الحكومة: 617.9 مليار جنيه قيمة الإنفاق على القطاع الصحي في موازنة "2025/2026"
تاريخ النشر: 1st, September 2025 GMT
أكد المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، التطوير الذي شهدته المنظومة الصحية، والتي تضع المواطن في صدارة الاهتمام، وذلك تحت شعار صحة المواطن أولًا، مشيرا إلى أن هذه الجهود تجسد التزام الدولة بتحقيق التغطية الصحية الشاملة لجميع المواطنين، من خلال بناء نظام صحي متكامل ومستدام يقوم على تحسين جودة الخدمات المقدمة، وضمان العدالة في الحصول على الرعاية، والاستفادة من أحدث التقنيات الطبية، كما تعكس هذه الخطوات إدراك الدولة لأهمية القطاع الصحي كركيزة أساسية للتنمية الشاملة، وعنصرًا أساسيًا في تحسين جودة الحياة للمواطنين.
واستعرض المركز في عدد من (الإنفوجرافات)، نشرها عبر منصاته على مواقع التواصل الاجتماعي- الرؤية الدولية لجهود الدولة في الارتقاء بالقطاع الصحي، حيث أكدت منظمة الصحة العالمية، أن مصر حققت إنجازات صحية على المستويين الإقليمي والعالمي، بدءًا من القضاء على عدد من الأمراض، وإطلاق المبادرات الرئاسية، وصولًا إلى تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل.
وأشارت منظمة الصحة العالمية، وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عنها، إلى زيادة نسبة الإنفاق الصحي الحكومي المحلي، لتصل إلى 7.2% عام 2022، كنسبة من الإنفاق الحكومي العام، مقارنة بـ 4.2% عام 2014، فضلًا عن زيادة نقاط مصر في مؤشر تغطية الرعاية الصحية الشاملة بمقدار 70 نقطة عام 2021، مقارنة بـ 65 نقطة عام 2015.
من جانبها.. أكدت مؤسسة التمويل الدولية، أن مصر تشهد تحولًا تاريخيًا مع إطلاق منظومة التأمين الصحي الشامل، والتي تهدف إلى توفير التغطية الصحية الشاملة لجميع المواطنين بحلول عام 2030.
وفيما يتعلق بأبرز مؤشرات القطاع الصحي، أشارت (الإنفوجرافات) إلى زيادة الإنفاق على قطاع الصحة بنسبة 124.3%، ليصل إلى 617.9 مليار جنيه عام 2025/2026، مقابل 275.5 مليار جنيه عام 2021/2022.
وزادت تكلفة العلاج على نفقة الدولة بالداخل بنحو 6 أضعاف، لتصل إلى 27 مليار جنيه تكلفة علاج 2.4 مليون مواطن عام 2024/2025 "حتى 25 يونيو 2025، مقارنة بـ 4 مليارات جنيه تكلفة علاج 1.1 مليون مواطن عام 2014/2015.
وأشارت (الإنفوجرافات) إلى زيادة مخصصات دعم التأمين الصحي لأكثر من 8 أضعاف، لتصل إلى 5.9 مليار جنيه عام 2025/2026 "تشمل التأمين الصحي الشامل"، مقارنة بـ 0.64 مليار جنيه عام 2014/2015، كما زادت أعداد المنتفعين من منظومة التأمين الصحي بنسبة 17.8%، لتصل إلى 54.2 مليون مواطن عام 2025، مقابل 46 مليون مواطن عام 2014.
وعلى صعيد مؤشرات البنية التحتية الصحية، أظهرت (الإنفوجرافات) زيادة أعداد مراكز الغسيل الكلوي بنسبة 34.7%، لتصل إلى 8081 مركزًا عام 2025، مقارنة بـ 5999 مركزًا عام 2019، كما زادت أعداد وحدات ومراكز الرعاية الصحية بنسبة 7.8%، لتصل إلى 4965 وحدة ومركزا عام 2025، مقابل 4607 وحدات ومراكز عام 2014.
