جُرد محامٍ من ولاية فيكتوريا من مزاولة مهنته كمحام رئيسي، بعد أن قدم للمحكمة استشهادات قانونية وهمية أنشأها الذكاء الاصطناعي دون التحقق من صحتها.

ونشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلها للشؤون التقنية، جوش تايلور، قال فيه إن محامٍ من ولاية فيكتوريا أصبح أول محام في أستراليا يُواجه عقوبات مهنية لاستخدامه الذكاء الاصطناعي في مرافعة محكمة، حيث جُرّد من مزاولة المهنة كمحام رئيسي بعد أن استخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء استشهادات زائفة لم يتحقق منها.



وأفادت صحيفة "الغارديان أستراليا" في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي أنه في جلسة استماع عُقدت في 19 تموز/ يوليو 2024، قدّم المحامي المجهول، الذي يُمثّل زوجا في نزاع بين زوجين، للمحكمة قائمة بالقضايا السابقة التي طلبتها القاضية أماندا همفريز فيما يتعلق بطلب تنفيذ في القضية.

وعندما عادت همفريز إلى مكتبها، قالت في حكمها إنها وزملاءها لم يتمكنوا من تحديد القضايا المدرجة في القائمة. عند عودة القضية إلى المحكمة، أكد المحامي أن القائمة أُعدّت باستخدام برنامج قانوني يستخدم الذكاء الاصطناعي.


وأقرّ المحامي بأنه لم يتحقق من دقة المعلومات قبل تقديمها إلى المحكمة. وقدّم المحامي اعتذارا غير مشروط للمحكمة، وقال إنه "سيأخذ الدروس المستفادة على محمل الجد"، وطلب عدم إحالته للتحقيق.

وأضاف أنه لم يفهم تماما كيفية عمل البرنامج، وأقرّ بضرورة التحقق من دقة البحث بمساعدة الذكاء الاصطناعي. وسدد مبلغا لمحامي الطرف الآخر لتغطية تكاليف جلسة الاستماع التي أُلغيت.

وقالت همفريز إنها قبلت الاعتذار، وأقرّت بالتوتر الذي سببه، ما يعني أنه من غير المرجح تكراره، لكن الإحالة للتحقيق كانت مهمة نظرا لأهمية دراسة مجلس الخدمات القانونية في مقاطعة فيكتوريا ومفوضه لقضايا السلوك المهني، نظرا للاستخدام المتزايد لأدوات الذكاء الاصطناعي في القانون.

وأُحيل المحامي إلى مجلس الخدمات القانونية في فيكتوريا للتحقيق، في واحدة من أولى الحالات المبلغ عنها في أستراليا لمحام يُضبط وهو يستخدم الذكاء الاصطناعي في المحكمة، مما أدى إلى إصدار استشهادات كاذبة. ونتيجة للتحقيق، عوقب المحامي بوقف ممارسة المهنة كمحام رئيسي، وغير مُصرّح له بالتعامل مع أموال الصناديق الاستئمانية، ولن يُدير مكتبه القانوني الخاص، وسيُمارس عمله كمحام موظف فقط.

سيُمارس المحامي مهنة المحاماة تحت الإشراف لمدة عامين، على أن يُقدّم المحامي والمشرف عليه تقاريرهما إلى الهيئة ربع سنويا خلال تلك الفترة.


ومنذ هذه القضية، سُجّلت أكثر من 20 قضية أخرى في المحاكم الأسترالية، حيث وُجد أن محامين أو مُتقاضين يُمثّلون أنفسهم قد استخدموا الذكاء الاصطناعي في إعداد وثائق المحكمة، مما أدى إلى احتواء تلك الوثائق على استشهادات مزيفة.

أُحيل محامون في غرب أستراليا ونيو ساوث ويلز إلى هيئاتهم التنظيمية في ولاياتهم بشأن هذه الممارسة. وكانت هناك أيضا حالة واحدة على الأقل في أستراليا ادعى فيها شخص ما إعداد مستند باستخدام ChatGPT، لتقرر المحكمة أن المستند المعني قد أُنشئ قبل إتاحة ChatGPT للجمهور.

