منذ انطلاق العدوان الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ظل حي الزيتون شرق مدينة غزة إحدى أعقد الجبهات وأكثرها صلابة في مواجهة قوات الاحتلال. فهو من أوسع أحياء المدينة وأشدها كثافة سكانية، وتحول سريعا إلى ما يشبه القلعة الحصينة التي تقودها كتيبة مدرّبة من كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وحي الزيتون هو البوابة الشرقية إلى قلب مدينة غزة، والسيطرة عليه تعني فتح الطريق أمام الجيش الإسرائيلي للتوغل نحو أحياء الشجاعية والتفاح والدرج وصولا إلى وسط المدينة. لهذا السبب دفعت إسرائيل وحدات قتالية كبيرة، من ضمنها اللواء السابع وفرق الهندسة والمدرعات، لمحاولة فرض سيطرة كاملة على الحي منذ أسابيع.

استعصاء ميداني

وفي الأسبوع الماضي رافقت مجموعة من الصحفيين قافلة عسكرية إسرائيلية انطلقت من تقاطع سعد، القريب من الحدود مع قطاع غزة، نحو ما كان يُعرف سابقا بمعبر كارني. وكانت الوجهة هي حي الزيتون، حيث تنتشر وحدات من اللواء السابع منذ 3 أسابيع، تمهيدا لغزو أوسع للمدينة.

وعلى الحدود، صعد الصحفيون إلى مركبة مدرعة من طراز نامروت -نسخة فيلق الهندسة القتالية من ناقلة الأفراد المدرعة نمر- ليبدؤوا جولتهم. لم يستغرق الطريق إلى الحي سوى بضع دقائق، لكنه كان كفيلا بالكشف عن حجم الدمار الذي لحق بالحي: مبانٍ مدمرة أو مفخخة وطرق مزروعة بالعبوات الناسفة وغياب كامل للسكان المدنيين.

واستقبل العقيد "س." -قائد اللواء السابع بالجيش- الصحفيين في منزل يستخدمه مقرا ميداني له، وبدأ حديثه بتذكير الحاضرين "لقد التقينا في خان يونس قبل شهرين"، قبل أن يقرّ بأن هذه هي المرة السابعة التي ينفذ فيها الجيش عملية في حي الزيتون.

وأوضح القائد أن ما يميز هذه الحملة عن سابقاتها هو الدقة والشمولية في التعامل مع "البنية التحتية لحماس، فوق الأرض وتحتها". وأضاف "في العمليات السابقة، تسرعنا جدا بالقول إن الكتيبة قد هُزمت، لكن هذه المرة نهدف إلى تدميرها، وليس فقط هزيمتها".

إعلان معضلة كتيبة الزيتون

طوال العامين الماضيين، شاركت فرق عسكرية إسرائيلية مختلفة -من الفرقة 36 وحتى الفرقة 98- في القتال داخل الحي. وفي كل مرة، كان الجيش يعلن "النصر" على كتيبة الزيتون. لكن الواقع أثبت أن الكتيبة تعود للظهور، مدعومة بقدرتها على استخدام شبكة الأنفاق المعقدة، وإعادة تنظيم مقاتليها الذين يقدر عددهم حاليا بنحو 400 مقاتل.

وقال الجيش إن معظم عناصر الكتيبة اختفوا تحت الأرض أو داخل عمق مدينة غزة استعدادا للمرحلة التالية من التوغل الإسرائيلي.

ويحتوي حي الزيتون، الذي تم إجلاؤه من سكانه، في الغالب على مبان تصل إلى 5 طوابق. ويقول الجيش إن ما يقرب من 70% منها مفخخة، وبالتالي فإن الجنود منشغلون حاليا بتفكيك تلك المتفجرات قبل دخول الجيش إلى المدينة.

واعترف أحد الضباط بأن "الأنفاق سمحت لحماس بالبقاء على قيد الحياة رغم الضربات المكثفة"، موضحا أن العمليات الحالية تهدف إلى محاكاة ما جرى في أحياء أخرى مثل الشجاعية وبلدة بيت حانون، حيث جرى تدمير البنية التحتية العسكرية لحماس بالكامل.