وفي السياق ذاته، زادت أعداد الحضانات بنسبة 5.7%، لتصل إلى 3824 حضانة عام 2025، مقابل 3619 حضانة عام 2019، كما بلغ عدد المستشفيات الجامعية 145 مستشفى تضم 30% من إجمالي أسرة الرعاية الصحية في المنشآت الحكومية، و50% من إجمالي أسرة العناية المركزة في القطاع الحكومي، في حين تم استثمار 19 مليار جنيه في 160 مشروعًا لتحسين البنية التحتية وجودة الخدمات بتلك المستشفيات منذ 2014.
وفيما يتعلق بأبرز المشروعات الطبية، والتي من بينها مدينة النيل الطبية "مستشفى معهد ناصر"، والتي تعد أكبر مدينة طبية في الشرق الأوسط على مساحة 72.3 ألف م2، بإجمالي تكلفة 8.5 مليار جنيه، وبطاقة استيعابية تصل لأكثر من 1694 سريرًا، لخدمة 2 مليون مريض سنويًا.
وتتضمن المشروعات الطبية أيضًا، مجمع الإسماعيلية الطبي، كأول مجمع طبي مصري متكامل حاصل على اعتماد اللجنة الدولية المشتركة للاعتماد JCI، حيث قدم المجمع أكثر من 5.5 ملايين خدمة طبية وعلاجية منذ تشغيله لمنتفعي التأمين الصحي الشامل بالإسماعيلية.
كما شملت المشروعات الطبية المستشفى الجامعي بالسويس، بتكلفة إنشاء 2.4 مليار جنيه، ويضم 17 عيادة، و15 غرفة عمليات، ووحدات متخصصة.
اقرأ أيضاًالمركز الإعلامي لمجلس الوزراء يكشف حقيقة نقص الأنسولين بمستشفيات التأمين الصحي
«معلومات الوزراء»: 3.55 ملايين طلب براءة اختراع في 2023 على مستوى العالم بزيادة 2.7٪
المركز الإعلامي لمجلس الوزراء: لا صحة لبيع المتحف المصري الكبير
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المنظومة الصحية تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل مؤسسة التمويل الدولية مجلس الوزراء التأمین الصحی الشامل ملیون مواطن عام ملیار جنیه عام القطاع الصحی مقارنة بـ لتصل إلى عام 2014 عام 2025
إقرأ أيضاً:
التأمين الصحي.. تجاوزات واستقطاعات حاضرة ورعاية صحية غائبة
منتدى الإعلام السوداني
سعدي عثمان أبكر
شرق دارفور، 6 أكتوبر 2025، (استقصائي)- “أعاني من مرض في الغدة وخلل في الهرمونات، واعتمد على صيدلية التأمين الصحي في الحصول على الدواء.. الآن اعجز عن شرائه لارتفاع سعره، فقط أريد أن أعرف هل توقفت خدمة التأمين نهائياً أم هناك أمل أن يعود التأمين الصحي للعمل من جديد؟” محراب آدم طالبة جامعية تحدثت لاستقصائي.
يكشف هذا التقرير عن معاناة سكان دارفور بعد توقف خدمات التأمين الصحي بسبب الحرب والفساد الإداري، وما ضاعف معاناتهم، التطورات السياسية التي نجم عنها إعلان حكومة جديدة أعلنها الدعم السريع وتحالفات مسلحة ومدنية أخرى تحت مسمى حكومة (تأسيس).