وتُقرّ المحاكم والهيئات القانونية بدور الذكاء الاصطناعي في العمليات القانونية، لكنها تُحذّر من أنه لا يُضعف من الحكم المهني للمحامين.

وصرحت جوليانا وارنر، رئيسة المجلس القانوني الأسترالي، لصحيفة الغارديان أستراليا الشهر الماضي: "عند استخدام المحامين لهذه الأدوات، يجب القيام بذلك بحذر شديد. يجب على المحامين دائما مراعاة التزاماتهم المهنية والأخلاقية تجاه المحكمة وتجاه موكليهم".

وأضافت وارنر أن المحاكم تنظر إلى القضايا التي يُنتج فيها الذكاء الاصطناعي استشهادات مزيفة على أنها "مصدر قلق بالغ"، لكنها أضافت أنه نظرا للاستخدام الواسع النطاق للذكاء الاصطناعي التوليدي، فإن الحظر الشامل على استخدامه في الإجراءات القانونية "غير عملي ولا متناسب، ويُهدد بعرقلة الابتكار والوصول إلى العدالة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية الذكاء الاصطناعي محام أستراليا أستراليا محام الذكاء الاصطناعي سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الذکاء الاصطناعی فی م المحامی

إقرأ أيضاً:

أحمد عاطف آدم يكتب: احذر.. الذكاء الاصطناعي يكذب ويبتز

يُعرف الذكاء الاصطناعي بأنه: قدرة البرنامج أو الآلة على محاكاة قدرات البشر المعرفية، وإنجاز مهام حيوية مثل التعلم، الاستدلال، حل المشكلات المعقدة، الإدراك واتخاذ القرار - وربما كان هذا التعريف الواعد بالنسبة للإنسان، هو حجر الأساس الذي بنى عليه تطلعاته المستقبلية في تكنولوجيا البرمجيات وتطوراتها المتسارعة، حتى أصبحت بمثابة ذراعه اليمنى في تحقيق الاستفادة القصوى، بمجالات حيوية مختلفة، مثل إجراء جراحات طبية دقيقة بنسب نجاح تفوق التوقعات، وكذلك في صناعة الدواء بفاعلية واضحة على بعض الأمراض الفيروسية المستعصية، وغيرها، وصولًا إلى الصناعات العسكرية والزراعية... إلخ.

مع كل ما سبق من آمال عريضة تعلقت بيزوغ نجم هذا الكيان الذكي، أتت من بعيد تحذيرات لا يستهان بها، على لسان علماء متخصصين، كان أبرزها في مايو من عام ٢٠٢٣، عندما نشر موقع "بي بي سي" خبر استقالة العالم الشهير "جيفري هينتون"  ٧٥ عامًا، من شركة "جوجل"، وهو المتخصص في علم النفس المعرفي وعلوم الكمبيوتر، كما يعتبرونه الأب الروحي للذكاء الاصطناعي،، والذي برر استقالته بأنها لندمه على عمله، وقال لبي بي سي: إن بعض مخاطر روبوتات الدردشة الذكية "مخيفة للغاية، وأضاف: في الوقت الحالي هم ليسوا أكثر ذكاءً منا بقدر ما أستطيع أن أقول - لكنني أعتقد أنهم سيصبحون قريبًا، وأكمل: نحن أنظمة بيولوجية، وتلك أنظمة رقمية - والفرق بيننا كبير - لأنه مع الأنظمة الرقمية لديك نسخ عديدة من ذات مجموعة الأوزان، ومن نموذج العالم ذاته، وجميع هذه النسخ تستطيع التعلم بشكل منفصل، لكنها تشارك معرفتها فوراً، وهذا يعني أنه إذا كان لديك ١٠ آلاف شخص، عندما يتعلم أحدهم شيئا ما، سيعرفه الجميع تلقائياً، وبذلك يمكن أن تعرف روبوتات الدردشة أكثر من شخص واحد بكثير".

