قدمت دراسة زلزالية جديدة -نشرت يوم 30 أغسطس/آب بمجلة "ساينتفك ريبورتس"- إطارا مبتكرا لتقييم مخاطر الزلازل على الأبنية السكنية في منطقة السيب بمدينة مسقط (سلطنة عمان) وذلك باستخدام نظم المعلومات الجغرافية وعملية التحليل الهرمي.

واستخدم المؤلفون المسح البصري السريع للأحياء، في الفترة بين فبراير/شباط ومايو/أيار 2025، لتوثيق خصائص المباني من حيث الارتفاع والعمر ونوعية البناء، إلى جانب دمج البيانات الجيوتقنية والاجتماعية.

ويقول الباحث الرئيسي بالدراسة عبد الله الأنصاري (أستاذ باحث في مركز رصد الزلازل بجامعة السلطان قابوس في مسقط بعُمان) إن ما يميز هذه الدراسة أن الفريق جمع بين 3 مستويات من البيانات نادرا ما تدمج في خريطة واحدة: ظروف التربة، خصائص المباني، العوامل الاجتماعية مثل الكثافة السكانية والقرب من المنشآت الحيوية والخطرة.

ويضيف في تصريحات للجزيرة نت أنه "عبر هذه الطبقات استطعنا إنتاج مؤشر مخاطر شبكي يوضح بوضوح أي الأحياء أكثر هشاشة ولماذا، وهو ما يفتح الطريق لسياسات تخطيط عمراني أكثر ذكاء ومرونة".

بعض المناطق التي فحصتها الدراسة (الفريق البحثي)ما الأكثر عرضة؟

أظهرت الخريطة النهائية أن بعض مناطق السيب -مثل الحيل الشمالية والخوض القديمة- تقع ضمن فئة المخاطر العالية جدا، نتيجة لعمر المباني وجودة البناء المحدودة والتربة الضعيفة. كما برزت المعولة الشمالية كمزيج من المخاطر العالية والعالية جدا.

وعلى النقيض، جاءت منطقة "مسقط هيلز" في خانة المخاطر المنخفضة بفضل بنية تحتية حديثة وظروف أرضية مستقرة.

أما المنطقة الصناعية في رسيل، فقد وصفت بأنها نقطة حرجة، إذ تجتمع فيها المصانع ومحطات الوقود مع كثافة سكانية معتبرة، مما يرفع مستوى الخطر حتى مع هزات متوسطة القوة.

وتشير تقديرات الباحثين إلى أن 40% من المباني في رسيل قد تتعرض لأضرار في حال وقوع زلزال، مقابل 20% فقط في مسقط هيلز.

إعلان

وتؤكد الدراسة أن الخرائط الناتجة -التي يمكن قراءتها مثل "لوحة فرز" للأولويات، فالأحياء المصنفة ضمن مناطق الخطر العالي جدا- يجب أن تكون في مقدمة جهود التدعيم والترميم، بينما يمكن للأحياء ذات المخاطر المتوسطة أن تدخل في برامج التفتيش الدوري وتطبيق جزئي لكود البناء.

كما أن معرفة سبب ارتفاع الخطر في حي معين، سواء بسبب التربة أو عمر المباني أو ضعف الوصول للمستشفيات، يسمح بصياغة تعديلات محددة في الكود، مثل تفاصيل إنشائية مخصصة للتربة الضعيفة، أو فرض تحديث إلزامي للمباني القديمة عند تغيير الاستخدام.

معرفة سبب ارتفاع الخطر في حي معين يسمح بصياغة تعديلات محددة في الكود (بيكسابي)توصيات للمستقبل

يقدر الباحثون أن تطبيق هذا النهج في مدينة خليجية متوسطة الحجم قد يتطلب ميزانية تتراوح بين 180 و520 ألف دولار، حسب عدد المباني وتوافر البيانات.

وتشمل الحزمة الأساسية بيانات عن المباني (عمر المبنى، مواد البناء، عدد الطوابق) واستخدامات الأراضي، والسكان، والمرافق الحيوية والخطرة، وشبكات الطرق، وخصائص التربة. وإذا كانت البيانات الجيوتقنية متوافرة سلفا، فإن الكلفة تنخفض بشكل ملحوظ.

ويقول "الأنصاري" إن الدراسة تقترح مجموعة من التوصيات العملية للحد من المخاطر الزلزالية، وركزت على 5 مسارات رئيسية يمكن أن تشكّل خريطة طريق لصناع القرار والمخططين العمرانيين. وأول هذه المسارات تحديث كود البناء بحيث يتلاءم مع ظروف التربة في كل حي، بما يضمن أن تراعي التصاميم الهندسية الخصوصيات الجيوتقنية المحلية. أما المسار الثاني فيتمثل في إطلاق حملات تدعيم للأبنية، وتبدأ بالمرافق الحيوية مثل المدارس والعيادات والمباني السكنية متوسطة الارتفاع الواقعة في الأحياء الأعلى خطورة.