في إقليم دارفور غرب السودان ، حيث تتقاطع نيران الحرب مع الانهيار الاقتصادي، انهارت الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها المواطن، وفي مقدمتها الخدمات الصحية، ومن بين أكثر هذه المؤسسات الحيوية تأثرا بالحرب وتداعياتها الصندوق القومي للتأمين الصحي، والذي توقف عن تقديم الخدمات للمواطنين، دون إخطار مسبق، ليجد من كانوا مشمولين بخدمات التأمين أنفسهم يواجهون أعباء إضافية، تتعلق بحياتهم وحياة أسرهم، وعلى حد إفادات حصلت (استقصائي) عليها من مسئولي التأمين الصحي في دارفور، تأثر بالحرب والفساد، لا سيما ولاية شرق دارفور ومحلياتها ،و مناطق ولاية شمال دارفور- محلية اللعيت/ فتاحة، هذا التوقف المفاجئ لتتحول بطاقات التأمين إلى مجرد أوراق بلا قيمة وسط صمت الجهات الرسمية، وانعدام الشفافية، وغياب أي مساءلة حقيقية.
من تغطية 75% إلى توقف تامفي السابق كانت خدمات التأمين الصحي تغطي نسبة 75% من احتياجات المواطنين حاملي بطاقات التأمين بشرق دارفور، وكانت البطاقات العلاجية تقدم خدمات مقابلة الطبيب، الفحوصات المعملية والأشعة التشخيصية، والعلاج، والأدوية. ومثل ذلك دعم كبير لمن هم تحت مظلة التأمين الصحي. ومع بداية الحرب في أبريل 2023م، انقطع التواصل بين الإدارة العامة للصندوق القومي للتأمين الصحي بالعاصمة الخرطوم، وفرع الولاية شرق دارفور، ما أدى إلى توقف تدريجي للمراكز الصحية التابعة للتأمين الصحي.
ما حدث لم يكن مجرد توقف مؤقت في منظومة الخدمة، بل خروج كامل لمراكز التأمين الصحي عن العمل. أحد موظفي التأمين الصحي يقول: “في الوقت الذي زاد فيه اعتماد المواطنين على خدمة التأمين بسبب تدهور المؤسسات الصحية الحكومية وارتفاع تكلفة العلاج في القطاع الخاص تجاهل المركز المراكز في دارفور”.
واجهنا مصيرنا“توقف التأمين الصحي في دارفور كان مفاجئاً دون إخطار رسمي أو خطة بديلة، تاركآ آلاف المرضى لمواجهة مصيرهم ” هذا ما قاله موظف الإحصاء بصندوق التأمين الصحي شرق دارفور عصام محمد وأضاف: “عقب اندلاع حرب 15 أبريل انقطع التواصل مع الإدارة العامة للصندوق القومي للتأمين الصحي في الخرطوم، وفي يوليو 2023 اصدر قرار ولائي يقضي بإحالة 70% من الموظفين والعاملين بفرع شرق دارفور إلى إجازات مفتوحة بدون راتب”.
وأفاد مواطنون وعاملون في إدارة التأمين بأن الخدمة توقفت تدريجياً، في معظم مراكز التأمين الصحي، في رئاسة الولاية ومحلياتها، حتى أصبحت جميع المراكز خارج الخدمة بالكامل، باستثناء مركز رئيسي واحد بمدينة الضعين أكبر مدن شرق دارفور، ويعمل بقدرات محدودة، وبجهود ولائية، ودعم من منظمات إنسانية، دون أي دعم أو إشراف من الإدارة العامة للصندوق القومي للتأمين الصحي، وكانت تغطية الخدمات لا تتجاوز 3% من حاجة المواطنين”.
ارتباك المرضىغالبية المستفيدين من الخدمات العلاجية للتأمين الصحي من أصحاب الأمراض المزمنة، كما أن المشتركين في الخدمة 90% منهم- بحسب افادة مسؤولين- هم من الموظفين في القطاعين العام والخاص، ويصنف جميعهم ضمن فئة الدخل المحدود المتأثرين بتقلبات السوق، وقطعا تأثروا مباشرة باندلاع الحرب، مما ضاعف تعقيدات الوضع. مريم محمدين ( 40 عاماً) قالت: “أنا مريضة سكري وكنت أحصل على جرعة الأنسولين مجانا ببطاقة التأمين، ومنذ بداية شهر مايو 2023 أغلق مركز صحي السكة حديد أبوابه، اضطر الآن لشراء الدواء من السوق وبأسعار فوق طاقتي، وفي مرات عديدة لا أخذ الجرعة في الموعد بسبب دخلي المحدود، فيما يباع الأنسولين في السوق السوداء”.
