فايننشال تايمز: الصحفيون بغزة يواجهون ظروفا قاسية ويبذلون تضحيات جسام
تاريخ النشر: 7th, September 2025 GMT
سلطت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية الضوء على الأخطار التي يواجهها الصحفيون الفلسطينيون، والتضحيات التي يبذلونها، في سبيل تغطية الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ نحو عامين في قطاع غزة.
وركزت الصحيفة على نموذج نور خالد أبو ركبة، مراسلة قناة الجزيرة في شمال القطاع، والتي باشرت نقل ما تتعرض له غزة مع زميلها شادي شامية بعد غياب أنس الشريف، الذي اغتالته إسرائيل قبل أقل من شهر، واستشهد حينها أيضا مراسل الجزيرة محمد قريقع، ومصوراها إبراهيم ظاهر، ومحمد نوفل، وصحفيان آخران.
وتقول "فايننشال تايمز" إن نور خالد اتخذت قرارا صعبا، حيث اجتمعت وزملاؤها التسعة الناجون في خيمة إعلامية مؤقتة جرى إصلاحها على عجل، خارج مستشفى الشفاء، بعد قصف خيمة الجزيرة في المكان ذاته، وناقشوا إذا ما كانوا سينزحون جنوبا، أم يبقون لتوثيق احتلال إسرائيل لأكبر مدينة في القطاع المحاصر.
وحسمت نور الأمر ”أفضل البقاء، حتى يغادر آخر شخص، لنقل صوتهم ورواية قصتهم"، مضيفة "إذا بقيت، فهذا لا يعني أنني أسعى إلى الموت، بل أنني ملتزمة بتغطية القصة".
"أنا أتحدث إليكم وأعلم أن أمي تفترش الرصيف ولا تدري أين تذهب".. مراسلة الجزيرة نور خالد تروي لنا معاناة عائلتها وأهالي مدينة #غزة مع اشتداد القصف على المدينة وسعي جيش الاحتلال لتهجير من فيها قسرا#الأخبار #حرب_غزة pic.twitter.com/n8ApTvMnHX
— قناة الجزيرة (@AJArabic) September 1, 2025
وبحسب فايننشال تايمز تعاني مراسلة الجزيرة البالغة من العمر 27 عاما سوء تغذية، لدرجة أن سترتها الصحفية -التي باتت عزيزة في غزة- تتدلى على جسدها النحيل، وتقول إن الخوف يسيطر على حياتها، فخلال 23 شهرا من الحرب، قتلت إسرائيل 3 من أشقائها، ودمرت منزلها وتركت عائلتها بلا مأوى، وفي الأسبوع الماضي، سقطت قنبلة إسرائيلية بالقرب من المكان الذي كانت عائلتها قد نزحت إليه.
إعلانوتدرك نور خالد أنها دخلت في دائرة الضوء التي قد تكون قاتلة، جراء العمل في قناة الجزيرة، معقبة "لا يمكنني إخفاء أن أمي خائفة عليّ، لأن الصحفيين أصبحوا أهدافا، أي مكان نذهب إليه قد يكون هدفا".
أن تكون صحفيا تغطي حدثا أنت وعائلتك جزءا منه.. مراسلتنا نور خالد تروي تجربتها حين قام الاحتلال بتهديدها وإجبارها مع عائلتها على النزوح من المربع السكني الذي دمر معظمه#حرب_غزة #الأخبار pic.twitter.com/qe8WefwXPc
— قناة الجزيرة (@AJArabic) September 1, 2025
وحول دافعها إلى مواصلة العمل المحفوف بالأخطار، قالت مراسلة الجزيرة "ولد شيء بداخلي يقول إن عليّ إكمال الرحلة التي ضحوا بحياتهم من أجلها"، وهو السبب ذاته الذي دفعها هي وبقية فريق قناة الجزيرة إلى اتخاذ قرار البقاء في مدينة غزة، على الرغم من اقتراب الدبابات الإسرائيلية.
الخطر لم يتراجع رغم الغضب العالميوبلغ عدد الشهداء الصحفيين الذين قضوا جراء الاستهدافات الإسرائيلية المباشرة في قطاع غزة، 248 صحفيا، منذ بدء الحرب، وفق إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع، ووفق تقديرات منظمات تدافع عن حرية الإعلام، فإن عدد الصحفيين الذين قتلتهم إسرائيل في القطاع يعادل تقريبا عدد الصحفيين الذين قُتلوا خلال عقدين منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003.