كما شدد الفريق على أهمية فرض حواجز فاصلة بين المناطق السكنية والمناطق الصناعية أو محطات الوقود لتقليل حجم المخاطر في حال وقوع هزة أرضية. وأوصى كذلك بضرورة تحسين طرق الوصول إلى المرافق الطبية ووحدات الطوارئ لضمان سرعة الاستجابة والإنقاذ.

وتدعو الدراسة إلى بناء نظام حوكمة بيانات يتيح تحديثا دوريا للمسوح البصرية والبيانات الجيوتقنية، بما يضمن استمرار دقة الخرائط والمؤشرات المعتمدة في إدارة المخاطر.

ويختم الأنصاري بالقول بأنه لا يمكن منع الزلازل "لكن يمكننا بالتخطيط السليم أن نحولها من كوارث مدمرة إلى اختبارات لقدرة مدننا على الصمود".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

مركز دراسات يصدر دراسة تحليلية حول تحولات صورة حركة "حماس" الدولية

غزة - صفا

أصدر المركز الفلسطيني للدراسات السياسية، اليوم الإثنين 6 أكتوبر 2025، دراسة تحليلية موسعة بعنوان: “تحوّل صورة حماس الدولية: بين الواقعية السياسية وثوابت المقاومة”، تناولت كيفية إدارة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لمعادلة معقدة تجمع بين مقاومة الاحتلال الإسرائيلي والانخراط في العمل السياسي الدولي.

وأوضحت الدراسة أن الحركة تمكنت خلال السنوات الأخيرة من إعادة تعريف صورتها على الساحة الدولية، خصوصًا في ظل حرب الإبادة على قطاع غزة ومفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، مشيرة إلى أن حماس اعتمدت خطابًا مزدوجًا يوازن بين الثوابت الوطنية والبراغماتية السياسية، مع اتباع استراتيجيات دقيقة في التعامل مع الوسطاء الدوليين والإقليميين.

وتتناول الدراسة أربعة محاور رئيسية:

إعادة تعريف الصورة الدولية للحركة وتعزيز حضورها السياسي.

الخطاب المزدوج بين البراغماتية والتشدّد.

استراتيجيات حماس في مخاطبة واشنطن واستثمار الملفات الإنسانية والسياسية.

التحديات والفرص في الحفاظ على التوازن بين المقاومة والسياسة.

وأكدت الدراسة أن تجربة "حماس" الأخيرة في إدارة التفاوض مع الوسطاء الدوليين والإقليميين أظهرت قدرتها على الموازنة بين مصالح الشعب الفلسطيني والضغوط الدولية، مع الحفاظ على شرعيتها الداخلية والخارجية، ما يعكس نضجًا سياسيًا واستراتيجيًا متزايدًا في أدواتها الإعلامية والسياسية.

وقال المركز الفلسطيني للدراسات السياسية، "إن هذه الدراسة تأتي ضمن جهود المركز المستمرة لتقديم تحليلات معمقة ومحدثة حول المشهد السياسي الفلسطيني، وتعزيز فهم الرأي العام المحلي والدولي للتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية"، مشددًا على أن الدراسة تمثل إضافة نوعية لإصدارات المركز التي تهدف إلى تمكين صانعي القرار من فهم أعمق للمعادلات السياسية والاستراتيجية في غزة.

وأشار المركز إلى أن أهمية هذه الدراسة تتزايد في ظل الظروف المعقدة التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي، والتحديات الإقليمية والدولية التي تحيط بالقضية الفلسطينية، ما يجعل من فهم تحولات صورة حماس عنصرًا أساسيًا في قراءة المشهد السياسي الراهن.

مقالات مشابهة

  • دراسة: تغير المناخ الناتج عن الوقود الأحفوري يهدد ملايين المباني بالغرق
  • دراسة بحثية تناقش تأثير الإدارة الرشيقة على الأداء الوظيفي
  • من الأعلى..مصري يبرز مدينة أموات يقطنها الأحياء في مصر
  • دراسة: تعويضات الكربون فشلت في خفض الاحتباس الحراري العالمي
  • دراسة.. التدريبات الرياضية تقلل الإحساس بالجوع
  • دراسة: تجربة حماس في إدارة التفاوض أظهرت قدرتها الموازنة بين مصالح الشعب والضغوط الدولية
  • مركز دراسات يصدر دراسة تحليلية حول تحولات صورة حركة "حماس" الدولية
  • ملتقى دولي في مسقط يستعرض جهود إدارة المخاطر المصرفية والمالية
  • سماتك الشخصية قد تحدد طول حياتك... دراسة جديدة تشرح العلاقة بين الطباع والعمر
  • الأرض ليست استثناءً.. دراسة تقلب موازين فهم الكواكب