هل توقف التأمين الصحي نهائيا في دارفور؟محراب آدم، طالبة جامعية، مصابة بمرض مزمن، كانت تتلقى العلاج من مركز تأمين حي السلام، وفي بداية شهر يونيو 2023م فقدت بطاقة التأمين التي تحصل بموجبها على الخدمة، وفشلت كل المحاولات في الحصول على بطاقة جديدة، وقالت: ” المركز مغلق ومتوقف عن العمل حتى اليوم”.
وتضيف: “أعاني من مرض في الغدة وخلل في الهرمونات، واعتمد على صيدلية التأمين الصحي في الحصول على العلاج، الآن انا عاجزة عن شراءه لغلائه فهل توقفت خدمة التأمين الصحي نهائياً ؟ “.
سؤال محراب هو ما يؤرق حاملي بطاقات التأمين في شرق دارفور وفي مدن دارفور جميعها، المواطن ابراهيم حامد يقول: “ذهبت إلى مركز فتاحة الصحي يوم 15 مايو 2023م وجدته مغلق، سألت فأفادوني أن خدمة التأمين غير متاحة.. أصبحنا ندفع من جيوبنا، لدي إبنة مصابة بمرض مزمن ولا استطيع توفير الدواء لها ولا حتى عرضها على الطبيب”.
الأزمة تسبق الحربفي مقابلات مع مسئولين وعاملين، في الصندوق القومي التأمين الصحي في ولايات مختلفة في دارفور، أكدوا أن الخدمة قبل الحرب لم تكن بخير، وكانت متقطعة ومحدودة. ومعظم من تحدثوا إلي (استقصائي) أكدوا أن سبب تردي الخدمة اساساً يتمثل في الفساد الإداري، وضعف الرقابة من المركز في الخرطوم. وقال أحد العاملين – طلب حجب اسمه – ” لم تقتصر أزمة التأمين الصحي في دارفور على توقف الخدمة وحرمان المواطنين من حقهم في العلاج، بل امتدت إلى داخل المنظومة نفسها، حيث توقف صرف مرتبات العاملين بالمراكز الصحية حتى قبل اندلاع الحرب.”، وتسبب تأخر المرتبات المتكرر و لأشهر طويلة، في أضعاف قدرة الكوادر على العمل وتقديم الخدمات، مما عجل بخروج المراكز عن الخدمة كليا، وفتح أبواب للتجاوزات والفساد، والذي في كثير من الأحيان لا يتعرض مرتكبها للمحاسبة.
صيدلانية بالتأمين الصحي، مركز حي العرب قالت: “لم يكن أمامنا خيار غير العمل دون راتب وذلك لواجبنا الإنساني لخدمة مجتمعاتنا في الظروف الحرجة التي يمر بها السودان”.
وأفادت أن الوضع ازداد تدهورا بعد القرار الذي صدر عن الإدارة المحلية، بسبب عجزها عن توفير موارد، والذي قضى بتعطيل الخدمة ومنح العاملين إجازة مفتوحة من غير راتب، وجاء القرار بعد شهر من انقطاع التواصل، بين الإدارات الفرعية في دارفور، و الإدارة العامة للصندوق القومي للتأمين الصحي بالخرطوم.
