيادات الوراثة عند الحاجة وفقاً للحالة المرضية.
ولفتت إلى توفير التطعيمات الوقائية مثل تطعيم الكبد الوبائي، الحصبة الألمانية، وسرطان عنق الرحم، وتثقيف المراجعات بأهمية الفحص الدوري مثل مسحة عنق الرحم والماموغرام، بالإضافة إلى التوعية الصحية لضمان حمل سليم وصحي.

العيادة الافتراضية
أفادت الدكتورة كريمة الرئيسي، أن من ضمن خدمات برنامج فحص ما قبل الزواج، خدمة العيادة الافتراضية لحجز الاستشارة عن بُعد وتسلم الشهادة عبر التطبيق.
وقالت: «في إطار التحسين المستمر، قامت المؤسسة بأتمتة الربط الإلكتروني لبرنامج الفحص والمشورة ما قبل الزواج مع وزارة العدل، بحيث تتم مشاركة شهادة الفحص بين الجهتين، مما سهّل على المراجعين سرعة إنجاز معاملاتهم».
وأضافت: «تم التعاون وإدراج الخدمة في منصة (أسرتي) التابعة للهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ لتسهيل الوصول إليها وتعزيز تكامل الخدمات الحكومية». و«أسرتي» هي منصة استباقية، ومتكاملة تربط الخدمات الحكومية لعدد من الجهات الاتحادية والمحلية لمساعدة مواطني الدولة في تأسيس أسرهم ودعم احتياجاتها، وطورت منصة أسرتي بناء على مخرجات 7 ورش عمل تفاعلية قائمة على التصميم التشاركي مع أفراد المجتمع، وأكثر من 40 عملية ربط بين أنظمة الجهات و32 فريق عمل. وتقدم منصة أسرتي باقة واسعة من الخدمات التي تغطي مختلف مراحل تأسيس الأسرة ونموها، وتشمل هذه المراحل: الزواج، الحمل والولادة، نمو الطفل والتعليم. تعتمد منصة أسرتي على الربط بين الجهات ولا تحتاج أي وثيقة من المتعامل للتقديم على الخدمات.
وأشارت إلى أنه إضافة إلى ذلك، أطلقت المؤسسة خدمة العيادة الافتراضية التي تتيح حجز الاستشارة عن بُعد، والحضور فقط لسحب عينة الدم، ليتم لاحقاً تسلم الشهادة عبر تطبيق مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية.
ولفتت إلى أنه تستخدم في مراكز الفحص أحدث الأجهزة والتقنيات الطبية المعتمدة دولياً، مثل: أجهزة التسلسل الجيني المتطور (NGS) للكشف المبكر عن الطفرات الوراثية، وتقنيات التحليل الجزيئي السريع (PCR) لضمان دقة عالية في التشخيص، وكذلك أنظمة الأتمتة المخبرية لتقليل الأخطاء البشرية وتسريع النتائج. وأكدت الرئيسي، أن هذه التقنيات تعزز موثوقية الخدمة، وتضمن أعلى معايير الجودة مع آلية التعامل مع الحالات الإيجابية، موضحة أنه في حال ظهور نتائج إيجابية، يتم إبلاغ الزوجين بسرية تامة، وتحويلهما إلى الاستشارة الجينية المتخصصة لمناقشة الخيارات الطبية والإنجابية. ويتم تقديم خطة متابعة تشمل التطعيمات والفحوص الدورية عند الحاجة، والتنسيق مع العيادات التخصصية مثل عيادات الوراثة وطب الأم والجنين؛ لضمان رعاية متكاملة. وبيّنت الرئيسي، أنه يتم توفير دعم نفسي واجتماعي للتقليل من التوتر، وتعزيز اتخاذ قرارات صحية مدروسة.

مقالات مشابهة

  • صحيفة الثورة الأربعاء 16 ربيع الآخر 1447 – الموافق 8 أكتوبر 2025
  • «الإمارات الصحية» لـ«الاتحاد»: 160 ألف مستفيد من «فحص ما قبل الزواج»
  • د. أمل منصور تكتب: هي هكذا .. من يكتفي يختفي
  • منال الشرقاوي تكتب: تشويش
  • رفضه مرتضي منصور | قصة مهاجم نابولي الذي طار من الزمالك
  • شاهدوا الآن أول قمر عملاق في 2025: بدر ربيع الآخر يزين سماء أكتوبر
  • هند عصام تكتب.. الملك بينوزم الأول
  • من صورة إلى وهم.. الوجه الآخر لتريند الذكاء الاصطناعي
  • جَرائِمُ على طريق المَوت السَّريع
  • إيران تعلن وضع خطة داخلية لمواجهة "آلية الزناد"