30 غشت، 2025

بغداد/المسلة: يسلط الكشف الأخير عن تورط ضباط عراقيين في منح سوريين هويات عراقية مزورة الضوء على واحدة من أعقد معضلات الأمن الحدودي في العراق، إذ يتجاوز الأمر حدود الفساد الإداري ليغدو تهديداً مباشراً للأمن القومي، خاصة حين يرتبط الحديث بمقاتلين أجانب ومناطق رخوة أمنياً كإدلب واللاذقية حيث تتجمع آلاف العناصر التي ما زالت تتغذى على مشروع “داعش” المتجدد.

ويكشف إحالة الضباط المتورطين إلى المحاكم، مع صدور أحكام بالسجن والطرد من الوظيفة، عن رسالة مزدوجة أرادت السلطات إيصالها؛ فهي من جهة تبرهن على وجود محاسبة داخل المؤسسة الأمنية، ومن جهة أخرى تعكس حجم الاختراقات التي يمكن أن تتحول إلى قنطرة لعودة الجماعات المسلحة عبر منافذ رسمية.

وتؤكد شهادات محلية من الأنبار أن القضية لا تتعلق بأعداد كبيرة من السوريين، وأن بعضهم تم تسفيره بعد انكشاف التزوير، لكن مجرد تمرير “أوراق مزيفة” عبر سيطرات حدودية مشددة يطرح أسئلة عن مدى صلابة الجهاز الأمني في تلك المنطقة، خصوصاً مع وجود 211 مخفراً حدودياً وقرى متقابلة على الجانبين العراقي والسوري تجعل من التداخل البشري والاجتماعي مبرراً إضافياً لتسلل غير منضبط.

ويعيد هذا الجدل إلى الواجهة معادلة الأمن والسيادة في الأنبار، المحافظة التي عانت من اجتياح داعش ثم عادت لتستعيد هدوءها النسبي. فبينما يؤكد المسؤولون المحليون أن القانون يطبق فيها أكثر من غيرها، تحذر أصوات في الحشد من أن أي خلل بسيط في ضبط الوثائق أو تمرير هوية مزورة قد يتحول إلى بوابة لعودة مقاتلين أجانب يتربصون بحدود العراق.

ويبدو أن معركة العراق مع “الهوية المزورة” ليست إدارية بحتة، بل سياسية وأمنية معقدة، إذ تتقاطع فيها مصالح الفساد المحلي مع مشاريع إقليمية ودولية تسعى لإبقاء الحدود ملتهبة، ما يجعل من كل بطاقة وطنية غير شرعية رصاصة مؤجلة قد تُطلق في وجه الاستقرار.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

أنقرة: قسد تهدد الأمن القومي والتحركات الإسرائيلية تهز استقرار سوريا

أنقرة: قسد تهدد الأمن القومي والتحركات الإسرائيلية تهز استقرار سوريا

مقالات مشابهة

  • شرعنةٌ لِلاشرعية… ومجلس أمنٍ يُمَهِّدُ لعودة الاستعمار
  • خبير اقتصادي:الصين تسعى إلى ترسيخ حضورها في قطاع الطاقة العراقي مقابل تحرك أمريكي ضدها
  • صخيل:مباحثات المالكي والبارزاني أكدت على تمرير المناصب الرئيسية في سلة واحدة
  • منصة دولية تكشف عن عمليات احتيال معقدة لسرقة هوية ناقلات النفط التي تهريب الوقود للحوثيين في اليمن
  • أنقرة: قسد تهدد الأمن القومي والتحركات الإسرائيلية تهز استقرار سوريا
  • حزب الدعوة الإسلامية يرشح نوري المالكي لمنصب رئيس الوزراء العراقي
  • الدوامة القطبية تزحف عبر القارات نحو العراق
  • روعة وجمال وكرم وطيبة أهل الولاية الشمالية التي انصهرت فيها كل قبائل السودان
  • مستقبل وزارة الدفاع بين طموح نينوى وضغوط الأنبار
  • العراق يبني حصناً خرسانياً عملاقاً على حدود سوريا