عاملون بالتأمين الصحي اوضحوا أن التدهور بدأ بشكل ملحوظ بعد الشهر الأول للحرب، حيث ظهر شح كبير في الأدوية أول الأمر، ثم توفقت الفحوصات المعملية، وتراجع عدد المرضى واصبحنا نغطي 300 مريض شهرياً، الآن المرضى اتجهوا نحو العيادات الخاصة، بعد خروجنا من الخدمة.
ميزانية تسيير فقطحملت الموظفة (م.ن) التي تعمل بالتأمين الصحي النيم ” ب”، الصندوق القومي للتأمين الصحي المركزي مسؤولية توقف التأمين في دارفور ووصفت ما حدث بأنه فساد ، وقالت “نحن لم نستلم مرتباتنا منذ فبراير 2023 من قبل الحرب الأمر الذي أدى إلى توقف عمل المراكز، وهو فساد إداري واضح يتحمله النظام المركزي للتأمين الصحي”.
أما (أ.ج) موظف تأمين بتغطية الساكنية، أشار إلى وجود متأخرات مالية تخص ولاية شرق دارفور بطرف صندوق التأمين الصحي بالخرطوم منذ 2022، وتعود هذه المتأخرات بحسب الموظف، غلى ميزانية عامة لم تتم مراجعتها من قبل الإدارة العامة في الخرطوم لعام، وظلت تماطل حتى اندلاع الحرب، وهذا ما أدى إلى تأخر سداد ميزانية فرع شرق دارفور.
وأضاف: “نعمل قبل الحرب بثلاثة أشهر بميزانية تسييرية فقط .. وبعد الحرب لم نستلم أي شيء من إدارة التأمين الصحي”.
لا خدمات.. ولازال الخصم مستمراًوللمفارقة، فأن إدارة التأمين، واصلت في استقطاع رسوم الخدمة من المشتركين، على الرغم من توقف الخدمة، وهذه الشكوى تكررت من أكثر من مريض من حاملي البطاقة العلاجية.
قال أحد الموظفين بديوان الضرائب: “تستقطع الأموال شهريا، بينما المراكز مغلقة والعلاج متروك لقدرة المواطن على الدفع أو الهلاك”.
أما المواطنة آمنة احمد فتقول: “أقوم بالدفع والدواء والعلاج غير متوفر فيما الخصم مستمر من راتب إبني الموظف بوزارة المالية”.
وقال المواطن عمر محمد “بطاقتي العلاجية سارية والخصم مستمر من مرتب، لكن لا توجد خدمات علاجية مقابل الخصم من التأمين الصحي المتوقف”
المنظمات الدولية تتدخلفي ظل غياب الدولة، برزت المنظمات الإنسانية كلاعب رئيسي، يعمل على سد فجوة صندوق التأمين الصحي في دارفور، وعجزه عن للإيفاء باستحقاقات المشتركين، وسط انهيار كبير في الخدمات الصحية بشكل عام، وعملت عدد من المنظمات على تشغيل مراكز التأمين الصحي المتوقفة، في محاولةً إنقاذ ما يمكن إنقاذه وسط بيئة مثقلة بالحرب والانهيار الاقتصادي، حيث أصبح الحق في العلاج معركة يومية من أجل البقاء. وجدت المراكز الصحية نفسها في مواجهة أزمة خانقة، عاجزة عن توفير الأدوية والخدمات الأساسية ،منذ منتصف عام 2023، وبدأت المنظمات، بتقديم أدوية أساسية، ودعماً محدوداً للفحوصات، إلا أن هذه الجهود ظلت محدودة وغير قادرة على تغطية كافة الاحتياجات.
المنظمات دعم متقطعفي مقابلة مع مشرفة مركز التأمين الصحي بحي السكة حديد بالضعين فاطمة إبراهيم ، أوضحت أن المنظمات حاولت ملء الفراغ الذي خلفه غياب خدمة التأمين إلا أن الفجوة كبيرة، وقالت “المنظمات رغم تدخلها لا تستطيع توفير كل الأدوية بالكامل، وأن الدعم يأتي متقطعاً وغير منتظم”.
