حكومة “تأسيس” قنبلة موقوتة علي مستقبل السودان

حسب الرسول العوض ابراهيم

من بين أخطر المآلات التي أفرزتها حرب السودان يبرز مشروع تكوين حكومة تحت رعاية ودعم قوات الدعم السريع. هذه الخطوة التي تحمل في طياتها تهديداً وجودياً لمستقبل البلاد ووحدته ، ما زال كثيرون يتناولونها باستخفاف وسخرية وكأنها لا تعدو كونها مشهداً عابراً.

بدلاً من الانشغال بمصير السودان في ظل وجود هذه الحكومة وكيفية التعامل مع تحدياتها انحرف النقاش العام إلى قضايا انصرافية سطحية، مثل الجدل حول وضع يد حميدتي على المصحف أو طول قامته مقارنةً بالتعايشي، في حين يواصل إعلام العهر السياسي مهمة تجهيل الرأي العام وتسطيحه عبر التركيز على توافه الأمور كتغريدة إبراهيم الميرغني وخطأها المطبعي.

غير أن الواقع على الأرض يؤكد أن ما يسمى بـ”حكومة تأسيس” ماضية بخطى متسارعة في مشروعها الانفصالي ، حيث شرعت بالفعل في بناء هياكل سلطتها الإدارية رغم إعلانها العلني رفض الانفصال وتمسكها بوحدة السودان. هذا التناقض يكشف إما عن تكتيك سياسي مرحلي أو عن ضعف السيطرة على مجريات الأمور داخلها ، ما قد يفتح الباب واسعاً أمام التدخلات الخارجية والأطماع الإقليمية التي قد تفرض خيار الانفصال فرضاً ، بغض النظر عن إرادة قادتها الحاليين.

أما الرهان على أن المجتمع الدولي لن يعترف بهذه الحكومة والاكتفاء بالسخرية من ذلك، فهو تفكير قصير النظر ، صحيح أن الاعتراف الدولي ليس مطروحاً في اللحظة الراهنة لكن كل الاحتمالات تبقى قائمة مستقبلاً، خاصة إذا استُخدمت حكومة “تأسيس” كورقة ضغط على أي سلطة مركزية في بورتسودان أو غيرها. ففي حال رفضت الحكومة المركزية أي مطلب خارجي، يمكن أن تُشهر ورقة الاعتراف بالحكومة الموازية، ليجد السودان نفسه فاقداً لأي قدرة على الندية في علاقاته الخارجية.

ويزداد الخطر في ظل السياق الدولي الراهن، حيث يخوض العالم حرباً معلنة ضد أنظمة الإسلام السياسي وهو ما يجعل السودان ساحةً أكثر هشاشة خصوصاً إذا استمر الإسلاميون في توظيف الجيش وبعض المليشيات كأدواتهم في إطالة أمد الحرب. وهنا يتضح أن جوهر التهديد لا يكمن فقط في مشروع حكومة “تأسيس” بل في البيئة السياسية والعسكرية التي سمحت بولادتها.

لذلك كان الذين رفضوا الحرب منذ بدايتها محقين في هواجسهم وتحذيراتهم، لكن أصواتهم وُوجهت بالتجاهل من معسكر الحرب المدعوم من الإسلاميين وتوابعهم ومن هذا المنطلق، يبقى من الضروري التذكير بأن أكبر مهدد وجودي وأمني على السودان هو استمرار هيمنة الإسلاميين على قراره السياسي والعسكري ، فهم الذين تسببوا بالأمس القريب في فصل ثلث مساحته، وهم اليوم يعملون بلا مواربة على تقسيم ما تبقى منه.
إن السودان اليوم يقف على حافة هاوية تاريخية ، فإما أن يُقْطع الطريق على مشاريع التقسيم والانقسام وينتزع قراره من أيدي الإسلاميين ومغامراتهم العسكرية، أو أن يفتح الباب لانهيار جديد، قد لا يُبقي من الوطن سوى جغرافيا ممزقة تحت رحمة التدخلات الخارجية. ومن يستهين بهذا الخطر اليوم سيجد نفسه غداً أمام وطن لم يعد موجوداً على الخريطة.

حسب الرسول العوض ابراهيم
كاتب ومحلل سياسي

[email protected]

الوسوماعتراف الدعم السريع المجتمع الدولي تغريدة إبراهيم الميرغني حسب الرسول العوض إبراهيم حكومة تأسيس

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: اعتراف الدعم السريع المجتمع الدولي حكومة تأسيس

إقرأ أيضاً:

تصاعد الخلافات داخل حكومة نتنياهو مع ضغط ترامب لإنهاء حرب غزة

قالت وكالة رويترز، إن الخلاف داخل الائتلاف اليميني المتطرف الحاكم في إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو، بات يشكل بؤرة للتوتر في جهود إنهاء الحرب في قطاع غزة، إذ يهدد بعرقلة مسعى الولايات المتحدة لإعادة تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط.