بدوره، قال العقيد "س." أن الجيش "لا يسعى فقط إلى قتل مقاتلي الكتيبة، بل إلى تدمير بنيتها التحتية بشكل يجعل من المستحيل عليها الاستمرار كوحدة قتالية".

وأضاف: "أنا أستخدم كلمة (مدمرة) وليس (مهزومة). الهدف ليس قتل كل عنصر في الكتيبة، بل إلى تدمير بنيتها التحتية بالكامل".

تساؤلات حول العملية

رغم ثقة القادة العلنية، أبدى الصحفيين تساؤلات عن جدوى العودة المتكررة إلى نفس المناطق، حيث أشار أحد المراسلين الحاضرين إلى أن هذه هي زيارته الرابعة للحي منذ اندلاع الحرب، وفي كل مرة كان يسمع الإعلان ذاته: "الكتيبة هُزمت".

وردا على هذه التساؤلات، أكد العقيد "س." أن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى حماس يظل "الأولوية الأولى" لهذه العملية، مضيفا أن الجيش سيبقى في غزة "طالما كان ذلك ضروريا لتحقيق هذه المهمة".

قبل مغادرة الصحفيين غزة، اقترب أحد الضباط الإسرائيليين من أحد المراسلين وسأله: "رأيتك على طريق موراغ أيضا، أليس كذلك؟". تبين بعد تبادل الحديث أنهما التقيا بالفعل في جولة سابقة، حين كان اللواء تحت قيادة فرقة أخرى.

أنهى الضابط حديثه بابتسامة مريرة: "حسنا يا صديقي العزيز… أفترض أننا سنلتقي مرة أخرى – ربما للمرة الثامنة في الزيتون".

وتحدثت تقارير عسكرية إسرائيلية غير رسمية عن مقتل وإصابة عدد من الجنود خلال الأسابيع الأخيرة في محيط الزيتون، بينما أظهرت تسجيلات للمقاومة عمليات تفجير آليات مدرعة من طراز "ميركافا"، بعضها في كمائن محكمة داخل أزقة ضيقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات حی الزیتون

إقرأ أيضاً:

مستوطنون يقطعون عشرات أشجار الزيتون شمال شرق رام الله

رام الله - صفا

قطع مستوطنون متطرفون، الليلة الماضية، نحو 120 شجرة زيتون في سهل "مرج سيع" الواقع بين قريتي المغير وأبو فلاح شمال شرق رام الله بالضفة الغربية المحتلة.

وأفادت مصادر محلية، بأن المستوطنين هاجموا سهل "مرج سيع"، وقطعوا 120 شجرة زيتون يتجاوز عمرها 60 عاما تعود لأهالي القرية.

ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تسببت اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه باقتلاع وتحطيم وتضرر ما مجموعه 48728 شجرة منها 37237 من أشجار الزيتون، بحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.

مقالات مشابهة

  • الجيش الإسرائيلي يعلن رصده قذيفة أطلقت من غزة
  • انقطاع الكهرباء في خاركيف الأوكرانية نتيجة قصف روسي للبنبة التحتية
  • ماجد الكدواني: طول الوقت كان عندي عقدة وقلق من مخرج "أول مرة"
  • الدفاع السورية: تحركات الجيش في حلب تأتي ضمن إعادة انتشاره على بعض المحاور
  • الدفاع السورية: تحركات الجيش جاءت بعد الاعتداءات المتكررة لقوات "قسد"
  • اللواء فؤاد فيود أحد أبطال أكتوبر ومستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية : المقاتل المصرى كان معجزة الحرب التى حطمت أسطورة الجيش الذى لا يقهر 
  • الجيش السوري يغلق مداخل أحياء في حلب
  • القدس.. اتهام الاحتلال برش أشجار الزيتون بمواد تمنعها من الإثمار
  • اللواء عادل العمدة: تلاحم الجيش والشعب كان كلمة السر في تحقيق نصر أكتوبر
  • مستوطنون يقطعون عشرات أشجار الزيتون شمال شرق رام الله