وأشارت إلى أن المريض في الغالب يحصل على جزء من العلاج من المنظمة ويتدبر ما تبقى له من السوق. موضحة أن هذا الوضع خلق فساد ومحسوبية يصعب محاربتها، مضت قائلة: “بعض المواطنين لديهم أقارب يعملون في المنظمات يوفرون لهم العلاج كامل على حساب آخرين”.
في عام 2020، خصص الاتحاد الأوروبي مبلغ 4.9 مليون يورو لتنفيذ مشروع في “كتم” و”أمبرو” و”سرف عمرة” بشمال دارفور يهدف إلى تيسير الوصول إلى العلاج للمجتمعات المتجاورة. و شرعت منظمة GOAL في رفع المعايير في 10 مرافق صحية في أنحاء هذه المناطق، مما يمكن كل من السكان المحليين والنازحين داخليا بسبب الحرب من الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية والأدوية الأساسية بأسعار مدعومة بشكل كبير.
وقالت منظمة “GOAL” في تعميم صحفي أنها قدمت حوافز للعاملين في المراكز الصحية عندما لا تتوفر لهم رواتب شهرية وأنها دعمت المراكز التابعة للتأمين الصحي، وبحلول يناير 2025 قدمت خدمات طبية إلى 150000 شخص في دارفور.
الخدمات: من مجانا إلى مدفوعةفي خطوة غير متوقعة، فرضت حكومة ولاية شرق دارفور، رسوما على خدمات العلاج في التأمين الصحي التي كانت تقدم مجانا، وشمل هذا الوضع الذين يتم خصم الرسوم من راتبهم الشهري، قال موظف خدمات بالتأمين المركز الرئيسي طلب حجب اسمه “الوزارة فرضت رسوم مالية على الخدمات اللي كانت تقدم مجاناً في السابق، والمواطنون مضطرون على دفع مبالغ كبيرة، رغم أن بطاقاتهم العلاجية لازالت سارية”.
وبحسب مواطنين بلغت رسوم مقابلة الطبيب 30000 جنيه سوداني(10 دولار تقريبا)، وأيضا الفحوصات المعملية والأدوية يجب أن يدفع المريض مبالغ مالية للحصول عليها، وتقدر حسب نوعها.
خدمات حسب التصنيف السياسيمن المسؤول عن توقف التأمين الصحي؟ “التصنيف السياسي”. هكذا أجاب الموظف السابق في الإدارة التنفيذية للتأمين الصحي فرع شرق دارفور محمد بابكر وتحدث بالتفصيل وقال: المسؤولية المباشرة تقع على حكومة الأمر الواقع، ممثلة في وزارتي الصحة والتنمية الاجتماعية الاتحادية، التي صنفت مواطني مناطق بعينها خارج نطاق إدارتها، وقطعت الخدمات عنهم”.
ومن الأسباب التي ساهمت في توقف خدمات التأمين بحسب محمد بابكر غياب المجالس التشريعية والرقابة المجتمعية، وتعطّل مؤسسات الدولة بفعل انقلاب 25 أكتوبر 2021 والحرب معآ، مما أدى إلى غياب مراقبة فعالة ومحاسبة للجهات الفاسدة. وأوضح محمد أن هناك تواطؤاً بين المسؤولين في الحكومة (حكومة الأمر الواقع) في توقف الخدمة، ويستند ذلك إلى استمرار توقفها رغم توفر إمكانيات جزئية، واستهداف مناطق محددة بقرارات غير معلنة، في إشارة إلى أن مناطق واسعة في دارفور تحت سيطرة قوات الدعم السريع وحكومة تأسيس التي أعلن عنها مؤخرا.