وتنوه "فايننشال تايمز" إلى أن خطر استهداف الصحفيين الفلسطينيين لم يتراجع رغم الغضب الدولي، مستحضرة الاستهداف الإسرائيلي لموقع التصوير المباشر في مجمع ناصر الطبي، والذي أسفر عن استشهاد 5 صحفيين، بينهم صحفيون يعملون لصالح رويترز وأسوشيتد برس والجزيرة.
قتلهم الاحتلال الإسرائيلي ليسكت صوت الحقيقة.. 247 صحفياً فلسطينياً على الأقل استشهدوا منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة وفق المكتب الإعلامي الحكومي.
توشحت اليوم مئات المؤسسات الإعلامية بالسواد احتجاجاً على استهداف الصحفيين في غزة وإدانة للجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحقهم ضمن حملة… pic.twitter.com/uAx1oUicJl
— AJ+ عربي (@ajplusarabi) September 1, 2025
وتلفت الصحيفة البريطانية إلى أن إسرائيل ادعت أنها قتلت 6 مسلحين، ولم تقدم أي دليل على ذلك، ورفضت الرد على قائمة مفصلة من الأسئلة حول هذا الاستهداف وغيره من الاستهدافات التي استشهد فيها صحفيون.
وتحذر سارة القضاة، المديرة الإقليمية للجنة حماية الصحفيين "سي بي جيه" (ْCPJ) من أن هناك ما يقرب من 10 صحفيين يخشون على حياتهم بعد إدراجهم على قوائم التشهير الإسرائيلية.
وفي حين تمنع إسرائيل الصحفيين الأجانب من دخول القطاع لتغطية الأحداث فيه، يستند العالم على جهود الصحفيين الفلسطينيين، المجردين من الحماية، المكفولة لهم بموجب القانون الدولي.
وتطرقت الصحيفة البريطانية إلى التهديدات التي تواجهها قناة الجزيرة خصوصا، لافتة إلى أن مئات الملايين يشاهدونها في المنطقة، وأصبحت بمنزلة المذيع الرئيسي الذي يوثق هجوم إسرائيل على غزة، مما حوّل مراسليها إلى رموز فلسطينية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات فایننشال تایمز قناة الجزیرة نور خالد
إقرأ أيضاً:
رفض مصري قطري لـسلوك إسرائيل تجاه وقف إطلاق النار بغزة.. الاتفاق متعثر
أكد مسؤولون مصريون أن تجاوز المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة "لا يزال متعثرا"، على الرغم من إعلان البيت الأبيض، وجود "جهد مكثّف يُدار خلف الكواليس للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق السلام في غزة"، والتأكيد على قرب تشكيل "مجلس السلام" المكلّف بإدارة القطاع.
وأضاف المسؤولون بحسب ما نقلت عنهم صحيفة "الأخبار" اللبنانية، أن ذلك يعود ذلك وفق معطيات ميدانية وسياسية إلى ما يمكن توصيفه بـ"العرقلة الواضحة" من جانب "إسرائيل" لمسارات كان يُفترض فتحها ضمن إطار الاتفاق.
وذكروا أنه "في مقابل هذا التعطيل، تُسجَّل تحرّكات استخباراتية مصرية–قطرية نشطة تهدف إلى إزالة هذه العراقيل، رغم قناعة القاهرة والدوحة بأن الإدارة الأمريكية منشغلة حاليا بملف المفاوضات الروسية الأوكرانية على حساب المسار الغزّي".
وأشاروا إلى أن "الولايات المتحدة، المنهمكة بسلسلة اتصالات مرتبطة بالأزمة الأوكرانية، لا ترى ضرورة للاستعجال في الإعلان عن قرارات تخص المرحلة الثانية من الاتفاق، طالما أن المرحلة الأولى لا تزال قائمة شكليًا، رغم الخروقات الإسرائيلية المتكررة".
ويقابل هذا الموقف الأمريكي، وفق التقدير المصري، سعي إسرائيلي منهجي لفرض وقائع ميدانية جديدة داخل قطاع غزة. وخلال المباحثات الأخيرة مع الجانب الأميركي، عبّر المسؤولون المصريون عن قلق بالغ إزاء محاولات "إسرائيل" توسيع عمق المنطقة العازلة داخل القطاع إلى مسافة تصل إلى ثلاثة كيلومترات، مؤكدين رفض هذا الطرح رفضًا قاطعًا "تحت أي ظرف".
