عمّان- بين أكياس ملونة مكدّسة وأياد تجمع قطع البلاستيك واحدة تلو الأخرى، تتجلى المسؤولية في عيون المتطوعين المشاركين بمبادرة "العجلات الخضراء" في الأردن، في محاولة مجتمعية لمعالجة مشكلة إعادة تدوير البلاستيك بطرق تخلق فرصا للمواطنين.

فما يبدو مجرد أغطية لعبوات مياه غازية أو عصائر، تحوّل بفضل جهود شبابية في السنوات الماضية إلى مبادرة مجتمعية واسعة، تعالج واحدة من أبرز المخاطر البيئية في الأردن، وتوفر في الوقت ذاته مصدر تمويل لمشاريع إنسانية، آخرها الإسهام في بناء مدرسة مخصصة لذوي الإعاقة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2البرازيل تحقق مع شركات متهمة بإزالة غابات بالأمازونlist 2 of 2الصين وأوروبا تقودان التحول نحو الطاقة الخضراء مع التراجع الأميركيend of list

تقول مؤسسة المبادرة رائدة صبحة، للجزيرة نت، "إن الفكرة ولدت من مقطع مصور أظهر طيورا نافقة في جزيرة نائية بعد ابتلاعها أغطية بلاستيكية صغيرة"، مضيفة "أدركنا أن الغطاء البلاستيكي ليس مجرد قطعة مهملة، بل رصاصة صغيرة قادرة على قتل طائر أو إتلاف معدة حيوان أو تلويث البيئة لأجيال، لذلك قررنا أن نجعل من هذه القطع الصغيرة مدخلا لثقافة إعادة التدوير في الأردن".

وتوضح صبحة أن التركيز على الأغطية جاء لأسباب عملية وبيئية معا، فهي أخطر على الحيوانات من العبوة نفسها، وأكثر تركيزا للبلاستيك من الناحية الكيميائية، إضافة إلى سهولة جمعها وتخزينها، حتى بات الأطفال يتعاملون معها كقطع "ليغو" ملونة، مما شجع المدارس والأسر على الانخراط في الحملة.

نفايات بلاستيكية جمعها متطوعون في مبادرة "العجلات الخضراء" خلال نشاط بيئي في منتزه غمدان (الجزيرة)مخلفات كبيرة

وتشكل المخلفات البلاستيكية من 15% إلى 20% من حجم النفايات الصلبة في الأردن، أي ما يقارب 405 آلاف طن سنويا من أصل 2.7 مليون طن من هذه الكمية، وفقا لدراسة مشتركة أعدتها وزارة البيئة والبنك الدولي عام 2023.

وبحسب الدراسة، ينتهي نحو 135 ألف طن منها في المدافن الصحية، في حين يتسرب ما يقارب 129 ألف طن إلى البيئة، ليمثل عبئا متزايدا على الصحة العامة والأنظمة البيئية.

إعلان

وتشير وزارة البيئة إلى أن الأردن لا يعيد تدوير سوى 7% من نفاياته الصلبة سنويا، وهي نسبة متواضعة تسعى لزيادتها عبر برامج وحملات توعية وشراكات مع القطاع الخاص والمجتمع المدني. وعلى مدار سنوات، لم يقتصر أثر مبادرة "العجلات الخضراء" التي تعود إلى عام 2014 على نشر الوعي البيئي، بل تُرجم إلى نتائج ملموسة.

فقد أسهمت في دعم أطفال مرضى الشلل الدماغي، وتأمين كراسيّ متحركة لذوي الإعاقة، ورعاية مبادرات اجتماعية أخرى كان لها أثر مباشر على حياة عشرات الأسر، من خلال إعادة تدوير النفايات البلاستيكية والتبرع بريعها لجمعيات تعنى بالشؤون الإنسانية.

أكثر من 100 مدرسة أردنية تشارك في نشاطات مبادرة "العجلات الخضراء" (مركز زها الثقافي)"دوّرها وساعد غيرك"

بالتوازي مع نمو المبادرة، تزايد تفاعل مؤسسات حكومية وخاصة ومدارس وجامعات معها، حتى باتت حالة مجتمعية لافتة.

وجاءت أحدث فعالياتها بعنوان "دوّرها وساعد غيرك" السبت، بتنظيم شعبة الهندسة الكيميائية في نقابة المهندسين الأردنيين بمتنزه غمدان في عمّان.

وشارك فيها متطوعون من مختلف الأعمار، وجُمعت خلالها كميات كبيرة من أغطية العبوات تمهيدا لإرسالها إلى مبادرة "العجلات الخضراء"، على أن يوجَّه ريعها لبناء أول مدرسة ومركز وطني لتأهيل أطفال الشلل الدماغي، وهو الهدف الجديد الذي تتبناه المبادرة بعد انتقالها رسميا إلى مظلة "مركز زها الثقافي" للحفاظ على استمراريتها.

وتؤكد رئيسة اللجنة الاجتماعية في شعبة الهندسة الكيميائية بالنقابة ريم الطريفي الإصرار على إضافة طابع إنساني للمبادرة.