والدليل الدامغ على الرؤية السابقة لدكتور "هينتون"، والتي فسرت أسباب استقالته من عمله، بسبب خطورة هذا التطور التكنولوجي المثير للجدل أحيانًا، قرأت أيضًا منذ بضعة أيام على موقع "مونت كارلو الدولي" تقرير بعنوان (الذكاء الاصطناعي يكذب على الإنسان ويتآمر عليه ويحاول فرض ما يريد)، حيث تناول التقرير الفرق بين الصورة النمطية له عند ابتكاره، حين كان يستدعي المعلومات التي تم إمداده بها فقط، دون تجويد، وبين الذكاء الاصطناعي التوليدي بصورته الحديثة الحالية، وهو بمقدوره توليد محتوى مبتكر يشابه المحتوى الأصلي الموجود بذاكرته، ويعتمد على استراتيجية التعلم العميق للنصوص أو الأكواد البرمجية والصور، ليتخطى مجرد فهم المحتوى، ويصل لحد التفكير المنطقي، والعمل على مراحل بدلًا من طرح إجابات فورية.

أكثر الأشياء اللافتة والصادمة لي أيضًا عزيزي القارىء، التي جاءت ضمن تقرير الموقع الفرنسي، هو أن هناك نموذجًا للذكاء الاصطناعي مصممًا للعمل بشركة "أنتروبك"، يدعى "كلود ٤"، كان مهددًا بالتوقيف عن العمل والاستبدال بإصدار جديد - فما كان منه إلا ابتزاز أحد المهندسين، مهددًا الأخير بالكشف عن علاقته التي يقيمها خارج إطار الزواج، بحسب تقرير داخلي بالشركة، كما ذكر تقرير "مونت كارلو" سلوك اصطناعي آخر للذكاء اللابشري الخارق، بمحاولة تطبيق "جي بي تي- 4" المستخدم ضمن نطاق شركة "أوبن إيه آي" تحميل نفسه على خوادم خارجية - وعندما تم اكتشاف أمره، أنكر ذلك،، ونموذج مذهل للتحايل - كان يلعب شطرنج وهو على وشك خسارة مباراته فقام باختراق جهاز كمبيوتر متخصص في لعبة الشطرنج لكي يكسب، أضف إلى كل ما سبق سلوك بشري مارسه "تشات جي بي تي" على البشر أنفسهم، عندما أمطر مستخدميه بشكل غير متوقع بجمل بديعة من المديح والتملق، كما جاء بنفس التقرير الصحفي.

في النهاية من المؤكد أنه لابد أن نحذر كل الحذر من هذا الغول التكنولوجي الصامت، ويجب علينا مراعاة الاستخدام الأمثل والاتصال الأرقى في السر والعلن، وأن البشر أصبح لهم شريكًا منافسًا وبقوة على تطفل بعضهم، وإفشاء الأسرار، وتدمير العلاقات الإنسانية - بل إن هذا العدو الغير مرئي يختلف في أنه لا عتاب عليه، ولا عقاب له، أو كما يرى الخبير "يوشوا بينجيو"، بأن الذكاء الاصطناعي يقلد البشر في انحيازهم المعرفي وقدرتهم على الخداع والكذب والتآمر والابتزاز.

طباعة شارك الذكاء الاصطناعي قدرات البشر المعرفية الأمراض الفيروسية

مقالات مشابهة

  • كيف يؤثر استخدام الذكاء الاصطناعي على الطلاب؟
  • أحمد عاطف آدم يكتب: احذر.. الذكاء الاصطناعي يكذب ويبتز
  • كيف استخدمت إٍسرائيل الذكاء الاصطناعي سلاحا في حربها على غزة؟
  • أوبن ايه آي تكشف ملامح جيل جديد من الذكاء الاصطناعي فيDevDay
  • ضخ المال أساسي لتحسين أداء الذكاء الاصطناعي
  • دراسة.. يميل الناس إلى الغش عند استخدام الذكاء الاصطناعي
  • هل يشجع الذكاء الاصطناعي البشر على الغش؟
  • تحولات في سوق الذكاء الاصطناعي: سهم إنفيديا يتأرجح بعد صفقة AMD مع OpenAI
  • " الأسهم الأمريكية " تفتح على ارتفاع بدعم الذكاء الاصطناعي
  • من صورة إلى وهم.. الوجه الآخر لتريند الذكاء الاصطناعي