وفي إطار محاولة نزع الذرائع الأمنية الإسرائيلية، التي ترى القاهرة أنها "مبالغ فيها إلى حدّ كبير"، عرض الجانب المصري تقديم ضمانات تتعلّق بالوضع الأمني المستقبلي للقطاع، بما يحول دون تكرار سيناريو "طوفان الأقصى".
ومن النقاط التي جرى تثبيتها خلال الاجتماعات، التزام الجانب الفلسطيني الكامل ببنود الاتفاق وتعهد عدم عرقلته، رغم ما تصفه القاهرة بغياب المرونة الإسرائيلية في التعامل مع المقاتلين العالقين في المناطق الخاضعة للاحتلال، فضلًا عن استمرار إغلاق معبر رفح، خلافًا لما نصّ عليه الاتفاق الذي يفترض تشغيله في الاتجاهين.
وتستند الطروحات المصرية، بحسب المصادر، إلى مبدأ "تحييد سلاح المقاومة" في المرحلة الراهنة، مع فتح المجال للتفاهم على قواعد محدّدة تضمن من جهة الأمن للمستوطنات الإسرائيلية، ومن جهة أخرى تحول دون اقتطاع أراضٍ جديدة من قطاع غزة.
وتشمل الرؤية المصرية كذلك وجودًا أمنيًا فلسطينيًا وانتشارًا لقوات دولية داخل القطاع، إلى جانب خطة لإعادة إعمار مدينة غزة بالكامل وفق جدول زمني واضح يوفّر شروط حياة إنسانية للسكان، بالتوازي مع إنهاء المظاهر المسلحة، وذلك ضمن تفاهمات تقوم على مبدأ "الثقة المتبادلة".
وللمرة الأولى منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، أبلغ المسؤولون المصريون نظراءهم الأمريكيين باستحالة إقناع فصائل المقاومة بالتخلّي عن سلاحها في غياب ضمانات حقيقية تتعلق بأمن القطاع، وبالتزام "إسرائيل" الكامل ببنود أي اتفاقات لاحقة. وشدّدوا على أن أي نقاش جدي حول ملف السلاح يبقى مشروطًا بقيام دولة فلسطينية عاصمتها شرق القدس، وهو مسار لا تظهر حتى الآن أي مؤشرات جدية على قرب تحققه.
وفي السياق نفسه، حذّرت القاهرة من أن استمرار الاتفاق في صورته "الهشّة" الحالية لن يؤدي إلى استقرار دائم أو سلام فعلي على الأرض، كما تطمح إليه الإدارة الأمريكية. وأن التباطؤ الإسرائيلي المتعمّد في تنفيذ بنود وقف إطلاق النار، والإبقاء على حالة الحرب مفتوحة، يثيران شكوكًا عميقة بشأن جدية تل أبيب في الالتزام بتعهداتها.
وتضمنت النقاشات المغلقة مع المسؤولين الأمريكيين، والتي شارك في بعضها مسؤولون قطريون، تحذيرات واضحة من التقليل من شأن القدرات العسكرية التي لا تزال قائمة داخل قطاع غزة، رغم الحرب الممتدة لأكثر من عامين، والتنبيه إلى إمكانية تنفيذ تحركات فلسطينية من داخل القطاع.
وخلصت هذه المداولات إلى التأكيد على ضرورة العمل الجاد لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، سواء في غزة أو في الضفة الغربية، بحسب ما ذكرت المصادر التي نقلت عنها الصحيفة اللبنانية.
وبحسب أحد المسؤولين المشاركين في الاجتماعات، فإن التحذيرات التي نقلتها القاهرة بشأن التداعيات المحتملة لانهيار الاتفاق، والتي جاءت في توقيت وُصف بالمفاجئ لبعض المسؤولين الأميركيين، هدفت إلى تسريع مسار التفاهم، وترافقت مع مطالبات بضرورة توضيح عدد من الملفات الحساسة قبل زيارة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض نهاية الشهر الجاري، في ظل قناعة مصرية بأن الوقائع الميدانية الحالية لا يمكن استمرارها عند الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.