وقالت "أردنا أن نضيف بعدا بيئيا وإنسانيا للحملة، فالبلاستيك يحتاج إلى مئات السنين ليتحلل، وأثناء ذلك يلوث التربة والمياه والهواء ويتسبب بأمراض خطرة مناعية وهرمونية. أما عند حرقه، فتنتج عنه غازات ضارة تؤدي إلى أمراض تنفسية".

الأطفال يتعلمون خلال أنشطة المبادرة أهمية إعادة تدوير البلاستيك والحفاظ على البيئة (مركز زها الثقافي)توسيع النطاق

وتشرح أن الفعالية ركزت على جمع أنواع البلاستيك المنتشرة بكثرة مثل (PP) و(PET) المستخدمة في عبوات المياه والعصائر وكؤوس الاستخدام الواحد، لسهولة إعادة تدويرها، مؤكدة أن ما جُمِع أرسل إلى مبادرة العجلات الخضراء كي تتحول هذه النفايات إلى قيمة حقيقية.

أما مسؤولة المبادرة في مركز زها الثقافي ياسمين الربابعة، فتوضح -للجزيرة نت- أن المركز يعمل على استدامة هذا المشروع وتطويره عبر توسيع نطاق التنفيذ، إذ يشمل اليوم 70% من الفنادق في الأردن، إضافة إلى أكثر من 100 مدرسة و25 فرعا من فروع المركز، إلى جانب عقد تعاون مع سفارات ومؤسسات حكومية وشركات خاصة وعامة.

وأفادت باستخدام مكوّنات مبتكرة في المبادرة مثل الآلات الذكية لجمع العبوات البلاستيكية، وأكثر من 100 صندوق مخصص لجمع البلاستيك، مع تحفيز الجهود الذاتية لدى فئات المجتمع، لا سيما الأطفال.

يذكر أن التقديرات الأممية تشير إلى أن أكثر من 430 مليون طن من البلاستيك ينتج سنويا في جميع أنحاء العالم، وتصمم نصف هذه الكمية للاستخدام مرة واحدة فقط، وينتهي نحو 23 مليون طن منها في البحيرات والأنهار والمحيطات سنويا، حيث لا يعاد تدوير إلا نحو 10% من مجمل البلاستيك المنتج سنويا في مختلف البلدان.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات مبادرات بيئية مرکز زها الثقافی إعادة تدویر فی الأردن

إقرأ أيضاً:

وزارة الداخلية تطلق مبادرة لتخفيف الأعباء الاقتصادية

صراحة نيوز-وجّه وزير الداخلية مازن الفراية كتاباً إلى الحكام الإداريين يعرض فيه مبادرة جديدة تهدف لتخفيف الأعباء الاقتصادية على المواطنين، خصوصاً الشباب، وتعديل بعض العادات الاجتماعية.

وتشمل المبادرة اقتصار إقامة بيوت العزاء على يوم واحد فقط بدلاً من ثلاثة أيام، مع اقتصار تقديم الطعام على ذوي المتوفى، وتقليل حجم الدعوات والجاهات التقليدية. كما تدعو المبادرة إلى عدم دعوة أصحاب المناصب السياسية، سواء العاملين أو المتقاعدين، لترؤس الجاهات.

وفي ما يخص حفلات الزواج، نصت المبادرة على اقتصارها على أبسط الحدود وعدم المغالاة في إقامة الدعوات الكبيرة، وتحديد الجاهات بأعداد متواضعة على غرار العرف العشائري القديم.

وطلب الوزير الفراية من الحكام الإداريين عرض المبادرة على المجالس التنفيذية والأمنية، ومجالس المحافظات، والجمعيات، والنوادي، ومؤسسات المجتمع المدني، والشيوخ والوجهاء والمخاتير، وكافة المواطنين، بهدف التوقيع على مضامينها والمساهمة في نشر ثقافة التخفيف على الأسر الأردنية.

مقالات مشابهة

  • «إسلامية دبي» تطلق مبادرة «نبض الفئات المعنية»
  • مناقشة تفعيل مبادرة قافلة الوسائل التعليمية بشمال الباطنة
  • وزارة الداخلية تطلق مبادرة لتخفيف الأعباء الاقتصادية
  • كيف أصبح الجنوب العالمي مكبا لنفايات الغرب البلاستيكية؟
  • محافظ الشرقية: 6.3 مليون خدمة طبية مجانية ضمن مبادرة «100 يوم صحة»
  • معهد «تريندز» الدولي للتدريب يطلق مبادرة «Think Link»
  • "بصمة أمان" للتوعية الرقمية: أكثر من 1500 مستفيد من المبادرة
  • بمشاركة ليبيا..اختتام أعمال مبادرة «5+5 دفاع» في إيطاليا
  • "صلحها أو ودعها".. مبادرة لإزالة تشوه المركبات المهملة في الشرقية
  • النائب أبو هنية يطرح مبادرة توفّر 50 ألف فرصة عمل رقمية