فساد إداري موثق وفصل تعسفييقدم محمد بابكر مثالاً حياً على فساد إداري عميق، حين تم فصله تعسفياً بعد أن تم تكليفه بالعمل ضمن لجنة إزالة التمكين بالولاية وقال “أنا شخصياً تعرضت للفصل التعسفي بعد ما تم تكليفي بالعمل ضمن لجنة إزالة التمكين في الولاية وتحديدا في ملف التأمين الصحي”.
وبحسب محمد، لم تتخذ الإجراءات المتبعة في قرار الفصل وإنما تم على عجل وقال “فصلت بسرعة خوفا من كشف ملفات الفساد في التأمين الصحي”. وعن الفساد في التأمين الصحي أشار محمد إلى أن معظم تعاملات إدارة التأمين الصحي يشوبها فساد، خاصة في العقود والتوظيف وشراء الخدمات من مؤسسات خاصة مثل العيادات والصيدليات المتعاقدة مع التأمين الصحي، وكذلك ملف الخدمات الاجتماعية التي لم يصلها المواطن في شرق دارفور. وقال “بسبب علمي بهذه الملفات فصلت من غير تحقيق أو محاسبة أو فرصة للدفاع عن نفسي، وهذا في رأيي فساد كبير جداً” .
ليس الحرب وحدهالا خلاف على أن الحرب أثرت بشكل مباشر على الخدمات الصحية، وعلى حياة المواطنين باشكال مختلفة، وكأنها ألغت وجود الحكومة نفسها، وتأكيدا لما ذكره محمد بابكر الموظف السابق بالصندوق القومي للتأمين الصحي قال الموظف بالإدارة التنفيذية للتأمين الصحي أحمد إبراهيم: “الأزمة الحالية ليست مجرد نتيجة للحرب أو الظروف الأمنية، بل تعكس مشكلات أعمق في الهيكل الإداري للمؤسسة، مع وجود مؤشرات على ممارسات غير شفافة في التوظيف وإدارة الميزانيات”، ويوضح: “الفساد كان ظاهرة متكررة، خاصة في العقود والموارد البشرية، ما أثر بشكل مباشر على جودة الخدمات واستمراريتها ” .
وكرر عدد من الموظفين في الصندوق القومي للتأمين بدارفور أن الفوضى الأمنية ساهمت في توقف خدمات التأمين الصحي، لكنها ليست السبب الجوهري لتوقف الخدمات، وأكدوا أن ما حدث وما زال يحدث، وأكدوا أن العمل يدار بدون دورة مستندية واضحة وشفافة تمكن من كشف الفساد، وكثيرا ما تحرق المستندات أو تتم المعاملات بقرارات شفاهية .
بين شهادات الموظفين وصرخات المواطنين وصمت الجهات المسؤولةتبدو قضية التأمين الصحي في دارفور مثالا حيا على غياب الحكومة في أوقات الأزمات، كما أنها كشفت غياب الرقابة والمحاسبة قبل الحرب، والتي خلقت منظومة عمل هشة، انهارت من أول أيام الحرب، وكذلك تكشف أن الفساد كان أحد تدهور المنظومة وتوقفها عن العمل، ومع هذا وذلك وقع العبء الأكبر على المواطن في دارفور، الذي يحتاج إلى عون عاجل.
ينشر منتدى الإعلام السوداني والمؤسسات الأعضاء هذه المادة من إعداد (استقصائي) للكشف عن الانهيار الكامل لخدمات التأمين الصحي في دارفور نتيجة الحرب والفساد الإداري، مما ترك آلاف المرضى دون علاج أو دواء، رغم استمرار استقطاع رسوم التأمين من رواتبهم، وسط غياب تام للمساءلة. كما يبرز دورًا محدودًا لمحاولات المنظمات الإنسانية في محاولة سد هذا الفراغ وسط الانهيار الشامل للقطاع الصحي.
الوسومالتأمين الصحي التصنيف السياسي الحرب الحكومة السودان اللعيت حل لجنة إزالة التمكين دارفور منتدى الإعلام السوداني