ومع تعرضه لضغط من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب المستمرة منذ عامين، يواجه نتنياهو أيضا رد فعل عنيفا وانتقادات لاذعة من أعضاء في ائتلافه الحاكم من غلاة القوميين، وربما تجبر معارضتهم لاقتراح الرئيس الأمريكي بشأن قطاع غزة نتنياهو على إجراء انتخابات مبكرة.


وتقبّل نتنياهو خطة ترامب المكونة من 20 نقطة لإنهاء الحرب، والتي تدعو إلى نزع السلاح من قطاع غزة وتستبعد أي دور مستقبلي لحركة المقاومة (حماس) في الحكم، رغم أنها تسمح ببقاء أعضائها إذا نبذوا العنف وسلموا أسلحتهم.

مخاوف الاحتلال من عودة "حماس" للمشهد
وبحسب الوكالة، جاء رد حماس أيضا إيجابيا، إذ قبلت جزئيا خطة ترامب، قائلة إنها مستعدة للتفاوض على إطلاق سراح الرهائن وإنها ستكون جزءا من “إطار وطني فلسطيني جامع” فيما يتعلق بمناقشة مستقبل قطاع غزة، لكن فكرة أن حماس يمكن أن تظل موجودة، ناهيك عن أن تكون في وضع يسمح لها بمواصلة مناقشة خطة غزة بعد إطلاق سراح الرهائن، أثارت غضب شركاء نتنياهو في الائتلاف اليميني.

وقال وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير “لا يمكننا الموافقة تحت أي ظرف من الظروف على سيناريو يجري فيه إحياء المنظمة (..) التي تسببت في أفدح كارثة تحل على إسرائيل”، وأضاف في منشور على "إكس" إنه :" لن نكون شركاء في ذلك بأي حال من الأحوال"، مهددا بالاستقالة من الحكومة.

לצד מטרת שחרור החטופים החשובה כשלעצמה, מטרת המלחמה המרכזית שנגזרה מטבח השבעה באוקטובר שביצעו מפלצות החמאס, הוא שארגון הטרור חמאס לא יכול להישאר קיים. הוא חייב להיות מושמד.

*לכן לאור ההתפתחויות האחרונות, אני וסיעת עוצמה יהודית הודענו לראש הממשלה באופן ברור: אם לאחר שחרור כל… — איתמר בן גביר (@itamarbengvir) October 4, 2025
وإذا استقر في قناعة وزراء اليمين المتطرف أن نتنياهو قدم تنازلات أكثر من اللازم لإنهاء الحرب، فإن ائتلافه الحاكم، الذي يمثل أكثر الحكومات اليمينية تطرفا في تاريخ إسرائيل، يمكن أن ينهار قبل عام كامل من الانتخابات المقبلة المقررة في أكتوبر تشرين الأول 2026.

لكن الإصرار أيضا على استمرار الحرب في قطاع غزة من شأنه أن يستعدي عائلات الرهائن الذين لا يزالون محتجزين في القطاع ويمكن أن يزيد من نفور الإسرائيليين الذين سئموا الحرب وكذلك حلفاء إسرائيل في العالم، ويمكن لاستمرار الصراع أيضا أن يقضي على الآمال الإسرائيلية في انضمام المزيد من الدول العربية والإسلامية مثل السعودية أو إندونيسيا إلى اتفاقيات التطبيع المدعومة من الولايات المتحدة.

ترامب يدعو لوقف القصف على غزة
يولي ترامب أولوية لتوسيع نطاق اتفاقيات (إبراهيم) في ظل سعي إدارته لتحقيق مصالحها الخاصة في الشرق الأوسط، إلا أن الرياض أوضحت أنها لن تطبع العلاقات مع إسرائيل إلا بعد انتهاء حرب غزة وإتاحة مسار نحو إقامة دولة فلسطينية.

ودعا ترامب إسرائيل إلى وقف قصف القطاع لضمان نجاح المحادثات المتعلقة بخطة غزة، التي تبدأ بمفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس في شرم الشيخ بمصر الاثنين لإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين، ومن بين 48 رهينة لا يزالون في غزة، يُعتقد أن 20 منهم فقط على قيد الحياة. وستركز المرحلة التالية على نزع سلاح حماس وجعل قطاع غزة خاليا من الأسلحة.

لكن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش وصف وقف الهجمات في غزة بأنه “خطأ فادح”، وأضاف أن هذا سيؤدي مع مرور الوقت إلى الانتقاص من قوة موقف إسرائيل في سعيها لتحقيق أهدافها المتمثلة في تحرير الرهائن والقضاء على حماس ونزع السلاح من قطاع غزة.

החלטת ראש הממשלה לעצור את המתקפה בעזה ולנהל לראשונה מו"מ שלא תחת אש היא שגיאה קשה והיא מתכון בטוח למריחת זמן מצד חמאס ולשחיקה הולכת וגוברת של העמדה הישראלית, הן ביחס לשחרור החטופים בפעימה אחת בתוך 72 שעות והן ביחס למטרת המלחמה המרכזית של חיסול חמאס ופירוז מלא של עזה. — בצלאל סמוטריץ' (@bezalelsm) October 4, 2025
ويضغط بن جفير وسموتريتش، اللذان يشغل حزباهما 13 مقعدا من أصل 120 في الكنيست، منذ فترة طويلة على نتنياهو من أجل السعي لتحقيق أهداف شاملة لكنها بعيدة المنال على ما يبدو في قطاع غزة، وإذا انسحب كلاهما من الحكومة، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى إجراء انتخابات.


"إسرائيل" تلوح: لا وقف لإطلاق النار في غزة بعد
قالت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية شوش بيدروشان للصحفيين، إن الجيش أوقف ما وصفتها بأنها عمليات قصف معينة لكنه لم يوقف إطلاق النار، وأضافت أن الجيش سيواصل عملياته "لأغراض دفاعية"، ورغم دعوة ترامب لوقف القصف، فإن الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة أسفرت مطلع الأسبوع عن مقتل عشرات الفلسطينيين.

خبير "إسرائيلي" يستبعد انهيار الحكومة على الفور
تفتقر خطة ترامب إلى بعض التفاصيل مثل الإطار الزمني لنزع سلاح حماس. ومن المرجح أن تثير إشارة مبهمة إلى دولة فلسطينية غضب حلفاء نتنياهو من اليمين المتطرف، وقال ميتشل باراك، وهو خبير إسرائيلي في استطلاعات الرأي عمل مع نتنياهو في تسعينيات القرن الماضي، إنه يعتقد أن الحكومة تقترب من نهايتها لكنه أوضح أنه لا يتوقع انهيارها على الفور نظرا لدعم المعارضة لخطة ترامب، بينما لا يملك سموتريتش وبن جفير سوى خيارات محدودة بخلاف البقاء في صف نتنياهو.

עוד פחות משעתיים, כשתצא השבת ותשמעו המון איומים מסמוטריץ׳ ובן גביר, תזכרו שאין להם במה לאיים. לא ניתן להם לטרפד את העסקה.

רוב מוחלט בכנסת ישראל ורוב מוחלט בעם ישראל תומכים בעסקת טראמפ. שלוש שנים אתם נואמים לנו על ״רצון העם״ ו״רצון הרוב״ - זה מה שרוב העם רוצה. — יאיר לפיד - Yair Lapid (@yairlapid) October 4, 2025
وعرض زعيم المعارضة يائير لابيد دعم الحكومة لمنع انهيارها من أجل المضي قدما في خطة ترامب، وقال لابيد، إن نتنياهو ربما يوافق على تحديد موعد للانتخابات مقترحا تقديم “ضمانات” ممن وصفهم بأنهم “شركاء متطرفون وغير مسؤولين” لرئيس الوزراء.

مقالات مشابهة

  • حكومة غزة: الاحتلال يواصل الإبادة الجماعية
  • «الشارقة الدولي للمكتبات» يجمع العالم لصياغة مستقبل المعرفة
  • دبلوماسي روسي: وزير الخارجية الأفغاني أكد لموسكو رفض بلاده تأسيس أي قاعدة عسكرية أجنبية داخل بلاده
  • بالتزامن مع تجديد البعثة الأممية في السودان .. اتهامات لمصر بدعم الجيش و الإسلاميين
  • رغم اعتراض حكومة الخرطوم .. الأمم المتحدة تمدد ولاية بعثة تقصي الحقائق في السودان
  • وزير الخارجية الألماني: نشارك مصر في مؤتمر إعادة الإعمار ونثق في مستقبل قطاع غزة
  • صدمة الإبادة التي تغيّر العالم.. إذا صَمَت الناس فلن يبقى أحد في أمان
  • تصاعد الخلافات داخل حكومة نتنياهو مع ضغط ترامب لإنهاء حرب غزة
  • «حميدتي» يتهم «البرهان» و«الإسلاميين» بتدبير الحرب ويتحدث عن تصفية قيادي
  • السفير ممدوح جبر: هناك «قنابل موقوتة» في خطة ترامب يجب الحذر منها